أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لقاء جنبلاط ــ نفاع في قبرص: هواجس شخصيّة

الخميس 31 كانون الأول , 2009 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,879 زائر

لقاء جنبلاط ــ نفاع في قبرص: هواجس شخصيّة

ماذا جرى بين وليد جنبلاط وسعيد نفاع في قبرص؟ كثيرون حمّلوا اللقاء دلالات سياسية وأمانيّ مستقبلية أكثر مما يحتمل، إلى حد رأى فيه أحد صحافيي 14 آذار البارزين أن جنبلاط «مدّ جسراً من قبرص سيوصله إلى سوريا». لكن جنبلاط نفسه كان يُصرّ في تصريح من قبرص هو الأول له لراديو الشمس الذي يبث من الناصرة على القول: «سأزور سوريا في الوقت المناسب وفي الحيثية المناسبة لي ولهم». أما الوزير وائل أبو فاعور فنفى في تصريح لـ«النهار»، أي علاقة بين «توقيت اللقاء وإعادة التموضع السياسي الذي قام به جنبلاط أخيراً».
من الجانب اللبناني، حضر مع جنبلاط أبو فاعور والنائب مروان حمادة، أما من أراضي 48 فحضر النائب في الكنيست الإسرائيلي عن حزب التجمع الوطني الديموقراطي سعيد نفاع يرافقه 12 شيخاً درزياً من «لجنة التواصل» و«ميثاق المعروفيين الأحرار».
ووفق بيان صدر عن المكتب الإعلامي للحزب التقدمي الاشتراكي، فإن جنبلاط بحث مع نفاع الخطوات المستقبلية التي من شأنها تدعيم الجهود التي تقوم بها الشخصيات والقوى الوطنية الدرزية، وتحديداً في إعادة إحياء الانتماء القومي لدى الدروز بعد 50 عاماً من السياسات الإسرائيلية التي هدفت إلى عزلهم عن هويتهم العربية، ورفع نسبة رافضي الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي».
وعلى عكس بيان الاشتراكي، لم يتبنّ التجمع الوطني الديموقراطي اللقاء، موضحاً على لسان رئيسه والنائب السابق في الكنيست واصل طه، أن نفاع التقى بجنبلاط بصفته الشخصية لا الحزبية. وفي ما يتعلق بنية الحزب اتخاذ إجراءات بحق نفاع قال طه: «سيُستدعى نفاع لمساءلته عن زيارته المفاجئة، وخاصة أنه لم يكلف ليرأس وفداً طائفياً».
يعرف جنبلاط أن اللقاء يزعج بالدرجة الأولى القيادة الدينية الدرزية في إسرائيل، وتحديداً الرئيس الروحي للطائفة في إسرائيل الشيخ موفق طريف. بل ذهب جنبلاط في تصريحه إلى إذاعة راديو الشمس إلى القول: «عندما قمنا بالتواصل عام 2001 صدرت أصوات ذات منحىً رجعي، قالت إن هذا تدخل في الشأن الداخلي لدروز إسرائيل. نعم نحن سنتدخل للحفاظ على الهوية ولتثبيت الهوية العربية الدرزية في إسرائيل وغير إسرائيل».
رافض الخدمة الإلزامية لاسباب سياسية ولاء نفاع لا يزال قيد المحاكمة العسكرية (عن موقع www.britdamim.org)رافض الخدمة الإلزامية لاسباب سياسية ولاء نفاع لا يزال قيد المحاكمة العسكرية (عن موقع www.britdamim.org)لكن على عكس المتوقع، فإن الإنزعاج الأكبر من لقاء قبرص هو في الأوساط «الوطنية» الدرزية قبل الأوساط «الرجعية». فرئيس لجنة التواصل، الشيخ علي معدي، سجل عتباً كبيراً على جنبلاط على خلفية لقائه بنفاع. وقال في حديث لمراسل «الأخبار» في حيفا فراس الخطيب: «نحن من أسس لجنة التواصل عام 2004، ولقد حدث خلاف هذا العام على الزيارة التقليدية لمقام النبي هابيل في سوريا. أنا تابعت طريقي في استمرار طلب الزيارة، ونفاع أحدث انشقاقًا داخل لجنة التواصل. الأقلية كانت معه والأغلبية معنا. لقد ضمت اللجنة في حينه 35 عضواً، 20 أيدوا طريقي رئيساً للجنة، و12 عضواً أيدوا طريق نفاع و3 امتنعوا». أضاف: «أنا أعتقد أن على الأخ وليد جنبلاط أن يعرف هذه التفاصيل، وأن يلتقي بالأقلية من اللجنة تحت شعار التواصل، فهذا مؤسف جداً». وتابع: «لكن نحن ندعم التواصل وندعم كل خط لرفض الخدمة الإجبارية والتطوعية بكل مسمياتها في الجيش الإسرائيلي إن كان من الدروز أو من أبناء الأقلية العربية. هذا طريقنا وخطنا، لكن التوقيت (الزيارة) كان في غير محله». أضاف أن «سعيد نفاع فقد صدقيته على أرض الواقع». وعن بداية مشروع التواصل قال الشيخ معدي: «بداية مشروع التواصل بين الأقلية العربية بكل فئاتها (فلسطينيي الـ48) والعالم العربي يعود الفضل فيها إلى الدكتور عزمي بشارة، فهو من فتح الطريق إلى سوريا والعالم العربي لاستقبال الأقلية العربية التي فرض عليها جدار العزلة على مدار 50 عاماً، وهو الذي عرّف جنبلاط إلى سعيد نفاع عندما لم يكن الأخير نائباً.
