إلى جانب مشاركتها زوجها في عملية الاهتمام بالبستان، كانت لأم مارون طقوس تواكب «دخول» الموسم. كانت تنتقي التفاح الأصفر «كونه الأسلم والأطيب في صناعة الحلوى والمربيات» وتنظفه جيداً ثم تبرشه وتخلطه مع مبروش السفرجل استعداداً لصناعة المربى «كان الأولاد يحبونه كثيراً، وخصوصاً في أيام المدرسة». ولم تكن «ست البيت» مضطرة إلى إضافة الكثير من السكر إلى مربى التفاح «لأن تفاح جزين مشهور بحلاوته». لا تقتصر صناعة المربيات، التي تدأب عليها ربات المنازل في جزين، على المبروش من التفاح، فهن يحضّرن أيضاً «المراطبين» المختلفة من التفاح المقطّع. وخلال الموسم، يعددن عصير التفاح الطازج، فهو «طيب ومنعش ويساعد المعدة على الهضم، والجسم على مكافحة الأمراض»، بينما يحثثن الأبناء على «تناوله صباحاً ومساءً، لأنه يساهم في تنظيف الأسنان والفم» كما تقول أم مارون. وإلى جانب محبة أولاد «أم مارون» للمربيات والعصائر التي تصنعها والدتهم من التفاح، إلا أن فرحتهم كانت لا توصف عندما تعدّ قالب حلوى من العجين المحلّى والتفاح (تارت).
تجمع الزوجة ما يسقط من تفاح كرم «أبو مارون». تغسله جيداً ثم تقطّعه «أرباعاً» من دون نزع بذوره أو تقشيره، وتضعه في سلة مخرمة، تتيح التهوئة الجيدة. «ثم أغطي المحتوى بشاش خفيف لمنع الحشرات من الوصول إليه، وأضعه في مكان دافئ لمدة أسبوع، حتى تتكاثر البكتيريا وتفوح منه رائحة التخمر». بعدها، يُوزَّع التفاح في أوعية زجاجية مغطاة بقطع من قماش، «أراقبها باستمرار، وكلما تجمعت في أسفلها عصائر الخل، أصبّها يوماً بعد يوم في وعاء آخر، حتى ينشف العصير، فأصفّي الخلّ من البقايا والترسبات ليصبح نقياً مئة بالمئة، استخدمه في السلطات وفي بعض الاستطبابات المنزلية». ويأتي التفاح بأحجام وألوان مختلفة، مثل الأخضر والأصفر والزهري والأحمر الداكن، وبمذاقات مختلفة أيضاً. فهناك أنواع حلوة مثل «أمباير»، وأنواع مرة، وأخرى حامضة أو بين بين. وبحسب مذاقه ودرجة حلاوته، يحدَّد استخدامه: فمنه ما يصلح ليؤكل طازجاً، ومنه ما يستخدم للطبخ والسلطات، ومنه ما يستغل للعصير ومنه ما يستغل لصناعة المربى والحلويات. ويعدّ التفاح، عموماً، من أكثر أنواع الفواكه المرغوبة حول العالم، لما يحتويه من فوائد صحية.