أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

خلاف على حفر القبور في زوطر

الخميس 01 تموز , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 6,040 زائر

خلاف على حفر القبور في زوطر
تعيش زوطر الشرقية نقاشاً قد لا يخطر بالبال. انقسمت البلدة التي تقع في قضاء النبطية إلى فريقين: البعض مع حفر القبور وتجهيزها لمن يحل اجله، من جهة، وآخرون ضد تجهيز القبور باعتباره نذير شؤم على الأحياء، من جهة أخرى.
يدور النقاش في زوطر على خلفية قيام لجنة الوقف فيها بحفر ما يقارب الأربعين قبرا في جبانة البلدة بعدما تحولت مراسم الوفاة إلى مصدر استغلال في كثير من الأحيان. ويعمد العاملون في هذا «القطاع» إلى الاستفادة من الوضع النفسي لأهل الفقيد وطلب مبالغ مرتفعة لقاء القيام بحفر قبر للمتوفى، خلافاً لما كان يحصل قبلاً، حيث كانت أعمال غسل أو تكفين أو دفن الميت كما حفر قبره، تقام لوجه الله تعالى، ومن دون أي مقابل مادي، وخصوصاً في الضيع والأرياف.
وعليه بادرت لجنة الوقف في زوطر الشرقية إلى حفر ثمانية وثلاثين قبرا بطريقة آلية «بوكلين» وتجهيزها لأي حوادث وفاة طارئة. واستعر النقاش في البلدة ما بين مع وضد إثر تفاجؤ الأهالي بوفاة شابين من أبنائها في يومين متتاليين هما حسن محمد سليمان (24 عاما) الذي قضى بحادث سير على طريق نهر قعقعية الجسر وحرب علي حرب (42 عاما) الذي قضى بقنبلة عنقودية على ضفاف نهر البلدة. وأثارت وفاة سليمان وحرب موجة من الاستنكار لدى بعض الأهالي فعمدوا، وبمساعدة بعض الشبان، إلى تسكير القبور المفتوحة بحجارة «البيتون» (اللِّبن) والرمل، باعتبارها مدعاة للشؤم عند أهل الضيعة. ويؤكد العديد من المشاركين في إغلاق القبور المفتوحة أن «الجبانة لمن بتفتح ما بتتسكر بسهولة، فكيف إذا نحنا فتحنا القبور وجهزناها لملك الموت».
الحادثة تعتبر سابقة من نوعها وفق أهل البلدة، حيث أن الراحلين سليمان وحرب يقطنان بقرب المقبرة وهما «جيران»، وبالتالي فـ«يجب إغلاق نذير الشؤم الذي فتحته لجنة الوقف فورا».
في المقابل يرد الحاج حسن شمس الدين، من لجنة الوقف، الخطوة التي قاموا بها إلى نية اللجنة وسعيها «لمساعدة الناس في أوقاتهم الصعبة وتخفيف التكاليف عنهم من خلال تقديم القبر محفورا وجاهزا ومن دون مقابل مادي لأي كان من أبناء البلدة أو من خارجها»، معتبراً أن «ما يشاع في البلدة عن علاقة فتح القبور بحالات الموت التي حدثت ليس له علاقة شرعية بالدين». ويشير شمس الدين إلى أنه وعلى «عكس ذلك، فإنه من الاستحباب أن يفتح القبر للإنسان في دلالة على جهوزيته للموت في أي وقت كان».
ومن الجهة الدينية للمسألة، لا يوجد في الدين موقف محدد مؤيد أو معارض لفتح القبور، ولا تتطرق للموضوع آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، إلاّ من باب حفر الشخص لقبره بيده، وهذا أمر شخصي ولا يعني إنشاء القبور الجماعية.
ويشير الشيخ موسى زين الدين إلى «أن الشرع لا يربط حالات الوفاة بموضوع فتح القبور، لأن لكل إنسان أجلا محتوما، ولكن يمكن «إثارة مسألة الاستخفاف بأوضاع الميت من خلال إلغاء العديد من مراسم الوفاة أولا، وتقليص إحياء ذكراه لتصبح إقامة التشييع تليها ذكرى واحدة له فقط، في الوقت الذي كانت تقام فيه ذكرى «الثالث» (مرور ثلاثة أيام على الوفاة)، والأسبوع، والأربعين عن روح الفقيد، والآن أصبح حفر القبور عن طريق «الحفارات»، ومن دون بذل أي تعب تجاه الميت ما يغلف الموت بطابع رخيص في أيامنا، ويقلل من وقعه».
ربما تدخلت العادات الاجتماعية والتقاليد في صياغة الموقف من حفر القبور وتجهيزها في ذهنية الأهالي واعتبارهم للخطوة نذير سوء وشؤم، في الوقت الذي يرى البعض أن المشهد في مقبرة بلدة زوطر الشرقية يذكر بالمقابر الجماعية التي حفرتها المجازر الإسرائيلية، وخصوصا قانا، كما انه يترك انطباعا حزيناً في قلوب جيران الجبانة والعابرين على حد سواء.
مايا ياغي

Script executed in 0.18263578414917