أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عيترون: أرض خصبة للعمل التعاوني

الجمعة 09 تموز , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 12,757 زائر

عيترون: أرض خصبة للعمل التعاوني

في عيترون، تمثّل المساحات المزوعة أكثر من 7500 دونم من أصل 13000 دونم هي المساحة الإجمالية لبلدة 60% من أهلها مزارعون، بينما تحتضن أكثر من 70 مربياً للماشية. معطيات أدّى اجتماعها إلى ازدهار العمل التعاوني

تحتضن بلدة عيترون الجنوبية تعاونيات عدة، أنشئت الواحدة تلو الأخرى. كانت البداية مع «جمعية عيترون التعاونية للإنتاج الزراعي والحيواني»، عام 1986، وهي التعاونية الأولى التي سعت لتأمين عناصر ومستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني وتربية الدواجن. تلاها خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي تأسيس «الجمعية التعاونية الزراعية العامة في عيترون» التي حافظت حتى اليوم على نشاطها في مجالات توزيع النصوب والشتول والأدوية الزراعية على المزارعين. أما بعد التحرير، في صيف 2001، فقد تأسست «الجمعية التعاونية لزراعة وتصنيع الأعشاب العطرية والطبية في عين إبل وعيترون وحانين» بهدف النهوض مجدداً بقطاع الزراعة بعد زوال الاحتلال. في هذا السياق، تُعَدّ «الجمعية التعاونية للإنتاج والتسويق الزراعي والحرفي في عيترون» الولادة الرابعة للجمعيات التي تعنى بالنشاط الزراعي في البلدة، غذّى تضافر بعض الظروف المحيطة نموّها.
بدأت الجمعية خطواتها العملية بموجب القرار الرقم 217/2ت بتاريخ 18/12/2008، إثر دورة تدريبية أقامتها جمعية الشبان المسيحيين في البلدة، اتسعت دائرتها من الأشغال اليدوية إلى التصنيع الغذائي. تزامنت هذه الدورات مع رعاية البلدية عدداً من المشاريع تموّلها منظمة «Ucodep» الإيطالية، من ضمنها مشروع افتتاح معمل لإنتاج الألبان والأجبان. بعدما حاز الأعضاء التدريبات اللازمة، أُوكلت إدارة المعمل لجمعيتهم. كان التحدي الأول هو إعادة تفعيل قطاع المواشي بعدما كان مربوها قد استغنوا عن جزء كبير من قطعانهم بسبب تردي تسويق الحليب. مع تفعيل المعمل، عاد قطاع الإنتاج الحيواني للحياة، إلى أن بلغ متوسط عدد الأبقار الحالي للمزارع الواحد حوالى عشر أبقار.
وتشتهر بلدة عيترون منذ القدم بإنتاجها الحيواني، وخصوصاً الحليب واللبن، الذي كانت مدينة بنت جبيل تتلقفه بوصفها السوق الأول لتصريف الإنتاج. كان التسويق تقليدياً، حيث يوضع الحليب أو اللبن في «طناجر» كبيرة ويباع «بالكيلة» أو ما يسمى «جبلية»، إلى أن افتُتح المعمل، الذي أصبح ينتج أنواعاً مختلفة من الأجبان والألبان، فتطوّرت آلية التوضيب والتسويق لتشمل جميع أسواق الجنوب، وتحديداً القرى المجاورة كعيناتا، بليدا، مارون الراس، رميش، عيتا الشعب، وبنت جبيل طبعاً، وصولاً إلى العاصمة بيروت.
بدأ المعمل نشاطه بإنتاج 300 كيلوغرام من الحليب يومياً، ليصل إنتاجه حالياً إلى ما يقارب 1400 كيلوغرام في اليوم. يعود هذا الارتفاع في كميات الإنتاج إلى العنصر البشري، حيث تعمل 14 سيدة في الجمعية، وإلى إدارة جيدة للتكاليف، وإشراف جيد على نوعية الألبان التي لا يدخل تصنيعها أي من المركبات الصناعية، بينما تراقبه المهندسة جيزيل خوري من خلال فحص العينات اليومية ووضع ملاحظات حول نقاط الضعف والتطوير ومواكبة الأنواع الجديدة المنتجة في الأسواق. فالتحدي كبير، وخصوصاً في ظل وجود ثلاثة معامل تعنى بإنتاج الألبان والأجبان في الجنوب، إلا أن «الإنتاج ما زال يتميز بطابع التصنيع الريفي البلدي لعيترون، مع وجود الآلات والمكننة من حيث طرق الحفظ والتخزين، ما يحافظ على جودته» كما يقول إبراهيم السيد، أمين سر الجمعية. وبما أن الهدف الأول من المشروع كان تمكين مربّي المواشي في عيترون من البقاء في أرضهم والاستمرار في مهنتهم، فقد رافق مشروع الألبان والأجبان مشروع آخر، رعته البلدية، وهو معمل لإنتاج الأعلاف وتوزيعها على المزارعين، ما يفتح الباب أمام استغلال مخلّفات القطاع الحيواني، بالإضافة إلى مركز للخدمات البيطرية التي تهتم بصحة الأبقار، ما أتاح للبلدية وللجمعية فتح الباب لأكثر من خمسين عاملاً ومستفيداً من المشروعين وأعاد لمربّي الأبقار حيوية قطاعهم.
في المقابل، تواجه استمرارية المعمل العديد من التحديات، كما يشرح مديره زياد فقيه، بدءاً من ارتفاع أسعار المحروقات وانقطاع الكهرباء المستمر في الجنوب، ما يزيد من التكاليف التي هي مرتفعة أصلاً بسبب عدم استعمال مواد حافظة في المنتجات، ما يتطلّب تصريفاً سريعاً وتبريداً دائماً، إضافة إلى تحديات أخرى تفرض نفسها على الجمعية، يلخّصها رئيسها، المهندس حسن حمد، بـ«عدم وجود مركز للجمعية وعدم وجود معدات وتجهيزات تساعد الأعضاء في توسيع نطاق عملهم إلى تصنيع المونة البلدية وحتى المصنوعات الحرفية بطريقة حديثة، وخصوصاً أن التسويق خارج المنطقة يقتصر على المشاركة في معارض قليلة تقام في صور وصيدا ومعرض «أرضي» السنوي في بيروت».

