أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

شكور يوقّع برقيتي الفصل وريفي يتراجع عن قرار توقيفه وبارود يطوي استقالته

الجمعة 20 تشرين الثاني , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,967 زائر

شكور يوقّع برقيتي الفصل وريفي يتراجع عن قرار توقيفه وبارود يطوي استقالته

بإبرام تسوية شارك رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ومعظم المراجع السياسية في المعارضة والأكثرية بصياغتها، وقضت بتوقيع العميد شكور ما كان قد تعهد بتوقيعه من مذكرتي فصل ما زالتا ساريتي المفعول، مقابل سحب اللواء ريفي قراره بفرض عقوبة على قائد الدرك.
وقد بدت مكاتب أعضاء قيادة قوى الأمن الداخلي، وهي مضاءة، بعيد الثانية عشرة ليلا، خير تعبير، عن التسوية التي اقتضت بانتقال شكور من البترون بعيد الثانية فجرا، الى مقر قيادة الدرك في المديرية العامة في الأشرفية، وسبقه الى هناك العميدان محمد قاسم وعدنان اللقيس اللذان لعبا دورا أساسيا في المخرج ـ التسوية، على أن يتم التوقيع وسحب المذكرة التأديبية وبالتالي عودة الأمور الى طبيعتها وكأن شيئا لم يكن...
لكن أبعد من ذلك، فان من رافق مجريات الساعات الثماني التي رافقت ولادة التسوية، طرح اسئلة حول من يتحمل مسؤولية مسار كاد يؤدي الى مشروع أزمة داخل الحكومة الجديدة نفسها قبل أن تنال ثقة المجلس النيابي، وبالتالي من هو الذي يريد أن يتسلل من خلال فراغ وعجز السلطة السياسية عن اتخاذ قرارات حاسمة، حتى يتخذ قرارات تؤدي الى هز صورة التوافق الوطني؟
وهل يؤدي قرار من هذا النوع مرة ثانية، أو مرة أولى في مؤسسة أخرى، الى اهتزاز مؤسسة قوى الأمن أو غيرها من المؤسسات الأمنية والعسكرية، ومن ثم الحكومة، خاصة بعدما لاحت بوادر خطوة احتجاجية كبيرة كاد يقدم عليها وزير الداخلية زياد بارود (اعتكاف أو احتجاج أو استقالة)، بعدما نقل المقربون منه ليل أمس، قوله انه لم يكن أبدا في جو ما جرى، في ساعات المساء الأولى، لا بل كانت الاتصالات السياسية تشي بأن خطوة من هذا النوع باتت في حكم المجمدة؟
هل كان يمكن أن يؤدي ما شهدته مؤسسة قوى الأمن الداخلي، أمس، الى تعقيد مسار تأليف الحكومة، بحيث يرتد سلبا على مناقشات البيان الوزاري، داخل اللجنة الوزارية ومن ثم في مجلس الوزراء، وبعد ذلك في الهيئة العامة للمجلس النيابي؟ وماذا يضمن ألا يتكرر الأمر في المؤسسة نفسها أو في مؤسسات أخرى؟
أية صورة كان يريد تقديمها أهل السلطة، كل السلطة في لبنان للرأي العام اللبناني وخاصة للجيل الجديد، عشية عيد الاستقلال الوطني، عندما سيجدون مؤسسساتهم التي يفترض أنها جامعة وحامية وضامنة لأمنهم وحياتهم ووطنهم، باتت تحتاج إلى من يحميها ويجمعها ويوجد لها التسويات؟
الكل كان وما يزال يتطلع الى الحس العسكري عند الضابط السابق، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، والوصي سياسيا على وزارتي الداخلية والدفاع، وهو أكثر المدركين لحساسية موقع ودور القوى الأمنية والعسكرية وكيف حافظت على وحدتها في أصعب الظروف فلماذا يصار الى التفريط بذلك وبهذه الطريقة؟
هل ما جرى ليل أمس، يؤشر الى أننا أمام خارطة طريق إلزامية يمكن أن تستدرج الجميع نحو فتح ملف المؤسسات العسكرية والأمنية كلها، بدءا من قيادة قوى الأمن الداخلي؟ وهل الظروف السياسية ناضجة لقيام الحكومة بفتح ملف تعيينات حساسة من هذا النوع؟
