الا ان اسلوب كل واحد منهم بات يختلف عن الآخر وفق اعتماده للطريقة التقليدية او التكنولوجيا الحديثة. وفق العرف السائد في الاحياء الشعبية في المدن والقرى والبلدات، فإن المختار هو "الوجيه" الذي يسعى في إصلاح ذات البين وخدمة الناس في بمختلف نواحي حياتهم وليس في انجاز معاملاتهم الادارية فقط.. الا انه منذ سنوات، بدأ اسلوب كل مختار يختلف عن الآخر، كثير منهم ما زال يحافظ على حاله تقليديا، يمارس مهامه وفق ما توارثه عن الاباء والاجداد، وبعضهم الآخر أدخل عليه بعض الحداثة والكومبيوتر وخاصة فيما يتعلق بالاحصاءات والنفوس، والقليل الباقي بات يعتمد "الانترنت" و"الفيس بوكس" وسيلة للتواصل مع الناس والتعرف عليهم وخدمتهم دون تكبيدهم مشقة الانتقال اليه.
ويشكل مختار حي "الكشك"، أكبر مخاتير مدينة صيدا الحاج محمد عبد الكريم النعماني (81 عاما) ومختار حي "القناية"، اصغر مخاتير المدينة سليم خليل عبود (35 عاما) نموذجين مصغرين ومختلفين، اذ يحافظ النعماني على اسلوب المخترة التقليدي، بينما ادخل عبود الحداثة من "الانترنت" و"الفيس بوك" للتواصل مع ابناء منطقته.
اكبر المخاتير
يبتسم المختار النعماني، وهو رئيس رابطة المخاتير في صيدا، وهو يدافع عن اسلوبه القديم في خدمة أبناء المدينة، اذ يتواجد في محله المتواضع داخل حي "الكشك" في صيدا القديمة، يبيع اللبنة والجبنة وكل ما يتعلق بالسمانة ويجيب على اسئلة المراجعين ويختم معاملات جديدة في آن، ويقول "ان المخترة ان تكون مع الناس وفي خدمتهم، فمهما فعل المختار لا بد ان يختم الاوراق ويقدم المعاملات بيده، ويتابعها مع الدوائر الرسمية المختصة، لم نصل بعد لانجاز المعاملات عبر الانترنت وحدها".
واضاف: ان التواصل مع الناس ولقائهم كل يوم جعلني مختارا لاربع دورات متتالية وقبلها بالتعيين، فأنا أتولى المخترة منذ العام 1987 أي قبل 23 عاما، لم يكن في ذات الوقت انتخابات نيابية او بلدية او اختيارية، وكان العرف السائد اذ توفي مختار تم تعيين اكبر الاعضاء سنا وهذا ما حصل، اذ توفى مختار الحي الاسبق نذير النعماني، فعين مكانه يوسف عجرة ثم توفى، فتم تعييني وما زالت مختارا بالانتخاب بسبب ثقة الناس ومحبتهم.
وأكد المختار النعماني الذي اعتاد على التجوال يوميا في حيه، طارحا السلام على الناس، ومطمئنا على مريض.. ان المخترة ليست انجاز معاملات فقط بل هي خدمة الناس في كل نواحي الحياة، فكثيرا ما سعيت بإصلاح ذات البين والصلح بين الناس، فهذا اختلف مع زوجته فجاء شاكيا، وذاك تعرض ولده لمرض فأتى طالبا المساعدة، قبل ان يردف "نتدخل بالكلمة الطيبة ـ لا عبر الانترنت، نهدأ الخواطر، نجري مصالحة ونجمع شمل المتخاصمين، ونقدم للمحتاجين ما تيسر من "الاجاويد"، مشددا "ان محبة الناس هي رصيدي، اخدمهم بلا مقابل، وكل ما يدفهوه الذي هو ثمن الطابع او رسوم المعاملات".
المختار عبود
وبإسلوب مختلف في جانب منه، يتواصل المختار عبود عضو الهيئة الادارية في رابطة المخاتير وممثلها لدى الدولة اللبنانية مع ابناء منطقته، فقد ادخل التنكولوجيا ـ الكوميبوتر الى عمله حتى بات "مدمنا" عليه، وبدلا من التجوال في حيه المترامي الاطراف ومصافحة ابنائه وكثير منهم يقطنون في العاصمة بيروت وحتى خارج لبنان، يبعث بالرسائل البريدية ـ الاميل، ويتواصل معهم ويجيب على اسئلتهم لمعرفة ما يتطلب منهم التحضير لانجاز اي معاملة ادارية دون ان يتكبدوا مشقة الانتقال اليه او دفع مصاريف مالية اضافية.
ويقول عبود ان "الانترنت" و"الفيس بوك" و"الويب سايت" لغة العصر الحديث واسلوب القرن الحادي عشر، لقد فتحوا لي افاقا كثيرة، والاهم انني عبرهم تعرفت على معظم ابناء الحي والمنطقة، اتواصل معهم، يسألونني عبر رسائل بريدية حينا عن المعاملات الادارية وما المطلوب لانجازها، واحيانا يأتون للتعرف علي، لقد اضفت الى مجموعة الفيس بوك كل اسماء ابناء الحي ونحن على تواصل دائم سواء من كان منهم في لبنان او الخارج، وبالتأكيد هذا التواصل يعزز وضعي انتخابيا بسبب الشعبية الكبيرة والثقة والاحترام بيننا، بيد ان هدفي الاول كان التعارف والتواصل باسلوب جديد وشيق، اي ليس كسب صوت انتخابي او تأييد.
ويعتز عبود الذي يتواجد في "ميني ماركت" في حي "الصباغ"، انه جمع بين الحداثة والوراثة، اذ ورثا المخترة ابا عن جده، فوالده الراحل خليل عبود كان مختارا وقبله جده سليم، اي ان المخترة في العائلة منذ 70 عاما، ليؤكد "انا مختار للمرة الاولى رسميا، ترشحت في الدورة الماضية وفزت بمحبة الناس والثقة"، قبل ان يضيف "لقد اكتسبت بعض الخبرة حينما كنت اساعد والدي في مراجعة بعض المعاملات، فالمخاتير سابقا غالبيتهم لا يجيدون الكتابة والقراءة بطلاقة، والدي كان يقرأ ويكتب ولكنه يحتاج في بعض الاحيان الى مساعدة، كنت اقوم بذلك فاكتسبت الخبرة قبل ان اصبح مختارا..
