أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ثور محاصر بالألغام في حولا

الأربعاء 24 آذار , 2010 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,584 زائر

ثور محاصر بالألغام في حولا

أو أنه لا يميّز ألوان الخطر المحظور، فسار نحو أراضٍ خصبة في خراج بلدة حولا على مقربة من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وموقع العباد الصهيوني ربما إسترعت أنتباهه بينما كان يرعى مع قطيع أبقار يعود للمواطن الجنوبي علي موسى عبود ومن سوء حظ الثور أن هذه الأراضي الخضراء التي غطاها الربيع تعوم على حقل من الألغام الأرضية من مخلفات الإحتلال فداس إحداها لتنفجر ويصاب وتبتر قدمه ويتشظى جسده وتصاب معه إحدى البقرات، وما زاد الأمر سوءاً أنه فرّ بإتجاه عمق الحقل الملغم بينما فرت البقرة إلى المنطقة النظيفة حيث تم معالجتها.

ثلاثة أيام مرت على الحادثة أفقدت الثور القدرة على المسير وربما ستفقده حياته لاحقا إذا لم تمد يد الغوث اليه، حيث لم ينجح الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" الدولية من إنقاذ المخلوق الذي يئن من الجراح دون أن يشعر أحد بمعاناته.

ولأن الرزق يوازي الروح .. إنسحبت معاناة الثور على صاحبه "علي عبود" الذي ينظر الى ثوره البعيد القريب بحرقة .. فهو ملازم ثوره الذي يصارع من أجل البقاء وحيدا دون أن يستطيع تقديم الماء له ليروي ظمأه او أن يداوي جرحه الذي ما زال ينزف منذ ثلاثة أيام، ولم يخف عبود دمعته لأن هذه اللحظة عادت به الى ذكرى أحبته وفلذة أكباده الذين عانوا ما يعاني ثوره لكن ولديه فارقا الحياة على الفور أما الثالث يجلس أمام عينيه مبتور القدم لا لشيئ سوى أنه رفض أن يترك أرضه وإبنة له لا تزال إحدى الشظايا مزروعة في راسها بإنتظار عملية جراحية لا طاقة للوالد على إجرائها.

"ألانتقاد.نت " التي عاينت المشهد عن قرب إلتقت عبود الذي تحدث عن معاناته، قائلاً : "منذ ثلاثة أيام ونحن هنا .. طلبنا من الجيش وقوات الطوارئ الدولية مساعدتنا على إخراج الثور لكنهم لم يفعلوا شيء لمساعدتنا قائليين أن الوصول إليه يحتاج الى ستة أيام لست أدري إذا كانت هذه الحادثة جرت في مكان آخر كيف كانو سيتصرفون فأنا أشاهد على بعض أقنية التلفاز كيف يحضرون الطائرات لإنقاذ كلب علق في الثلج أو هرة في أحد المجارير!! هل من العدل أن أبقى أشاهد ثوري يموت أمام عيني ؟؟ ألا يكفيني موت أولادي وتهديم منزلي والآن دور رزقي الذي يعادل الروح، إن قلبي يتقطع عليه كلما قام وسقط ولا يستطيع المسير حتى أنني طلبت منهم إطلاق النار عليه وإراحتي لأنهي معاناتي ومعاناته.

ورغم طلب عبود إنهاء حياة ثوره إلا أنه لا زال يحاول إنقاذه فيناديه ببعض الألفاظ التي قد تعني له شيئ.. او إعتاد سمعاها من صاحبه .. ولكن دون جدوى .. وحتى وصل به الأمر الى إحضار إحدى أبقاره علّها تستطيع أن تسحبه من حقل الألغام عبر الحيلة أو ربما عبر خوار تطلقه ولكن دون جدوى !! كل الذي رأيناه أن الثور رمق البقرة وقد خارت قواه وبعدها أدار وجهه الى الناحية الثانية ..

أما إبن المواطن عبود الأصغر الذي رافق الثور كثيرا في رعيه وقف ينظر إليه ولا يستطيع الكلام لكن دموعه البريئة التي سالت على خديه كانت أصدق وأبلغ تعبير عمّا يعانيه من ألم تسبب به عدوه الذي لم يرحم حتى حيوان لا ناقة له ولا جمل ..

وبإنتظار معرفة مصير هذا المخلوق .. الى متى سيبقى اللبنانيون وأرزاقهم تحت نير الإحتلال الدفين في أرضنا.

Script executed in 0.21167588233948