ولعل طبيعة المشاورات الاستثنائية التي جرت ليل أمس، داخل المعارضة نفسها، وبالتنسيق بينها وبين النائب وليد جنبلاط، وداخل فريق الأكثرية، باستثناء جنبلاط، قد بيّنت أن الأمور بلغت حافة خطرة جدا، بات معها مصير مؤسسة قوى الأمن الداخلي عنوانا لاشتباك سياسي كان يفترض أنه قد طوي مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لكن بدا أن ثمة مطبات كبرى وخطيرة جدا، تنتظر الحكومة سواء عند مفارق استحقاقات سياسية واقتصادية وإدارية أو بسبب هفوات أو «دعسات ناقصة» أو محاولات توريط، تؤدي إلى حرف المسار التوافقي وجره في اتجاهات معاكسة.
كان المنتظر، بالأمس، أن يجمد «ملف شكور» في ضوء اتصالات جرت في اليومين الماضيين، وعكس مناخها الوزير بارود بتأكيده ذلك لـ«السفير» في حديث سبق قرار التوقيف،
لكن القرار أدى إلى تداعي قيادات المعارضة ليلا إلى اجتماع عاجل شارك فيه قياديون بارزون، وتم خلاله اعتبار القرار المتخذ بحق شكور «سابقة خطيرة لا يمكن الســكوت عنها وخطوة ضد المعارضة اللبنانية كلها»... قبل أن تصل رسالة المعارضة ليلا الى رئيس الحكومة، حيث جرت اتصالات شارك فيها رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ورئيس مجلس النواب والعماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط والنائب سليمان فرنجية أدت الى التسوية المخرج فجرا.
بارود: انتهت فترة السماح
وقال الوزير بارود لـ«السفير» انه شديد الاستياء من واقع التشنج الذي تشهده مؤسسة قوى الأمن الداخلي في الآونة الأخيرة، مذكرا بان هذا الأمر متراكم منذ سنوات ثلاث، وقد بلغ ذروته في شكل بات يهدد المؤسسة، ويضرب تضحيات وانجازات ضباطها وأفرادها، الذين استطاعوا بإمكانات متواضعة أن يعيدوا تدريجيا إلى الناس حقهم بالأمان، خاصة من خلال العمليات النوعية التي قاموا بها، إن على مستوى كشف شبكات التجسس أو على مستوى مداهمة أوكار المخلين بالأمن واسترجاع سيارات مسروقة وتلف مخدرات وملاحقة تجارها وتعزيز انتشار القوى الأمنية في مناطق عدة.
ورأى بارود أن ما يحصل يشكل إمعانا في ضرب المؤسسة لدى الناس، وهي لهم بالدرجة الأولى، فكلنا نمر مرور الكرام، أما المؤسسة فتبقى وهي ملك الناس. وقال إن الحكومة لم تكتسب ثقة المجلس النيابي بعد، مما يجعلها في موقع شبيه بتصريف الأعمال، مبديا انزعاجه من التوقيت في مرحلة الوقت الضائع بين حكومتين مما لا يتيح قانونا اتخاذ الإجراءات المطلوبة حسما للأمر.
وقال بارود «لن اقبل بعد الثقة أن تدار أية مؤسسة أو إدارة تابعة لوزارة الداخلية إلا بمنطق القانون والمؤسسات والمسؤولية والمحاسبة، وقد انتهت فترة السماح».
«حزب الله» ينهي مؤتمره العام
الى ذلك، شكّل إعلان «حزب الله» عن انتهاء أعمال مؤتمره العام السابع، التطور السياسي الأبرز على الصعيد الداخلي، خاصة وأنه يأتي في لحظة سياسية لبنانية سمتها العامة، توافقية، وفي لحظة خارجية تتميز بمجموعة اشتباكات إقليمية، أبرزها الصراع الأمني المفتوح بين المقاومة من جهة والعدو الإسرائيلي من جهة أخرى.
وشكل انعقاد المؤتمر بحد ذاته في ظل هذه الحرب التي تستهدف أول ما تستهدف قيادة وكوادر «حزب الله»، وخاصة أمينه العام السيد حسن نصرالله، تحديا سياسيا وأمنيا استثنائيا، بحيث لم تثن المعطيات الأمنية ولا تطورات الوضع الداخلي، الحزب عن إطلاق ورشة سياسية ـ تنظيمية دامت نحو ثلاثة إلى أربعة أشهر، شارك فيها الآلاف من الكوادر في مستويات عليا ووسطية... تم خلالها انتخاب الهيئات الحزبية الأساسية التي بادرت إلى اختيار ممثليها في هيئة شورى القرار التي تضم سبع قيادات، يلاحظ أنها في معظمها من الرعيل التاريخي الأول، الذي ساهم في التأسيس في العام 1982 مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان وانتقال مجموعات من «الحرس الثوري الإيراني» إلى لبنان عن طريق دمشق، لتدريب مجموعة من «الشباب المؤمن»، ممن أتوا من مشارب مختلفة، بينها «أمل» أو «فتح» أو «حزب الدعوة» الخ...
