واذا كانت معظم البلديات تبحث دائما عن الاماكن البعيدة عن السكن دفعا للمشاكل التي يمكن ان تتسبب بها مع الاهالي رغم ان هذا الحل يبقي المشكلة ولكنه يحجبها عن مرمى البصر فقط، الا ان هذا الخيار لا يكون متوفرا في بعض الاحيان لاسباب مختلفة منها قرب البلدات من بعضها او ضيق المساحات العقارية للبلدية او تدخل بعض المتنفذين الذي يجبر البلدية على نقلها من مكان الى اخر او كل تلك الاسباب مجتمعة.
ولعل مكب بلدة حاريص – قضاء بنت جبيل، يشكل نموذجا صارخا على التسيب الحاصل في هذا المجال والذي شملت اضرارها كل الميادين، وهو القائم في قعر وادي بين بلدتي تبنين وحاريص، حيث تكون هذه الوديان مسربا للرياح الغربية وهو لا يبعد اكثر من عشرات الامتار عن اقرب المنازل.
ويشير شكيب فواز من بلدة تبنين، والذي يقع منزله ومطعمه ضمن نطلق دخان الحرائق والغازات المنبعثة من هذا المكب، الى ان عمال البلدية في حاريص يحرصون على اشعال النيران ليلا بهذا المكب مما يؤدي الى انتشار سحب الدخان والروائح الناتجة عن هذه الحرائق في نطاق عدة كيلومترات خاصة بوجود الرياح الغربية، ويؤكد فواز انه عن اشعال المكب يصبح من المستحيل التنفس او حتى التواجد في الاماكن التي يصلها الدخان مضيفا الى انه في عز الصيف ومع موجات الحرارة التي مرت على المنطقة كان من المستحيل علينا ان نبقي اي طاقة مفتوحة في البيت خوفا من الدخان وروائح النفايات.
ولا تقتصر مشاكل فواز مع هذا المكب على مكان عيشه بل يمتد الى مكان رزقه واولاده، مؤكدا بان من يتولون امر هذا المكب احبوا ان يرسلوا لنا عيدية الاضحى عبر الحريق لاسيما في اليومين الثاني والثالث للعيد مما ادى الى تطفيش الزبائن اضافة الى ما عنيناه من مشاكل طوال فصل الصيف وهو الموسم المفترض للعمل.
ومع تعذر الاتصال برئيس بلدية حاريص، اشار رئيس اتحاد بلديات القلعة الذي يضمايضا، نبيل فواز، الى ان هذه المشكلة تعتبر من اولويات الاتحاد المنشأ حديثا، خاصة وان تبنين محاصرة بنيران وروائح مكبات النفايات لجهتي حاريص والسلطانية، واوضح فواز بانه من المتعذر حاليا انتظار انشاء مركز للفرز وهو امر يمكن ان يحتاج الى سنوات لذلك فان الاتجاه الاقرب الى الواقع حاليا هو نقل هذه النفايات الى مناطق اخرى كما يحصل في عدد من البلديات المحيطة، وهو حل يمكن تحمل تكاليفه حاليا من قبل الاتحاد اذ يصل المبلغ الى حوالي 40 مليون ليرة لقاء نفايات جميع بلديات الاتحاد. ويتبعد فواز ان يكون احراق مكب حاريص يتم بصورة منظمة من قبل البلدية، مرجحا ان يكون تجار الخردة والحديد وراء ذلك كي يسهل عليهم البحث عن الخردة بين النفايات.
وهو امر يشير محمود دبوق الى خلافه اذ يؤكد دبوق بانهم سمعوا احد عمال بلدية حاريص يقول بانهم اشعلوا الحريق في الكب للتخلص من النفايات الا انهم لم يستطيعوا اطفائه لاحقا، مشيرا الى ان الحريق يستمر احيانا لاكثر من عشرين يوما نتيجة التفاعلات والغازات المتأتية عن النفايات، ومع الرياح المناسبة فان الوادي يتحول الى كتلة واحدة من الدخان في حين تصل تلك الادخنة الى برعشيت وشقراء وعيتا الجبل.
يضاف الى هذا بالطبع جملة من المشاكل الصحية والبيئة التي تصيب الجهاز التنفسي للمحيطين بهذا المكب، والمشكلة البيئية التي تصيب المزروعات والمياه الجوفية على حد سواء.