أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مزرعة لتربية نياص برية في حاصبيا... بدلاً من صيدها

الثلاثاء 19 كانون الثاني , 2010 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 31,440 زائر

مزرعة لتربية نياص برية في حاصبيا... بدلاً من صيدها
«وهذا ما أفضله، حيث بت املك مجموعة كبيرة من هذه الحيوانات تجاوز عددها الـ20، اجمعها واعتني بها داخل مزرعة صغيرة في جوار منزلي عند الطرف الغربي لحاصبيا، فباتت الفة غير مسبوقة بيننا أنا فخور بترويضها، وهي متباهية بسلاح أشواكها الجميلة القاسية، والتي تتحول الى سهام موجعة وفي بعض الأحيان قاتلة لحظة دفاعها عن نفسها»، كما يقول.
بطاقة هوية
النيص حيوان بري من الثدييات، تغطي ظهره أشواك أو سهام حادة مجوفة، تتراوح أطوالها بين 10 إلى 35سم تكون منسدلة على جسمه. يطلق على هذا الحيوان عدة تسميات منها: الشيهم، الدعلج، صيد الليل، الدلدل، يبني الشيهم عشا وثيرا في الأوكار التي يعيش فيها، ويبطنها بالقش والأوراق الجافة ويعده للتكاثر خلال فصل الربيع، وخلال فترات التزاوج كل ذكر يختار أنثى واحدة فقط ليشكلا عائلة ثنائية العدد، وبعد فترة حمل تستغرق حوالى ۱۱۲يوما، تلد الأنثى ما بين صغيرين وأربعة صغار، في حين يبلغ متوسط عمر الشيهم حوالى 20 سنة.
الشياهم من الحيوانات الليلية، التي تقضي نهارها كامنة في أوكارها، ولا تخرج بحثا عن الغذاء إلا بعد الغروب بحيث لا تبتعد كثيرا عن مخابئها، وبوجه عام فإنها حيوانات تحب العزلة، ويمكن الاستدلال على آثار وجودها في منطقة ما، من خلال الأشواك المتساقطة من أجسامها أثناء تحركها، او عبر الكلاب المدربة. وزن النيص يبلغ حوالى10كلغ، رأسه سميك، انفه كبير اذناه صغيرتان، تغطي الأشواك ظهره بالكامل ويغطي بطنه شعر اسود كثيف، وترتفع كتفاه عن الأرض 30 الى 40سم في حين يتجاوز طوله 60 الى 70 سم.
الصيد
«قلائل هم هواة هذا النوع من الصيد الليلي في حاصبيا» يقول خداج. «عددنا لا يتجاوز أصابع اليد وذلك لعدة اسباب، منها الأوضاع العسكرية التي كانت سائدة في هذه المنطقة خلال فترة الاحتلال، القنابل العنقودية التي خلفها جيش الاحتلال في المناطق الجبلية والحرجية، خطورة هذا الصيد وحاجته لخبرة كبيرة وكلاب مدربة، مع ساعات الليل». يضيف خداج «ننطلق مجموعة صغيرة بين 3 الى 5 صيادين، نجري خلف الكلاب فهي بوصلتنا بشكل أساسي، تنبح عندما تشتم رائحة النيص وتقوم بملاحقته ومحاصرته بين الصخور، وعندها نقوم بإطلاق النار عليه، لكن في حالات عدة يتمكن النيص من الإفلات ويهرب باتجاه وكره، فتلحق به الكلاب ونحن خلفها الى مدخل الوكر، ونكون عندها قد حددنا بشكل دقيق مخبأه ذا الفوهة الصغيرة جدا، ونقوم عندها بنصب شرك او ما يسمى بفخ حديدي عند المدخل مباشرة، وعندما يخرج النيص سيدخل الفخ حتما ليطبق عليه، وعندها نقوم بنقله لترويضه وتربيته في مزرعتنا المستحدثة. ويشير خداج إلى الذكاء الحاد لهذا الحيوان، فهو «يتحسس الخطر عند مطاردتنا له، فيهرب الى وكره ويمكث بداخله لفترة طويلة تصل في بعض الحالات الى 3 او 4 أسابيع، يبقى خلالها دون مأكل ومشرب فيخرج هزيلا وضعيفا، وفي حالات عدة ينفق جوعا داخل المغارة جراء الخوف من مغادرتها».
التربية
وعن فكرة تربيته للنياص يقول: «تمكنا ورفاقي منذ فترة من اصطياد 3 نياص بواسطة الأفخاخ، قمت بوضعها داخل غرفة محكمة جانبية من منزلي، وبدأت اتردد عليها بشكل يومي ولعدة مرات اقدم لها الخبز والخضار والفاكهة الى جانب المياه، باتت بيننا علاقة وطيدة عندما افتح الباب الحديدي للغرفة تقترب جميعها مني وتنتظر الطعام من يدي، يفرحني هذا الود المتنامي. انها مسالمة شرط عدم ايذائها. وعن كيفية الدفاع عن نفسها يوضح خداج بالقول: ليس صحيحا ان النيص يطلق ريشه من بعيد، وما يحصل ان النيص عند ملاحقته ينفش ريشه ويقف فجأة امام ملاحقه وخاصة كلب الصيد، فيصطدم المهاجم بمؤخرة النيص التي تحوي عشرات الريش القاسية فتنغرز فيه، وفي حالات عدة تشك الريش الى عمق ما بين 15الى 20سم تكون كافية لقتل المهاجم، وقد خسرنا عدة كلاب نتيجة لذلك».
تفاجأت (يقول خداج) عندما شاهدت داخل غرفة حجز النياص في احد الأيام، نيصا كبيرا ينفش بريشه على غيرعادته ويحاول اقفال الباب بوجهي، وما كانت سوى لحظات اكتشفت عندها انه يقوم بحماية 3 نياص صغيرة ولدت حديثا، وهذا ما شجعني على توسيع عملي الجديد في تربية هذا الحيوان، فعملت على بناء ما يشبه مزرعة بحيث وصل عدد النياص فيها الى حوالى العشرين، وقد باتت النياص محط انظار العديد من الزبائن فمنهم من يشتري النيص للحمه اللذيذ، حيث سعر الواحد بحدود 100 دولار.
كما يدخل النيص في صناعة وتحضير بعض الأدوية وخاصة تلك المسماة بالأدوية العربية، فعظامه تصلح لمعالجة العديد من الأمراض السرطانية وطحاله لأمراض الربو، في حين بات لحم النيص المفضل خلال مآدب المرح وليالي السمر، وباتت مزرعة خداج المستحدثة مقصد الكثيرين، الذين يفضلون لحم النيص الطري ذا النكهة الطيبة والمميزة في عالم اللحوم.
واذ اعتبر الخبير في علم الحيوان الدكتور منير ابي سعيد، ان لا مانع ولا ضرر من تربية هذا الحيوان، الا انه اعترض على صيده من الطبيعة، ولو انه لا يصنف بعد بين الحيوانات المهددة بالانقراض، مطالبا بوقف صيد او تشجيع صيد الحيوانات البرية مهما كانت.

Script executed in 0.19149899482727