وأعطى الإعلان رسميا عن انتخاب أعضاء «مجلس الشورى»، وتوزيع المهام القيادية في ما بينهم، ولا سيما انتخاب نصرالله أمينا عاما، وللمرة الرابعة على التوالي (منذ العام 1992 تاريخ استشهاد السيد عباس الموسوي)، إشارة سياسية واضحة إلى أن دورة العمل الحزبية مستمرة والى تجديد الحزب ثقته بقيادته، خاصة بعد الانجاز التاريخي الذي حققته المقاومة أبان «حرب تموز 2006».
أما انضمام النائب محمد رعد إلى «الشورى»، فقد شكّل نوعا من التثبيت للدور التاريخي الذي لعبه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، وهو ينتمي الى «الجيل المؤسس»، في محطات عدة من تاريخ الحزب وخاصة في فترة غياب الأمين العام عن واجهة الأحداث بعد «حرب تموز»، علما أن الحاج رعد كان قد احتل عضوية «شورى القرار»، عندما كان الشيخ صبحي الطفيلي أمينا عاما للحزب في الثمانينات.
واذا كانت موجبات العمل النيابي قد أخرجت رعد سابقا من «الشورى»، فانها هذه المرة أدخلته في تدليل سياسي واضح حول الدور الذي يعوله أيضا الحزب على كتلته النيابية، ربطا بالبرنامج السياسي الذي سيعلنه السيد نصرالله مطلع الأسبوع المقبل.
ويمكن القول أن البرنامج ـ الوثيقة ملخص لرؤية «حزب الله» السياسية للبنان والمنطقة وتتضمن عناوين عدة في موضوع المقاومة والاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاداري والقضائي ولا سيما الغاء الطائفية السياسية فضلا عن اعادة تثبيت موقف الحزب من اتفاق الطائف.
كما أن البرنامج يبين حاجة الحزب الموضوعية الى وثيقة جديدة مختلفة الى حد ما عن رسالة «حزب الله» المفتوحة والأولى من نوعها في العام 1985 والتي تولى تلاوتها السيد ابراهيم أمين السيد من حسينية الشياح، لمناسبة ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا.
ومن المقرر أن يذيع السيد نصرالله أبرز عناوين الوثيقة، على ان تترجم إلى لغات عدة وتوضع على المواقع الالكترونية للحزب لاحقا بصفتها الوثيقة الرسمية التي يمكن من خلالها محاكمة موقف الحزب السياسي من قضايا لبنانية واقليمية وعالمية..
وكان الحزب قد أصدر بيانا، أعلن فيه أنه أنهى مؤتمره العام الذي استمرت أعماله أشهرا عدة، وأفاد البيان انه «تم إقرار وثيقة سياسية جديدة هي الثانية من نوعها بعد الرسالة المفتوحة في العام 1985، كما أقر عددا من التعديلات التنظيمية والتي تتناسب مع طبيعة التطور الجديد في حركته ومسيرته خلال السنوات الماضية على الصعد المختلفة».
كما انتخب الحزب أعضاء «مجلس الشورى» وعين مسؤولياتهم للولاية الجديدة وأولهم السيد حسن نصرالله الذي انتخب أمينا عاما (منذ شباط 1992 يحتل هذا المنصب، أي منذ أن أكمل ولاية الشهيد السيد عباس الموسوي وقبلها كان عضوا دائما من أعضاء شورى القرار منذ التأسيس حتى المؤتمر الأول في العام 1989).
كما انتخب الحزب الشيخ نعيم قاسم نائبا للأمين العام (يحتل هذا المنصب منذ المؤتمر الثاني الذي عقد في العام 1991 وانتخب السيد عباس الموسوي أمينا عاما). الشيخ محمد يزبك رئيسا للهيئة الشرعية (عضو في كل مجالس الشورى منذ العام 1982 حتى الآن)، السيد إبراهيم أمين السيد رئيسا للمجلس السياسي(عضو شورى أكثر من مرة)، السيد هاشم صفي الدين رئيسا للمجلس التنفيذي(اكثر من مرة)، الحاج حسين الخليل معاونا سياسيا للأمين العام (أكثر من مرة)، النائب الحاج محمد رعد رئيسا لكتلة الوفاء للمقاومة (أكثر من مرة).
يذكر أن الشهيد الحاج عماد مغنية («الحاج رضوان») كان عضوا دائما في شورى القرار وكان يطلق عليه اسم آخر (من آل نور الدين).
وحسب البيان الصادر عن الحزب، سيقوم الأمين العام لـ«حزب الله» بعقد مؤتمر صحافي «في الأيام القليلة المقبلة لإعلان الوثيقة السياسية الجديدة».

Script executed in 0.18911194801331