فجاوبته: بني.. بكيتُ أتوسلك لتذكرني عند سيدة نساء العالمين لعلها تكون شفيعتي عند الرحمن...
هو لن يطبع على خديها قبلة شكر وتقدير وامتنان ... وهي لن تعانقه طويلا كما كل عام ...
بل ستكتفي بدمعة تنهال من عينيّ أجمل الامهات التي انتظرت ابنها ... فعاد ... مستشهداً
في عيدكنّ لكنّ اجمل تحية ...
وفي عيدكنّ نعرض بعضاً من وصايا رجال الله والكلمات التي تنير الدرب..
أيتها الصابرة المجاهدة..
أهدى الشهيد ابراهيم احمد رمال (13/4/1984- 25/07/2006) والدته قبلات جهاده الطويل ... وكتب:
"يا أعذب كلمة نطق بها لساني، وأعظم مدرسة حسينية أرضعتني حب الشهادة، وحب الجهاد في سبيل الله، عرفتك أماه صابرة ومجاهدة، فأرجوكِ أن لا تذرفي الدموع إلاّ على الحسين (ع)، لأننا بذكر الحسين (ع) نحيا، وبحبه نتغذّى.
أمي، إنَّ عرسي الذي كنتِ تنتظرينه هو شهادتي، ففرِّقي الحلوى، وانثري الأرز على المشيعين، وزفيني عريساً كالقاسم (ع)، وإياكِ أن ترتدي السواد لأنني حيٌّ عند ربي أرزق.
أبشري أماه، فيوم القيامة سوف تواسين جدتي الزهراء (ع)، وهذه أعظم لحظة تقفين فيها أمام الزهراء(ع)، وتواسينها بالحسين (ع)، فإليكِ أماه أرسل عبر تلال عامل، ووهاد البقاع، قبلات جهادي الطويل على الشريط المحتل، فتقبليها مني هديةً، وزغردي فرحاً، ولا تبكِ تحسراً، فصبراً آل محمد (ص) إن موعدكم الجنة".
"هذا ولدك قادم إليك، مقدما جسده هدية لك"
بهذه العبارة خاطب الشهيد ابراهيم محمد فقيه (10/10/1971 – 26/05/1998) والدته:
"إلى أمي: آه... آه يا أمي! اعلمي أني متلهف لرؤيتك، وأي أمٍّ أنتِ؟... أنتِ الشهيدة المذبوحة من الوريد إلى الوريد، سيدي يا حسين، سيدي يا حسين، أولست أنت الذي ذُبحت من الوريد إلى الوريد؟... أوليست زينب التي ذُبح أخوها من الوريد إلى الوريد؟... أوليست فاطمة المثكولة بابنها المذبوح من الوريد إلى الوريد؟... فهذه فاطمة قد ذُبحت من الوريد إلى الوريد، سيدي يا حسين، بالمقام الذي لك عند الله، أدعو لنا أن يجمعنا سوياً في جِنانه.
يا فاطمة سلمان فقيه!... هذا ولدك قادم إليكِ، مقدِّماً جسده هديةً لك، فاعتزي أمام أهل الجنان، وقولي: ابني الصغير أبا خليل، إبراهيم، قادم بعد عناء وجهاد طويلين، ترقبي اللقاء يا أغلى أمّ... أعطيتني الحنان، وأسكنتني جوف رحمكِ، غذيتني بعروق صدركِ، آه... أيُّ صدرٍ أذكر؟... صدرٌ قطّعه الأعداء المجرمون، حملتني على يديك الطاهرتين، وأي يدين أذكر؟ يدين تمتطي الجواهر، وهل بقي فيها جواهر بعد أن قُطّعت اليدان؟ يا فاطمة! أسألك عن آلات السمع، وهل قطّعها الخنازير لسلبكِ حُليّها؟ يا زينب بنت علي، يا زهراء بنت محمد، السلام عليكم، نعم... إلى هذه الأم سلامي، السلام عليكِ يا أمي، وعلى فاطمة، وعلى أبي نزار، وأبي زكي، أولستم الذين فديتم الأرض والأطفال بدمكم؟ سلام من المجاهدين إليكم، سلام من المجاهدين إليكم".
