أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

يتحول إلى مصيدة للموت بعد 14 عاماً على البدء بالمشروع

الثلاثاء 17 تشرين الثاني , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,725 زائر

يتحول إلى مصيدة للموت بعد 14 عاماً على البدء بالمشروع
يعتبر أوتوستراد صيدا ـ صور من أبرز المشاريع الخدماتية التي انتظر الجنوبيون الانتهاﺀ منها لتسهيل حركة انتقالهم من بيروت إلى قراهم وبلداتهم وبالعكس وخاصة في نهاية كل أسبوع، لكن فرحة إنشاء الطريق السريعة لم تكتمل فهو ما يزال جاثما عند منطقة أبو الأسود بالقرب من مجرى نهر الليطاني بعدما كان مقررا أن يخترق بعض القرى الجنوبية وصولا إلى المنعطف الذي يؤدي إلى بلدة قانا جنوب مدينة صور، وهي مسافة تقدر بسبعة كيلومترات فقط.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد وضع حجر الأساس للأوتوستراد في العام 1995 في عهد حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وهو يكتسب أهمية قصوى كونه يشكل شريان التواصل الحيوي بين قسم كبير من الجنوب اللبناني وبقية المناطق. يبلغ طول الأوتوستراد نحو 32 كيلومتراً، وتم انجاز القسم الأكبر منه حتى منطقة أبو الأسود فوق مجرى الليطاني وعلى أربع مراحل كل مرحلة امتدت على سنتين بحيث كان من المفترض أن ينتهي في العام 2003.
ويترك عدم استكمال المشروع مشاكل عديدة تتعلق بازدحام السير وحوادث الطرق، إضافةً إلى تململ الأهالي من الصعوبات التي تعترضهم، من حيث ضرورة سلوك طرق فرعية للوصول إلى مناطقهم، فيما لو أُنجز هذا الأوتوستراد لكان سهّل عليهم العديد من المشقّات.
ويشير عدد من الأهالي إلى أنهم لا يعلمون أسباب توقف العمل في الأوتوستراد، المدرج تحت صفة «ورشة» منذ أكثر من عشر سنوات، فيما كان يجب أن يتحوّل إلى مشروع منجز منذ سنوات خلت. وبالرغم من تأكيد وزارة الأشغال نيتها إنجازه، فإن المتعهد يعمل منذ أكثر من أربع سنوات على إكمال جزئه الأخير، أي المسافة الممتدة من منطقة أبو الأسود وصولاً حتى منعطف بلدة قانا، وتراوح الأشغال مكانها في وادي نهر الليطاني في القاسمية منذ ما قبل عدوان تموز.
خريس والحسيني: اسباب سياسية وراء توقيف المشروع
ويعتبر النائب علي خريس «أن مشروع الاوتوستراد من المشاريع التنموية المهمة لمنطقة الجنوب وهو صلة وصل بين مناطق الجنوب وبقية المناطق الأخرى وخصوصا مدينة بيروت». ويشرح خريس» بأن الاستملاك جرى على أساس أن يصل إلى بلدة قانا «لكن الجانب السياسي هو الذي يحول دون متابعته»، مستبعدا حجة الحكومات المتعاقبة بعدم توفر الأموال اللازمة لتنفيذه» مشيرا الى «أن نواب المنطقة وممثليها عانوا كثيرا مع حكومة الرئيس السنيورة، وأن ملفات كثيرة أنجزت على حساب أخرى، وخصوصا أنها دفعت، أي الحكومة، لمتعهدين فرق أسعار حوالى ثلاثمئة مليون دولار، بينما كان الأولى أن توضع هذه المبالغ في أمكنة مناسبة لها توفر على الناس مشقات كبيرة» على حد تعبيره.
بدوره، يعزو رئيس اتحاد بلديات صور عبد المحسن الحسيني سبب عدم استكمال انجاز الاوتوستراد «إلى أسباب سياسيّة، ويأسف أن تكون المشاريع التنمويّة أداة للضغط بيد السياسيين».
