أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

من هو ابراهيم بورغ «المستقبل» ؟!‏

الثلاثاء 12 حزيران , 2007 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 786 زائر

من هو ابراهيم بورغ «المستقبل» ؟!‏


الذين يقتبسون من العدو اسلوب «فرض الأمر الواقع»‏
لماذا لم يقتبسوا منه سياسة نقد الذات؟


مثلما ان الاسرائيليين لا يؤمنون بوجود مستحيل في «قاموس» تعاملهم مع العرب، بحيث يأملون ‏في يوم من الايام ان تتحقق امانيهم باعتراف عربي شامل بالكيان الصهيوني والتطبيع ‏العربي الكامل معهم، فان قطاعات لا يستهان بها من النخب والجماهير العربية (وبعض الانظمة ‏العربية) لا تؤمن بوجود مستحيل في قاموس صراعها مع الكيان الصهيوني - وخاصة بعد حرب ‏تموز التي تقترب ذكراها السنوية الاولى - بحيث يأملون بل ويكادون يؤمنون ان بالامكان ‏استرداد ارض فلسطينهم وكامل حقوقهم المغتصبة بما في ذلك الحق الذي كفلته قرارات الامم ‏المتحدة والقاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم، كما انهم يرفضون مقولة العجز ‏العربي عن استرداد هذه الحقوق - بحكم تقادم الزمن على ضياعها واغتصابها - ويتساءلون : ‏كيف يجيز الاستيطان الصهيوني لنفسه ان يدعي حقاً له بأرض فلسطين رغم مرور ما يقرب من ‏الفي سنة، ولا يحق للفلسطينيين ورثة الكنعانيين والآراميين الذين كانوا في فلسطين قبل وصول ‏العبرانيين اليها، ودخلوها غزوا وقسراً وابادة واستباحوا اهلها وممتلكاتها واعملوا السيف ‏بأصحابها وسكانها، وحيث يعترفون استناداً الى نصوص توراتية بأن الههم يهوه اجاز لهم قتل ‏اهلها رجالاً ونساء وشيوخا واطفالا وعدم ابقاء من عمرانها حجراً قائماً على حجر واهلاك ‏الحرث والنسل والزرع والضرع فيها. ثم يكررون المأساة نفسها بعد مئات السنين ولا يحق لمن ‏اقتلع من وطنه وارضه وممتلكاته والقي خارجها، ان «يتذكر» ارضه ووطنه رغم انه لم يمض ‏على حرمانها ما يزيد عن عقود قليلة؟
وفي قياس مع الفارق «الفلكي»، وعلى سبيل المقارنة الكاريكاتورية الساخرة فان «نغمة» ‏وضع كل الامور التي يتراءى لاطياف 14 آذار، وكأنها قد تحققت وتم الفروغ منها عبر الاتكاء على ‏القوى الخارجية والاعتقاد بأنها «منجزات هرقلية»، وان ما كانت تتمناه وتطلبه اصبح ‏وراءها ولم يعد امامها بفضل «قوة الدفع الاجنبي»، سوف تكتشف في وقت غير بعيد على الارجح - ‏بل ان بعض اطيافها بدأ يكتشفه الآن بالفعل -! وهو ان ما اقيم على باطل يظل باطلا حتى في ‏نظر اهل الباطل ومغتصبي الحقوق انفسهم! ونظرة عابرة على ما قاله وكتبه رئيس الكنيست ‏الاسرائيلي السابق ابراهيم بورغ يجسد هذه الحقيقة، التي «يتميز» بعض اليهود من ذوي ‏الرأي الجريء على البوح والاعتراف بها. بل ان قطاعات واسعة من يهود اميركا والعالم كانت ‏حتى في «عنفوان الغرور الاسرائيلي» تعتقد بأن هذا الكيان الصهيوني الذي يراد من اجله ‏فرض الهيمنة على المنطقة بأسرها واعادة تشكيلها من جديد لضمان امن هذا الكيان العنصري ‏المتوحش، هو كيان سوف يظل هشاً مهما تسنى له من اسباب القوة الغاشمة ومهما امدته القوى ‏الدولية المحابية له، بأسباب البقاء والحياة، هو آيل في النهاية الى زوال. وهذا ما لم يُقَل ‏محمود احمدي نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران، اكثر منه او يزيد عليه! علماً ان نجاد ‏يقوله من منطلق المشاركة الوجدانية للذين وقع عليهم الظلم جراء قيام هذا الكيان ‏وممارساته. اما العديد من الذين استيقظت ضمائرهم من «قوم موسى» الذين اشار اليهم ‏القرآن الذي احتوت دفّتاه آيات يصعب حصرها حول «مثالب» الممارسات اليهودية الخاطئة، ‏ولكنه أشار الى فئة استثنائية منهم اهتدت الى التمييز بين الحق والباطل كما ورد في احدى ‏الآيات: «ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون»!‏
