وبين هاتين المعادلتين يبرز مرة جديدة غياب السياسة الزراعية وصولاً إلى حد الفوضى في الخيارات الزراعية في ظل غياب رزنامة زراعية تتوافق مع حاجات البلد من جهة وصعوبات التصدير من جهة ثانية.
فقبل سنوات اندفع المزارعون على طول الخط الساحلي الجنوبي الممتد من عدلون وحتى الناقورة إلى رفع نسبة بساتين الموز في الأرض «البور» واستبدال مئات بساتين الحمضيات بزراعة شتول الموز حيث شكل زيادة تعدت الخمسين بالمئة ارتفع معها الانتاج السنوي للموز من خمسين ألف طن في السنة إلى أكثر من مئة ألف طن اليوم، ما رتب مشاكل إضافية ناجمة عن فائض كبير في الانتاج.
وعند بداية كل موسم موز يسرد المزارعون مجموعة من العقبات والصعوبات التي تواجههم في تصدير إنتاجهم إلى الخارج والارتفاع المستمر في أسعار الأدوية الزراعية وكلفة اليد العاملة.
ويتمثل جديد الموسم الحالي، بالنسبة لعملية التصدير الى سوريا أكبر مستقبلي الموز اللبناني، رفع قيمة رسوم دخول الموز اللبناني خمسين بالمئة حيث أصبح لبنان يتساوى مع باقي الدول العربية بعدما كان يتمتع بوضع خاص ووقف التصدير الى الأردن جراء منافسة دول أميركا اللاتينية للموز اللبناني.
يشير احد مزارعي الموسم في منطقة القاسمية شمال صور حسين خليل إلى أن «إنتاج الموسم الحالي مقبول»، معتبراً أن «الأسعار المتداولة في سوق الجملة حالياً لا تناسب المزارعين الذين يدفعون أعباء إضافية تبدأ بارتفاع أسعار الأدوية واليد العاملة وصولاً إلى أجرة الأراضي». ويلفت إلى أن سعر «الرطل، وهو عبارة عن ثلاثة كيلوغرامات، يباع بـ 1600 ليرة لبنانية فقط، وأن هذه القيمة يذهب منها أكثر من النصف على الأجور والأدوية والنقل»، مسجلا عتبه على «غياب النقابات الزراعية في ظل تحكم التجار الكبار بعملية البيع والشراء».
ويؤكد المزارع حسين ضاهر أن «الموسم الحالي يعاني من مشاكل متعددة وفي مقدمها تراجع نسبة كميات الموز المصدر إلى الخارج، الذي يجب أن يتخطى ثمانين بالمئة من الإنتاج العام الذي يستوعب منه السوق اللبناني في أحسن الأحوال عشرين بالمئة». ويناشد «وزارعة الزراعة، وكل العاملين في القطاعات الزراعية إيلاء الأمر اهتماما خاصاً، لا سيما أن عددا كبيرا من الجنوبيين يعتمد على زراعة الموز».
ويضع أحد تجار الجملة عبد الله فاضل مشكلة التصدير في أعلى سلم مشاكل الموز، فينتجون «خمسة أضعاف متطلبات السوق اللبناني». بالإضافة إلى ان «سوريا رفعت رسوم الدخول الجمركي إلى أراضيها أكثر من خمسين بالمئة، وأصبحت تتقاضى عن كل براد تبلغ حمولته عشرين طنا حوالى سبعمئة دولار، بعدما كانت تستوفي رسما لا يتعدى الثلاثمئة وخمسين دولارا». أما «بالنسبة لتصدير الموز إلى الأردن فقد توقف تلقائيا، بعد إقدام السلطات الأردنية على إلغاء الرسم النوعي، الأمر الذي أتاح الفرصة أمام دول منتجة للموز مثل الاكوادور وبناما والمكسيك التي تنتج الموز بكلفة أقل من لبنان بكثير بتصدير الموز الى العقبة في الأردن».
وأكد أن مشاكل زراعة االموز تتعدى التصدير، إلى ارتفاع كلفة استئجار الأراضي التي تترواح بين مليون ومليون وخمسمئة ألف ليرة لبنانية للدونم الواحد، والارتفاع المتواصل في أسعار الأدوية الزراعية.