فالمستشفى الذي كانت انطلاقته على اعلى المستويات السياسية، لم تشكل تلك الانطلاقة اي دفع له تضعه على الخارطة الصحية الجنوبية، حتى انه يكاد يغيب عن يوميات المرضى الباحثين عن طبابة مناسبة لاوجاعهم، رغم ان ما تم تجهيزه من الات ومعدات طبية تجاوزت كلفتها العشرة ملايين دولار، وهي تعتبر الاحدث في الجنوب على الاقل اذا لم نقل في لبنان.
وحسب دراسة أعدّها مجلس الانماء والاعمار سنة 2004 ، يظهر أنه "يعيش في منطقة بنت جبيل ما يقارب 78 ألف نسمة شتاء، ويرتفع ذلك العدد صيفاً إلى حوالي 120 ألفاً، من أصل حوالي 200 ألف نسمة، وبحسب المعايير العالمية يجب توافر ما لا يقلّ عن 120 سريراً للمقيمين، و200 سريراً لمجموع السكان وذلك على قاعدة سرير لكل الف نسمة، وما لا يقل عن 10 أخرى، مخصّصة للقلب المفتوح على قاعدة سرير لكل عشرة الاف، بينما المتوافر الآن 44 سريراً فقط في مستشفى الشهيد صلاح غندور، التابع للهيئة الصحية الإسلامية.
وأبرزت الحرب كم كانت الحاجة ضرورية جداً لتشغيل المستشفى الحكومي في بنت جبيل، لأنّ مستشفى الشهيد صلاح غندور، الذي قدّم ما يستطيع تقديمه من خدمات للمصابين، لم يكن قادراً وحده على القيام بالمهمة الصعبة والإستثنائية، في منطقة كانت بحاجة ماسة للمساعدة في المجال الصحي وإجراء العمليات الجراحية، وفي الوقت الذي أصيب فيه المستشفى بأضرار مادية كبيرة جرّاء قصفه، إضافة إلى النقص في الأدوية والأمصال وانقطاع التيار الكهربائي وغير ذلك.
ويتألف المستشفى بحسب ما هو مقرر من 15 قسما صحيا وخدماتيا، ويضم 120 سريرا وهو الحاجة الفعلية للمنطقة.
وفي تصريح سابق كان رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور توفيق فرج، صرح بأن على أهالي بنت جبيل والمنطقة دعم هذا المرفق الحيوي، الذي يعتبر أهم مشروع أمان صحي لجميع المواطنين، ومشروع صمود للأهالي في الأرض، ومقاومة لمحاولات العدو في إبقاء هذه المنطقة على تخلفها وعدم تنميتها ".
الا ان الواقع على الارض يظهر بان هذا المستشفى لم يستطع وبعد حوالي 3 اشهر من العمل به الحصول على ثقة الاهالي الذين يفضلون "تجريب المجرب"، خاصة وان كثير من الارباك ترافق مع انطلاق العمل لجهة التعامل مع المرضى، وعدم وجود معيار ثابت لبدلات الاستشفاء وفروقات المؤسسات الضامنة، فحتى قبل وصول المدير من اجازته المرضية، كانت المستشفى تتقاضى 15 بالمئة من فاتورة المريض الذي يعالج على حساب وزارة الصحة فيما من المفروض ان تكون النسبة 5 بالمئة فقط، كما وصلت كلفة تغيير ضمادات الجروح الى اربعين الف ليرة وهي كلفة تفوق ما يدفع في المراكز الصحية الخاصة، وغيرها الكثير من الامثلة.
هذا بالاضافة الى ان هناك بعض الاقسام لم يجر تشغيلها بعد لاسيما قسم العمليات، ويعتبر موسى فقيه الى ان هذا القسم يعتبر الاهم في اي مستشفى، متسائلا ماذا سيفعلون لو ان مريضا احتاج الى عملية طارئة وهو داخل المستشفى، اليس من المعيب ان يتم تحويله الى مركز اخر وخاصة وان كلفة تجهيزه لم تكن قليلة، وماذا لو ان وضع المريض لا يحتمل هذا التأخير، لذلك يرى فقيه انه كان من الافضل للقيمين على المستشفى ان يأخروا انطلاقتهم بعض الوقت ريثما تتم جميع التجهيزات بشكل صحيح على ان يخطوا بخطوة ناقصة قد تتطيح بسمعته الحساسة وسمعتهم، وزد على ذلك قسم غسيل الكلى الذي كان حاجة ماسة لمرضى الكلى والذي لم ينطلق ايضا بشكل صحيح.
اما الحديث عن اعداد المترددين الى المستشفى فهو رقم لا يستحق ان يذكر قياسا بحجم هذا الصرح وما كان منتظرا منه، لذلك ترى مصادر داخلية فيه، بانه لا يمكن الحديث عن انطلاقة فعلية لهذا المستشفى قبل ازالة الكثير من المعوقات الادارية التي تضع العصي في الدواليب.