أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كميون رمل مقابل كلّ كميون زبالة في صور

الأربعاء 29 كانون الأول , 2010 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,161 زائر

كميون رمل مقابل كلّ كميون زبالة في صور

صور | وصل «الدلاَلُ» الذي تمنحه القوى الأمنية والمؤسسات الرسمية لبعض الفئات في مدينة صور، إلى تسهيلها سرقة كميات من الرمول مقابل رميها كميات مماثلة من النفايات والردم. وعليه، يستطيع من يرغب من النافذين والمدعومين، أن يتوجّه الى المدخل الجنوبي لصور قبالة الكورنيش البحري. هناك يمتدّ عقار شاغر على مساحة آلاف الأمتار تعود ملكيته الى عدد من الوزارات. وإذ تمّت الموافقة على تخصيصه لبناء مبنى جديد لمستشفى صور الحكومي، يجري استثماره منذ سنوات وحتى ذلك الحين، في إلقاء كميات كبيرة من ردم المدينة وجوارها ونفاياتها. وقد استحدث المستثمرون إدارة جديدة للعقار منذ مدة، تقوم على إنشاء حفر كبيرة لطمر النفايات التي تغطّى بالردم. أما الرمول التي سحبت من الحفر بواسطة الجرافات، فتُنقل بالشاحنات إلى جهات مجهولة بعد أن تُغطّى الحمولة بكميات من النفايات بغرض التمويه.
هذا العرض الخاص ساري المفعول على مدار السنة، يُقدّم في الفترة الأخيرة في العقار الاستراتيجي الذي يحدّه من جهة سوقُ الخضر الرئيسي في المنطقة ومن جهة جانب من الحديقة العامة. أما من الجهتين الشرقية والجنوبية، فهناك فرع الجامعة اللبنانية ومعهد مهني ومدرستان رسميتان. ومن الغرب تنتشر معارض سيارات وعدد من المقاهي الشعبية ومركز الصليب الأحمر اللبناني. والنتيجة حتى اليوم، أكوام من النفايات التي تعلو في كل جانب، لكنها مع ذلك لا تستطيع إخفاء آثار نقل الرمول التي حلّت مكانها مكبّات صغيرة للنفايات.
بإمكان المتجول في العقار، أن يحسب نفسه معرضاً لأنواع النفايات من البقايا الصادرة عن مسالخ الدجاج واللحوم الى سوق الخضر والنفايات الطبية من المستشفيات المجاورة، فضلاً عن قسم خاص للألبسة والنفايات المنزلية. أما القسم الأبرز فهو الخاص بإطارات السيارات التي تستثمر حتى بعد رميها، إذ يقدم مجهولون ثكراراً على إشعالها للاستفادة من الأسلاك النحاسية التي تدخل في صناعتها. وللغاية، تبذل فرق الإطفاء في الدفاع المدني مجهوداً خاصاً لإطفاء حرائق الإطارات التي كان آخرها الحريق الذي سجل ظهر أمس وأدى إلى تكوّن سحابة ضخمة من الدخان الأسود غطّت أجزاء من المدينة. «المجزرة» البيئية التي ترتكب في العقار لا تلاقي اهتماماً من المعنيين. فالقوى الأمنية التي لا تبعد ثكنة إحداها إلّا أمتاراً عن المكان، تعدّ نفسها غير معنية وتحيل المسؤولية الى بلدية صور التي يقع العقار في نطاقها البلدي، علماً أن القانون يحتّم على القوى الأمنية أن تتحرى لدى سائقي شاحنات الرمول عن شرعية تحركهم والرخصة التي يملكونها لسحبها ونقلها. من جهة ثانية، أكد مصدر في البلدية لـ«الأخبار» أن المجلس البلدي «فعل كل ما بوسعه لردع الفاعلين عن سرقة الرمول والعبث بالعقار»، فقد أنشئ ساتر إسمنتي وحواجز من الصخور والردم «لإقفال جميع المنافذ أمام الشاحنات المخالفة التي تعمل في الليل». إلا أن ذلك لم يقفل الباب، وخصوصاً أن البلدية أبقت على منفذ واحد لآلياتها، فاستخدمه السارقون أيضاً. وقلّة عديد الشرطة البلدية «يعوق الحراسة الدائمة للعقار الذي على القوى الأمنية أن تحميه أيضاً» بحسب المصدر.
اللافت هو أن سرقة الرمول الجارية على مرأى من الحسيب والرقيب، لا تعكس دهشة واستفزازاً لدى الصوريين.
وما لا يجد له الكثيرون تبريراً هو: لماذا تلجأ بلدية صور الى رمي جزء من نفاياتها في العقار، علماً أنها عضو في إدارة مكب دير قانون رأس العين الذي يستوعب نفايات المنطقة برمّتها منذ أكثر من خمسة عشر عاماً؟ والسبب برأي أحد البلديين هو «توفير كلفة نقل النفايات إلى رأس العين الواقع على بعد كيلومترات والذي فاض بنفاياته التي تبقى مشتعلة على مدار الساعة».
دخان رأس العين الذي أصبح منارة للقاصي والداني، سيجد له مثيلاً في العقار وسواه، فهل يتّجه المعنيون الى تكريس العقار مكبّاً مركزياً بعد تنفيذ قرار إغلاق مكبّ رأس العين المزمع في الخامس عشر من الشهر المقبل في الوقت الذي لا يبدو فيه قرار تشغيل معمل عين بعال لفرز النفايات قريباً؟

Script executed in 0.1776819229126