بدوره، وصف العضو السابق في المعروفيين الأحرار حمد صلالحة اللقاء أنه «طائفي محض، ولا أتوقع أن تتمخض عنه أي نتيجة». أما رئيس جمعية الكرمل ونائب رئيس «ميثاق المعروفيين الأحرار» حاتم الحلبي فقال: «لم توجّه لي دعوة إلى المشاركة في لقاء قبرص، ومثلي مجموعة كبيرة من الأعضاء». وتابع بالقول: «لكن في رأيي، إنَّ الظروف الراهنة التي عقد فيها اللقاء هي ظروف من الانقسامات، وأنا أرى أن اللقاء يعزز هذه الانقسامات ويكرس صراعات ونزعات، حتى في إطار الوطنيين العرب من أبناء الطائفة المعروفية».
بدوره، رأى رئيس حركة الحرية للحضارة العربية، إحسان مراد، أن محاربة قانون التجنيد الإجباري لن تجدي إلا إذا كانت تحت مظلة العروبة، لا التعامل معها على نحو طائفي». تابع: «منذ لقاء عام 2001 لم نرَ أي نتيجة على أرض الواقع بكل ما يتعلق بقضية دعم الرافضين، ولم تكن هناك استراتيجية معينة أو مشروع يطبق للسنوات المقبلة. وهذه أمور نلمسها على أرض الواقع». أضاف: «من هنا، تألفت لدينا في الداخل الفلسطيني في الفترة الماضية هيئة عربية تمثل جميع القوى والتيارات في الداخل الفلسطيني من الدروز وغير الدروز، وقد تبنت لجنة المتابعة للجماهير العربية هذه الهيئة، وأصبحت جزءاً منها، وهي تعد لمؤتمر لمناهضة التجنيد نهاية الشهر المقبل، ونحن نتطلع إلى كل دعم لخطوتنا في لبنان، وكل أنحاء العالم العربي، لكن بشرط عدم استناده إلى خلفية طائفية أو ربطه بشخص معين مهما علا شأنه».
ويستدل من هذه التصريحات أن لقاء قبرص أثمر في الجانب الفلسطيني النتائج الآتية:
امتعاض واضح في صفوف حزب التجمع الوطني الديموقراطي من تفرد نفاع بالخطوة، من دون مراجعة القيادة، معطوفاً على إخلاله بالعهد الذي قطعه بالتنحي عن منصبه في الكنيست، لمصلحة المرشح الرابع على اللائحة، الشيخ عباس زكور، وذلك بعدما وافق التجمع على ترشيح نفاع في مكان مضمون في قائمة مرشحيه لانتخابات الكنيست، هو المكان الثاني. فيما أظهرت النتائج أن حزب التجمع حصل من الدروز في انتخابات الكنيست الماضية على 2658 صوتاً بوجود مرشح درزي، فيما حصلت الأحزاب الصهيونية على 30591 صوتاً من العرب الدروز. فيما حصل التجمع على ضعف هذا الرقم بين الدروز بدون المرشح الدرزي في انتخابات عام 2006.
استنكار تفرد نفاع في اختيار أعضاء الوفد المرافق واستبعاده رئيس لجنة التواصل الشيخ علي معدي وما يمثله من ثقل ديني وسياسي، وكذلك استبعاد العديد من كوادر ميثاق المعروفيين الأحرار على خلفية عدم إثبات الولاء المطلق لنفاع، الذي بدا بدوره معنياً بحدوث اللقاء بأي ثمن بهدف كسب شعبية درزية، يسعى من خلالها إلى تكوين غطاء معنوي يساعده على مواجهة الدعوى القضائية المرفوعة عليه بسبب زيارته سوريا عام 2007.
صمت القيادة الدينية الدرزية في إسرائيل، وتحديداً الشيخ موفق طريف، الذي لم يعد يزعجه هذا النوع من اللقاءات السياسية، بل يقلق من صدور حرم ديني عن المرجع الروحي الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين يتعلق بالخدمة العسكرية، الذي من شأنه أن يحدث هزة كبيرة في الوسط الدرزي الديني والزمني. إضافة إلى أن هاجس القيادة الدينية للطائفة كان منذ البداية الاختراق الذي أحدثه حزب التجمع في قراها، وهي قدمت أكثر من إشارة إيجابية إلى نفاع بعدما شعرت بتباين بينه وبين التجمع.



