أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

صخرة المقاومة ........و موجات الباطل

الأربعاء 30 كانون الأول , 2009 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,692 زائر

صخرة المقاومة ........و موجات الباطل

افتتح حزب الكتائب في العام 1975 حرباً داخلية في   لبنان  بدأها ضد الفلسطنيين و طورها ليكون لاكثر المناطق اللبنانية منها نصيب ، و قد اعد للامر ميليشيا اسماها "القوات اللبنانية " التي و بحجة وحدة البندقية المسيحية لم توفر من نارها حتى المسيحيين بشرا و حجراً . و اوقفت الحرب التي تخللها احتلال اسرائيل لنصف لبنان و تنصيبها رئيساً كتائبياً عليه ، اوقفت  باتفاق في الطائف اعاد النظر بالدستور اللبناني و اقتطع الكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني ، تعديلات لم يكن امرها ممكنا لو لم تكن الحرب و الانهيار الذي سببته قد حدثت .

في المقابل نظمت القوى و الاحزاب اللبنانية الاخرى مقاومة بوجه اسرائيل التي اجتاحت لبنان مرتين و بمساعدة كتائبية –قواتية ، و تمكنت هذه المقاومة التي تعددت تسمياتها عند انطلاقتها، حيث شارك فيها كل وطني و حر و شريف يأبى ان تحتل بلاده او يتعاون مع محتل ،تمكنت من طرد المحتل  ثم استمرت على سلاحها بعد تحرير القسم الاكبر من الارض ، استمرت لسببين :اولهما بقاء بعض الارض محتلاً ، و ثانيها استمرار التهديد و الخطر الاسرائيلي على لبنان من اكثر من باب و اتجاه ليس اقلها التوطين و اغتصاب المياه . و لكن االمقاومة في ادائها و نجاحها في  طرد المحتل بالقوة تمكنت من احداث زلزال في وجه المشروع الغربيالصهيوني ضد منطقتنا و امتنا ، زلزال افسد ركيزة استراتيجيتهم القائمة على القوة القادرة على فعل ما يريدون ، بصرف النظر عن الحق او الحقوق التي ينتهكون . لقد تمكنت المقاومة من وقف الانهيارفي الامة  لترسي القاعدة المعاكسة المتمثلة بالقول : ان الحق اذا اعدت القوة لحمايته و استعادته فانه ينتصر ، و اثبتت المقاومة ذلك بارادة مجاهديها و بعرق مقاتليها و دماء شهادئها .

و هكذا شهد الواقع اللبناني تيارين : مقاوم لا يرضى بمحتل ، و ميلشوي  تتخذه قوة  خارجية  اداة لها فتحكمه و يخدمها ، لكن اتفاق الطائف الزم بنزع سلاح المليشيات و كرس شرعية المقاومة ، ففقدت ادوات الخارج انيابها فتشتت و استمرت المقاومةعلى جهادها فحررت ، الى ان كان الهجوم المعاكس بقيادة اميركية غربية ، هجوم يستهدف المقاومة و سلاحها حتى يستعيد فعالية استراتيجيته "االقوة الفاعلة " ، هجوم استعملت فيه كل الوسائل و الدسائس و المكائد و القرارات الدولية بدءاً من القرار 1559  ثم كانت حرب 2006 ، كل ذلك  انتهى الى فشل ذريع حيث عجز الجمع عن تجريد المقاومة من سلاحها فضلاً عن عجزهم عن تجريدها من شرعيتها ، الشرعية القائمة اصلاً على الحق الطبيعي بالدفاع المشروع عن النفس ، و الذي كرس بكل البيانات الوزارية منذ اتفاق الطائف و حتى اليوم بما في ذلك ثلاثة بيانات وزارية منحت الحكومة الثقة على اساسها في وهج الهجوم الاميركي المذكور . و انتهت المبارزة بين التيارين الى مشهد خطوطه قاطعة : المقاومة حق ، و سلاحها مستمر في يدها دفاعاً عن لبنان و دفعاً للتهديدات و الاخطار التي تحدق به و تمثلها اسرائيل .