كم كنت أتمنى أن تكوني بقربي أثناء شهادتي
لطالما تمنى الشهيد باسم محمد قشاقش (14/09/1975 – 09/03/1998) ان تكون امه بقربه اثناء شهادته لتواسي السيدة زينب (ع):
"السلام عليكِ يا حاجّة، السلام عليكِ يا طاهرة، السلام عليكِ يا مقدّسة، ماذا أقول لكِ فأنتِ دمعتي وأنا دمعتك.
أمي: أعلم أنكِ ستتألمين، وستكونين حزينة، وأن عينيك سوف تذرفان، وتغرورقان بالدموع، ويضيق صدرك حزناً عند سماعك لخبر شهادتي. لكن، ما أريده منكِ هو أن ترفعي يديكِ إلى السماء مناجيةً ربك قائلةً: اللهم تقبّل منّا هذا القُربان.
أمي: لقد سلكت هذا الطريق المليء بالأشواك، وأنا أعلم أنه سوف يأتي اليوم الذي أنتقل فيه من دار الفناء، إلى دار البقاء، وحينها ألقى حبيبي رسول الله (ص)، ومولاي علي بن أبي طالب (ع)، وسيدتي الزهراء (ع).
أمي: كم كنت أتمنى أن تكوني بقربي أثناء شهادتي، لتواسي سيدتي ومولاتي زينب (ع) بمصاب أخيها المولى الحسين (ع) في كربلاء.
فتصبري على بلاءات هذه الدنيا الفانية، وسامحيني لما قصّرت به تجاهك، وأن لا تنسيني بدعائكِ المستجاب والتصدّق عن روحي".
"أمي الحنون، يا أغلى من في الوجود"
بهذا النداء الوجداني توجه الشهيد الشهيد جلال علي بليبل (25/01/1972- 18/11/1991) الى والدته:
"أمي الحنون: يا أغلى من في الوجود، لكم أتعبتك معي أيتها الحنون، لكم سهرتِ الليالي من أجلي، تنتظرين عودتي لتقرّ عينك بذلك، وأنا لم أعرف ذلك، أيتها الفاضلة، أطلب منك المسامحة لأنني اخترت هذا الدرب، درب أبي عبد الله الحسين (ع)، درب الشهداء والصدّيقين، وأرجو أن تفتخري بي لاستشهادي، وأن لا تبكي عليّ، إنما يكون البكاء على مصاب أبي عبد الله الحسين (ع)، فمصابهم والله أعظم.
أمي: ما عساي أقول وأنا الحقير الذليل أمامك، سوى أن أطلب منك المسامحة والرضا، وأوصيك بأخوتي والالتزام أكثر وأكثر، أيتها المؤمنة الصابرة".
حبيبتي أحلفك بحبي لك لا تصرخي هذه الصرخة
الشهيد علي حسن غزال (19/02/1966 – 12/02/1987) قد ناجى أمه الحنون بالآتي:
"تحية إلى أمي الحنون.
أمي: ... إني أحدثك من كل قلبي: لا تصرخي لأن فعلتك هذه تولعني، لماذا أنتِ اليوم حزينة، تصرخين وتبحثين عني... تجولين في أنحاء البيت... تحملين صورتي، لا، لا، لا يا أمي، زينب (ع) لم تصرخ عند استشهاد أخيها الحسين (ع)، لم تجلس في خيمتها، إنما أشعلت الثورة من خيمتها، ورفعت رأسها في وجه يزيد الظالم والكافر، وأنت يا أمي زينبية، حبيبتي أمي، أحلِّفك بحبكِ لي، أحلفك باسم الأرض والسماء، أحلفك بالأنبياء، أحلفك بإمامي وقائدي وسيدي سماحة الإمام السيد موسى الصدر، لا تصرخي هذه الصرخة الحزينة، بل اشكري الله الذي رزقني الشهادة، لأن الشهادة أعلى درجة ينالها الإنسان في هذه الحياة، والآن يا أمي لا أقدر أن أقول أكثر من هذا، لأنني عندما أكتب كل كلمة من هذه الكلمات، أتذكر الأيام التي مضت، والتي ستمضي عليكم، أنتِ وأخواي لا أعرف ماذا أقول لكم، وأنتم تعرفونني وتندبونني، فإن هذه هي الطريق الذي اخترتها، والتي أستشهد من أجلها".
فاطمة الزهراء (ع) تنتظرك لتبارك لك بولدك العريس
خط الشهيد علي محمود طه (02/10/1968 – 27/07/1993) في وصيته:
".....أبدأ بالكتابة إلى المرأة العظيمة والأم الحنون، صاحبة العين الساهرة، والدموع المرّة، والقلب الكبير.
