حاصبيا:
تفاقمت أزمة مياه الشفة في معظم قرى حاصبيا والعرقوب، وبدت مرشحة إلى المزيد من التفاقم خلال الأسابيع المقبلة، في ظل فشل الجهات المعنية في الوصول إلى حلول جازمة تحد من هذه المعضلة المستفحلة، التي باتت تنغص حياة الأهالي وتنكد عيشهم، عبر تكبيدهم المزيد من المصاريف الإضافية. ويجهد المواطن الحاصباني في التحايل لتأمين حاجة منزله من المياه وبأقل كلفة ممكنة.
والمستهجن أن الأزمة تضرب قرى جاثمة فوق حوض الحاصباني، الذي يعتبر الخزان المائي للمنطقة، كونه يشمل القمم من ارتفاع 2814 مترا، لينحدر نزولاً عبر السفوح الغربية لجبل الشيخ، حيث تشكل تساقطات الثلوج والأمطار معدلات تتراوح بين 890 ملم في سنة في أعاليه، و600 ملم في سفوحه، ناهيك عن عشرات الينابيع المتفجرة على مدار السنة وأغزرها ينابيع شبعا والحاصباني.
لكن للأزمة وجهاً آخر، فهي ضارة بالعامة ونافعة للبعض. فقد توجه العشرات من أصحاب الجرارات إلى المتاجرة المربحة بالمياه، ليتشكل المشهد من زحمة الصهاريج الصباحية على طرق قرى هذه المنطقة، إضافة إلى عشرات المواطنين الذين يحملون الغالونات البلاستيكية، أو يجرون الدواب، قاصدين نبع الضيعة أو منهل ماء قريباً.
ويشير آخر إحصاء لمشتركي المياه في حاصبيا والعرقوب إلى وجود حوالى ثلاثة آلاف مشترك، وفق «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي»، وهناك ما بين خمسمئة وسبعمئة وخمسين، يشربون من الشبكات خارج أي اشتراك رسمي، لتتعدى حاجة هذه القرى اليومية من المياه أربعة آلاف متر مكعب، في حين أن الكمية اليومية التي تضخ عبر الشبكات، تتراوح بين ألف وخمسمئة وألفي متر مكعب.
تتولى «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي» عملية إدارة وصيانة وتوزيع المياه على كل قرى حاصبيا والعرقوب، باستثناء قرى الكفير، ميمس، شبعا ومرج الزهور. وتؤمن تلك القرى حاجياتها من المياه عبر ينابيع وآبار خاصة بها، وقد نجحت في تأمين المياه بشكل مقبول وبإدارة ذاتية، وذلك من خلال التعاون بين السكان والبلديات. وتبقى الأزمة واضحة في القرى الخاضعة للمؤسسة. ويشير رئيس بلدية ميمس غسان أبو حمدان إلى عدم وجود أزمة مياه في بلدته التي تضم حوالى ألفي مواطن. وتمكن المجلس البلدي المستحدث بالتعاون مع الأهالي، من حل جذري لمشكلة المياه المزمنة، وذلك من خلال تشغيل بئر ارتوازي عمل أهالي البلدة على حفره، إضافة إلى نبع مياه، ويدفع كل مشترك عشرة دولارات شهرياً، تصرف في الصيانة وأجرة مراقب وثمن محروقات للمولد. يضيف أبو حمدان «حاولت المؤسسة إلحاق مشروع مياه بلدتنا بها، لكننا رفضنا ذلك وأثبتنا نجاحاً مميزاً في رفع العطش عن البلدة، وبات عندنا فائض من المياه أيضا».
تنحصر مشكلة مياه الشفة في حاصبيا والعرقوب، حسب مختلف الجهات المعنية، بـ«سوء في التوزيع، التقنين في الكهرباء والضعف في التيار الذي يحول دون تشغيل المحطات، الأعطال في المعدات وخاصة الدفاشات، بعض المحسوبيات في التوزيع، غياب الدور الرقابي للجهات المعنية وعدم محاسبة المخالفين، غياب الترشيد في استعمال المياه وسبل التوفير والأعطال الدورية في الشبكات الرئيسية والفرعية»، علماً أن «مجلس الجنوب» كان قد أنجز شبكات مياه حديثة في معظم القرى، إضافة إلى حفره عشرات الآبار الارتوازية، وبنائه العديد من خزانات التوزيع الكبيرة.
