أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

معمل صور للنفايات ينتظر الساعة الصفر

الثلاثاء 21 كانون الأول , 2010 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,392 زائر

معمل صور للنفايات ينتظر الساعة الصفر
تراقب جميلة شور، باستغراب، شاحنة جمع النفايات التابعة لبلدتها طورا، وهي تعود فارغة من نفايات رأس العين. كانت السيدة تشارك في زيارة تفقدية للمكب نظمتها جمعية إيطالية لوفد من الناشطين، ضمن مشروع التنمية المحلية الممول من الحكومة الإيطالية في بلدات برج رحال وبدياس ودير قانون النهر وطورا والعباسية ومعركة وطيردبا. لكن شور لم تكن تعلم أنّ ما يصدر عنها وعن سكان بلدتها من نفايات ينقل إلى هذا المكان الذي يرتفع فيه تدريجاً، جبل دائم الاشتعال وسط مساحات شاسعة من الحقول الزراعية والبساتين. قبل أكثر من 15 عاماً، اتفق كل من محافظ الجنوب وقائمقام صور وبلدية صور ومنطقتها على استحداث مطمر للنفايات في قطعة أرض قدمها عاطف شبلي. وما وصف بـ«الصفقة غير المسؤولة» حينها، نص على أن تنقل بلديات المنطقة نفاياتها لقاء بدل مالي شهري يتقاضاه شبلي منها. ومع الأيام، نما المطمر حتى فاضت نفاياته ليصبح جبلاً ضارباً في الأرض والجو، يهدد من جهة المياه الجوفية التي تغذي آبار رأس العين وشبكات المياه لقضاء صور ومحيطه، ويسبب من جهة أخرى تلوثاً دائماً بسبب الدخان المتصاعد منه نتيجة اشتعال الغازات المنبعثة من النفايات، الذي يصل إلى مسافات بعيدة. لم تقتصر أزمة النفايات في المنطقة على المطمر الذي صار جبلاً، بل لم يمنع أيضاً ظهور عشرات المكبات والمحارق العشوائية التي تسبب الخطر والتلوث ذاته، مثل مكبي النفاخية وشحور، إلخ. هكذا، رفع اتحاد بلديات صور إلى وزارة التنمية الإدارية مشروع إنشاء معمل لمعالجة النفايات في عام 2005، وذلك في إطار خطة شاملة للمناطق يموّلها الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع الوزارة وجمعية الشبان المسيحية. المشروع حظي بالموافقة وبدأ بناء المعمل بتمويل مشترك بين الاتحادين بعدما قدمت بلدية عين بعال قطعة أرض في خراجها. وقبل عامين، اكتملت المنشأة بتجهيز الجمعية لها بالمعدات والآلات اللازمة التي خضعت لتجربة جاهزة وباتت بانتظار النفايات. حتى موعد زيارة الجمعية الإيطالية لعين بعال بعد رأس العين قبل يومين، كان المعمل نظيفاً تماماً، فيما يفيض معظم ما عداه بالنفايات والمحارق. والسبب يعود، بحسب رئيس بلدية صور وأحد المشرفين على المشروع المهندس حسن دبوق، إلى عدم الاتفاق على تخصيص مطمر للنفايات غير القابلة للتدوير التي ستفرز من مجمل 150 طناً من النفايات القادر المعمل على استيعابها يومياً. ولأن المطمر شرط من شروط الاتحاد الأوروبي والوزارة للتشغيل، عمل الاتحاد وفاعليات المنطقة على إقناع عدد من القرى المناسبة لاستقبال المطمر. الاحتمال الأول كان خراج بلدة طيرحرفا، فرفض سكانها الأمر. ومثلهم فعل أهالي بلدتي رشكناني وكفرا ثم الحلوسية. ومن قبل بالأمر وتحمس للإغراءات التي وضعها الاتحاد مثل إيداع البلدية التي توافق مئة مليون ليرة دعماً مالياً سنوياً، لم تكن تربة بلدته صالحة لاستيعاب المطمر. وكانت كل النوافذ قد سُدت حين بدأ الصدأ يتسلل إلى معدات المعمل، فتدخلت القوى الحزبية ونواب المنطقة لإقناع البلديات المحسوبة عليهم باستقبال المطمر. لكن إذا وافقت البلديات، فإنها لن تستطيع الصمود أمام رفض الأهالي، ما يهدد لاحقاً استمرارها في العمل. وبعد انتظار طويل، تمخض مشروع حل عن الاجتماع الأخير لاتحاد بلديات القضاء حيث تألفت لجنة خاصة للبحث عن مطامر في بلدات عدة مناسبة. بناءً على ذلك، أكد المجتمعون أنّ المطمر لا تتحمله بلدة واحدة، بل يجب أن تتشارك فيه المسؤولية بلدات عدة تستوعب كل منها المطمر لثلاث سنوات متتالية. ويتفاءل المعنيون بأن يلقى هذا الاقتراح تجاوباً تمهيداً لتشغيل المعمل، لكنه لن يكون خاتمة الشروط المطلوبة، كما يقولون. بدوره، يوضح دبوق أنّ «اتحاد البلديات فتح الباب أمام إجراء المناقصات من جانب شركات متخصصة في إدارة معامل الفرز والتدوير وفق دفاتر شروط جاهزة بالتعاون مع وزارة التنمية». وفي جزء من المناقصة، على الشركة الفائزة الاستعانة، كما يقول، بعمال من أبناء المنطقة وتدريب فريق عمل محلي يتولى التشغيل لاحقاً ويسوّق مغذي التربة الذي سينتج من النفايات بعد فرزها وفرمها وتخميرها، إلى جانب الاستعانة بشركات تشتري البلاستيك والحديد والورقيات بعد فرزها. في المقابل، طالب عاطف شبلي الذي أجّر أرضه يوماً لمكب النفايات ليكون مطمراً «مَن ولّد المشكلة بحلها عبر تسهيل حصوله على ترخيص لرفع ردم من هنا وهناك ويردم بها المكب». ويهدد بإقفال المكب أمام استقبال المزيد من النفايات في حال تركه وحده بعد تشغيل المعمل.

Script executed in 0.17079901695251