إليك يا أمي أرسل سلاماً مع ملائكة الرحمن، لتحط عند بابك، وتطلب منكِ الصبر، لأن رحيل ولدك آلم تلك اليدين اللتين حملتاني، والعينين اللتين ذرفتا عليّ دموع ليالٍ طوال، فسامحيني أماه لهذا الرحيل المبكر...
رحلت يا أمي لأني اشتقت إلى الحسين (ع)، وحان اللقاء لأجلس في حضنه وأستريح من ثقل الدنيا وهمومها، فهناك يا أمي الراحة الأبدية، واطمئنان النفس، والفرحة الكبرى، فيا أماه! لا تلبسي عليّ السواد لأني عريس الجنة، ولا تذرفي الدموع لأني فَرِحٌ هناك عند الحسين (ع)، فسامحيني...
أمي: إني راحل والملتقى عند الحسين (ع)، حيث فاطمة الزهراء (ع) تنتظرك لتبارك لك بولدك العريس، حيث الفرح لي ولكم، وهناك أجركِ يا أمي عند فاطمة الزهراء (ع)، لأن ولدك شهيد، فسامحيني أمي".
لا تلبسي السواد عليّ فهذا يمزقني
الشهيد محمد توفيق ضاهر (26/02/1962- 26/11/1988):
"أمي: لقد اخترت الطريق، وطريقنا صعب وشاق، ابنك اختار سعادته، ابنك وضع الحجر الأساس لتكون لكم شفاعة عند فاطمة الزهراء(ع).
لا تبكي عليّ كثيراً، ولا تلبسي السواد، فهذا يمزقني من جديد، افرحي وقولي: إن ابني وولدي شهيد، رزقه الله الجنة، إني أعلم كم عانيتِ من أجلي،... أعلم أني ولد عاق، ولكن الله أمرنا بالسير في هذا النهج، نهج الأئمة والشهداء، وكلفة هذا النهج صعبة جداً، كلفتها دماء الشهداء، وحرمان الأم من ولدها.
سامحيني يا أمي وترضّي عليَّ، عسى أن يوفقنا الله بالوثوب إلى الجنة، أنت دعانا ورجانا، لا تحزني، أكملي الطريق، وانشدي نشيد الفرح، وليس نشيد الحزن والألم، تذكري القاسم، تذكري أبا عبد الله (ع)، تذكري الشهداء".
"كم وددت رؤيتك قبل صعود روحي إلى السماء لكن اشتياقي للامام الحسين(ع) غلبني"
كتب الشهيد محمد منيف عطوي (18/02/1984 – 30/07/2006) مودعا والدته:
"أمي الحنون: يا أول وأجمل كلمة قد رددتها، يا أجمل أم في الدنيا، يا من ربيتني على طاعة الله عزّ وجلّ، وحب أهل البيت (ع)، وحب الناس والصدق والاحترام... وعلّمتني الجهاد في سبيل الله بين يديّ أبي عبد الله الحسين ( ع)، ونيل الشهادة للالتحاق بسائر الشهداء.
أمي الحنون: كم وددتُ رؤيتك قبل صعود روحي إلى السماء، لكن اشتياقي للإمام الحسين (ع) غلبني، فأرجو منكِ المعذرة، ولا تحزني عليّ، ولا تدمع عيناكِ، بل ترحّمي عليّ، وأطلب إليكِ المسامحة، ولكن، ما أجمل تلك اللحظة التي يحضنني بها سيد الشهداء (ع)، وما أجمل أن تأتي يوم القيامة وتستقبلك السيدة الزهراء(ع) وأنتِ مرفوعة الرأس".
"قدمي المزيد من الشهداء.."