وتتغذى قرى حاصبيا والعرقوب من عدة ينابيع غزيرة، وآبار ارتوازية تم حفرها على حساب «مجلس الجنوب» خلال السنوات القليلة الماضية، وأهم الينابيع المستغلة في مياه الشفة هي نبع الحاصباني. وأنجز عنده منذ حوالى 14 عاماً، مشروع مياه الشفة الذي يعمل بواسطة الضخ. واقتصرت مياهه على حاصبيا وحدها، بعدما رفض أهالي البلدة تزويد القرى المجاورة منه، بذريعة توفير المياه لري بساتينهم عند ضفتي النهر. وهناك مشروع نبع المغارة الذي ينبع قرب بلدة شبعا ويغذي عدة قرى بالجاذبية، بالإضافة إلى عدة آبار ارتوازية حفرت في محيط الماري وحلتا وراشيا الفخار.
ويستبشر المواطنون خيراً بمشروع مائي جديد، بوشر بتنفيذه العام الماضي، وهو ممول من القرض الفرنسي، ويشرف عليه «مجلس الإنماء والإعمار»، ويتضمن حفر ثلاثة آبار في محيط بلدة عين جرفا، متوقع أن تصل قدرتها إلى ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف متر مكعب يومياً. ويشمل المشروع بناء عدة محطات ضخ وخزانات وشبكات توزيع، تصل إلى معظم قرى حاصبيا، على أن ينتهي العمل فيه خلال فترة لا تتجاوز العامين، بحيث يأمل القيمون عليه أن يكون كافياً لسد حاجيات المنطقة كاملة ولعدة سنوات مقبلة.
وأشارت الجهات الفنية المشرفة على محطة ضخ الحاصباني إلى أن «كمية المياه في النبع تفوق حاجة السكان بأضعاف، لكن المشكلة التي تحصل بين فترة وأخرى، تكمن في ساعات الضخ التي يتحكم بها التقنين المتبع من قبل «مصلحة كهرباء لبنان»، والأعطال التي تلحق بالشبكة من وقت لآخر، إضافة إلى ضعف التيار الكهربائي الذي يغذي المضخات». أضافت أن «محطة ضخ الحاصباني تغذي بالمياه حوالى عشرين ألف نسمة، عبر ثلاث مضخات بقوة مئة وخمسين حصانا لكل واحدة، وقد صممت المحطة لتشغيل محطتين في الوقت نفسه، على أن تبقى الثالثة بمثابة احتياط»، علماً أن القدرة الإنتاجية لكل مضخة 72 مترا مكعبا بالساعة. ولكن الحاصل أن ساعات التقنين تحد من الفترة الزمنية للضخ، كذلك «ضعف التيار يحول دون تشغيل حتى مضخة واحدة، وهنا يقع العجز في كمية المياه التي تحتاجها البلدة والمقدرة بألفين وستمئة متر مكعب في اليوم، يصل منها ألف ومئتان إلى ألفي متر مكعب أحيانا».
حلول مقترحة
لتصويب الوضع جذريا يلزم، حسب فنيي محطة ضخ الحاصباني، «تزويد المحطة بالتيار الكهربائي دائما، العمل على 18 ساعة ضخ يوميا، تزويد المحطة بمولد كهربائي بقدرة 450 ك.ف.أ.، زيادة كمية المازوت للمحطة مع احتساب فرق السعر».
