بسم الله الرحمن الرحيم
(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار) (النور: 37).
محل وتاريخ الولادة: ميفدون 1978
الوضع العائلي: عازب.
محل وتاريخ الاستشهاد: بنت جبيل 13 تموز 2006.
هشام محمد بزي ، الشاب الذي تنطق تقاسيم وجهه بالطيبة والسكينة، لكنها لا تلين أمام مواقف التحدي..من يعرفه في حياته المدنية، يدرك تماماً ان هشام بايمانه و بالله وعشقه للرسول و آل بيته عليهم السلام يمكنه الوصول للشهادة ، أو ليس هو من أتقن تعلم الدين وتفقه به من حين التزامه الى حين استشهاده.
هناك قرب مسجد الامام الحسين (ع) في حارة "الجماعنة" رسم هشام الشهيد آخر محطات عمره في لحظة اختصرت زمن الأمة.. في يوم الثالث عشر من تموز 2006 استأذن الشهيد هشام قائده الجهادي بعد ان اعد العدة للمواجهة ، استاذنه من اجل ان يؤدي صلاة المغرب في المسجد ، كانت يومها البداية الاولى لهزيمة الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان.. يومها ضرب هشام الموعد الاول مع الشهادة وكان اول الشهداء الواصلين للقاء الله من شهداء مدينة بنت جبيل بعد ان ادى الصلاة فكتبت له الشهادة بعد ان استهدفته الطائرات الاسرائيلية وهو يسلك طريق العودة الى نقطته الجهادية ، فكتب من الذين دافعوا واستشهدوا من اجل كرامة الامة.
لم يكن مكان استشهاد هشام بعيداً عن منزله ، فبضعة امتار تفصل هشام عن المنزل و المسجد الذي يقع بجوار منزله ايضا، المسجد الذي لطالما تردد اليه لحضور الدروس الدينية و تأدية صلاة الجماعة الى ان اصبح في صفوف الشبان المجاهدين وبدأ يوفق بين العمل العسكري في المقاومة الاسلامية وحضوره المتزايد في المسجد.. بعد ان اصبح خياره واضحاً تماماً في السلوك بهذا الخط ، الى ان اصبح يلتحق بالعديد من الدورات العسكرية و التخصصية، فكان مشاركاً دون تردد في المرابطة و ساعات الحرس على الجبهة الامامية.
تحدثنا والدة الشهيد هشام بزي الحاجة ام قاسم بدموعها وتسرد عن مزايا الشهيد " كان هشام ينتظر بفارغ الصبر أن يلتحق بصفوف المجاهدين.. وما إن تحقق حلمه، حتى حمل بداخله مسؤولية هذا الشرف العظيم، فكان يلتفت إلى أصغر الأمور في شؤونه الدينية، وفي تعاطيه مع أهله والناس من حوله وكان من المبادرين لمساعدة اصدقائه وكل من يقصده ، وكان مبادراً في حمل الهمّ والتفكير في كيفية تأمين راحة العائلة. ولما ضاقت به السبل، ترك دراسته ليمتهن مهنة الكندرجي حتى انتقل الى مهنة البناء ، لطالما استيقظ باكراً و حمل " زوادته " و ووزرته " وشق طريقه إلى الورش ليؤمن مستقبله . و تضيف الحاجة ام قاسم " من خلال عمله في بناء المنازل ، كان لا يكاد يسمع عن أحد من اصدقائه الغير ميسورين يبني منزلاً حتى كان يقدم له المساعدة.. و تضيف الحاجة ام قاسم " هشام صاحب الوجه الضحوك وابو الواجبات، كان إذا توفى الله أحد أبناء البلدة، كان المشارك الاول في تشييعه و كان اذا طلب منه ان يسهر بالقرب من مثوى المتوفى في الليلة الأولى لتلاوة القرآن الكريم عن روحه حتى طلوع الصبح كان لا يتردد في ذلك..
وهنا يروي لنا ايضاًَ احد اصدقاء الشهيد الذي عايشه لسنوات طويلة : "هشام صاحب الوجه المشرق كالشمس، كان يعبر في أزقة البلدة و هو يلقي السلام على الناس من دون أن تفارق البسمة وجهه .. كان قبل استشهاده بفترة قصيرة يشعر بأن رحيله عن هذه الدنيا قريب جداً ، وتميز بحماسة غريبة على الصعيد الجهادي والديني و يمكنني ان اوصفه بانه من الشباب المؤمن و الملتزم فعلاً وكثيراً من الاوقات كان يردد احاديث الائمة (ع) التي اتقن حفظها.و ذكرها اينما وجد ".
اذا، هاجر هشام إلى حيث تستكين الروح .. الى هناك حيث من عشق و احب .. ذهب الى السماء و قد كتب بدمه الطاهر بعض من احاديث لطالما رددها " اهربوا من الدنيا و اصرفوا قلوبكم عنها فإنها سجن المؤمن حظه منها قليل و عقله بها عليل و ناظره فيها كليل " .