أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أزمة سير خانقة تنتظر حلولاً «بلدية» قيد الإنجاز: صيف النبطية الرمضاني يحوّلها إلى مدينة لا تنام

الخميس 02 أيلول , 2010 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,494 زائر

أزمة سير خانقة تنتظر حلولاً «بلدية» قيد الإنجاز: صيف النبطية الرمضاني يحوّلها إلى مدينة لا تنام

تحول السير في مدينة النبطية إلى مواكب. فمن الأسهل أن يتجول زوار المدينة وأهلها فيها مشياً على الأقدام من أن يكونوا داخل سياراتهم, وقد زادت حدة زحمة السير في شهر رمضان المبارك، خصوصا فترة ما بعد الظهر. وبعد إعلان البلدية عن «مهرجان التسوق»، الذي يقدم حسومات كبيرة، تصل إلى سبعين بالمئة. فنشطت الحركة الاقتصادية، وعجّت الشوارع بالمتسوقين من كل البلدات المجاورة، إضافة إلى البسطات الشعبية التي تفتح يومياً، ولا تقتصر على يوم الاثنين كما جرت العادة، بل تستمر حتى منتصف الليل في بعض الأحيان. ما اضطر الكثير من أصحاب السيارات إلى ركن سياراتهم في المواقف الخاصة، حين أصبح «البارك ميتر» لا يتسع لمجال ركن سيارة إلا في النوادر.
وباتت النبطية في النصف الأخير من شهر رمضان المبارك مدينة لا تنام، حركة نشيطة للناس في شوارعها، سيارات في كل مكان تطلق أبواقها، وأضواء خاصة بالشهر الفضيل. وكانت المدينة قد شهدت بعد حرب تموز 2006 تغيراً ملحوظا في طابعها الاقتصادي، فاستنسخت محالها التجارية نماذج من وسط بيروت، وبدأت المراكز التجارية والمجمعات تظهر بكثرة بارزة، وتتميز بديكورات خارجية، يعتمد معظمها البناء الزجاجي، ناهيك عن المطاعم العالمية التي فتحت فروعاً لها في المدينة. أما الوسط السياحي فيهتم بمقاه مكشوفة على الرصيف، تستعير أسماء لها من مقاه عالمية في كندا أو أميركا. هكذا انتقلت الحضارة إلى مدينة النبطية دفعة واحدة، من دون سابق تصميم ودراسة، ليغيب عن معظم هذه المجمعات والمقاهي وحتى البنوك تخصيص مواقف لسيارات زبائنها، ما جعل الرصيف لا يتسع لخط واحد من السيارات المركونة.
سبب آخر يضاف إلى أسباب زحمة السير في النبطية، فبعد تحرير عام 2000، أصبحت المدينة باباً رئيساً للعبور نحو العديد من بلدات الجنوب الحدودية، ولأن عملية الإعمار لا تزال مستمرة، توجّب نقل المواد الأولية للبناء إليها من البقاع والشمال، وتضاف حركة هذه الشاحنات إلى شاحنات البضائع الكبيرة، التي تدخل عبر الحدود مع سوريا، تمر في شوارعها، ما ساهم إلى حد كبير في تفاقم هذه المشكلة.
كما صدر تعميم من البلدية، حسب المسؤول فيها طارق جعارة، «يضبط حركة سير الشاحنات في أوقات محددة يومياً». وبناء على «دراسة حول أسباب زحمة السير في النبطية»، أعدها المجلس البلدي السابق، بدأت البلدية الجديدة برئاسة الدكتور أحمد كحيل هذا العام بتنفيذها. وتتمحور حول «توحيد وجهات السير في النبطية، إلى خط واحد لكل مسار، فيصبح السير في الشارعين الأساسيين، شارع الصباح وشارع محمود فقيه بوجهتين متعاكستين، ما قد يخفف من هذه المشكلة». ويضيف جعارة أن «هناك نية لدى البلدية لإجراء مسح لأراضي بعض المجمعات الاقتصادية، التي قد تكون متعدية على الأملاك العامة في بعض المساحات الإضافية، التي تمكن البلدية من استثمارها كمواقف سيارات إضافية، وهذه المشاريع وجدت قبل البلدية الحالية، ولم يكن هناك لا حسيب ولا رقيب على عملية البناء».
كما تضاف إلى الأسباب الرئيسية في زحمة السير العقلية السائدة عند معظم عائلات النبطية، التي تحبذ وجود أكثر من سيارتين للبيت الواحد، إضافة إلى عدم الالتزام بقوانين السير، في ظل شبه غياب عن العقوبات لمن يخالف الأنظمة، وتحديداً السير في عكس اتجاه السير، والذي يؤدي إلى مشاكل كبيرة بين المواطنين إذا ما غاب شرطي السير في بعض الأحيان.
في الأيام العادية تتركز زحمة السير في نقاط محددة، أمام «حِسَب الخضار» التي فرشت بسطاتها في الطريق، والتي تقف سيارات الشحن الكبيرة أمامها لتحمل خضارها بالجملة، إضافة إلى محال الخضار الصغيرة التي لا تؤمن مواقف لزبائنها، ويزيد على هذه النقاط بعض البنوك، التي لا يتسع موقفها لأكثر من ست سيارات، في حين تحتاج موقفاً يتسع لخمسين سيارة.
ومع أن عناصر شرطة السير في النبطية يتنشرون بكثرة، وفي نقاط عديدة، إلا أن هذه الأزمة تتصاعد وتيرتها وتزداد. وتشير راغدة عطوي، من سكان بيروت، إلى أنه «لم يعد الهرب من بيروت إلى النبطية يفي بتحقيق الرفاهية، أصبحنا بحاجة إلى أن نهرب من النبطية نفسها»، فيما يرجع تنال حوماني، المغترب في أميركا، أسباب زحمة السير إلى «عدم الالتزام بإشارات المرور وتحديدا الشوارع عكس السير»، واصفاً مشهد السير في النبطية بـ«ألعاب الرسوم المتحركة». ويرى أحمد عنيسي أن «الزحمة التي تشهدها النبطية هي دليل واضح على انتعاشها الاقتصادي، وتمركزها كمدينة في محيط قرى عديدة، لا يمكنها تحقيق اكتفاء ذاتي لنفسها، ما يجعلها مدينة محورية لهذه البلدات».

Script executed in 0.18703198432922