أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عيتا الشعب: الإسرائيلي يدمر قلبها.. و«ملف الاعمار» يسيء إلى علاقاتها الاجتماعية

الأربعاء 18 آب , 2010 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,467 زائر

عيتا الشعب: الإسرائيلي يدمر قلبها.. و«ملف الاعمار» يسيء إلى علاقاتها الاجتماعية
الداخل إلى عيتا الشعب بعد أربع سنوات على عدوان تموز، لن يعرف منها إلا شوارعها التي ما زالت تقود إلى الحواري نفسها. فللمنازل قصة مختلفة تماماً. «لا هي تشبه عيتا ولا ناس عيتا». عمارات بطبقات عدة حلت مكان البيوت الوادعة التي كانت تتناثر بين جنبات القرية التي سميت «قلعة الصمود»، لاستبسال أهلها من المقاومين في الدفاع عنها من اول ايام الحرب، وحتى آخر يوم فيها.
نفضت البلدة الغبار عنها ووقفت أبنيتها ترحب بالضيوف قبل أهل البيت. بعد أربع سنوات، ما زالت بعض البيوت المدمرة شاهدة على الحرب الإسرائيلية التي «مرت من هنا». التوضيح يأتيك سريعاًَ: معظم أصحابها قرروا البناء في أماكن أخرى عند أطراف البلدة.
الأستاذ الثانوي محمد سرور هو أحد هؤلاء. بنى منزلاً جديدا عند أحد أطراف البلدة مراعاة للعائلة الكبيرة، ولكنه يعاني منذ انتقل إليه من شعور بالانسلاخ عن ذكرياته، و.. حياته. لا يشعر أنه ينتمي إلى المكان الجديد.
ما الحل؟ يذهب سرور يومياً إلى بيته القديم يغسل حجارته ليشتم رحيق الذكريات التي تعبق بين ثناياها. بعدها، يعود إلى منزله الجديد، ويحاول بناء علاقة معه.
الأصابع تشير بفخر، ومن دون سؤال حتى، إلى واد يفصل البلدة عن فلسطين المحتلة: هذه خلة وردة، ويردد كثيرون «هنا تم أسر الجنديين الإسرائيليين». والأصابع نفسها تمتد إلى تلة مقابلة، مشيرة «هنا قصفت المقاومة الدبابة الإسرائيلية، في بداية الحرب».
ما زالت أصداء الحرب موجودة في كل بيت في عيتا. لكل فرد حكاياته وذكرياته التي لا تنضب عن تفاصيل لا يمكن أن تسمعها إلا ممن امتزجت يومياتهم بحرب استمرت ثلاثة وثلاثين يوما.
خلال الجلسات المسائية التي تكثر في نهاية الأسبوع، حيث ينتقل إلى القرية بعض أبنائها ممن يقطنون خارجها، تتكرر ثلاثة مواضيع دائماً: يوميات حرب تموز وبطولات أبناء القرية من مقاومين ومدنيين، يليها الكلام عن التطورات الأخيرة لملف إعمار القرية والتعويضات، وصولا إلى الحديث عن نبتة التبغ التي يصفها علي سرور بأنها «نبتة البؤس».
عادت البلدة القديمة إلى استقبال قاطنيها ولكنها لم تستطع استرجاع بيوتها العتيقة التي هدمها الإسرائيليون أو جرفوها بالكامل. لم تعد الحارة القديمة اسماً على مسمى، حاول البعض بمبادرات فردية إعادة الروح لبيوتها الحجرية، بعدما اصطدمت مبادرة جمعية «صامدون» بالكثير من العقبات التي حالت دون إتمام مشروعها بإعادة إعمار البيوت وفق حلتها القديمة. معظم من تحمس لإحياء تاريخ المكان الذي ترعرع وكبر فيه، عاد وتراجع وانغمس في ورشة بناء بمواصفات حديثة.
يكاد موسى سرور يكون الوحيد الذي أصر على استكمال ما بدأه في إعادة إحياء منزله القديم. بعد انتهاء الحرب لملم ما استطاع من أحجار داره، ثم راح يبحث عن حجارة قديمة بين البيوت المتهالكة هنا وهناك. ونجح بإعادة منزله كما كان. حتى «البايكة» التي كانت تخصص للماشية أعادها إلى مكانها داخل البيت. عندما دخلت أمه عليه، بعد إعادة إعمار المنزل، فرحت كثيراً بعودة المكان الذي تعرفه. التفتت حولها باحثة عن البئر الذي طالما شربت منه، فوجدته في مكانه أيضاً. فرحت لأن الحرب لم تستطع وأد ذكريات المكان الذي تعرفه منذ خمسين عاماً.
