أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لقاء جنبلاط ـ فرنجية في بعبدا: معبر إضافي للمختارة إلى دمشق

الخميس 19 تشرين الثاني , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,225 زائر

لقاء جنبلاط ـ فرنجية في بعبدا: معبر إضافي للمختارة إلى دمشق

ولعل أهم ما في هذه المباراة، ليس فقط الهدف الجزائري في المرمى المصري، بل ما كشفته من انفعالات محمومة عند الجمهور اللبناني، حاول التوافق السياسي حول الحكومة ان يخفيها خلال الأيام الماضية، فإذا بالكرة المستديرة تفضحها، مطلقة العنان لمشاعر الفرح والخيبة التي انتابت اللبنانيين بعد المباراة، تبعا لميولهم السياسية... والدليل الأسهم والعيارات النارية التي انطلقت في مناطق وغابت نهائيا عن مناطق أخرى.
في هذه الاثناء، كان وضع قوى الامن الداخلي يعود الى الواجهة من بوابة الخلاف المزمن بين مديرها العام اللواء اشرف ريفي وقائد الدرك العميد أنطوان شكور، والذي تفاقم مؤخرا ليتخذ كما كل قضية في لبنان أبعادا سياسية وطائفية فرضت تدخلات من أعلى المستويات وانتهت الى توافق على «فك الاشتباك» العلني أو «ربط النزاع» مؤقتا في انتظار إعادة فتح الملف على طاولة مجلس الوزراء بعد نيل الحكومة ثقة مجلس النواب.
وإذا كان العميد شكور هو العنوان الظاهري للصراع الحالي في قوى الامن وعليها، إلا ان الأزمة هي أكثر تعقيدا وعمقا وتتصل بكل تركيبة مجلس القيادة الذي يقاطع اجتماعاته عدد من أعضائه، فيما يرفض شكور الذي يحظى بتغطية المعارضة تنفيذ أوامر ريفي المخالفة من وجهة نظره للاصول القانونية، الامر الذي يعتبره ريفي «مخالفة مسلكية لم يعد يجوز السكوت عنها».
وفي هذا السياق، قال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» ان معالجة وضع قوى الامن الداخلي يحتاج الى موقف مدروس، يتيح إعادة تثبيت المفهوم التراتبي والمسلكي ويمنع حصول المزيد من التشتت على حساب مؤسسة قوى الامن، موضحا ردا على احتمال اتخاذ تدابير انه ليس متحمسا لقرارات جزئية لا تعالج اسباب المشكلة وتكتفي بتناول نتائجها.
ودعا جنبلاط الى إعادة النظر في وضعية قوى الامن وتركيبة مجلس قيادتها، معتبرا ان مجلس الوزراء يجب ان يضع يده على هذا الموضوع لفرض احترام التراتبية والمسلكية، بما يعيد الهالة الى قوى الامن ويساعد الجيش على التفرغ لمهامه الكبرى بعيدا عن زواريب بيروت وغيرها. وأضاف: أذكّر، برغم اعتراض البعض، انه عندما كانت توجد الفرقة 16 فهي تمتعت بالهيبة، واللواء احمد الحاج كانت له هيبة...
ورأى جنبلاط ان هناك مشكلة في الامن الاستخباري ناتجة عن عدم وجود غرفة مركزية للتنسيق بين معلومات مختلف الاجهزة الأمنية والعسكرية، وطغيان التنافس ذي الطابع السياسي، مع تقديري للدور الذي أداه فرع المعلومات ومخابرات الجيش في مكافحة شبكات التجسس الاسرائيلية، ولكن غياب التنسيق ترك فجوة لا بد من ردمها.
اما العماد عون فاعتبر بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ان هناك تجاوزات منذ زمن في مديرية قوى الأمن الداخلي، مشيرا الى ان مجلس القيادة معطل وبحكم الحاجة تُمارس القيادة من قبل فرد. وتمنى على وزير الداخلية ألا يقوم بأي إجراء بحق أحد الضباط، وأن يخضع الجميع الى تحقيق رفيع المستوى لتحديد المسؤوليات، مطالبا بتحقيق شامل حول الأداء والسلوكيات ومخالفات القوانين ونقل الصلاحيات وخرق التراتبية.
جنبلاط ـ فرنجية
وهذا الواقع الجديد ـ القديم في مؤسسة قوى الامن الداخلي كان حاضرا، حسب المعلومات، في اللقاء الذي عقد امس برعاية الرئيس ميشال سليمان في القصر الجمهوري بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. كما تناول البحث المسائل السياسية الراهنة ومن بينها البيان الوزاري وكيفية تفعيل عمل الحكومة وإطلاق عجلة الاصلاحات في المؤسسات.
