أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

سـوق النبطيـة: استثمـارات كبيـرة وإيجـارات مرتفعـة

الإثنين 29 تشرين الثاني , 2010 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 9,652 زائر

سـوق النبطيـة: استثمـارات كبيـرة وإيجـارات مرتفعـة
ترتفع مجمعات تجارية جديدة سريعا في مدينة النبطية، منها ما افتتح أبوابه أمام الباعة والمشترين، ومنها ما يضع أصحابه اللمسات الأخيرة عليه لافتتاحه مطلع العام المقبل. ومع النهضة العمرانية التجارية الحديثة، التي تواكب بتصاميمها أهم المؤسسات العالمية، تشهد المدينة إفلاسا متسارعاً للعديد من تلك المحال الجديدة المستأجرة داخل المجمعات. ومع توسع وامتداد السوق إلى مناطق تعدّ راقية، بات الاستثمار والإيجار فيها بالغ الارتفاع.
يفوق عدد محال الألبسة والنوفوتيه والأحذية في النبطية الألف محل، إضافة الى أكثر من خمسة وأربعين محل مجوهرات، والكثير من المطاعم ومحال الحلويات. وفي تقدير لحركة الزبائن اليومية للسوق، يقول رئيس «جمعية تجار النبطية» علي بيطار، إنها «أقل من ألف شخص يومياً». ما يبرز «تخمة كبيرة في عديد المحال وفي تشابهها من ناحية العرض، إضافة إلى اكتفاء ذاتي في الضيع المجاورة للمدينة، وتحديدا في مجال الألبسة والأحذية»، فكفرمان وحبوش وشوكين وزبدين، تشهد كذلك تخمة تلك الاستثمارات. وبات بمقدور أي شخص يملك رأس مال يقارب العشرة آلاف دولار، أن يفتح محلا في مدينة النبطية، حتى أصبحت تلك المحال تشبه الدكاكين لكثرتها، فمعظم مصادر بضاعتها من الصين وسوريا، مع انحسار الاستيراد من تركيا نظراً للتغيرات الكبيرة في سوق العملات الأجنبية.
ويمتد السوق التجاري حالياً إلى العديد من أحياء مدينة النبطية، بدءا من شارع محمود فقيه، الذي شهد مؤخرا نهضة تجارية لافتة، حيث بنيت العديد من المجمعات الضخمة بالإضافة إلى العديد من المحال التجارية، ذات ديكور ينافس المحال في وسط بيروت، مع تفنن كبير في طرق العرض، وفي تعامل الموظفين مع الزبون. ويعدّ ذلك الشارع من الأحياء الراقية في المدينة، ما يرفع الإيجارات فيه إلى أرقام خيالية. وتشهد «جادة نبيه بري» حركة تجارية مشابهة، فتفتتح محال تجارية، ولكنها سرعان ما تغلق، كما يؤكد أحد التجار الذين مروا بالتجربة إذ انه استطاع الاستمرار لستة أشهر فقط. ويؤكد أن ذلك «الشارع مع كثافة السير عليه، إلى قضاء مرجعيون، إلا أنه ميت اقتصاديا». ويشكو التجار في النبطية من «الحركة الخفيفة التي يشهدها السوق في هذه الأيام»، واصفين فترة الأعياد بـأنها «حركة بلا بركة». إضافة إلى «عامل الطقس، الذي ساهم إلى حد كبير في تراجع الحركة الشرائية لدى الزبائن». ويرى أبو حسين معاز، صاحب أحد محال الألبسة، أن «معظم التجار، نزّلوا الألبسة الشتوية، والطقس لا معروف صيفي و لا شتوي. والزبون لا يشتري في هذه الأيام ثيابا صيفية، ولا حتى شتوية، ما ساهم بجمود السوق أكثر». «ولا يختلف وضع تجار الأحذية عن ذلك»، كما يقول محمد عليق، مؤكداً أنه «لا حل إلا في زيادة الأسعار لتعويض خسارة التاجر»، فيما تتمنى غادة هطول الأمطار «ما الذي سنفعله بالثياب الصوفية التي لدينا في المتجر».
مشكلة الإيجارات
يصل معدل استئجار محل تجاري في السوق بين سبعمئة وخمسين دولارا أميركيا، للأربعين مترا مربعا. وهي مساحة قليلة لمحل ألبسة، وبالتالي فإن معظم المحال يصل بدل استئجارها الشهري إلى ألف وخمسمئة دولار أميركي، عدا مصاريف الكهرباء والاشتراك ورواتب الأجراء والضرائب، ما ساهم بصورة فعلية بإفلاس العديد من التجار. ويقدّر بيطار، أن «نسبة عشرين بالمئة من المحال التجارية التي افتتحت في المدينة العام الماضي أفلست سريعا». كما افتتح العديد من المحال في أحد المجمعات التجارية، لكن سرعان ما أغلقت أبوابها. ويشير صاحب محل حلاقة رجالية أغلق محله، الى أن «حركة السوق في النبطية مختلفة عما هو متعارف عليه، حتى المصالح التي