انه مشهد ارعب اصحاب المشروع الغربي ، فعادوا الى تحريك ادواتهم اليوم ، خاصة بعد نيل الحكومة الثقة على اساس بيان وزاري جعل من المقاومة ركن اساس من مقومات الدفاع الوطني الثلاثة (الجيش و الشعب و المقاومة ) ، تحرك هؤلاء حيث :

-   اعيد استحضار القرار 1559 الذي استهلك في ذاته و انتهت صلاحيته في اصله بعد ان انتخب رئيس للجمهورية و عاد الجيش السوري الى ثكناته في سوريا ، و اتفق اللبنانيون على ان المقاومة حق للبنان ، و ان لا ميليشيا حالياً فيه . و مع ذلك اصرت اميركا على استعادة القرار ممنية النفس بفعل شيء ما يجعل من المقاومة ميليشيا مستوجبة الحل ، طموح تطلقه و لكنه ينكسر على صخرة الواقع اللبناني ، صخرة المقاومة و جمهورها .

-    حرك من عين رئيساً للجمهورية في ظل الحراب الاسرائيلية ، و من فاوض اسرائيل و وقع معها اتفاق 17 ايار الذي منحها فيه من المكاسب الامنية و غير الامنية في الجنوب ما لم يبق للسيادة الوطنية هناك اثر ، (الاتفاق الذي اسقطه الشعب اللبناني المتمسك بحقه و مقاومته ) ، تحرك حزب الكتائب برئيسه ليعود و يطعن امام المجلس الدستوري بشرعية سلاح المقاومة التي كرست بالبيان الوزاري مؤخراً ، و هنا نسأل لماذا ؟ و ما قيمة الطعن ؟ و ما هي نتائجه .

اما في ال لماذا فالامر بسيط : انه " الوفاء للمشروع الغربي" و الاستمرار على النهج  الذي الفوه ، و بالتالي لا يحتاج الامر الى شرح او تفصيل ، اما لجهة القيمة القانونية للطعن ، فاني ارى و من موقعي كرجل قانون ، بان ليس للطعن قيمة قانونية لان البيان الوزاري ليس قانوناً و ليس عملاً يشبه القانون ، بل هو عرض من الحكومة امام مجلس النواب يظهر نيتها و اهدافها التي تصبو الى تحقيقها خلال فترة حكمها، و تكون صلاحيته مرتبطة بعمر الحكومة لا تتعداها ، و يكون المجلس حر في منحها الثقة على هذا الاساس او حجبها عنها ، و اما الطعن بما تبديه الحكومة من اهداف و نوايا ، فانه لعمري امر مضحك و مثير للسخرية ، اذ كيف لاحد ان يصادر فكر احد و نواياه ، نعم يكون له ان يقبل او يرفض ، اما ان يقول له لا تنوي و لا ترغب بهذا او ذاك فانه امر غير مسبوق في تاريخ السلوك . اما في نتيجة الطعن ، فهي محسومة من غير شك ، حيث سيكون الطعن مردودا شكلاً دون نظر في اساسه و لن يغير من واقع الحال في شيء .و اذا كان الامر كذلك و لا اعتقد بانه غائب عن ذهن الطاعن ، و لديه من رجال القانون من يعرف النتيجة تلك ، فلماذا يقدم اذن على امر ساقط سلفاً ؟

 هنا نرى بان  الطاعن يرغب كما يبدو ان يؤكد التزامه لاصحاب المشروع و استمراره في خدمة اهدافهم حتى و لو كان عاجزاً عن تحقيقها اليوم ، كما و يريد ان يسجل نقاطاً بوجه بعض خصومه الداخليين  خاصة المسيحيين منهم  الذين تصرفوا بوطنية و عقلانية و وطنية فضلاً عن الاحتراف العسكري و دعوا الى المجتمع المقاوم فضلاً عن تفاهمه مع حزب المقاومة ، و تمدده في فضائها الحيوي و الاستراتيجي ، لكن غاب عن الطاعن ان هذا التيار الخصم لم يخف اهدافه بل خاض الانتخابات النيابية على اساسها و كانت من حصته الاغلبية المسيحية كما يعلم الجميع .

هذه اذن هي نتائج الطعن و خلفيته  و لكن يبدو ان  الطاعن يتجاهل ان امره مفضوح ، يفضحه تناقضه في السلوك ، اذ كيف له ان يقنع البسيط العادي من الناس بدخوله الحكومة و منحها الثقة على اساس البيان المشكو منه ، ثم استمراه في الحكومة بعد الطعن ، اليس هذا غريبا و مستهجناً ؟  ، فكيف يفسر العمل بالشيء و نقيضه ؟  اليس الاولى به ان ينسحب من الحكومة و يحجب عنها الثقة حتى ينسجم مع نفسه و تصدقه الناس... و يبقى ان نقول لهؤلاء ان صخرة المقاومة و حقها اقوى و ابقى من موجات باطلهم و صراخهم .                                   

Script executed in 0.19451689720154