بمناسبة التحرير الميمون سنة 2000 ، وأمام الشهداء الأبرار الميامين في عليائهم ، أولئك الذين ضمخوا تراب أرضنا المباركة بدمائهم الطاهرة ، والذين بذلوا أرواحهم في سبيل تحريرها من رجس الإحتلال الصهيوني الغاشم ، وتحرير الإنسان في هذه المنطقة ، ورفع سوط الذل والإرهاب والظلم عن كواهلنا ، وأمام قامات المقاومين الأبطال ، الذين ننحني بخشوع وإكبار أمام عطاءاتهم التي لاتعد ولاتحصى ، وأمام جيشنا الوطني المقدام ، الحاضن ، والداعم والمساند للمقاومة والحامي للشعب ، وأمام صمود الأهل وتمسكهم بالأرض والتاريخ والقيم الخالدة والنبيلة ، والكرامة والعزة والعنفوان والكبرياء ، أمام هؤلاء جميعاً ، الذين يشكلون الثالوث المقدسي : الجيش والشعب والمقاومة ، نرفع إسمى آيات الإجلال والإعتزاز لهؤلاء جميعاً في ذكرى التحرير المجيدة ، في هذا العيد الذي لا يعتبر عيداً لنا فقط ، وإنما عيد لكل الأحرار والأعزاء والمستضعفين ، والمنتصرين على أعداء الله والإنسانية في كل مكان .
إن ذلك الحدث التاريخي ، كان إنتصاراً عظيماً لقوة الإرادة الشعبية المؤمنة بحقها ، والمصممة على تحريرالأرض من المغتصبين المحتلين الصهاينة ، والقادرة على الإنتصار على إرادة القوة المسلحة بأعتى أدوات القتل والدماء ، والمنفلتة من كل الضوابط القانونية والشرعية والأخلاقية ، بأبوة غامرة من الإرادة الأميركية .
أن الإنتصار الذي تحقق كان إنتصاراً واضحاً وصريحاً جداً ، لثقافة الممانعة والحرية والإرادة الصلبة الحقة ، والمواجهة والإبداع العلمي والتقني ، على ثقافة الإستلام والإستجداء والخضوع والإفلاس ، وعلى ثقافة " قوة لبنان في ضعفه " ، وإن " العين لا تستطيع أن تقاوم المخرز " هو بإختصار إنتصار لثقافة المقاومة على ثقافة الإستتباع والتخاذل والهزيمة .
من هنا يصبح إعتبار هذا الإنجاز التاريخي ، نصراً للشعب اللبناني في بكافة فئاته ، كما هو نصر للأمة العربية والإسلامية ، كما أكد بإستمرار قائد المقاومة وسيدها " الأمين العم لحزب الله ، سماحة المجاهد السيد حسن نصرالله ، حماه الله كما يعتبر قوة دفع لحركة النضال والجهاد في منطقتنا العربية والإسلامية وخاصة ساحة المواجهة الرئيسية في فلسطين .
ان هذا الانجاز الكبير الذي تحقق بفضل مقاومتنا وجيشنا وشعبنا الأبي الصامد الصابر ،الحاضن استدعى العمل على تحصينه ،خاصة في الداخل ، في وجه المتاوين والمتخادلين ، والرتبطين أجندات خارجية عدوة ، ويستدعي اليوم العمل بشكل أقوى ،على حفظه وتكريسه ، فهو الوحيد القادر على ابقاء لبنان قوياً ، منيعاً ونحن اليوم بأمس الحاجة الى استرجاع ذكرى التحرير للاعتبار وأخذ الدروس ،أمام الهجمة الشرسة التي تشن يومياً ، في الداخل والخارج ، على المقاومة وشعبها ، وعلى سوريا التي تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها ، وأشرس فتنة تحركها دوائر الاستكبار العالمي ، لضرب حركة الممانعة التي تمثلها سوريا، وفك الارتباط بالجمهورية الاسلامية في ايران ، وإيقاف الدعم اللامحدود والمطلق ،للمقاومة في لبنان وفلسطين ،وكذلك الضغط على ايران الثورة ، في محاولة لثنيها عن مواصلة برامجها التطورية على الاصعدة كافة ، ووقف احتضانها لكل الحركات التحررية ضد الهيمنة الغربية ولاميركية.
ان كل ما يقوم به الاستكبار العالمي ، هدفه تركيع الممانعين جميعاً ليسود منطق التسويات مع الصهاينة، والعودة الى منطق السابع عشر من أيار المشؤوم والأسود في لبنان .
مرة أخرى ان شعبنا يثبت يوماً بعد آخر انه قوي ، قادر على المواجهة والتصدي والانتصار خاصة من خلال قناعته بأحقية قضيته ، ومن إيمانه الراسخ بمقاومته ، وضرورة الالتفاف الدائم حولها ، وعدم طعنها من الخلف وعدم التآمر عليها .
أرضنا مقدسة، وزادت قداسة وشرفاً بأمتزاج ترابها بدماء الشهداء ، تحية لهؤلاء ، تحية إلى الأرض التي ضمت في حناياها المحبين والشرفاء .
د.مصطفى بزي
24/5/2011