ويشير رئيس بلدية حاصبيا غسان خير الدين، إلى أن «البلدية راجعت مراراً مؤسسة كهرباء لبنان، من أجل إيجاد حل لتزويد محطة ضخ مياه الحاصباني بالتيار الكهربائي على مدار الساعة، أسوة بالكثير من المحطات المشابهة، والعمل على رفع قوة التيار الذي عطل وما زال المضخات، إضافة إلى تعطيله الكثير من الأجهزة المنزلية العاملة على الكهرباء، مما يكبد السكان المزيد من الخسائر». ويرى خير الدين أن «لا حل قريباً لمشكلة التقنين، وان كان تحسن بعض الشيء خلال الأيام القليلة الماضية، ونأمل أن نتمكن من ربط محطة ضخ الحاصباني بشبكة لا تعرف التقنين وقد وعدونا خيرا».
ويشير مختار البلدة أمين زويهد إلى أن وضع المياه في هذه الفترة مقبول في حاصبيا، في حين تنحصر المشكلة في حارة زغلة وتطال أكثر من سبعين منزلاً، إضافة إلى المستشفى والتي تشتري المياه عبر الصهاريج منذ فترة طويلة، وهذا يكبدها المزيد من النفقات في ظل العجز التي تتخبط فيه.
أزمة محطة الهبارية
تقوم محطة الهبارية، وهي مجمع لمياه نبع شبعا، تصل إليها عبر الجاذبية. ومنها توزع على خمس عشرة قرية بواسطة الضخ، ومنها قرى: الخلوات وشويا وعين قنيا وكفرشوبا. وتصل منها المياه بالجاذبية إلى الفرديس، الهبارية، كوكبا، أبو قمحة وراشيا الفخار، ويشير العديد من أبناء القرى التي تشرب من محطة الهبارية، أن المشكلة هنا تكمن في فوضى التوزيع والتي تغيب عنها الرقابة في بعض الظروف، إضافة إلى الأعطال التي تلحق بالمضخة.
و«أزمة المياه في بلدة كفرشوبا من عمر مأساة هذه البلدة الصابرة على جراحها»، كما يقول رئيس بلديتها قاسم القادري، فمياه «بلدتنا تأتي من بئر حلتا الارتوازي الذي تضخ مياهه عبر ثلاث مراحل، تبدأ من حلتا لتصل إلى خزان شانوح ومنه إلى خزان عزرائيل ومن ثم إلى البلدة». ومع تعدد عملية الضخ تزداد المشاكل والأعطال. فتارة «يقولون لنا هناك ضعف في التيار والتقنين، وتارة أخرى عطل في الدفاش أو في الشبكة». يضيف: «طالبنا ربط محطات الضخ هذه بالتيار الكهربائي من الدحيرجات القريب، حيث الكهرباء على مدار الساعة، ولم نوفق بتجاوب بعد، لتبقى الأزمة مستمرة». ويشير إلى أن «هناك منازل بحاجة إلى خمس عشرة نقلة صهريج شهرياً، من أين يدفعون ثمنها، وثمن الصهريج عندنا يصل إلى أربعين ألفا؟». وساهمت البلدية «بشراء ثلاثة محولات كهربائية، لكن المشكلة بقيت على حالها». ونتيجة الأزمة «سجلت حركة نزوح من البلدة لعائلات لم تعد تستطيع تأمين المياه». ويرى القادري أن «على الجميع التحرك وخاصة من يدعي الحرص على العمل الوطني وتثبيت الناس بأرضهم في هذه القرى التي تحملت ولا تزال الاعتداءات الإسرائيلية وجور الدولة وتجاهلها».
من جهته، وصف مختار الخلوات الشيخ صالح عامر وضع المياه بالكارثة. يقول «كل خمسة عشر يوماً تأتينا المياه مرة، الناس يشترون المياه بالصهاريج، بثلاثين ألفا للنقلة الواحدة». ويشير إلى أن «عين الضيعة التي كانت تزودنا بقسم بسيط من المياه شحت، وأجرينا عدة مراجعات ووعدونا خيرا، لكنهم أرسلوا لنا عطشا عبر القساطل البلاستيكية التي تنفجر بين فترة وأخرى».
