أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الجنوب 2010: مواجهة العديسة علامة فارقة.. و«موال» الغجر

الإثنين 27 كانون الأول , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,264 زائر

الجنوب 2010: مواجهة العديسة علامة فارقة.. و«موال» الغجر
واذا كانت الزيارتان غير المسبوقتين لكل من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، هما الأبرز سياسيا، فإن مواجهة العديسة بين الجيش اللبناني والعدو الاسرائيلي، كانت الأبرز أمنياً، فيما استمرت الخروقات الجوية الاسرائيلية على حالها، وبرز عنصر الكشف على تجسس الاسرائيليين على قطاع الاتصالات الرسمية وتلك العائدة للمقاومة، وتساقط المزيد من شبكات العملاء وان كان بزخم اقل عما شهده العام 2009، فيما ظلت قرية الغجر الحاضرة الغائبة مع استمرار المماطلة الاسرئيلية بالانسحاب من شطرها الشمالي.
كشفت وقائع مواجهة العديسة في الخامس من آب، وما أعقبها من ردود فعل أن تلك المواجهة الشهيرة كان يمكن أن تشكل عود الثقاب الذي من شأنه أن يؤدي لاشتعال الأعمال الحربية المتوقفة منذ منتصف آب 2006، خاصة بعد أن أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد تلك الاشتباكات أن أصابع المقاومين كانت على الزناد فيما لو تمادى العدو في عدوانه، راسما بذلك معادلة مستقبلية جديدة بين الجيش والمقاومة، معلنا أن المقاومة لن تقف في أي مواجهة مقبلة على الحياد. وفي الوقت نفسه، تبين أن قيادة الجيش اللبناني، تصرفت في ضوء معطيات أمنية ودبلوماسية، وفق احتمال أن يؤدي تمسك لبنان بموقفه الى حافة مواجهة استدعت إعطاء أوامر بالاستعداد لإخلاء كل المقار والثكنات العسكرية بما في ذلك وزارة الدفاع، تحسبا لإقدام الإسرائيليين على خطوة ضد لبنان وجيشه.
وقد كشفت بعض الوقائع أيضا أن قيادة «اليونيفيل» كانت تنقل الرسائل وهي طلبت التمهل من الإسرائيليين، وبينما كان أحد قادتها المولجين بالتفاوض متوجهاً بطائرة مروحية من اليرزة إلى الناقورة، كان الإسرائيليون قد اتخذوا قرارهم الذي استوجب ردا من الجيش فاجأ الإسرائيليين.
وكانت تلك الأحداث قد بدأت على خلفية إقدام فرقة من الجيش الإسرائيلي على محاولة قطع عدد من الأشجار على المقلب اللبناني من «الخط الأزرق»، ومع عدم امتثال تلك القوات لتدخل قوات «اليونيفيل» وطلبها التمهل، رد الجيش اللبناني بإطلاق النار التحذيري ومن ثم المباشر حيث وقعت مواجهة بين الجانبين استعمل فيها العدو طائراته المروحية ودبابات الميركافا، وسقط بنتيجتها شهيدان للجيش اللبناني بالاضافة الى الشهيد الزميل عساف بورحال، وسقط في المقابل، قتيلان للجيش الاسرائيلي أحدهما برتبة مقدم.
وقد رسمت تلك المواجهة الصورة المقبلة لما يمكن ان تكون عليه الامور في أي مواجهة مقبلة على أرض الجنوب، خصوصا لجهة ترسخ العقيدة القتالية للجيش اللبناني، فيما كان الاسرائيليون يراهنون على العكس، وقد ارتفعت بعد المواجهة، أصوات عسكرية اسرائيلية تتحدث عن تحول استراتيجي في تعاطي الجيش اللبناني، فيما مارست جهات في الكونغرس الاميركي ضغوطا بينها المطالبة بتجميد المساعدات العسكرية للجيش اللبناني في انتظار الحصول على تعهدات بمنع تكرار هذه الحادثة.
وفي حين يرى النائب علي بزي أن الجيش، في ما خص حادثة العديسة، قد قام بواجبه الوطني بالرغم من الامكانات المتواضعة التي يملكها مقارنة بما لدى العدو الاسرائيلي، أشار الى ان هذه الحادثة يمكن البناء عليها في تقدير ردة الفعل اللبنانية في أي اعتداء مقبل في ما خص ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