ويشير الحسيني الى أن الاوتوستراد مربوط الآن بمجلس الإنماء والإعمار والحكومة وليس بالمتعهد، «فالحكومات المتعاقبة تعيد الموضوع إلى عدم توفر الأموال فيما الواضح والمؤكد أن المقصود هو حرمان الجنوب من المشاريع التنموية». ويلفت الحسيني إلى «أهميّة المشروع، باعتباره يمثّل صلة وصل بينَ جميع مناطق الجنوب من الساحل إلى الجبَل، ومن شأنه أن يضخّ حيويّة بينَ مختلف المناطق الجنوبيّة، فهو يتقاطع مع أوتوستراد جويّا ــ بنت جبيل شرقاً وطريق الناقورة جنوباً، فيؤمّن سهولة التواصل والتنقّل، وأن انجازه ينعكس إيجابا على مدينة صور من خلاله تخفيفه للازدحام التي تشهده المدينة يوميا.
الإهمال يغطي
الجزء المنجز من الاوتوستراد
وبعيدا عن أسباب عدم استكمال الجزء المتبقي من المشروع، تبرز مشاكل عديدة تبرز على الأجزاء المنجزة من الاوتوستراد على مسافة 32 كيلومترا. وتستوعب هذه المسافة حركة السير الآتية إلى الجنوب كلها تقريبا، ويعبرها يومياً آلاف السيارات ومئات الحافلات الكبيرة والصغيرة. ومع المشاكل المتفاقمة تحولت الطريق -الأوتوستراد إلى مصيدة موت ثابتة. ولا يكاد يمر يوم إلا ويقع عليها قتلى أو جرحى نتيجة الحوادث المتعددة التي تشهدها، فالمرور عليها لا يخلو من المخاطر بسبب السرعة حيناً أو الظلام وتقنين التيار الكهربائي أحياناً أخرى أو عدم الصيانة أو الالتزام بقوانين السير ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى حوادث سير مميتة، كان آخرها فقدان مدينة صور لثلاثة شبان قضوا بحادث مروع بسبب السرعة وغياب الإنارة.
ويبدو لعابري الأوتوستراد الجنوبي أنه لم يشهد أي نوع من أعمال الصيانة منذ تنفيذه، خاصة لجهة بعض التعرجات والحفر التي تتوسطه، وعدم وجود لوحات على جانبه تحدد السرعة القصوى للسيارات التي تعبر عليه. وزد على هذا الإهمال الفواصل الحديدية التي تقطع الطريق ما بين اتجاهين ذهاب وإياب، والمحطمة والمكسرة من جراء الحوادث، إلى جانب الأعمدة الكهربائية المحطمة والملتوية أيضا نتيجة الحوادث، فضلا عن الأعمدة التي تفتقد إلى مصابيح الإنارة، وهذا ما يفسر غياب الإنارة الدائمة عن الأوتوستراد مما يزيد من عدد الحوادث الليلية وحالات الصدم.
ويبدو الحفاظ على النظافة العامة للاوتوستراد من الكماليات الغائبة تماما، وهذا ما يلحظه العابرون أيضا على جانبيه. هناك تنتشر أوســــاخ وأتــربة وحـجارة ومختـلف الفضلات، ويضاف إليها بعض الحفر من جراء القصف الذي تعرض له الجسر في عدوان تموز 2006، والتي «رقَّعت»، وتحولت في ما بعد إلى تعرجات تجعلك تشعر وكأنك في احدى مدن الملاهي، لكن «الملاهي المميتة»، في بعض الأحيان.
والمؤسف أن يتجلى «الاهتمام الكبير» بالأوتوستراد بالإكثار من لوحات الإعلانات على ضفتيه، إعلانات تستفيد منها شركات الإعلان والبلديات على حد سواء، في حين تبقى الاهتمامات الحضارية والإنسانية والإنمائية عنه غائبة ليس فقط عن مسامع الوزارات المولجة والبلديات المعنية، والتي تعتبر أن صيانة الأوتوستراد، أو بعض الصيانة له هو من اختصاص وزارة الأشغال العامة، أو مصلحة الأوتوسترادات في مجلس الإنماء والإعمار، فيما يبقى إهمال الطريق الجنوبية وعدم صيانتها من نصيب المواطنين والعابرين، حيث حياتهم معرضة للخطر أو للموت في أكثر الأحيان .
وفي سياق حل المشكلات المتعلقة به، يبقى الأوتوستراد الساحلي - الجنوبي عنوان الإهمال ومسرح الأخــطار والموت والـحوادث, كما يبقى مجسداً لحــضارة إنمائية لأبناء الجنوب لم تكتمل أو ستبقى ناقصة.

Script executed in 0.18573021888733