أما رئيس بلدية شويا سليم أبو سعد فيرى أن «المياه تأتينا بالقطارة، والمشكلة محصورة في محطة الهبارية، هناك من يقول إن هناك بيعاً لمياه المحطة، وآخرون يرجعون السبب إلى السياسة، أو إلى مزاج المسؤول، لكن كل ما يصلنا من المياه يقدر بخمسة براميل أسبوعيا». ويشير أبو سعد إلى أن الأزمة طالت الماشية خاصة الماعز، «حيث وصل الجفاف إلى البرك، وعندنا في البلدة حوالى ألفي رأس ماعز يضطر أصحابها إلى شراء المياه لسد عطشها».
ويرد رئيس بلدية عين قنيا منير جبر النقص في المياه إلى «التقنين وضعف الكهرباء، الناس يشترون المياه، وهذا لا يجوز وعلى كل الجهات المعنية العمل سريعا لإيجاد الحلول».
وفي المقابل، يشير رئيس دائرة حاصبيا - مرجعيون في «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي» المهندس باسم الحمرا، الذي استلم مهامه منذ حوالى شهر، إلى إجراء المؤسسة «لعملية كشف واسعة على كل المحطات والمعدات العائدة لها، حددنا الأعطال بدقة، تبعها عملية تقويم للوضع المائي في كل القرى، ومن ثم أطلقنا عدة ورش كبيرة». وعملت هذه الورش، وفق الحمرا، «على إصلاح معظم الأعطال وخاصة الدفاش في محطة الهبارية وحلتا وفي محطة البياضة»، إضافة إلى «تصليح في الشبكات». ويلفت إلى التعاون بين المؤسسة والبلديات، لإصلاح أعطال كهربائية، «ما سمح لنا برفع كميات المياه التي نضخها، وقد انعكس ذلك إيجابا على تزويد القرى بالمياه خاصة بلدات كفرشوبا وشويا وعين قنيا، حيث باتت تصل إليها كمية كافية من المياه». وينتظر «ربط محطات الضخ بالتيار الكهربائي على مدار الساعة، وعندها نضمن وصول المياه إلى كل المشتركين وبشكل كاف ومتواصل».
تفاقمت أزمة مياه الشفة في معظم قرى حاصبيا والعرقوب، وبدت مرشحة إلى المزيد من التفاقم خلال الأسابيع المقبلة، في ظل فشل الجهات المعنية في الوصول إلى حلول جازمة تحد من هذه المعضلة المستفحلة، التي باتت تنغص حياة الأهالي وتنكد عيشهم، عبر تكبيدهم المزيد من المصاريف الإضافية. ويجهد المواطن الحاصباني في التحايل لتأمين حاجة منزله من المياه وبأقل كلفة ممكنة.
والمستهجن أن الأزمة تضرب قرى جاثمة فوق حوض الحاصباني، الذي يعتبر الخزان المائي للمنطقة، كونه يشمل القمم من ارتفاع 2814 مترا، لينحدر نزولاً عبر السفوح الغربية لجبل الشيخ، حيث تشكل تساقطات الثلوج والأمطار معدلات تتراوح بين 890 ملم في سنة في أعاليه، و600 ملم في سفوحه، ناهيك عن عشرات الينابيع المتفجرة على مدار السنة وأغزرها ينابيع شبعا والحاصباني.
لكن للأزمة وجهاً آخر، فهي ضارة بالعامة ونافعة للبعض. فقد توجه العشرات من أصحاب الجرارات إلى المتاجرة المربحة بالمياه، ليتشكل المشهد من زحمة الصهاريج الصباحية على طرق قرى هذه المنطقة، إضافة إلى عشرات المواطنين الذين يحملون الغالونات البلاستيكية، أو يجرون الدواب، قاصدين نبع الضيعة أو منهل ماء قريباً.
ويشير آخر إحصاء لمشتركي المياه في حاصبيا والعرقوب إلى وجود حوالى ثلاثة آلاف مشترك، وفق «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي»، وهناك ما بين خمسمئة وسبعمئة وخمسين، يشربون من الشبكات خارج أي اشتراك رسمي، لتتعدى حاجة هذه القرى اليومية من المياه أربعة آلاف متر مكعب، في حين أن الكمية اليومية التي تضخ عبر الشبكات، تتراوح بين ألف وخمسمئة وألفي متر مكعب.