وقد أشارت التقارير الغربية الى ان الجيش اللبناني في «موقعة الشجرة» نجح في الاختبار وأثبت انه «على أهبة الاستعداد للقتال وأنه قادر على الرد بقوة إذا لزم الأمر، وصد أي تحرك إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية. أما العدو الإسرائيلي فأراد جس نبض الجيش اللبناني من خلال الإقدام على اقتلاع شجرة في الجانب اللبناني والزعم بسقوط صواريخ في الجليل والرد عليها بقصف مدفعي للجنوب، وذلك بهدف قياس مدى استعداد الجيش للولوج إلى المواجهة في حال اندلاعها».
شبكات «الدومينو» الاسرائيلية
على صعيد مكافحة التجسس الاسرائيلي، شهد العام 2010، إنجازا نوعيا لمخابرات الجيش اللبناني والمقاومة تمثل في الكشف عن منظومتي اتصالات في أعالي جبل الباروك وجبل صنين الاستراتيجيين، تم زرعهما في أعقاب «حرب تموز 2006» وهدفهما محاولة رصد كل ما تقوم به المقاومة من تحركات ليلا ونهارا في المناطق الممتدة بين الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا وبين البحر غربا، بما في ذلك العاصمة والضاحية والخط الساحلي، بالاضافة الى خط بيروت دمشق وبعض المعابر الاستراتيجية.
وفيما فتح هذا الإنجاز الباب أمام محاولة استكشاف إمكان زرع أجهزة أخرى في مناطق لبنانية عدة، فإن المقاومة نجحت قبل ذلك، بالتنسيق أيضا مع الجيش اللبناني، في الكشف عن زرع أجهزة تنصت إسرائيلية على الشبكة الداخلية للمقاومة.
ففي عمليتين منفصلتين، تمكنت المقاومة من اكتشاف جهازي تنصت إسرائيليين تمكنت قوات كومندوس اسرائيلية من زرعها على خطوط الاتصال الداخلية التي تستعملها المقاومة، في خراج بلدتي حولا ومجدل سلم، وعمد العدو إلى تفجيرهما عن بُعد إثر اكتشافهما.
أما الخروقات الجوية الاسرئيلية، فقد استمرت على وتيرتها اليومية المرتفعة، فيما اقتصرت ردة فعل «اليونيفيل» على تعدادها اليومي بالتاريخ والساعة، وذكرها الخجول في التقرير الدوري لتنفيذ القرار 1701.
الغجر تحررت.. لم تتحرر
عشر سنوات مرت على التحرير، ونصفها تقريبا على عدوان تموز 2006، ومثلها على صدور القرار 1701، الذي أشار الى وقف الاعمال الحربية، وانسحاب الجيش الاسرائيلي الى ما وراء «الخط الازرق»، والذي يشمل الانسحاب من القسم الشمالي اللبناني من قرية الغجر المحتلة، إلا أنه رغم ذلك، لم تنته فصول الاحتلال الاسرائيلي بعد، رغم أن الحديث عن قرب الانسحاب الاسرائيلي منها ترتفع وتيرته كل فترة قبل ان يطوى الحديث وتعود القرية بأهلها الى النسيان حتى موعد جديد عن قرب الانسحاب.
زيارات رئاسية ومحاور إقليمية
الى ذلك، شكلت الزيارتان التاريخيتان لأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، الى الجنوب في العام 2010، منعطفا سياسيا هاما، حيث زادتا من رصيد المقاومة السياسي، في المعادلة الاقليمية، مع تأكيد الاول على حق الشعب اللبناني بالمقاومة، وإعلان الثاني أن الجمهورية الاسلامية في ايران (على ما تملكه من إمكانيات)، لن تكون متفرجة في المرة المقبلة اذا ما تعرض الجنوب لأي اعتداء اسرائيلي، معلنا من بنت جبيل، ومن المكان نفسه لخطاب بيت العنكبوت الذي ألقاه السيد حسن نصر الله في ايار 2000، عن محور جديد، يضم الى ايران وسوريا، تركيا ولبنان.
وكان يمكن لوجود رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي رافق رئيس الجمهورية ميشال سليمان والامير القطري بالاضافة الى الرئيس نبيه بري، في عاصمة المقاومة والتحرير، أن تذيب شيئا من الجدار الجليدي الذي يفصل بينه وبين قسم لا بأس به من أبناء الوطن لو أن الزيارة قد جرى استثمارها بالشكل الصحيح، إلا ان برودة الحريري في زيارته الاولى في معقل المقاومة الجنوبي، وعدم تلقف حضوره ليكون له كلام بالمناسبة، جعل زيارته مجرد مرور بروتوكولي في ظل أجواء ملبدة سياسيا.

Script executed in 0.21310806274414