واذا كان ديدن الغالبية الساحقة من اليهود، هو عدم السوية في السلوك تجاه غيرهم من ‏الأقوام والشعوب ولم تستطع بعض النخب «المستقيمة» و«العادلة» منهم، ان تغيّر المسار ‏العام الشاذ للغالبية الساحقة منهم، على مرّ العصور، فلقد كان من الطالع السيئ لهم ان ‏تقوم «دولة اسرائيل» على اساس القمع والغصب والمذابح. وقد فات الوقت لأن تعرض على ‏العالم صورة مضيئة لممارساتها تجاه حقوق الانسان، بقطع النظر عن بعض ممارساتها على بني ‏قومها اليهود في الداخل او في اماكن مختلفة من العالم، وخاصة المجتمعات التي رأوا ان من ‏مصلحتهم «اقناعها» بأنهم قد محضوها الولاء واصبح جزءاً عضوياً لا يتجزأ من نسيجها ‏الاجتماعي والاقتصادي، مع الاحتفاظ بالنزعة العنصرية العميقة المتأصلة والتي «يتغذون» ‏عليها، والتي يشعرون انهم اذا تخلوا عنها او فقدوها، كأنهم فقدوا «ميزة» هي وقف عليهم، ‏وهي رغم سلبيتها والوجه القبيح فيها، يعتبرونها ملاذاً لهم، لانهم يرون ان السبل الملتوية ‏واللاآخلاقية، هي التي تضمن لهم «التغلب» على مَن هو اكثر منهم قوة وعدداً وامكانات، وان ‏‏«الاخلاق» التي يمكن ان تتلخص بمرادف آخر هو الضمير، تشكل عائقاً امام وصولهم الى تحقيق ‏اهدافهم، والتي اذا تم امعان النظر في جذورها وبواعثها، لأدرك الممعن النظر، انها تنطلق ‏من منطلقات الشعور بالعجز وعدم القدرة على مضاهاة من هم اقوى منها، الا بالأساليب ‏الملتوية وغير الطبيعية، التي يتم «اعطاء اجازة طويلة الأمد» عندهم، لما يصحّ ان يطلق ‏عليه اسم «الضمير» او «الاخلاق» وهكذا خرجوا دون ان يخرجهم احد من السوية الانسانية. وهم ‏يطلبون رغم شذوذ مسلكيتهم ان يعاملهم الآخرون ليس معاملة الاسوياء المتساوين مع سائر ‏الاعراق والشعوب، بل اتخذوا لانفسهم صفة التفوق على سائر انواع البشر، عندما لقبوا ‏انفسهم بـ«شعب الله المختار» وبدأوا على هذا الاساس. وشعار «شعب الله المختار» هو بحد ذاته ‏اهانة لسائر الشعوب بحيث لو اردنا «ترجمة صريحة» له في معناه. فانه يعني ان اليهود هم ‏افضل من كل شعوب الارض بل كأنهم يقولون لكل من ليس منهم بأنك اقل منا ونحن افضل منك! ‏وقد «ربطوا» انفسهم بالله مباشرة، فهم لا يقولون انهم عبيد الله او شعب خلقه الله مثل سائر ‏المخلوقات البشرية. بل انه «شعب الله الخاص» الذي اصطفاه لنفسه» وحتى علاقاتهم العامة مع ‏سائر الشعوب اذا بدت في بعض الاحيان، وكأنها قائمة على اسس سوية ومستقيمة، ولكنها في ‏بعض منعطفات العلاقات مع سائر الخلائق، فانهم يقفزون عن طبائعهم الدينية. بل في تراثنا ‏الادبي العربي نجد شاعراً اباحياً، ولكنه كان ماهراً وموهوباً هو ابو نواس وصفهم منذ بضعة ‏عشر قرنا بما هم كانوا ولا يزالون فيه، وهو الوجه الظاهر غير الباطني حيث يسألون الساقي ‏الذي يقدم لهم الصهباء، بعد ان قرأوا على «زناره» انه ليس مسلما وانه لذلك «يبيعهم» ‏الخمر المحرم معاقرتها اسلاميا :‏
فلما حكى الزنار أن ليس مسلماً ظننا به خيراً فظن بنا شراً
فقلنا : على دين المسيح ابن مريم؟! فاعترض مزوّراً وقال لنا هُجراً
ولكن يهودي يحبك ظاهراً ويضمر في المكنون منه لنا الغدرا !‏