وبدا واضحا ان وظيفة اللقاء تتجاوز حدود المصالحة بين جنبلاط وفرنجية، لا سيما انه لم تكن هناك مشكلة شخصية حادة بينهما تستوجب «معالجة رئاسية»، وحتى خلافهما السياسي في عز الأزمة خلال السنوات الاربع الماضية لم يتخذ طابع «كسر العظم»، بالنظر الى عدم وجودهما على خط تماس مشترك، إذ ان لكل منهما حيثيته المستقلة ومنطقة نفوذه المعترف بها.
انطلاقا من ذلك، يمكن الاستنتاج ان لقاء بعبدا يندرج بالدرجة الاولى في سياق تعزيز الدور التوافقي لرئيس الجمهورية الذي أصر على أن يكون الحاضن للقاء الرجلين حول مائدة غداء في القصر الجمهوري، إضافة الى إعطاء قوة دفع لحكومة الرئيس سعد الحريري التي تحتاج الى زخم المصالحات الثنائية لتفعيل انطلاقتها وتعويض رئيسها ما أصابه من استنزاف على مدى خمسة اشهر من المفاوضات لتشكيل الحكومة.
الى ذلك، تردد انه من المحتمل عقد اجتماع بين العماد عون والنائب جنبلاط في قصر بعبدا في الاسبوع المقبل، بعدما يكون سليمان قد وضع
اللمسات الاخيرة على مبادرته لجمع الزعيمين، وخصوصا انه وجد لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أمس كل الاستعداد للتجاوب معها... فيما رفضت أوساط عون تأكيد أو نفي المسعى لأن يحصل اللقاء في القصر الجمهوري، مؤكدة في الوقت نفسه انفتاحها على خيار المصالحة مع جنبلاط.
وتخلل اللقاء بين جنبلاط وفرنجية استعادة لماضي العلاقات بين المختارة وزغرتا، وخاصة الدور الذي أدته «جبهة الخلاص الوطني» في العام 1984، في «هزيمة مشروع الانعزال وإسقاط 17 أيار، وكان جنبلاط والرئيس الراحل سليمان فرنجية مع الرئيس نبيه بري والرئيس الشهيد رشيد كرامي من أبرز مكوناتها مع أحزاب وقوى وشخصيات لبنانية أخرى. كما جرى عرض سريع للمسار الذي شهدته البلاد بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وفيما أعقبت اللقاء خلوة بين رئيس الجمهورية وفرنجية اطلع خلالها الأخير على جو القمة اللبنانية السورية، تردد أن لقاء بعبدا، ولو غلب عليه الطابع الشكلي، «هو أحد المعابر التي لا بد منها للتطبيع المرتقب بين المختارة ودمشــق».
وقال جنبلاط لـ«السفير» إن لقاءه مع فرنجية كان إيجابيا جدا، ويصب في خانة سياسة رئيس الجمهورية الذي يريد إزالة ما تبقى من توترات وشوائب بين القوى السياسية، من أجل إنجاح عمل الحكومة، وخصوصا في الشق الاقتصادي والاجتماعي، بعيدا عن المتاريس السابقة التي عطلت مسيرة الاصلاح والتنمية.
وأشار جنبلاط الى ان البحث خلال لقاء بعبدا تناول بشكل أساسي كيفية إنجاح الحكومة، اما المواضيع الكبرى غير المتفق عليها فتناقش على طاولة الحوار، لافتا الانبتاه الى انه وفي خضم التخاطب السياسي الحاد في السنوات الاربع الماضية لم يحصل احتكاك مباشر بيني وبين الوزير فرنجية، بالتالي فلا توجد تراكمات، تصعب إزالتها.
وحول إمكان عقد لقاء قريب بينه وبين العماد عون، قال جنبلاط: فهمت ان الرئيس ميشال سليمان مهتم بهذا الامر، وأنا مستعد للتجاوب مع أي مبادرة من رئيس الجمهورية في هذا الاتجاه، ما دام الهدف الاساسي هو الخروج من خلف المتاريس السابقة.
وأمل في ان ينسحب الجو الوفاقي على الجامعات، بعدما بلغني أن مناخاً من التشنج يسود بعضها على وقع الانتخابات الطالبية الأخيرة.
وقالت اوساط الوزير فرنجية لـ«السفير» ان الاجتماع مع جنبلاط اتسم بالايجابية وهو يشكل خطوة اساسية على طريق الخروج من خلف السواتر السياسية التي ارتفعت في الماضي، موضحة ان جنبلاط وفرنجية التقيا حول أهمية الحوار بدلا من القطيعة وأكدا وجوب البناء على القواسم المشتركة، انما من دون ان يعني ذلك التحالف.