أمي... لن أحرمك ان تلبسي ثياب السواد، ولكن لمدة اقصاها سبعة ايام.. وأدعوكِ أن تقدِّمي شهيداً ثانياً وثالثاً: هو آخر طلب وجهه الشهيد نعمة عبد الرضا حب الله (17/05/1964- 17/09/1990) لصاحبة القلب الكبير:
"أنتِ يا أمي الحنون: أقف عن الكتابة حائراً، ماذا أدوّن لأمي؟ ليتني أعرف شعراً لكي أخط لكِ، أو ليتني أجيد الكتابة لأكتب لكِ، أمي: يا صاحبة القلب الكبير، يا صاحبة الدعاء الذي لا يتوقف بحفظ شباب المقاومة، والدتي: يا صاحبة القلب النابض بالحب والعطف والحنان، أتذكريني عندما كنت أكلّمك عن فاطمة الزهراء (ع)؟ أمي: والله لم أكن أخدعك أبداً بأنك سوف ترفعين رأسك عالياً عندما يقف الناس لرب العالمين، وها أنا أقول لك مرة أخرى: أمي لا تخافي ولا تحزني، كوني رافعة الرأس واعلمي بأنك ستكونين فخورة يوم القيامة عندما تواجهين فاطمة الزهراء (ع)، وتواجهين أم المصائب زينب.
أمي: سامحيني، ولا تندمي على استشهادي، وأدعوك بأن تقدّمي شهيداً ثانياً وثالثاً، لأن هذه الثورة الإسلامية المباركة بحاجة إلى شهداء ودماء كثيرة، وأنتِ يا أمي لست بحاجة بأن أذكِّرك ماذا قدّم الإمام الحسين (ع)، سيد الشهداء، قدّم جميع ما يملك، حتى أسرته ونفسه من أجل ثورته الإسلامية، ونحن يا أمي، لا نريد أن نبخل على هذه الثورة، أمي: لن أحرمك لباس السواد، ولكن لمدّة أقصاها سبعة أيام، وسامحيني وافتخري، واعتزي يا أطيب من عرفته في حياتي".
"افرحي وزغردي لي عندما يصلك خير استشهادي... إني والله أحبك كثيرا"
بهذه الكلمات ناجى الشهيد يوسف عباس ريحان (10/09/1977- 22/08/1999) أمه الحنون:
"إلى التي حملتني منذ صغري، وسهرت الليالي من أجلي، إلى التي فرحت لفرحي، وتألّمت لألمي، وأسكنتني قلبها، وفدتني بروحها، وأعطتني كلّ شيء ولم أعطها شيئاً، إلى من أوصى بها الله، إلى من الجنّة تحت أقدامها.
إلى أمي الحنون: السلام عليكِ أيتها الطاهرة. أمي: إني والله أحبكِ كثيراً، والله يعلم كم هو حبي لكِ، ولكن أعذريني فإن حبي للإسلام، وللقاء أهل البيت (ع) جعلني أختار طريق إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، فسبحان الباري عزّ وجلّ، نلت الشهادة، وإني لكنت أنتظرها مثلما ينتظر الحبيبُ حبيبه، إنما نحن باستشهادنا نمهّد له (عجّل الله تعالى فرجه) طريق الظهور...
أمي: لا تحزني عندما يصلكِ خبر استشهادي، بل افرحي وزغردي لي، لأنني نلتُ ما كنت أريد، وأنكِ سوف تفتخرين عند سيدة نساء العالمين فاطمة (ع)، لتقديمكِ شهيداً في سبيل الله.
أمي، إنني أعلم مدى لوعة الأم لفقدها ولدها، ولكن تذكّري أنه مهما قدّمنا من شهداء فليس مثل فاطمة: أبوها وزوجها وأولادها كلّهم شهداء، وتذكري زينب (ع)، ومصاب كربلاء وأم البنين وأولادها الأربعة الذين استشهدوا مع الإمام الحسين (ع)، وتذكري الحسين (ع) عندما نادى (ع): هل من ناصر ينصر دين الله؟ هل من ناصر ينصر آل بيت النبي (ع)؟ فلا ناصر له ولا معين! أمي، فنحن حسينيو هذا العصر، فلا ناصر لنا ولا معين إلاّ الله! أمي، فإذا بخلنا نحن شيعة علي (ع) بدمائنا، فمن سيكون ناصر دين الله، وناصر أهل البيت (ع)؟ وإني أكيد يا أمي بأنك إذا قارنتِ بين مصيبتك ومصيبة كربلاء فستقولين: إنني لم أقدِّم شيئاً، وستهون مصيبتك. وآخر رجائي وكلماتي لكِ ـ يا أغلى شيء كان عندي يا أمي ـ المسامحة، لأنني كنت مقصراً في حقّكِ، والدعاء لي وللمقاومة الإسلامية. وأعاهدكِ بأنني لن أدخل الجنة إلاّ وأنتِ معي إن شاء الله".