كانت أم موسى ترتاح بالقرب من منزلها عندما بدأت المعركة. وكان أحد المقاومين إلى جانبها يرمي القذائف باتجاه الاسرائيليين. نظرت اليه وسألته: هل أجلب لك الشاي؟ فوافقـــــها، وأكمل مهمته. المقـــاوم استشهد في وقت لاحق، أما السيدة فقد توفيت قبل فترة قصيرة.
هو نهج زاد تجذراً بعد الحرب. و حيثما كنت، تسمع الأهالي يرددون أن «المقاومة تاج عزتنا»، إلا أنها عبارة تسبق «ولكن» كبيرة، يليها ما مفاده أنه على «حزب الله» ألف اعتراض واعتراض، ومعظمه متّصل بإدارة ملف التعويضات.
شاي وتبغ
الحديث عن حرب تموز، يستدعي عشرات الأكواب من الشاي ودهراً من الزمن، فالكلام عنها يمكن أن يتشعب إلى ما لا نهاية. هو العرف يلازم كل جلسات السمر. رفيقان ثابتان لا يفارقان هذه الجلسات: أباريق الشاي ولفافات التبغ.
منذ حرب تموز، صار حسن اسماعيل المعروف بأبي رعد معتاداً على استقبال وسائل الاعلام. بات يتقن اللعبة الاعلامية، ويعرف ما يهم الاعلام وما لا يهمه. يردد أسماء إعلاميين وناشطين أجانب صاروا أصدقاؤه، بعدما قضوا أياما طويلة في أعقاب الحرب يساعدون الأهالي في لملمة جراحهم وإزالة آثار المعركة.
«أنا عمري 50 سنة. 46 سنة كوم والاربع سنين الأخيرة كوم تاني»،. هكذا يدلل اسماعيل على حجم التغيير الذي لحق بالقرية بعد حرب تموز. الحرب كانت قاسية على أبناء البلدة فلم يبق فيها إلا عشرات المقاومين وعدد من المدنيين أصروا على الدفاع عن بلدتهم وأرزاقهم.
معظم أبناء القرية انتقلوا إلى جارتهم رميش، ذات الغالبية المسيحية. لدور رميش وأبنائها في الحرب نصيب من أحاديث أبناء البلدة المقاومة. أبو رعد متأكد أنه لو حصل العكس ولجأ أهل رميش إلى عيتا «لما كنا عاملناهم بأحسن مما عاملونا هم»، مؤكدا أنهم كانوا أحد أهم أسباب الصمود، فالكل فتح أبواب بيته أمام النازحين من البلدة المنكوبة، كما مدرسة البلدة. لم تمض أيام قليلة حتى نفدت المواد التموينية، فتشارك أهل القريتين الجوع أحياناً وأحياناً المساعدات التي كان يحضرها الصليب الأحمر.
سنبقى نبني
بالرغم من أن نحو ثمانين بالمئة من بيوت عيتا الشعب قد تهدمت أو تصدعت، إلا أن لأبي رعد قصته المختلفة من الشقاء. فبعدما تهجر من بلدته قبل نحو عشرين عاماً، عاد بعد التحرير في العام ألفين، وباع أرضاً ثم بنى منزل أحلامه. انتقل اسماعيل إلى منزله الجديد قبل عام من حرب تموز. تهدم المنزل، ثم أعاد بناءه، وقد مرت سنة حتى الآن على انتقاله إلى منزله الجديد. لا يعني ذلك أنه كان بعيداً عن منزله في السنوات الثلاث التي تلت الحرب. فقد نصب خيمة إلى جانبه، بقي فيها حتى انتهى من إعماره. ولا يعني ذلك أيضا أنه ليس مستعداً لإعادة إعماره مرة ثالثة، إذا تكررت الحرب التي يكثر الحديث عنها هذه الأيام.