تتولى «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي» عملية إدارة وصيانة وتوزيع المياه على كل قرى حاصبيا والعرقوب، باستثناء قرى الكفير، ميمس، شبعا ومرج الزهور. وتؤمن تلك القرى حاجياتها من المياه عبر ينابيع وآبار خاصة بها، وقد نجحت في تأمين المياه بشكل مقبول وبإدارة ذاتية، وذلك من خلال التعاون بين السكان والبلديات. وتبقى الأزمة واضحة في القرى الخاضعة للمؤسسة. ويشير رئيس بلدية ميمس غسان أبو حمدان إلى عدم وجود أزمة مياه في بلدته التي تضم حوالى ألفي مواطن. وتمكن المجلس البلدي المستحدث بالتعاون مع الأهالي، من حل جذري لمشكلة المياه المزمنة، وذلك من خلال تشغيل بئر ارتوازي عمل أهالي البلدة على حفره، إضافة إلى نبع مياه، ويدفع كل مشترك عشرة دولارات شهرياً، تصرف في الصيانة وأجرة مراقب وثمن محروقات للمولد. يضيف أبو حمدان «حاولت المؤسسة إلحاق مشروع مياه بلدتنا بها، لكننا رفضنا ذلك وأثبتنا نجاحاً مميزاً في رفع العطش عن البلدة، وبات عندنا فائض من المياه أيضا».
تنحصر مشكلة مياه الشفة في حاصبيا والعرقوب، حسب مختلف الجهات المعنية، بـ«سوء في التوزيع، التقنين في الكهرباء والضعف في التيار الذي يحول دون تشغيل المحطات، الأعطال في المعدات وخاصة الدفاشات، بعض المحسوبيات في التوزيع، غياب الدور الرقابي للجهات المعنية وعدم محاسبة المخالفين، غياب الترشيد في استعمال المياه وسبل التوفير والأعطال الدورية في الشبكات الرئيسية والفرعية»، علماً أن «مجلس الجنوب» كان قد أنجز شبكات مياه حديثة في معظم القرى، إضافة إلى حفره عشرات الآبار الارتوازية، وبنائه العديد من خزانات التوزيع الكبيرة.
وتتغذى قرى حاصبيا والعرقوب من عدة ينابيع غزيرة، وآبار ارتوازية تم حفرها على حساب «مجلس الجنوب» خلال السنوات القليلة الماضية، وأهم الينابيع المستغلة في مياه الشفة هي نبع الحاصباني. وأنجز عنده منذ حوالى 14 عاماً، مشروع مياه الشفة الذي يعمل بواسطة الضخ. واقتصرت مياهه على حاصبيا وحدها، بعدما رفض أهالي البلدة تزويد القرى المجاورة منه، بذريعة توفير المياه لري بساتينهم عند ضفتي النهر. وهناك مشروع نبع المغارة الذي ينبع قرب بلدة شبعا ويغذي عدة قرى بالجاذبية، بالإضافة إلى عدة آبار ارتوازية حفرت في محيط الماري وحلتا وراشيا الفخار.
ويستبشر المواطنون خيراً بمشروع مائي جديد، بوشر بتنفيذه العام الماضي، وهو ممول من القرض الفرنسي، ويشرف عليه «مجلس الإنماء والإعمار»، ويتضمن حفر ثلاثة آبار في محيط بلدة عين جرفا، متوقع أن تصل قدرتها إلى ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف متر مكعب يومياً. ويشمل المشروع بناء عدة محطات ضخ وخزانات وشبكات توزيع، تصل إلى معظم قرى حاصبيا، على أن ينتهي العمل فيه خلال فترة لا تتجاوز العامين، بحيث يأمل القيمون عليه أن يكون كافياً لسد حاجيات المنطقة كاملة ولعدة سنوات مقبلة.
