أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الأنطونيّة: «الموسيقى» لحزب اللّه و«الهندسة» للتيّار

الجمعة 11 كانون الأول , 2009 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,547 زائر

الأنطونيّة: «الموسيقى» لحزب اللّه و«الهندسة» للتيّار

التحقت الجامعة الأنطونية، أمس، بركب الانتخابات الجامعية، في الجامعات الخاصة. لكن الأنطونية لا تشبه أياً من الجامعات الأخرى، وإن كان اسمها، أو موقعها الجغرافي، يصبغها بطابع «مسيحي»، كذلك ما تتّسم به الجامعة اليسوعية مثلاً. هذا ما أكده ميشال، أحد الطلاب المناصرين للتيار الوطني الحر. لم تأت مقاربة ميشال للواقع الاجتماعي في الجامعتين من الفراغ، أو على خلفية الانتخابات فقط. رأى شبهاً في تركيبتهما الحالية. يسود جو من التنوع الطائفي داخل الجامعة. لا يخفى ذلك على أحد. الكثير من المحجبات في الجامعة، والكثير من مرتدي الشال العاشورائي الأسود. زد على ذلك «ارتداء عدد كبير من الطلاب المعاطف العسكرية السوداء، التي تنتشر في الضاحية الجنوبية»، يشرح ميشال ممازحاً.
يمكن تشبيه هذا التنوع، الذي كان حديث جميع المعنيين في الانتخابات أمس (6 كليات من 9)، بسيف ذي حدّين. لا تتركز الفسيفساء الطائفية هذه في كلية من دون أخرى. التنوع موجود في كل قاعة. الثقل الترجيحي الذي يمثله حزب الله وحركة أمل، يفسّر أحاديث الطلاب صبيحة الانتخابات، وأثناء سيرها. الطلاب المناصرون للقوات اللبنانية يتهمون الحزب والحركة بالتمدد في الجامعة، وتالياً، السيطرة عليها. (تقول مصادر طالبية في حزب الله إن نسبة الطلاب الشيعة في الجامعة لا تتجاوز 20%، فيما يصرّ قواتيون على أنها تجاوزت 35%). إيلي، الطالب القواتي، كان واضحاً في ذلك. لم يجد حرجاً في تصنيف الطلاب على أسس طائفية. ذكّر بحادثة من العام الفائت، وقعت قبل الانتخابات بفترة قليلة. حينها، نزل بعض الطلاب الموالين للقوات إلى مباني الإدارة، رفعوا أصواتهم رافضين الوجود «الشيعي». إيلي «خائف من أن تصبح الأنطونية مثل اليسوعية ويسيطر عليها حزب الله». في المقابل، وقف حسين إلى جانب مجموعة من الأصدقاء. كان يرتدي قميصاً أحمر، بأكمام قصيرة، مكتوب عليها بالفرنسية le vrai courant أي «تيار التغيير». رفض حسين طروحات بعض أصدقائه، الذين شاركوا القواتيين النزعة الطائفية، إذ إنهم لم يجدوا مانعاً من توصيف قوّتهم الناخبة باعتبارها «تكتلاً شيعياً». حسين كان أكثر عقلانية. بدأ من حيث انتهى إيلي. أوضح منذ البداية ان رأيه يمثله شخصياً، ولا يمثل «تكتل أصدقاء المقاومة»، وهو التكتل المدعوم من الحزبين الشيعيين. سخر من هواجس زميله القواتي، ووصفها بالعنصرية. وفي محاولة منه لدعم وجهة نظره، أمسك صديقة بيدها، وطلب منها التعريف عن نفسها. جويل، هي الأخرى، سخرت من «المخاوف غير المقبولة للقوات». استندت في ذلك إلى الهيئة الطالبية نفسها، التي يرأسها طالب من التيار الوطني الحر.
هكذا، وجد العونيون وحلفاؤهم أسلوباً لتفادي الهوّة الطائفية، التي يصوّب نحوها القواتيون بقوة. أكد طلاب قبيل توجههم إلى صناديق الاقتراع أن التحالف في الجامعة، كما هو خارجها: «متين وقائم على الاحترام المتبادل». وإلى هذا الود السياسي، يتفق الحليفان على رؤيتهما للجوانب الأكاديمية... والاجتماعية. في رأي نانسي، المستقلة، أن التنوع الطائفي «يرطّب العلاقات بين الطلاب أكاديمياً في كثير من الأحيان». يتشاركون هموماً معيشية واحدة، فيجدون أنفسهم منطقياً، متحالفين في رفض الزيادة على الأقساط، التي أقرّت مطلع العام الحالي. مايا، الطالبة المناصرة للقوات اللبنانية، اعترفت بذلك، ورأت في المطالب المادية والأكاديمية همّاً مشتركاً بديهياً مع الزملاء الموالين للمعارضة. ينسى الطلاب طوائفهم في تلك الحالة. لكن مايا لا تلبث أن تسجّل اعتراضاً، ينبع من جوانب سياسية، رغم أنها أكدت أنها مستقلة. استدركت بالقول على عجل «لا شيء اسمه مستقلون». هرعت إلى قاعات المبنى C حيث جرت المعركة الحامية، في كلية الهندسة.
أجمع الطلاب على أن الهندسة هي الكلية الأهم في الجامعة، وذلك ما يفسّر حصولها على مقعدين في الهيئة الطالبية. وبعد ساعتين، صدرت النتائج. اكتسح التيار الوطني الحر وحلفاؤه المقاعد الخمسة (مقعد عن كل عام، ينتخبون مندوبين إلى الهيئة الطالبية). تنفّس فريق القمصان الحمر الصعداء، إذ سرت أحاديث جانبية في صفوف مؤيديه خلال ساعات الظهيرة، بأن أي تعثر في الهندسة قد يؤثر سلباً في انتخابات إدارة الأعمال اليوم، متوقعين أن تستعين القوات اللبنانية بمنشورات تحذر من «التمدد الشيعي»، قد تؤثر في أصوات المستقلين. وأسهم في تعزيز هذا الارتياح، صدور نتائج أربع كليات أخرى، إذ أعلن فوز المتسقل جهاد مقصود بالتزكية في كلية اللاهوت، والطالب حسين فتوني (تكتل أصدقاء المقاومة) في كلية مختبرات طب الأسنان، والطالبين مروان عزام وسمية محفوظ (الوطني الحر) في كلية الهندسة، وأحمد حميداني (تكتل أصدقاء المقاومة) في كلية الموسيقى، بينما حافظت القوات اللبنانية على موقعها التاريخي في كلية العلاج الفيزيائي، وفاز في انتخاباتها المرشح إيلي شديد.