‏«ولعل زلزال تموز» الذي استفاق فيه الكثيرون من اليهود «غير المسكونين» بالتعصب الصهيوني ‏الاعمى، الاكثر غلواً في تعصبه اليوم من يهود ذلك الزمن، قد اتاح الفرصة «لمراجعة جزئية» ‏لمجمل السلوك اليهودي الذي لم يأتهم به الانبياء بل ابتدعوه لأنفسهم، وكانوا اذا وجدواً ‏نبياً او مصلحاً يريد ان ينهاهم عما هم فيه، او جاءهم بما لا تهوى انفسهم «فريقاً كذبوا ‏وفريقاً يقتلون» اي انهم كانوا يكذّبون ما جاء به فريق من الانبياء من تعاليم نبيلة، ‏اما اذا جاء انبياء يشعرون ان وجودهم بين ظهرانيهم، من شأنه ان يعطل ما خططوا له من ‏استباحة لكل المحرمات والمقدسات ومثل اخلاقية، فانهم كانوا يعمدون لقتلهم، لانهم من النوع ‏الذي لا يؤمن اصلاً برسالات الانبياء بل انهم من النوع «الذي اتخذ الهه هو اه» كما ورد في ‏آية قرآنية..‏
ولن نفاجأ غداً، اذا قال لنا بعض من يقرأ هذا الكلام: لقد اختلط علينا الامر عندما كنت ‏تتحدث عن السلوك الاسرائيلي القديم والسلوك الاسرائيلي المُحْدث، عما اذا كنت تعني يهود بني ‏اسرائيل ام يهود الداخل اللبناني والعربي. وهل كنت تتحدث عن سلوك بعض اطياف 14 آذار ‏التي جرّت علينا البلاء فاختلطت منها مياه نهر البارد بالدماء، ام كنت تتحدث عن «قدوتهم» ‏التي دأبوا على الافتداء بها، ليس منذ القرار 1559 فقط الذي سبق ان اعترف «قادة» العدو ‏بأنه كان من «تأليفهم وتلحينهم» بل منذ بدأوا الاقتباس من عصابات شتيرن والارغون ‏والهاغانا، ليست الفاقدة للشرعية فقط بل الفاقدة للسوية البشرية!‏
بل لعل مما يحزّ في النفس - اذا اجاز المراقب لنفسه الاستطراد في القياس بين سلوكيات قوى 14 ‏آذار - وخاصة تيار المستقبل الذي كنا نريد له ان يكون تياراً فعلياً للمستقبل - ‏وسلوكيات «المنظمات الارهابية الصهيونية» التي قامت على اساسها ومن رحمها دولة اسرائيل، ‏ان بعض من انتسب الى تلك المنظمات والتيارات الصهيونية قد قام «بمراجعة ضميرية» ‏للسلوكيات الصهيونية فانتفض على تلك الممارسات التي بات الكثيرون من الصهاينة انفسهم ‏يعتقدون بأنها ممارسات اذا استمرت واستفحلت سوف تسهم في تقصير عمر «الدولة الفاقدة ‏للشرعية» اصلاً وتقريب اجل زوالها. اما عنصرية قوى 14 آذار «الصاعدة» والتي تزداد ‏استفحالاً، فليست مستعدة لان تراجع «حرفاً» واحداً ليس من نصوص المحكمة ذات الطابع الدولي، ‏والتي اصبحت «محكمة دولية» تبحث عن «زبائن» لها، لم تتوفر بعد حيثيات ومبررات من ترشحهم ‏للمثول امامها، وهل في محاكاتها عندنا لاساليب ميليشيات الامر الواقع الصهيوني الذي فرض ‏على شعب فلسطين وعلى العرب اجمعين، لم يبرز من صفوفها من لديه الجرأة على مراجعة الاخطاء ‏الكارثية التي ارتكبت والتي بعضها من «الكبائر» الذي يصر عليها مرتكبوها، ورغم ان ‏التقاطع بين بعض «مسعوري» قوى 14 آذار مع طروحات الكيان العنصري من حيث «العدو ‏المشترك» الواحد وهو: المقاومة وسوريا وايران، فاننا لا نريد ان نقطع الامل بخروج هذه ‏‏«القوى» من المستنقع الوبيل الذي القت نفسها فيه وان كان الامل بالعودة الى جادة ‏الصواب بات امراً سرابياً بحيث ينطبق عليها القول: «في الصيف.. (تموز الماضي) ضيعت اللبن» ‏اما اذا كانت تراوح في مواقفها بانتظار «تموز آخر»، فانها تكون كالباحث عن حتفه بظلفه، ‏ونحن نريد لها السلامة والعافية!.. عبر «توبة نصوح» عن ارتكابها الذنوب بحق نفسها قبل ‏ارتكابها بحق الوطن.. اما اذا كانت يائسة من قبول توبتها فاننا نقول لها ما قاله احد ‏الاولياء عندما سئل عن يأس «فلان» من قبول توبته: «والله ان يأسه من الغفران لأشد اغضابا ‏لله من ارتكابه للذنوب العظام»!‏ 

Script executed in 0.19849109649658