أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

شباب كفرصير يستعيدون تراثها و«طبخها» التقليدي.. ويسهرون حتى الصباح

الثلاثاء 20 تموز , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 11,658 زائر

شباب كفرصير يستعيدون تراثها و«طبخها» التقليدي.. ويسهرون حتى الصباح
ازدحمت الساحة العامة والطرق الفرعية بأهلها وجيرانها من الضيع المجاورة، وعرفت المدرسة الرسمية حشوداً كبيرة جمعتهم الفرحة والعودة إلى الجذور.
يعرض كمونة البندورة وبقلة الكوسا في المهرجان (مايا ياغي)

بدأت الفكرة مع مجموعة من شباب الضيعة أرادوا إدخال أجواء التسلية والفرح إلى ضيعتهم من خلال القيام بنشاط يجمع أهل البلدة ويلفت أنظار المغتربين من أبنائها للعودة إليها ولو في أيام الصيف. وبعد مداولات عديدة حسم الشباب أمرهم بـ«أن النشاط يجب أن يكون تراثياً شعبياً من دون تكليفات رسمية وهكذا انطلقت الفكرة». في السنة الأولى تجمع حوالى خمسين شابا وصبية واتفقوا على تحديد يوم يقام فيه عشاء قروي لأهل البلدة في الساحة العامة وعلى أن يتولى كل شاب بمساعدة عائلته، أمه أو جدته، بإعداد «أكلة» تراثية قديمة، وتمدّ الموائد في الساحة العامة للضيعة. ولفتت الخطوة أنظار المهتمين من الجمعيات الأهلية (وخصوصاً الأجنبية) وبالدرجة الأولى البلدية، التي تبنت الفكرة وانطلق الشباب للعام الثاني مع دعم مالي أكبر، فزادوا عدد الأطباق القديمة ووضعوا الصاج و«فرنية» لإعداد المشاطيح وأدخلوا معرضاً للمؤنة البلدية. وتميز مهرجان هذا العام باللباس القروي الذي لبسه الكبير والصغير من «شروال» وطربوش إضافة الى الموائد المتصلة والعامرة بالأكل القروي: «لبنية الكوسى، كبة حيلة بالشراب، مغمور، مجدرة حمرا، كمونة بندورة، بقلة بندورة، بطاطا مقلوبة، كبة عدس، بقلة كوسى، مدردرة، بقلة حمص، وبعض الحلويات القديمة كالزلابيا، إلبا، ورز بحليب، مهلبية وهندية وأصناف أخرى.
افتتح المهرجان بحضور حشد من الشخصيات الاجتماعية والثقافية من رؤساء بلديات وأندية بالإضافة إلى الحشود الكبيرة من الناس. وبدأت حفلات الزجل في ساحة المدرسة واستمرت حتى وقت متأخر من الليل. أما اليوم الثاني فكان الأبرز. عقد قران أمين قميحة على فاطمة رعد، وعلي الخنسا على تهاني الخنسا، ومحمد قميحة على زهراء منتش في إطار العرس القروي.
يقول محمد قميحة إن الشعور بالانتماء للوطن ولضيعته تحديداً هو الذي جعل من فكرة العرس تغريه للمشاركة «عرفت عبر الإنترنت بالمهرجان وتواصلت مع أهلي، وهكذا أحببت أن أعيد بعضاً من العادات والتقاليد القديمة إلى حياتنا». يصف محمد كيف استطاع أن يحمل العمدة في وسط الساحة وهذا شأن العريس، وكيف قام المختار وأهل البلد بالتصفيق مع بعض الرديات الشعبية، ومن ثم يقوم المختار بأخذ العروس من والدها وتقديمها له». أكثر ما أعجب أمين قميحة في عرسه الزي التراثي للعريس «وهذا ما لم يكن متوقعاً، فعلاً الأجواء كانت أكثر من رائعة فالبساطة والتراث وهذه الطيبة والأصالة.. من الجميل أن يعود الناس اليها».
تحمل إيمان ريحان، من المنظمين للمهرجان، كاميرتها, تفتش بين الوجوه وتلتقط الصور، وتحاول أن لا تنسى أحداً من أهالي البلدة «المغتربين وأهل البلد يفرحون بهذه الصور التي أضعها على الموقع الخاص لكفرصير».
علي شعيب من جهته، يتذوق صحن «كبة الحيلة» ويهز رأسه دلالة على المذاق الجيد مؤكداً أن» الأكل الجاهز أصبح كله كالماء البارد لا طعم له، شوية بهارات بتشبه بعضها». أما حسين الشامي فينشغل في تقديم الأنواع المختلفة من الحلويات التي أعدّها للناس، خصوصاً الهندية «هذا الطبق من الحلويات الذي أصبــحت نادرة في أيامنا، حتى محل الحــلويات لا يقوم بإعداده وهو عبارة عن سكر ونشاء وماء الزهر وماء مع بعض الفستق الأخضر وجوز الهند وبرش المربى الأحمر. وعبر ألوان الهندية رسم علم لبنان على الصواني التي أعدّها.
ويثني فايز دغمان، من رجال كفرصير الذين عايشوا الأكل التراثي القديم، على أهمية النشاط في إعادة الأجواء التقليدية إلى الضيعة والتي غابت عنها فترة من الزمن، مفتخراً بالوعي الثقافي عند هؤلاء الشباب بالعودة للتراث والجذور.
اختتم اليوم الثالث للمهرجان بمسرحية لمجموعة هواة من البلدة أرادوا تقديم فكرة تقارب ما بين الحياة القديمة والحالية وترجيحاً لـ«العيشة» القديمة في نهاية المسرحية كتبها وأخرجها حسين إسماعيل. كما قدّم الفنان المسرحي منير كسرواني مع الشابة اليسار نافع من قسم الإخراج في الجامعة اللبنانية مسرحية فكاهية تحاكي الحياة في كفرصير، فارتفعت الضحكات والتصفيق إلى منتصف الليل مع دبكة ختامية عقدها الفنان كسرواني في ملعب المدرسة.
مايا ياغي

Script executed in 0.1906750202179