واعتبرت الاوساط ان العلاقة بين فرنجية وجنبلاط عادت الى طبيعتها وهما بصدد تفعيل التعاون بينهما في المستقبل، لافتة الانتباه الى انه تم الاتفاق ايضا على تعميم التواصل ليطال مختلف القطاعات الحزبية في تيار المردة والحزب الاشتراكي.
وزار قصر بعبدا الرئيس بري الذي قال بعد الزيارة ان رئيس الجمهورية يرعى البلد ووحدته من خلال هذه المصالحات لطي صفحة الماضي البغيض، مشيرا الى ان هناك مساعي أخرى للمصالحة ستجري قريبا.
البيان الوزاري
في هذه الأثناء، عقدت لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الرابع، من دون ان تنجز الشق السياسي منه، بعدما حالت التباينات المستمرة بين أعضائها حول بعض جوانبه دون الوصول الى مقاربة نهائية لهذا الشق، وخصوصا في ما يتعلق ببند المقاومة.
وعلمت «السفير» ان المجتمعين انتهوا تقريبا من مناقشة البندين المتعلقين بالعلاقات اللبنانية – السورية وبالملف الفلسطيني (واقع السلاح وأوضاع المخيمات) وتوصلوا الى رؤية مشتركة لهما، اما البند المتعلق بالمقاومة والذي يشتمل على العديد من الفقرات فما زال مفتوحا على الاخذ والرد، علما ان الوزيرين بطرس حرب وسليم الصايغ أثارا في جلسة امس تساؤلات حول مرجعية الدولة وكيفية اتخاذ قرار الحرب والسلم، فيما تولى الوزير محمد فنيش الرد عليهما، ولكن النقاش ظل مضبوطا على إيقاع مداخلات رئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدا حريصا على إمساك العصا من الوسط وحفظ التوازنات وترك الافق مفتوحا امام المزيد من الحوار.
وأبلغت مصادر في اللجنة «السفير» ان هناك إمكانية لإقرار الشق السياسي من البيان الوزاري اليوم، وإلا فإن الامر قد يتطلب يوما إضافيا، علما ان الرئيس الحريري طلب من الوزراء أعضاء اللجنة عدم الارتباط بمواعيد مسائية لان الجلسة التي ستعقد عند السادسة مساء اليوم قد تطول، مع ترجيح بقاء القديم على قدمه في موضوع المقاومة.
بدوره، اعتبر الرئيس بري بعد لقائه الرئيس سليمان ان الامور سائرة على خير ما يرام بخصوص البيان الوزاري، لافتا الانتباه الى انه ليس مطلوبا أن يكون كل الوزراء ورئيس مجلس الوزراء برأي واحد، ولكن المهم أن يكون العنوان دائما التفهم والتفاهم. وأضاف: برسم بعض الناس الذين يتحفظون على موضوع المقاومة، أقول ان ورقتنا الحقيقية، لأجل سلمنا الاهلي، وليس فقط للدفاع عن حدودنا وتحرير أرضنا، هي ورقة المقاومة التي وحدها توقف التوطين في لبنان والاستيطان في فلسطين.
وأوضح ان مجلس النواب باشر ابتداء من امس بإطلاق ورشة عمل حول اللامركزية الادارية وإجراءات الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية. ونقل عنه نواب» لقاء الاربعاء» انه في حال تم اقرار البيان الوزاري قبل نهاية الاسبوع الحالي فلا شيء يمنع انعقاد جلسة الثقة قبل عيد الاضحى المبارك.
وطلب بري من أعضاء هيئة مكتب مجلس النواب اقتراح أسماء من اجل تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، من دون أن يحدد سقفا لتلقي الأسماء، علما أن أعضاء الهيئة طرحوا اسئلة محددة حول الموضوع الذي نص عليه اتفاق الطائف.
توقيف مشتبه فيه بالتعامل مع إسرائيل
من جهة ثانية، أوقف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي المدعو (أ. ب.) في بلدة تبنين ـ قضاء بنت جبيل، بشبهة التعامل مع العدو الاسرائيلي منذ سنوات طويلة. وقال مرجع أمني لـ«السفير» إنه كانت لدى الأجهزة المختصة معلومات حول الموقوف ولكن آثاره اختفت بعد موجة التوقيفات التي حصلت للشبكات مطلع العام 2009، وفي اليومين الماضيين، عاود تحركه «فباغتته قوة أمنية واعترف على الفور بتعامله المزمن مع اسرئيل (تردد أنه على علاقة بالإسرائيليين منذ أكثر من ثلاثة عقود).



Script executed in 0.20774602890015