أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الأخبار تكشف رواية رحلة باخرة النيترات من جورجيا إلى بيروت...تحقيقات لتحديد سبب وصول سفينة «روسوس» إلى لبنان

السبت 22 آب , 2020 08:56 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 23,712 زائر

الأخبار تكشف رواية رحلة باخرة النيترات من جورجيا إلى بيروت...تحقيقات لتحديد سبب وصول سفينة «روسوس» إلى لبنان

تحت عنوان "رواية رحلة باخرة النيترات من جورجيا إلى بيروت"، كتب رضوان مرتضى في صحيفة الأخبار
لم تُكشف هوية «المذنب الأكبر» في جريمة المرفأ. المحقق العدلي يرسم خارطة توزّع المسؤوليات. يترافق ذلك مع فتح الأجهزة الأمنية (الأمن العام واستخبارات الجيش وقوى الأمن الداخلي) تحقيقات داخلية لكشف المسؤول عن الخلل في التعامل مع ملف نيترات الأمونيوم. كما يتركّز التحقيق لتحديد السبب الذي يقف خلف وصول سفينة «روسوس» إلى لبنان. في ما يأتي، خلاصة ما اطلعت عليه «الأخبار» من وثائق تكشف سبب توقف الباخرة في مرفأ بيروت

بات ثابتاً لدى سلطات التحقيق في تفجير مرفأ بيروت (4 آب 2020) أنّ السفينة روسوس، التي كانت محمّلة بـ2700 طن من نيترات الأمونيوم، دخلت إلى لبنان في ٢١ تشرين الثاني عام ٢٠١٣. كان هدف طاقمها نقل آليات تُستخدم في عمليات المسح الزلزالي بحثاً عن النفط. السفينة انطلقت من مرفأ باتومي في جورجيا متجهة إلى مرفأ بايرا في الموزمبيق، لكنها عرّجت على لبنان لشحن ١٢ شاحنة كبيرة و١٥ شاحنة صغيرة وحاوية كبيرة (٤٠ قدماً) وحاويتين صغيرتين (٢٠ قدماً)، لإيصالها إلى مرفأ العقبة في الأردن. وبحسب إفادة الربّان، فقد ذكر أنّه جاء لأخذ «التوصيلة»، على اعتبار أنّ أجرة شحنة بيروت ستُغطي كلفة عبور قناة السويس. مكثت السفينة أربعة أيام في مرفأ بيروت من دون قيدٍ أو شرط. وقتذاك لم يكن هناك قرارٌ بمنع إبحارها أو حتى قرارٌ قضائي بالحجز عليها.


أثناء تحميل الشاحنات على متن السفينة، لحق ضرر كبير بأحد العنابر. لم يكن فيها مكان يتّسع لتحميل الشاحنات، بحسب تقرير رسمي، فحُمّلت على غطاء عنبر البضاعة فـ «انبعج» العنبر، بحسب تعبير خبير. في تلك الأثناء، أُبلِغ جهاز الرقابة على السفن بما حصل. وفي ٢٥ تشرين الثاني عام ٢٠١٣، أجرى كشفاً على السفينة وقرر حجزها لعدم استيفائها شروط سلامة الملاحة البحرية وفق القوانين الوطنية والدولية. وتم إبلاغ مالك السفينة والمنظمة البحرية الدولية.


وفيما أرسِلت الشاحنات إلى الأردن بواسطة سفينة أخرى، بقيت «روسوس» محتجزة والبحّارة عالقين على متنها بناءً على هذا القرار، حتى ٢٠ كانون الأول 2013، أي بعدما كان قد مرّ على منع السفينة من المغادرة ٢٥ يوماً. في ذلك اليوم، نفّذت شركة Bankernet الحجز الأول على السفينة أمام دائرة تنفيذ بيروت القضائية، عبر وكيليها القانونيين المحاميين سمير وجان بارودي. فللشركة الطالبة الحجز مبلغ ١١٩ ألف دولار مع لواحق بقيمة ١٢ ألف دولار مترتّبة على مالك السفينة بدل ثمن وقود. حجزٌ ثانٍ نُفِّذ على سفينة روسوس من شركة Dan bankering بعد سبعة أيام، أي في ٢٧ كانون الثاني ٢٠١٣. هذه المرة المبلغ المطلوب ١٥١ ألف دولار. وفي ١٧ نيسان عام ٢٠١٤، نُفِّذ حجزٌ ثالث من شركة ثالثة لطلب مبلغ ٢٣ ألف يورو مستحقة على مالك السفينة. وفي ٢٨ آذار ٢٠١٥ نُفِّذ الحجز الرابع ضد السفينة من قبل شركة Maryland corporation. وفي الخامس من أيار 2014 نُفِّذ الحجز الخامس للمطالبة بمبلغ ٩٨ ألف دولار. وجميع هذه الشركات كانت تُطالب مالك السفينة بثمن وقود لم يدفعه.
برز لافتاً في مسار التحقيقات أنّ مالك السفينة تخلّى عن الطاقم في الشهر الأول من فترة احتجازها. توقف عن دفع رواتبهم كما قطع التواصل معهم. وقد اطّلعت «الأخبار» على العديد من المراسلات البريدية التي أرسلها قبطان السفينة بروشكيف بوريس والتي برز لافتاً فيها عنونته لبريده الإلكتروني بـ«الرهائن على روسوس». وكان القبطان يرجو الجهات اللبنانية السماح للطاقم بالمغادرة، ويُعرب عن فقدانهم الأمل حيث يعيشون حالة شديدة من اليأس من جرّاء وجودهم منذ أشهر محتجزين على متن هذه السفينة. حتى إنّه في إحدى رسائله هدّد بالانتحار واصفاً الدولة اللبنانية بأنّها بفعلتها هذه تُعيد زمن العبودية. كما قام البحّارة بمراسلة عدد من الجمعيات الحقوقية التي قامت بدورها بمراسلة الدولة اللبنانية وشركة المحاماة عبر السفارتين الروسية والأوكرانية. وطالب هؤلاء بـ«تحرير» البحّارة لكون الملفات العالقة يتحمّلها مالك السفينة. لذلك، وبعد مرور أشهر على احتجاز الطاقم، عاود بارودي التوكّل عن البحارة المحتجزين ليطلب من القضاء تركهم في حال سبيلهم. وفي شهر آب من عام 2014، قرر القضاء تركهم.