 

لإعداد الجبن في معمل عيترون، تبدأ السيدة وفاء إبراهيم بالتأكد من سلامة الحليب الطازج، الذي يُحفظ قبل إعداده لمدة لا تتعدى الأربع وعشرين ساعة في محيط تتراوح درجة حرارته من درجتين إلى خمس درجات «سلسيوس». المرحلة الثانية تكون مع فحص الكحول، للتأكد من عدم وجود البروتينات على شكل حبوب ظاهرة على أطراف أنبوب الفحص. فإذا لم تظهر هذ الحبوب، يعني ذلك أن الحليب قد أصبح جاهزاً لإعداده جبناً. أما إذا كانت النتيجة إيجابية، فيجب عدم استعمال الحليب لأن نسبة الكحول فيه تكون متدنية. بعد هذا الفحص، يأتي فحص الحموضة، التي يجب أن تفوق نسبتها العشرين في المئة ليكون الحليب صالحاً لصناعة الجبن العكاوي، أما في ما يخص نسبة البروتينات والدسم المطلوبة، فلا يجري أي تعديل على النسبة الموجودة في الحليب الطازج في المعمل ولا تستعمل أي من أنواع الحليب البودرة أو أي مواد صلبة أخرى لزيادة النسب المطلوبة.
المرحلة الثالثة تبدأ مع عملية البسترة، حيث تسخّن السيدة، بمساعدة زميلاتها، الحليب حتى تصل درجة حرارته إلى اثنتين وسبعين درجة مئوية. بعد مرور عشرين ثانية تُفتح المياه الباردة على «الحلة» وهي محكمة الإغلاق، وتظلّ تتدفق حتى تصل درجة حرارته إلى تسع وثلاثين درجة مئوية، بعدها تضاف المجبنة (وهي عبارة عن بودرة تشبه الملح الناعم) بعد إذابتها بمياه مقطرة، إلى الحليب وتترك لمدة ساعة ونصف ساعة أو أربعين دقيقة تحددها السيدة من خلال فحص الحليب بملعقة تقيس من خلالها شدة تجمده. بعد هذه المرحلة، يطفو مصل الجبنة إلى أعلى وترسو في أسفل «الحلة» الجبنة التي تشبه اللبنة في تلك المرحلة. بعدها، توضع في قوالب خاصة حسب الأصناف التي يراد تصنيعها من جبنة بلدية أو عكاوي أو حلوم أو دوبل كريم.
بعد تركها لمدة نهار كامل، تُقطَّع الجبنة البلدية قطعاً كبيرة من دون كبسها في المكبس، أما «العكاوي»، فتُلف بقطع قماش وتكبس بالمكبس حتى اليوم التالي، حيث تُنقع بالمياه والملح. جبنة الحلوم تُلف بالقماش أيضاً وتوضع بالمكبس فقط لنصف ساعة تُقطَّع بعدها وتُسلَق وتنقع بالمياه والملح. جبنة الدوبل كريم تُصنَع من مصل الجبنة وتُسخَّن، مع إضافة الملح إليها، على درجة حرارة تصل لخمس وستين درجة مئوية. بعدها، يضاف إليها حامض الليمون وتُترَك لعشر دقائق ثم تُلفّ بالقماش وتوضع في المكبس لمدة نصف ساعة، قبل أن تُنقَع بالماء والملح في اليوم التالي لساعتين تصبح بعد ذلك جاهزة.
في النهاية، توضع جميع هذه الأصناف في أكياس «الفاكييوم»، في جو مبرَّد تبلغ حرارته من اثنتين إلى خمس درجات مئوية، ما يمنحها صلاحية استهلاك تدوم ثلاثة أسابيع.
مايا...

Script executed in 0.16560697555542