«سنبقى نبني ونبني ولن نستسلم أو نترك أرضنا». التمسك بالارض يقود إلى لحظة توقف إطلاق النار. سمع النازحون إلى رميش أن الموعد سيكون عند الثامنة صباحاً من يوم 14 آب. تحضروا للانطلاق بمسيرة العودة. وبالفعل وصلوا إلى البلدة قبل أن يخرج الإسرائيليون منها حتى. عادوا إلى أرضهم وتلمسوا ما بقي طرق تقودهم إلى بيوت ما عادوا يعرفون أمكنتها من شدة الدمار وما أنتجه من تغيير في معالم القرية.
أنت الآتي من حيث لا نار ولا دمار يمكنك أن ترى إرادة الصمود بأم العين. هي ليست شعارات هنا. هي واقع ملموس في عيتا وأخواتها من القرى الجنوبية. خير من يعبر عن ذلك الواقع من قال «تقوم القيامة والعمّار واقف على الحائط».
يؤكد رئيس البلدية علي سرور أن العزيمة هي من أهم أسباب الانتصار. ثم يضيف: «تأكد أنه لو هجرنا من قريتنا عشرات المرات فسنعود إليها دائماً. وهذا الموضوع لا يدخل اليأس إلى النفوس بل على العكس يزيدنا إصراراً على التشبث بأرضنا، حتى لو حصلت حرب أكبر».
غضب الأهالي
لكن في عيتا الشعب يشعر الأهالي بالغضب.
ويتركز غضب الأهالي على موضوع التعويضات والعدالة في توزيعها. فهذا «مدعوم ويحق له حصة فحصل على اثنتين، وذاك عضو بلدي حصل على ثماني وحدات بدل ثلاث. وذلك وعد بوحدتين فحصل على وحدة. حكايات لا تنتهي عن ظلم أو تمييز تعرض له بعض أبناء القرية. المسؤولية الأولى تقع على عاتق «حزب الله» بالنسبة للغالبية الساحقة منهم، وحتى بالنسبة إلى المنتمين منهم إلى الحزب.
في عيتا الشعب صار «حزب الله» اثنين: الحزب من جهة، وهذا عليه الكثير من علامات الاستفهام، والمقاومة من جهة ثانية، وهي التي ما زالت خارج المساءلة، بل حتى أنها في مرتبة القداسة عند غالبية أهل القرية.
ثمة تغيير اجتماعي واقتصادي جدي تعيشه البلدة. الأكثرية ترى أن هذا التغيير له تأثير كارثي على نظام العلاقات الاجتماعية في البلدة التي يبلغ معدل قاطنيها نحو عشرة آلاف نسمة. تأثير يفوق تأثير الحرب التي عصفت رياحها في القرية المتكئة على كتف فلسطين المحتلة.
في عيتا الشعب، مجتمع فلاحي يعتاش من شتلة التبغ والعمر ومصدر الشقاء الذي لا بد منه. وفرضت الحاجة إلى الشتلة والارتباط بها، واقعاً اجتماعيا جعل من أبناء القرية طبقة واحدة، سمتها الفقر والشقاء خلف .. شتلة التبغ.
فقر سرعان ما تحول إلى عوز بعد الحرب القاسية والتشرد. فحتى من خبأ قرشه الأبيض ليومه الأسود غرق في ثلاثة وثلاثين يوماً من الأيام السود، ليعود بعدها الجميع إلى قريتهم بلا حول ولا قوة.
كان لا بد إذاً من تحرك سريع يقي الناس الجوع والتشرد. قام «حزب الله» بتوزيع «منحة الايواء» على العائلات، وهي عبارة عن مبلغ عشرة آلاف دولار، مخصصة كبدل إيجار وفرش للناس لكي يتدبروا أمورهم ريثما تتضح معالم المرحلة المقبلة.
«مزراب المصاري»
عشرة آلاف دولار كان وقعها كالسحر بالنسبة لبعض العائلات الفقيرة، حيث كانت ورقة المئة دولار صعبة المنال. بعدها تتابعت التعويضات و«فتح مزراب المصاري»، على حد قول أحد شبان القرية، الذي أشار إلى أن من كان يحلم بشراء سيارة بألف دولار اشترى واحدة بخمسة. ومن لم ير بيروت في حياته وجد نفسه فجأة نزيلاً في فنادقها من فئة النجوم الخمسة. بعضهم اشــــترى ســــيارتين في الوقت الذي لم يكن هناك طريق لتمر عليها أي سيارة.
