أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

"عاشوراء مجدل سلم" حيث تتحول معركة الطف الى واقعة على الأرض

السبت 26 كانون الأول , 2009 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 18,444 زائر

 "عاشوراء مجدل سلم" حيث تتحول معركة الطف الى واقعة على الأرض

وقد اصبحت هذه المراسم محجّة الأهالي في اليوم العاشر من محرّم، بعد سنوات طويلة على بدء بعض شبّان البلدة من الهواة والمتحمّسين للمناسبة بتمثيل مسرحية واقعة مصرع الإمام الحسين(ع) وأصحابه. ويتحول أهالي البلدة الى متبرّعين، كلّ حسب استطاعته، فيقدمون الأطعمة المختلفة وخاصة طبخة "الهريسة"، و"البسكوت والراحة" للآتين من خارج البلدة. وفي أحد أودية البلدة، نُصبت الخيم وزُرعت أشجار النخيل، ليتحول المكان كما في كل عام إلى مسرح حسيني كبير تجسيدا لمعركة كربلاء.

يجلس الوافدون على صخور وأتربة التلال المطلّة على الوادي، ويرتدي الممثّلون ثياب التمثيل المستوحاة من أيام الشهيد الإمام الحسين(ع)، والدروع القديمة المصنوعة يدوياً، والسراويل والعمامات الخضراء والسوداء، ويحملون السيوف وبعض الرماح الحديدية ويتوجهون إلى الوادي المجهّز بالخيم وأشجار النخيل الطبيعي التي زُرعت منذ سنوات.

الفكرة بدأت عام 1983، يقول أحد الممثلين، ابن البلدة أبو مصطفى ياسين: "بدأنا بالتمثيل الارتجالي لقصّة مقتل الإمام الحسين(ع) وأصحابه، حيث كان الشيخ عبد الحسين ياسين يشرف على التمثيل الذي يعرض بأبسط الإمكانيات، معتمدين على بعض الألبسة القديمة ومسجّلات الصوت، فلقي العمل استحساناً، ما شجّع الشباب على إعادة عملهم كل عام، مع تحسين النواقص، فأصبح لنا شهرة خاصة في العديد من البلدات الجنوبية التي يطلب منا أبناؤها كلّ عام تمثيل الواقعة فيها".

في عام 1987 أخذ العمل التمثيلي لواقعة الطفّ يأخذ بعداً فنياً متطوراً بعدما بدأ المؤسسان، موسى ياسين والشهيد خضر وهب (أستُشهد أثناء مقاومته عام 1993) بالتدريب اللازم، وأخذ العمل يتطور بسرعة فائقة، حتى أصبح الشباب الممثّلون يُطلبون إلى البقاع.

 وقد شكلت وادي المجدل البالغة مساحتها عشرة دونمات مكاناً سنوياً لإحياء مراسم العاشر من محرّم، وإن لم تشهد هذه المراسم تغييرات كبيرة, سوى تلك التي تتعلق باستقدام أحصنة وجمال ونوق من منطقة بعلبك, وحفر خنادق تمثل نهر الفرات حيث منع الماء عن الإمام الحسين(ع). غير أن فرق التمثيل ظلت تنطلق على الأحصنة والجمال من حسينية البلدة، وتجوب الساحة العامة، ثم تتوجه نحو الميدان او الوادي المخصص للتمثيل.

هكذا دخلت إلى الاحتفالية المسرحية تعديلات مشهدية بصرية، فضلاً عن حوارات سمعية بحتة وموسيقى تصويرية، من قرع للطبول وألحان عاشورائية تنفذها فرقة "وهب الفنية"، إضافة إلى عناصر سينوغرافية، تتألف من دمى كبيرة وشاشات بيضاء وجوقات "اللطم والندب"، وتتخللها مبارزات من فوق ظهور الأحصنة ومشاهد مسجلة مسبقاً.
يشارك في تمثيل واقعة الطفّ أكثر من مئتي شخص، بعضهم من البلدات المجاورة لمجدل سلم, أما المشاهدون فهم بالآلاف يتوافدون منذ ساعات الصباح الأولى، فتضيق البلدة بهم، يسيرون مئات الأمتار للوصول إلى الوادي. أما جمعية الزهراء الاجتماعية، فهي تنظّم العمل وتجمع التبرعات وتنفق المال على إنجاز العمل بإتقان وتوزيع الأطعمة بعد توفير المال اللاّزم من المتبرعين الميسورين والمغتربين.

يقول أبو مصطفى ياسين: "نحاول نقل صورة الواقعة بدقة، مستندين إلى الروايات المتعددة، فنرتدي اللباس الذي كان يرتديه الجنود في الحروب آنذاك، ونخضع لدورات خاصة بالتمثيل والإخراج، حتى أصبح بعضنا أساتذة. أما الأجهزة الصوتية فتتعهدها شركة خاصة، وتُوفَّر الخيول اللازمة من المتبرعين من الأهالي".

ويقدّر ياسين عدد الوافدين لحضور المسرح الحسيني في مجدل سلم بأكثر من 50 ألف شخص في السنوات الأخيرة.

Script executed in 0.21697402000427