وأشارت الجهات الفنية المشرفة على محطة ضخ الحاصباني إلى أن «كمية المياه في النبع تفوق حاجة السكان بأضعاف، لكن المشكلة التي تحصل بين فترة وأخرى، تكمن في ساعات الضخ التي يتحكم بها التقنين المتبع من قبل «مصلحة كهرباء لبنان»، والأعطال التي تلحق بالشبكة من وقت لآخر، إضافة إلى ضعف التيار الكهربائي الذي يغذي المضخات». أضافت أن «محطة ضخ الحاصباني تغذي بالمياه حوالى عشرين ألف نسمة، عبر ثلاث مضخات بقوة مئة وخمسين حصانا لكل واحدة، وقد صممت المحطة لتشغيل محطتين في الوقت نفسه، على أن تبقى الثالثة بمثابة احتياط»، علماً أن القدرة الإنتاجية لكل مضخة 72 مترا مكعبا بالساعة. ولكن الحاصل أن ساعات التقنين تحد من الفترة الزمنية للضخ، كذلك «ضعف التيار يحول دون تشغيل حتى مضخة واحدة، وهنا يقع العجز في كمية المياه التي تحتاجها البلدة والمقدرة بألفين وستمئة متر مكعب في اليوم، يصل منها ألف ومئتان إلى ألفي متر مكعب أحيانا».
حلول مقترحة
لتصويب الوضع جذريا يلزم، حسب فنيي محطة ضخ الحاصباني، «تزويد المحطة بالتيار الكهربائي دائما، العمل على 18 ساعة ضخ يوميا، تزويد المحطة بمولد كهربائي بقدرة 450 ك.ف.أ.، زيادة كمية المازوت للمحطة مع احتساب فرق السعر».
ويشير رئيس بلدية حاصبيا غسان خير الدين، إلى أن «البلدية راجعت مراراً مؤسسة كهرباء لبنان، من أجل إيجاد حل لتزويد محطة ضخ مياه الحاصباني بالتيار الكهربائي على مدار الساعة، أسوة بالكثير من المحطات المشابهة، والعمل على رفع قوة التيار الذي عطل وما زال المضخات، إضافة إلى تعطيله الكثير من الأجهزة المنزلية العاملة على الكهرباء، مما يكبد السكان المزيد من الخسائر». ويرى خير الدين أن «لا حل قريباً لمشكلة التقنين، وان كان تحسن بعض الشيء خلال الأيام القليلة الماضية، ونأمل أن نتمكن من ربط محطة ضخ الحاصباني بشبكة لا تعرف التقنين وقد وعدونا خيرا».
ويشير مختار البلدة أمين زويهد إلى أن وضع المياه في هذه الفترة مقبول في حاصبيا، في حين تنحصر المشكلة في حارة زغلة وتطال أكثر من سبعين منزلاً، إضافة إلى المستشفى والتي تشتري المياه عبر الصهاريج منذ فترة طويلة، وهذا يكبدها المزيد من النفقات في ظل العجز التي تتخبط فيه.
أزمة محطة الهبارية
تقوم محطة الهبارية، وهي مجمع لمياه نبع شبعا، تصل إليها عبر الجاذبية. ومنها توزع على خمس عشرة قرية بواسطة الضخ، ومنها قرى: الخلوات وشويا وعين قنيا وكفرشوبا. وتصل منها المياه بالجاذبية إلى الفرديس، الهبارية، كوكبا، أبو قمحة وراشيا الفخار، ويشير العديد من أبناء القرى التي تشرب من محطة الهبارية، أن المشكلة هنا تكمن في فوضى التوزيع والتي تغيب عنها الرقابة في بعض الظروف، إضافة إلى الأعطال التي تلحق بالمضخة.