كانت تلك بداية التغيير في النظام الاجتماعي الذي يتردد صداه في كل جلسة شاي. «ما حدا بيحب حدا» عبارة تتكرر مراراً. يشعر الزائر أن ثمة مبالغة لا محالة.
بعد أربع سنوات على الحرب، يقول محمد سرور ان «القرية جميلة جداً من بعيد إلا أنها قبيحة من الداخل». لماذا؟ يجيب «كل شيء تغير». الحارة والبيت والطريق والدكان، فكل ذلك، مع الناس، هو منظــــومة حياة. فقدت القرية قلـــبها كما الـــعديد من القرى. تغير نظـــام العلاقات. القرية لم تعد قرية.
إلى «حزب الله» من جديد. ملامة ما بعدها ملامة. «ظننا بعد التحرير أن هؤلاء قديسون، لكن سرعان ما اتضّح أنهم بشر من لحم ودم. بعضهم يريد أن يمسك بالواقع الاجتماعي بقبضة من حديد.
نحن نقدس المقاومة، ولكن عندما يقاس الانسان فقط بمقدار توجهاته الدينية، وليس بأخلاقه أو أفكاره أو سلوكياته العامة، يصبح هناك الكثير من علامات الاستفهام»، يقول بعض الأهالي.
التركيز على «القشور»،بحسب البعض، توسعت مروحته بعد تمّوز العام 2006، لتتحول العلاقة مع «حزب الله» سبباً لانهمار نِعَم التعويضات على البــــعض دون الآخر. «شيخ يسعى لأخــــذ ما يفوق حقه من التعويضات، ويعطي مواعظ حول الزهد». آخر لا يعـــتقد أن هناك من داع لإنشاء ناد ثقافي اجتماعي يجمع أبناء البلدة. «النشاطات الوحيدة التي يعرفها أبناء القرية هي النشاطات الدينية»!
ديون ودعاوٍى
في ما يلي نقاش حصل بين أحد أبناء البلدة وإمام أحد المساجد الكثيرة المنتشرة فيها: «مولانا هل توافقني الرأي بأن نحو ثمانين في المئة من الذين يؤدون الصلاة سوياً متعادون»؟ جواب :«لا، أنت تبالغ، النسبة لا تزيد عن الخمسين في المئة فقط».
أفرز ذلك ظاهرة لم تعرفها البلدة في السابق، تمثلت في ارتفاع عدد الدعاوى القضائية بشكل لم يسبق له مثيل. فبعدما كانت القرية تشهد تقديم دعويين سنوياً بحد أقصى، سرعان ما تحل حبياً، بات مخفر رميش والمحكمة المنفردة في بنت جبيل يشهدان حالياً نحو 250 دعوى سنوياً، معظمها بين أبناء العائلة الواحدة، وغالبها تُحول إلى المحاكم.
يقول محمد سرور إنه «باختصار المال غيّر سلوكيات الناس وآدابهم»، ونتيجة لسوء إدارة ملف التعويضات صار ما يقارب الستين في المئة من أبناء القرية يدينون بالقروض للمصارف، بعدما وعدوا بحصص وحصلوا على أقل منها.
أم يوسف هي واحدة من هؤلاء. يلتف حولها عدد كبير من أبنائها واحفادها يتعاونون على شك التبغ، ترفع يديها مناجية ربها: «جابوا آخرتي». قصتها ليست استثناء في القرية. حصلت على دفعة أولى من التعويضات عن منزلها الذي هدم، والذي قدر بثلاث وحدات (الوحدة السكنية هي 130 متراً، وتبــــلغ قيمة التعويض عنها 40 ألف دولار). ثم قيل لها أن الدفعة الثانية لا تدفع قبل «صب السطح». استدانت من المصارف على أمل الدفعة الثانية، فإذا بها دفعة حــــوّلت منزلها إلى مستودع. فبعدما كان التعويض على الوحدة يبلغ أربعين ألف دولار تحول إلى ستة عشر ألف دولار. تقسم أم يوسف أنها اليوم تديـــن بأربعة وثلاثين ألف دولار للمقرضين. وتجزم أن من ثبّت الأبواب عـــاد وفككها، ومن يأتيها من مقرضيها ترجوه الانتــــظار على أمل رأفة المعيين بحالها. «أنا لا أريد شيئاً منهم فليأخذوا الفواتير المكدســـة لدي».