فاز تحالف التيار والمقاومة بأربعة مقاعد مقابل مقعد واحد للقوات

 

وفي ضوء هذه المعطيات، تتقدم لوائح الوطني الحر المتحالفة مع تكتل أصدقاء المقاومة وتيار المردة بأربعة مقاعد، مقابل مقعد واحد للقوات اللبنانية، ومقعد للمستقلين في كلية اللاهوت، حيث درجت العادة على أن يتم التوافق هناك لإبعاد السياسة تجنباً لحصول معركة في صرح العلوم الدينية. وفيما أشار طلاب عونيون إلى حسمهم نتائج كلية التربية البدنية والرياضة، نفت مصادر إدارية في الجامعة هذه المعلومات، مؤكدةً أن الحسم تأجل إلى الغد، بعد تعادل المرشحين، روني إبراهيم ونيللي صليبي، في المرحلة الثانية من الانتخابات (المرحلة التي يختار فيها الطلاب الفائزون عن كل سنة المندوب الذي يمثلهم). وإلى جانب إعادة انتخاب مندوب عن كلية التربية الرياضية والبدنية، يُفترض أن تتابع الانتخابات اليوم، إذ يتنافس المرشحون على 4 مقاعد باقية، اثنان منها لكلية إدارة الأعمال (واحد للقسم الفرنسي وآخر للقسم الإنكليزي)، ومقعد كلية العلوم التمريضية، ومقعد لكلية الإعلام.
وفي هذا الإطار، شكر مسؤول التيار الوطني الحر في الجامعة، جو خوري، إدارة الجامعة، على «سير العملية الانتخابية بطريقة حضارية»، معتبراً أن النتيجة قد حُسمت وستبقى الهيئة الطالبية في عهدة التيار وحلفائه «كما درجت العادة في السنوات السابقة». وفيما رفض خوري التلميح عن الانتماء السياسي للرئيس المتوقع للهيئة، في حال إعلان فوز التيار وتكتل المقاومة رسمياً اليوم، توقع طلاب عونيون أن يكون الرئيس من التيار الوطني الحر، لإغلاق الباب على المحاولات القواتية المستمرة «بتصوير الحضور الشيعي في الجامعة كأمر مستهجن».



الإدارة تشيد بالطلاب وتفضّل الحوار الأكاديمي على السياسي

 

لفت الأمين العام للجامعة الأب د. فادي فاضل (الصورة)، في حديث مع «الأخبار» إلى أن إدارة الجامعة حاولت قدر استطاعتها عزل العوامل السياسية عن سير الانتخابات الطلابية في الجامعة. وأشار فاضل إلى أن عمل الهيئة الطالبية هام وأساسي في الجامعة الأنطونية، إذ إنها تتولى التنسيق مع إدارة الجامعة في الشؤون المادية للطلاب. واستغرب الأمين العام الحديث عن «جو طائفي» في الأنطونية، مؤكداً أن إدارة الجامعة لا توزع أي منحة لأي طلاب على أساس حزبي أو ديني، بل تعتمد على مكتب الشؤون الاجتماعية في إدارة الجامعة، لدراسة الوضع الاجتماعي للطلاب، بالتعاون مع الهيئة الطلابية التي «يتركز عملها في تشكيل حلقة وصل بين الطلاب والإدارة». ولم ينفِ فاضل أن السياسة تقوم بدور أساسي في تحديد الطلاب لخياراتهم، رغم أن الشؤون السياسية لا تمتّ إلى الواقع الأكاديمي بصلة، مشيداً بمناقبية الطلاب، حيث لم يسجّل أي خلاف أمس، رغم الانقسام السياسي.

Script executed in 0.18728995323181