و«أزمة المياه في بلدة كفرشوبا من عمر مأساة هذه البلدة الصابرة على جراحها»، كما يقول رئيس بلديتها قاسم القادري، فمياه «بلدتنا تأتي من بئر حلتا الارتوازي الذي تضخ مياهه عبر ثلاث مراحل، تبدأ من حلتا لتصل إلى خزان شانوح ومنه إلى خزان عزرائيل ومن ثم إلى البلدة». ومع تعدد عملية الضخ تزداد المشاكل والأعطال. فتارة «يقولون لنا هناك ضعف في التيار والتقنين، وتارة أخرى عطل في الدفاش أو في الشبكة». يضيف: «طالبنا ربط محطات الضخ هذه بالتيار الكهربائي من الدحيرجات القريب، حيث الكهرباء على مدار الساعة، ولم نوفق بتجاوب بعد، لتبقى الأزمة مستمرة». ويشير إلى أن «هناك منازل بحاجة إلى خمس عشرة نقلة صهريج شهرياً، من أين يدفعون ثمنها، وثمن الصهريج عندنا يصل إلى أربعين ألفا؟». وساهمت البلدية «بشراء ثلاثة محولات كهربائية، لكن المشكلة بقيت على حالها». ونتيجة الأزمة «سجلت حركة نزوح من البلدة لعائلات لم تعد تستطيع تأمين المياه». ويرى القادري أن «على الجميع التحرك وخاصة من يدعي الحرص على العمل الوطني وتثبيت الناس بأرضهم في هذه القرى التي تحملت ولا تزال الاعتداءات الإسرائيلية وجور الدولة وتجاهلها».
من جهته، وصف مختار الخلوات الشيخ صالح عامر وضع المياه بالكارثة. يقول «كل خمسة عشر يوماً تأتينا المياه مرة، الناس يشترون المياه بالصهاريج، بثلاثين ألفا للنقلة الواحدة». ويشير إلى أن «عين الضيعة التي كانت تزودنا بقسم بسيط من المياه شحت، وأجرينا عدة مراجعات ووعدونا خيرا، لكنهم أرسلوا لنا عطشا عبر القساطل البلاستيكية التي تنفجر بين فترة وأخرى».
أما رئيس بلدية شويا سليم أبو سعد فيرى أن «المياه تأتينا بالقطارة، والمشكلة محصورة في محطة الهبارية، هناك من يقول إن هناك بيعاً لمياه المحطة، وآخرون يرجعون السبب إلى السياسة، أو إلى مزاج المسؤول، لكن كل ما يصلنا من المياه يقدر بخمسة براميل أسبوعيا». ويشير أبو سعد إلى أن الأزمة طالت الماشية خاصة الماعز، «حيث وصل الجفاف إلى البرك، وعندنا في البلدة حوالى ألفي رأس ماعز يضطر أصحابها إلى شراء المياه لسد عطشها».
ويرد رئيس بلدية عين قنيا منير جبر النقص في المياه إلى «التقنين وضعف الكهرباء، الناس يشترون المياه، وهذا لا يجوز وعلى كل الجهات المعنية العمل سريعا لإيجاد الحلول».
وفي المقابل، يشير رئيس دائرة حاصبيا - مرجعيون في «مؤسسة مياه لبنان الجنوبي» المهندس باسم الحمرا، الذي استلم مهامه منذ حوالى شهر، إلى إجراء المؤسسة «لعملية كشف واسعة على كل المحطات والمعدات العائدة لها، حددنا الأعطال بدقة، تبعها عملية تقويم للوضع المائي في كل القرى، ومن ثم أطلقنا عدة ورش كبيرة». وعملت هذه الورش، وفق الحمرا، «على إصلاح معظم الأعطال وخاصة الدفاش في محطة الهبارية وحلتا وفي محطة البياضة»، إضافة إلى «تصليح في الشبكات». ويلفت إلى التعاون بين المؤسسة والبلديات، لإصلاح أعطال كهربائية، «ما سمح لنا برفع كميات المياه التي نضخها، وقد انعكس ذلك إيجابا على تزويد القرى بالمياه خاصة بلدات كفرشوبا وشويا وعين قنيا، حيث باتت تصل إليها كمية كافية من المياه». وينتظر «ربط محطات الضخ بالتيار الكهربائي على مدار الساعة، وعندها نضمن وصول المياه إلى كل المشتركين وبشكل كاف ومتواصل».