فهو شاب عشريني يدرك تماماً ان العيش الكريم لا يأتي الا بالتعب وعرق الجبين رغم المصاعب التي يمر بها نتيجة الشلل في جسده، فهو يحاول ان يهزم الفقر الذي استطاع يفتك بعائلته ويهزم مصاعب الحياة التي يواجهها كل يوم في الشوارع، بل وهو فقير عزيز، ليس ممن يمدون أيديهم طلبا بما يجود عليهم الاخرون من مال، ولا يقبل المال بدون ان يقدم مقابله شيئ.
بالقرب من محلة صف الهوا في مدينة بنت جبيل، يرقد محمد مفترشاً الرصيف بما تيسر لديه من علب السكاكر يحملها على كتفه بحقيبة تبدو ثقيلة عليه، وهي اشبه بدكان صغير منتظرا لفت نظر المارة لتختار بعض السكاكر كالعلكة وعلب البسكوت وتبدلها ببضعة الآف يعود بها في نهاية يومه. لهذا الشاب العشريني صولات وجولات يومياً في بنت جبيل فهو صديق كل الناس وانسان مهذب، يؤثر في الناس الطيبين، يرفض ان تلصق به صفة المتسول ويرفض رفضاً قاطعاً المال الذي يقدم له من دون الشراء منه.
يعاني محمد من ضعف كبير في النطق، و يواجه صعوبة كبيرة في تنقلاته لأنه مشيه غير عادي نتيجة اعاقة في ساقه، وايضاً يوجد عجز في يده .
يبدأ محمد عمله حين وصوله الى بنت جبيل بسيارة تقله من كونين واحياناً ياتي سيراً على الاقدام ، ويعتبر ان الرصيف نقطة البداية لأحلامه، فضلاً عن جولته على المحال في البلدة، مروراً بفلش دكانه امام باب المسجد يوم الجمعة، فهو مُصر على أن قليل من المنتوج ستساعده على قضاء حوائجه مع عائلته دون الحاجة للطلب من الآخرين، ولو بخطوات بطيئة.
محمد ابن عائلة فقيرة تسكن في احدى المنازل في بلدته، وهو يتيم الاب و معيل وحيد لعائلته، رغم كل الصعاب، فانه يعود في المساء الى منزله وفي يده بعض من نقود يستطيع ان يسد بها رمق عيش العائلة الفقيرة، وبين تفاصيل وجهه المتعب ترتسم علائم الامل بالحياة والمستقبل..
و هنا في السوق بانتظار بيع ما تبقى من سكاكر
ياناً