أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مطار بيروت: احتفالات بزوار الأعياد في بلد المهاجرين

الجمعة 31 كانون الأول , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,775 زائر

مطار بيروت: احتفالات بزوار الأعياد في بلد المهاجرين
في مطار رفيق الحريري الدولي زحمة وافدين. قبلات وعناق ودموع بين سمير قطار من بيروت وأشقائه وشقيقاته. سافر سمير إلى الولايات المتحدة قبل تسعة وعشرين عاما، وتلك هي المرة الأولى التي يعود فيها إلى بلده، لقضاء رأس السنة مع أفراد عائلته الذين كبروا وتزوجوا وأنجبوا في غيابه، وهو لا يعرف أولادهم إلا عبر الصور.
يقول إنه لا يعرف لبنان، «وعندما أتناول اللبنة وأشم رائحة التراب سوف أبدأ بالتصديق أني وصلت إليه». لكنه جاء في زيارة فقط، وسوف يعود.
في بلد يبلغ عدد مهاجريه ثلاثة أضعاف عدد أبنائه المقيمين، يشكل مطاره مركز احتفالات شبه دائمة لاستقبال العائدين أو الزائرين، وتكثر الاحتفالات في مناسبات الأعياد، فيتنافس الأهل، وهم الأمهات والآباء والأشقاء والزوجات والأولاد، على الوقوف عند السياج المخصص لرؤية الآتين من الطائرات. منهم من يحمل باقات الزهور، ومنهم من يمضي وقت الانتظار في الحديث عن العائد، ومنهم من يسأل عن وقت هبوط الطائرة التي ينتظرها.
بعد ذلك، تتحول أنظار هؤلاء جميعا باتجاه واحد، عندما يبدأ أحباؤهم بالمرور من أمامهم خلف السياج، فيشيرون إليهم بفرح، ومنهم من لا يحتمل الانتظار، فيطلب من العائد الاقتراب من خلف السياج من أجل عناقه وتقبيله.
يوضح المدير العام لشؤون المغتربين هيثم جمعة أن عدد المغتربين الذين يحملون الهويات اللبنانية يقدر بثلاثة ملايين مغترب، وذلك استنادا إلى عدد الناخبين المغتربين الذي يبلغ ما يقارب مليون ونصف مليون ناخب. أما عدد المهاجرين المتحدرين من أصل لبناني فيصل إلى ما يقارب الأحد عشر مليون مهاجر.
بناء عليه، هناك عائلات كثيرة في لبنان اعتادت سلوك طريق المطار للتوديع وللاستقبال، بينها سيدة من آل كوثراني من الجنوب كانت تنتظر مع ابنتيها الصغيرتين شقيقها العائد من ألمانيا. تقول إن والدها وشقيق آخر هاجرا إلى أميركا، ويأتي الثلاثة كل صيف إلى لبنان، لكن حسن المقيم في ألمانيا حصل على عطلة لمدة عشرة أيام لمناسبة رأس السنة، فقرر المجيء لقضائها مع أهله.
من جهته، يفيد رئيس دائرة الاحصاءات في المديرية العامة للطيران المدني طوني فرح أن عدد الوافدين زاد حتى ليلة الميلاد بنسبة خمسة في المئة عن العام الماضي، ويفترض أن تصل النسبة حتى اليوم في الحادي والثلاثين من الجاري، بين ثمانية وبين عشرة في المئة، مشيرا إلى أن مطار بيروت شهد العام الماضي النسبة الأكبر من الوافدين منذ إنشائه.
ويقول فرح إن الملاحظ هذا العام كان زيادة عدد السياح الأوروبيين بين الركاب، بسبب العواصف الثلجية التي تضرب أوروبا، وبحثهم عن أماكن دافئة لقضاء الميلاد ورأس السنة. وقد جاء غالبية السياح من مطارات فرانكفورت وروما ولندن وباريس.
وبحسب إحصاءات المديرية، فقد بلغ عدد الركاب الوافدين بين الخامس عشر والثامن والعشرين من الجاري، 128 ألف ومئة وخمسة ركاب، وعدد المسافرين 86722 ألف راكب، وبينهم طبعا لبنانيون يرغبون بقضاء العطلة في الخارج. أما في العام الماضي، فقد بلغ عدد الوافدين خلال الفترة نفسها، 122 ألفا و478 راكبا، وعدد المسافرين 79608 ركاب.
ويتوقع فرح وصول عدد الركاب العائدين حتى الحادي والثلاثين من الجاري إلى ما يقارب المئتين وخمسين ألف راكب.
ومع ذلك، كانت مديرية الطيران المدني تتوقع وصول عدد أكبر من الوافدين، لكن الاضطراب السياسي الذي سببه القرار الظني أدى إلى تريث عدد كبير من اللبنانيين والسياح في المجيء، خوفا من حصول توترات أمنية.
ومن بين المستقبلين في المطار، حسين الخطيب الذي عاد حديثا إلى البلاد بعدما أنجز دراسته في إدارة الأعمال في الولايات المتحدة، ويدرّس حاليا في جامعة «إل آي يو». جاء حسين مع مجموعة من أصدقائه لاستقبال ابن عمه المقيم في الولايات المتحدة من أجل قضاء العطلة سويا.
يقول حسين إنه يشاهد الفوضى يوميا في الشوارع، ويعاني من انقطاع الكهرباء والمياه، لكنه يريد التأقلم مع الوضع بسبب حبه في البقاء بالقرب من أهله.
ومثل حسين، حاولت رولا التي لم تذكر اسم عائلتها، إقناع حبيبها بالبقاء في بيروت، فتزوجت منه، واشترت منزلا وفرشته، لكنه لم يستطع الصمود أكثر من أسبوعين، وعاد إلى باريس حيث يعمل في صناعة العطور. كانت رولا تنتظر طائرته في المطار لقضاء ليلة رأس السنة معا في لبنان، قبل أن يسافرا للعيش في فرنسا. تقول إن زوجها يشغل بالها من الصباح حتى المساء، فهو يعتبر الناس مجانين في الطرق، والبائعين يحتالون للبيع بأسعار أعلى، وأصحاب العمل يشغلون عمالا وموظفين بمهارات غير كافية من أجل إعطائهم أجوراً منخفضة، والإدارات الرسمية شبه عاطلة من العمل، ويواجهها دائما بعبارة: لا شيء يجبرني على ترك الحياة المنتظمة، لكي أعيش في الفوضى.
أما السيدة نجوى دكاش، فقد طلبت توجيه رسالة تقول فيها: «أنا عشت ثمانية عشر عاما في أميركا، وعدت إلى لبنان نهائيا إلى لبنان مع أولادي وزوجي وهو طبيب»، وتسأل: «لماذا سنبقى في الخارج؟ هنا بلدنا وسوف نبقى فيه. الفلوس ليست كل شيء في الحياة، هنا نشعر بالراحة، وليس بالنسبة لنا مكان آخر أفضل من بلدنا».
وعند طرف القاعة الكبرى، كانت سيدة تدعى كنار تجر أغراضها، وقد تحدثت بعربية مكسرة، وقالت إنها أرمنية لبنانية، هاجرت خلال فترة الحرب الأهلية في العام 1979، لكنها تأتي كل صيف إلى لبنان، وقد اختارت هذا العام المجيء لمناسبة رأس السنة هربا من ثلوج شيكاغو، والاحتفال مع أصدقائها في بيروت.

Script executed in 0.21740293502808