لا تتأثر بعوامل السياسة والمناخ، هي ضعيفة الحركة اقتصاديا». أما صاحب أحد محال الألبسة، الذي أتى من دبي ليستثمر في النبطية، فأغلق محله ليعود ويعمل في شركة مستثمرة ضمن أحد المجمعات التجارية في صيدا. وأغلق حسن محله المتخصص بالديكور الداخلي في المجمع، لينتقل قرب مصرف لبنان، حيث «يفرق الإيجار الشهري من ثمانمئة وخمسين دولارا أميركيا، إلى ثلاثمئة» لكنه يؤكد أن «نوعية الزبون تختلف، والملاحظ، أن العدد يزيد كلما كان المحل أكثر شعبية». وترى مريم دقماق أن ديكور المحل يؤثر عليها إيجابا كزبونة، «ولكن المبالغة في الديكور، قد تكون حاجزا بين الزبون والتاجر»، في كثير من الأحيان، «أنا لا أهتم بديكور المحل كثيرا، مع أني أشتري من محال مهمة ومرتبة، ولكن أنا لست مستعدة لأدفع إيجار المحل عن التاجر من خلال قطعة ثياب أشتريها»، مؤكدة أن الشطارة تكمن في تقييم البضاعة ونوعيتها وسعرها، مع ثقة يفترض وجودها بين الزبون والتاجر.
ويجد بعض التجار أمام قلة البيع، فرصة لاستغلال الزبون، لتصل نسبة الربح إلى ثلاثة أضعاف سعر البضاعة، معللين ذلك بـ«الإيجارات الجنونية»، فيما تصل الأسعار في بعض «المحال الراقية» إلى ما يفوق أسعار أبرز متاجر العاصمة. وتقصد سناء، ابنة النبطية بيروت للتسوق، مؤكدة أن «البضاعة في النبطية معظمها مقلد».
التوسع في الاستثمار
في وقت تغلق العديد من المحال الجديدة أبوابها نتيجة الإفلاس، فإن بعض التجار يتوسعون في استثماراتهم، ويؤكد صاحب أكبر صالة عرض للألبسة الشرعية في النبطية أنها «لا تعتبر مدينة ذات حركة تجارية بارزة»، بل يصنفها «قرية كبيرة، ولا يمكن الانطلاق فيها من الصفر، بل يجب على التاجر أن يستند الى رأس مال قوي حتى يضمن استمراريته في السوق»، معتبراً أن «الحركة تعتمد على مواسم الأعياد وعاشوراء، في وقت أصبحت مجاراة التطور في أساليب البيع، والعرض، ونوعية البضاعة، أمرا لا بدّ منه لنجاح المحل والمحافظة على اسمه، هذا ما يحمّل التاجر في النبطية أعباء إضافية إلى جانب الإيجارات المرتفعة، ما يفرض عليه تعويض مصاريفه ببطء شديد مع الأيام». وافتتح منذ بضعة أشهر سنتر تجاري كبير، في شارع الصباح، بمواصفات عالمية من حيث التصماميم والبناء الزجاجي، ومواقف للسيارات تحت الأرض... ومع أن المجمّع غيّر في الطابع العام للمدينة، إلا أن مرتاديه معروفون من الطبقة الغنية، لأن الأسعار فيه، لا تصل إليها يد الفقير. كما يشارف مجمع تجاري كبير آخر على الانتهاء، في حارة كفرجوز في المدينة. ويشرح المسؤول الإعلامي للمشروع عصام نحلة أن خدماته «ستقدم على مساحة إجمالية تصل إلى خمسة وعشرين ألف متر مربع، من سينما وناد رياضي، ومراكز تجميل، ومسرح، ومحال الوكالات والشركات الأجنبية، التي تقدم كل أنواع الخدمات». إضافة إلى «مول» آخر مشابه بخدماته، يتم تشييده في مكان «سينما ريفولي» السابقة.
ويعلق بعض التجار آمالهم على أن «أسواق الطريقة الغربية، ستخلق جواً جديداً في الحركة التجارية، بحيث تعيد ابن النبطية إلى حضن مدينته، وتعيد الثقة المفقودة بين المستهلك والتاجر. إن من حيث النوعية أو السعر، ما يؤثر سلبا على العديد من المحال الحديثة العهد».
ويبقى السوق القديم في المدينة على حاله، فمعظم محاله ملك، وبالتالي «لا يتكبد أصحابها مصاريف الإيجارات، ومناعتهم أمام العواصف التي تهب بالسوق، أصبحت أقوى»، كما يقول عماد ياسين، صاحب إحدى المؤسسات التجارية. أما التاجر عصام وهبي فإيجاره قديم، ومع كل الزيادات على الإيجارات القديمة، لم يتجاوز إيجار محله الثلاثمئة دولار سنوياً. وذلك ما يساعده على الاستمرار، كما يقول. ويرى خليل ترحيني، وهو صاحب أحد المحال التجارية البارزة، أن «المولات الجديدة ستؤثر سلباً على الزبون، فتشتت قراره، بين المحال العادية وبينها»، مؤكدا أن «نجاح المحل يقاس من استمراريته وعدد زبائنه وليس كثرة أرباحه».

Script executed in 0.16597104072571