أرقام وتواريخ

 

1951: سنّ قانون التجنيد الإلزامي وإعفاء المواطنين العرب، وضمنهم الدروز والمتدينون اليهود، من الخدمة.
1955: وقّعت 16 شخصية درزية عريضة توافق على خدمة الدروز في الجيش الإسرائيلي. قوبلت هذه الخطوة بحركة اعتراضية بقيادة الشيخ فرهود فرهود، لكنها قُمعت.
1972: إثر فرض السجن على سعيد نفاع وسليمان دغش وجمال فرهود و73 آخرين لرفضهم الخدمة، أعلن تأليف «لجنة المبادرة الدرزية».
1998: انشق عن «لجنة المبادرة الدرزية» ما عرف بـ«ميثاق المعروفيين الأحرار» برئاسة سعيد نفاع، والتقت مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عام 2001 في الأردن.
2005: برزت «حركة الحرية للحضارة العربية» بقيادة إحسان مراد الذي أعلن أن أهداف الحركة العمل على إلغاء الخدمة الإجبارية.
2009: أطلقت في بيت جن «الهيئة العربية لدعم رافضي الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي»، وهي تضم الهيئات العاملة على رفض التجنيد وشخصيات إسلامية ومسيحية. وأطلقت في بيروت هيئة مماثلة تهدف إلى دعم الشباب الرافض للخدمة.



63.9% من الدروز يريدون إلغاء الخدمة لكن 83% منهم يخدمون

 

أعلن النائب سعيد نفاع أن نسبة رافضي الخدمة في الجيش الإسرائيلي هي 63.9%، ولاحقاً تبنى جنبلاط وفريقه هذه النسبة وباتت عنواناً رئيسياً في تصريحاتهم الإعلامية التي تلت اللقاء في قبرص.
استند نفاع في هذا الرقم إلى استطلاع رأي أجرته جامعة حيفا عام 2008 وشملت العيّنة 405 أشخاص من 18 قرية درزية. ويبيّن الاستطلاع أن 36.1% يؤيدون التجنيد الإجباري، بينما 46.6% قالوا إنه يجب جعل التجنيد تطوعياً، و17.3% قالوا إنه يجب إبطال التجنيد وإلغاؤه كلياً. اذاً، ما مجموعه 63.9% يرغبون في رفض الخدمة، لكن لا أحد منهم وجد الوسيلة لتحقيق هذه الرغبة. في المقابل، أشارت صحيفة هآرتس، أمس، إلى أنه في عام 2008، وفي إطار جلسة عُقدت في قرية جولس، بحضور رئيس الحكومة حينها إيهود أولمرت، قدمت جامعة تل أبيب، نتائج استطلاع للرأي أُجري على عيّنة من 764 درزياً، وأظهرت النتائج أن 94% منهم يرون في «المركّب الإسرائيلي عنصراً أساسياً في هويتهم». بدورها عرضت دائرة الفئات السكانية في الجيش الإسرائيلي، معطيات تفيد بأنّ نسبة المجندين فمن بين الدروز بلغت 83%، مقابل 72% هي نسبة التجنّد بين صفوف اليهود.

Script executed in 0.172278881073