في المقابل، يشيد أبو قاسم بـ«أيام الفدادين»، وهي تقنية زراعية كان المركز العربي لدراسة المناطق الجافة وشبه القاحلة «أكساد» قد دعا خلال شهر آب المنصرم إلى ورشة عمل حول تطبيقها، مطلقاً عليها اسم «الزراعة الحافظة». وهي تقنية كانت وزارة الزراعة في لبنان قد تبنتها لثلاث سنوات خلت، بعدما دعت المزارعين لاعتماد زراعة من دون حراثة أو بأدنى حراثة ممكنة، بعدما أدت عمليات الفلاحة المتكررة والعشوائية عبر الزمن إلى تهديم الكتل الترابية، وتقليل مسامية التربة، التي لا تحفظ عادة إلا من خلال تهوئتها وانتشار المياه نحو الجذور بحيث تحافظ التربة على قوامها وعلى العناصر الغذائية والمواد العضوية المتوافرة فيها.
مشروع سبقنا بالتوجه إليه العالم الحديث، لتشترك اليوم في تطبيقه العديد من الدول العربية، بالتعاون مع المركز العربي أكساد ووكالة التنمية الألمانية وبدعم من البنك الإسلامي للتنمية. أما في لبنان، فقد ظهرت بعض التجارب المشجعة في سهل البقاع مع زراعة الحبوب، وفي الهرمل مع زراعة الخضار، إضافة إلى بعض النتائج الناجحة في بلدة عميق والعبدة. وقد تبنت الوزارة، كما يؤكد مستشار وزير الزراعة، المهندس نظام حمادة، هذه النتائج، من خلال توجه جديد يشجع المزارعين على اللجوء إليها، وتحديداً مع الزراعات الشتوية بحيث أثبتت نجاحها مع معظم أنواع الحبوب.
وتعتمد الزراعة الحافظة بالدرجة الأولى على عدم حراثة الأرض حراثة عميقة، بحيث لا تتعرض التربة لعملية تهوية تفقدها رطوبتها، على أن تنظف الأرض من الأحجار والبقايا الملوثة. بعدها تجري عملية مكافحة الأعشاب بمبيد عشبي للتقليل من كمية الأعشاب المنافسة للبذور. أما عملية الزراعة، فمن خلال البذار، لضمان عدم تحرك التربة، بحيث يترك جزء من المحصول السابق على سطح التربة لضمان التغطية التامة لها.
تصلح هذه الزراعة لجميع أنواع التربة، وتتيح استثمار مساحات زراعية كبيرة، لأنها تعتمد على الزراعات البعلية، ما يقدم العديد من الفوائد، منها تحقيق استدامة الإنتاج الزراعي واستعمال الموارد الطبيعية، وتوفير دخل إضافي للمزارع بعد تقليل التكلفة الزراعية عليه، وتحديداً في إعداد الأرض وفلاحتها وريّها، والحدّ من استخدام الأدوية والمبيدات، وارتفاع الإنتاجية بنسبة 30 إلى 40%، بالإضافة إلى قوتها في مكافحة تقلبات المناخ والحرارة والجفاف.
مايا....