الشاب الثلاثيني الذي ينتمي إلى «حزب الله» يجلس عند المغيب في حديقة منزله، ما أن يعرف أن ضيفه من الاعلام تعلو نبرة صوته ويبدأ الكلام بطريقة هزلية: عايشين أحلى عيشة والله. يعدل جلسته، ويقول: أضاعوا الانتصار في زواريب المصالح الضيقة. يتحالفون في الانتخابات البلدية مع عدد من العملاء السابقين، حرصاً على الاستحواذ على أصواتهم، فيما يعترضون إذا ما انتخبت شيوعياً. نحن مع «حزب الله» ولكن للأسف أصبحنا نفرق بين المقاومة والحزب في القرية. الحزب هو 70 مجاهداً شريفاً أما الباقي فقرر اتباع الدولار. تتدخل أم الشاب لتوضح كلام ولدها «الانفعالي»: نحن نتحدث عن حزب الله في القرية. تبدو متأكدة أن القيادة لا تعرف بكل ما يحصل عندهم، مشيرة إلى أن «السيد حسن نصر الله لا يمكن أن يقبل بهذه التجاوزات التي تسيء لصورة الحزب المقاوم صاحب التضحيات المكللة بقوافل الشهداء».
«دفعة الامتار»
يحاول رئيس البلدية المقرّب من «حزب الله» علي سرور تصويب البوصلة، فيرى ان المرارة التي يعيشها أهل البلدة نتجت من مكتب الهندسة الذي استلم الملف بعد الحرب وعمد إلى تقييم حجم الأضرار بالنسبة لكل منزل وعائلة. يعتبر سرور أن المهندسين حينها كانوا يتلاعبون بحقوق الناس أو يساومونهم على جزء من حقوقهم مقابل رفع قيمة التعويض وهو ما أدى الى خلق بلبلة بين الناس، وأدى لاحقاً إلى تكليف مكتب هندسي جديد بإعادة التقييم، والتباين بين الاثنين خلق الكثير من الاعتراضات. وما زاد الأمور تعقيداً، بحسب سرور، هو أن الدفعة الأولى من التعويضات دفعت أيام المكتب الهندسي الأول. ويؤكد أن «حزب الله» كان دوره المتابعة والتنسيق بالتعاون مع رئيس البلدية. بحيث حاول الطرفان أن يؤديا دور صمام الامــــان، وعمـــلا على تصحيح بعض الاخطاء والنـــظر باعتراضات الأهالي، مع الاشـــارة إلى أنه لم يكن بالامكان الوصول إلى حل مرض في كل الملفات.
ولا ينكر سرور الاعتراضات الكبيرة على كيفية إدارة «حزب الله» للملف، إلا أنه لا يرى أن الحزب يتحمل مسؤولية مباشرة عن الاخطاء التي حصلت لأنه لم يكن لديه أي سلطة في المرحلة الأولى. ويوضح أن البعض عاتب على الحزب لأنه معظم الذين يعملون على الملف في المرحلة الثانية هم تحت جناحه، وهم يطالبونه بمحاسبة المقصرين. إلا أنه يعود ويؤكد أن المرحلة الثانية صارت تلامس واقع الناس أكثر.
ويوضح رئيس البلدية أن الملف سيصل قريباً إلى خواتيمه، لا سيما بعدما حصل معظم أصحاب الحقوق على الدفعات المستحقة لهم، وينتظرون «دفعة الامتار» الأخيرة.
مصطلحات جديدة دخلت إلى القرى الجنوبية الأمامية، صارت جزءا من يوميات أهلها. يبدأون نهارهم بـ«صباح الخير هل وصلت الدفعة الفلانية». ويغمضون أعينهم على أمل أن يكون الغد قد حمل لهم أخباراً سارة عن تلك الدفعة التي سمعوا أن جارهم حصل عليها، بعدما يكون النهار قد أنهكهم بالعمل المضني الذي تفرضه عليهم نبتة التبغ التي تنمو وتتغذى من عروقهم.

Script executed in 0.2180449962616