وتختلط في هذا الموسم الرغبة بممارسة هذه الهواية التي تعتبر الاقدم في التاريخ، مع الحظر القانوني المفروض لاسيما في هذه المناطق الامنية التي تتكدس فيها الافواج العسكرية على مقلبي الحدود.
الا ان الصيادين لازالو ينجحون في العثور على اماكن مخفية عن عيون المراقبين لممارسة هذه الهواية معتمدين في كثير من الاحيان على تلكؤ رجال الامن في الحاق بهم داخل الاحراج او في الوديان سيرا على الاقدام.
مشعلين "جبهات قتالية"، بدءا من الصباح الباكر حتى ما قبل الظهر، يخرج الصيادون يوميا مطاردين هذا النوع من الطيور "العابرة" والمهاجرة من أوروبا وتركيا باتجاه أفريقيا (مصر)، حيث تتحول حقول الجنوب الى محطة راحة لاسراب هذه الطيور وممراً ومسكناً الزاميا ودافئاً في رحالاتها الموسمية.
الا ان لهذه المعركة تحضيرات لوجستية تبدأ اعتباراً من غروب شمس اليوم الذي يليها كما يشرح احد الصيادين، فيتوجه الصيادون الى الحقول باحثين عن مكان مناسب لنصب كمائنهم الصوتية والتي هي عبارة عن ماكينة تسجيل لاصوات هذه الطيور خلال موسم تزاوجها حيث تستمر اصوات هذا الكمين تتردد طوال الليل جاذبة حولها عشرات واحيانا المئات من الطيور، ومع سطوع خيوط النور الاولى يكون الكامنون قد اصطفوا بأنتظامهم تاركين للكلاب المدربة مهمة اخراج هذه الطيور من مخابئها وتشتعل عندها الجبهة التي لا تتوقف الا مع عودة الكلاب الى جوار اصحابها معلنة خلو المنطقة من اي طائر.
وتعتبر هذه الهواية مصدر رزق اضافي لعدد من الحلات التي يغامر اصحابها ببيع "الخرطوش" الخاص بالصيد رغم الحاجة لاى ترخيص خاص بذلك، ويشير احد اصحاب المحلات الى انه في هذا الموسم يتضاعف الطلب على خرطوش الصيد، فيرتفع البيع من علبة او علبتين في الايام العادية الى اكثر من 75 علبة في اليوم ايام المواسم، ويبقى الوضع على حاله رغم الارتفاع المتزايد لاسعار الخرطوش، ويشير علي سعد وهو احد صيادي بنت جبيل الى ان "علبة الخرطوش في السابق لم يكن سعرها يتجاوز الـ 6000 ليرة، اما اليوم فقد سجل ارتفاعا جنونيا لسعر العلبة ليبلغ السعر الادنى لها 11000 ليرة ما يشكل العبء الاساسي علينا في هذا الموسم، ويضيف ان الغلاء الحاصل للخرطوش يجعلنا نقلل من رحلاتنا اليومية للصيد لتصبح مقتصرة على يوم الجمعة فقط وهو يوم العطلة او بعض العصرونيات"، و نظراً لغلاء الخرطوش فضّل بعض الصيادين استبدال بندقيتهم بالشبكة التي يستطاع التقاط الفر بها بكل سهولة. وتشير جهات معنية ان سبب غلاء الخرطوش هو عالمي وليس محلي لسبب ارتفاع اسعار المواد الخاصة عالمياً .
ولا تنتهي مشاكل الصيادين مع الغلاء بل ان نصيبهم من عدوان تموز 2006 لايزال يلاحقهم حتى اليوم، فقد منعتهم تلك الحرب من التوجه الى ميادنهم الاساسية للصيد مثل مرج يارون والذي كان يعتبر المقصد الاساسي لصيد الفر وذلك بعد تحولت الى مناطق عسكرية يسكنها الجيش اللبناني و قوات اليونيفيل ، فتحولت هذه الهواية التي يفترض ان تكون بالنسبة لهم فسحة للتسلية والرياضة وتمضية الوقت الى مخاطرة بحياتهم وبالرغم من ذلك فان بعض الهواة يخاطرون بانفسهم و يفضلون الصيد فوق هذه الاراضي.
ويجمع الصيادون بان هذه الهواية ليس لها الى مخاطر على الصعيد البيئي او التوازن في الطبيعة، فهذه الطيور هي من الانواع المهاجرة الغير مقيمة وهي تمر فقط فوق لبنان وبالتالي لن يؤثر صيدها على البيئة.