الباخرة أتت إلى بيروت لشحن معدات للمسح الزلزالي إلى الأردن

السفينة أفرِغَت من النيترات في شهر تشرين الأول 2014، بناءً على إشارة القضاء، الذي قرر ذلك بعدما تقدّمت الدولة اللبنانية - بواسطة المديرية العامة للنقل البري والبحري - بطلب تفريغ الحمولة خشية غرق السفينة وما يمكن أن تمثّله الحمولة من خطر بيئي. إلا أنّ التدقيق بيّن أنّ شركة بارودي للمحاماة كانت قد راسلت رئيس مرفأ بيروت في السابع من نيسان عام ٢٠١٤، أي قبل ستة أشهر من إنزال النيترات، وعنونت رسالتها بـ«طلب اتخاذ تدابير مستعجلة لتجنب حدوث كارثة بحرية». انطلقت الشركة من أنّ البحارة سجناء على متن السفينة ولا يستطيعون تأمين قوت يومهم بعدما تخلّى عنهم أصحاب الباخرة ومجهزوها ومستأجروها وتوقفوا عن دفع أجورهم وانقطعوا عن دفع نفقات السفينة وديونها، لتتحدث عن خطر داهم يتمثل بنيترات الأمونيوم التي وصفتها الشركة بأنها خطرة جداً لقابليتها العالية للاشتعال، منبّهة إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر عند تخزينها أو نقلها. وأشارت الرسالة إلى أنّ الباخرة أصبحت مهترئة، ما يعرّضها لخطورة الانفجار. وللتحذير من الخطر المحدق، استعادت الشركة عدداً من الكوارث الناجمة عن نيترات الأمونيوم، ومنها الكارثة التي حصلت عام ١٩٤٧ في ميناء تكساس، حيث انفجرت سفينة تحمل ٢١٠٠ طن من نيترات الأمونيوم، ما تسبب في مقتل المئات وإحداث أضرار بقطر ٤٠ ميلاً وتدمير مئات المباني. وطلبت شركة بارودي للمحاماة من رئيس المرفأ اتخاذ الإجراءات اللازمة على وجه السرعة من أجل تفادي ودرء المخاطر الناجمة عن نيترات الأمونيوم، مقترحة بيع الباخرة والحمولة.


ورداً على رسالة شركة بارودي، أجاب المدير العام للنقل البري والبحري المهندس عبد الحفيظ القيسي متحدثاً عن توجيه كتابين إلى هيئة القضايا في وزارة العدل بتاريخ ٨ نيسان ٢٠١٤ وبتاريخ ١٤ نيسان ٢٠١٤ عُرضت فيهما حيثيات موضوع الباخرة التي تحمل مواد خطرة ومهددة بالغرق، كاشفاً عن طلبه التعجيل في بت قضيتها وبيعها بالمزاد العلني. وكشف عن طلبه من وكيل الباخرة البحري (الوكالة الوطنية للتجارة والشحن) إصلاح الباخرة وصيانتها بشكل فوري وسريع، وإبلاغه خلال مهلة ٢٤ ساعة بالإجراءات التي سيتّخذها.


خلال الشهر نفسه، أجرت دائرة الملاحة البحرية في المديرية العامة للنقل البري والبحري في وزارة الأشغال كشفاً على السفينة روسوس الراسية على حاجز أمواج مرفأ بيروت لتقييم حالتها ووضع تصور لاتخاذ القرار المناسب الذي يضمن استمرارية حركة الملاحة في مرفأ بيروت. انطلق التقرير من تاريخ بناء السفينة المحدد عام ١٩٨٦، والتي تُبحر تحت علم مولدوفيا بطاقم من الجنسيتين الروسية والأوكرانية. وذكر الخبير الذي أعد التقرير أنّه مع شحن أول شاحنة لوضعها على عنبر السفينة وقع الضرر، فأمر ربّان الباخرة بوقف عملية الشحن خشية انهيار غطاءي العنبرين وحصول ضرر كبير في السفينة والبضاعة. ومن جرّاء الكشف، خلص جهاز التفتيش إلى أنّ أسطح السفينة وغطاءي عنبري البضاعة في حالة اهتراء شديد، كما أنّ مواسير الهيدروليك المخصصة لفتح غطاء العنبر مهترئة. وأشار إلى وجود شرخ في الحديد الخارجي في خزان مقدمة السفينة، كاشفاً أنّ «أنظمة سحب مياه الصابورة» من خزان المقدمة وبقية الخزانات لا تعمل. وكشف عن وجود شرخ في كل من خزان الصابورة الأيمن والأيسر حيث وُضع صندوق اسمنتي لمنع تدفق مياه البحر إليهما. كما ذكر التقرير أنّ الطعام المتوفر للطاقم لا يكفي لأكثر من أسبوع، وأنّ البحارة لم يتسلموا رواتبهم منذ شهر تشرين الأول ٢٠١٣، أي إنهم لم يتقاضوا أي راتب طوال ستة أشهر.
للمتابعة من المصدر: الأخبار - http://al-akhbar.com/Politics/292937

Script executed in 0.19975209236145