أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بلديات تحت المجهر ..عيتيت: اتهامات بالجملة.. و«رئيس البلدية لا يردّ»

الجمعة 03 حزيران , 2011 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 12,290 زائر

بلديات تحت المجهر ..عيتيت: اتهامات بالجملة.. و«رئيس البلدية لا يردّ»

كانت تسمى عين التين، وفي مصدر آخر ورد اسمها «عيتيتا» الى أن أصبح اسمها الحالي.. «عيتيت»، تبعد عن مدينة صور15 كيلومتراً، وعن العاصمة بيروت 90 كيلومتراً، عدد سكانها 10000 نسمة، 60 % منهم يعدّون من سكانها الأصليين، أمّا البقية، فهم ممن نزحوا من منطقة الشريط الحدودي.
تحدّ عيتيت من الجنوب قانا، ومن الشمال وادي جيلو، ومن الغرب عين بعال، ومن الشرق جويا، أما عائلاتها فهي: محسن، عطوي، بزّون، جباعي، عبد علي، مروّة، مغنية، طحيني، درويش، دقّا، والحسيني، وعدد أعضاء بلديتها 12 عضواً.
تعاني البلدة اليوم انفصاماً كاملاً بين قسم كبير من أهاليها من جهة، وبين البلدية المنتخبة قانونياً وديمقراطياً.
«البناء» جالت في البلدة، واستطلعت من المواطنين أحوالهم، وآراءهم حول أداء البلدية، وحول خططها التنموية، لكنهم أمطروها بوابل من الانتقادات، كافية لأن تردّ البلدية عليها، لكنها وللأسف، تهرّبت حتى اللحظة الاخيرة من لقاء لتبيان وجهة نظرها.
محمد بزّون
انطلاقة البلدية لم تكن موفقة، «فما من نشاطات أو أعمال يمكن قياس أداء البلدية على الأرض عبرها، لا بل هي نسخة طبق الأصل عن سابقتها، إهمال وفوضى وعدم متابعة»، هذا رأي محمد عفيف بزّون ببلدية عيتيت، هو لا ينكر نزاهة أعضائها وسمعتهم الطيبة، «لكن المشكلة أنهم ليسوا في مكانهم المناسب، فما من تواجد اجتماعي لأكثرية الأعضاء حتى المتعلمين منهم، مع العلم ان العلاقات الاجتماعية شرط أساسي في العمل البلدي، لكن الاحتكاك مع الناس يبقى أفضل من البلديات السابقة وسبب هذا الاحتكاك المشاكل التي تحدث بينهما، وفي ما يخص التفرغ للعمل البلدي فإنه مفقود عندنا، لأن أعمالهم لا تسمح لهم بذلك، حتى الرئيس لا يلتزم بالدوام الكامل، عدا عن عدم وجود خبرة واسعة لديهم، والعشوائية في العمل، وأكثر من ذلك عدم التزامهم القوانين، وأكبر دليل على أنهم يعملون من دون قانون، مشروع أقنية المياه الذي نُفّذ على الشارع العام في البلدة بهبة من الإيطاليين، كان الخطأ الأول الإهمال، اذ أن الهبة كانت قيمتها 27000 يورو وأصبحت 9000 يورو، بسبب التأخير الذي حدث من قِبل البلدية، وعند القبول جرى بشكل مخالف للقانون، اذ لم يقوموا بتبليغ الجهات المختصة، وحصل التلزيم بالتراضي من دون مناقصة قانونية، ونتيجة لذلك أُبدِل المتعهد أكثر من مرة بسبب عدم الالتزام، فزادت التكلفة وانتهت العملية بعمل غير صحيح، إذ أنها لا تحتمل أن يمر عليها اي شيء ثقيل».
تقصير تلو آخر
في المقابل لا يغفل بزّون مشروع الأقنية الذي أنجز بشكل صحيح في الساحة العامة للبلدة، وحل المشكلة على نفقة البلدية.
أما عن الوعد بتمليك المشاعات التي تملكها البلدية ويسكنها أهل البلدة والذي أخلفت فيه (أي البلدية) بحسب قول بزّون، «بعدما كانوا قد كلّفوا مسّاحين للبدء بهذه الخطوة القانونية، بدأوا يتهرّبون من الموضوع، وعندما نسألهم يقولون أنه ما زال قائماً، ووصلت إلينا معلومة أن البلدية تداولت في أحد اجتماعاتها إلغاء المشروع، بسبب الرفض الذي جاء من المرجعية الحزبية للبلدية، وللسبب نفسه حصل التأخر في التعامل مع «اليونيفل» التي هي مرتبطة برضى هذه المرجعية، وكان من ضحايا هذه العلاقة عرقلة تجهيز المستوصف أكثر من مرة، لكن بما أن العلاقة الآن جيدة، جرى تقديم الطلب بوعد من رئيس البلدية».
ويؤكد بزّون «أن المرجعية نفسها هي التي رفضت تشييد القصر البلدي من صندوق البلدية، فجمع مبلغ من المال، كان رئيس البلدية أول المتبرعين،ومعه الرئيس بري، وحزب الله، وعدد من أهالي البلدة، إضافة إلى مبلغ تبرعت به الكتيبة الإيطالية، ووضع حجر الاساس للقصر الذي لم ينجز بناؤه حتى اليوم، وفي كل الاحوال، هو إنجاز لرئيس البلدية، لأنه هو شخصياً من سعى إلى بنائه.
والطرق التي غرسوا في أطرافها أشجار الخروب، ينتقد بزّون اختيار هذا النوع، «لأنه ليس في مكانه الصحيح، عدا عن أن الطرق غير مُعبّدة، والسبب تقصير البلدية في مطالبة الجهات المعنية بإنجاز أو تمويل ذلك. ولا أنكر ضعف الامكانيات المادية للبلدية للقيام بهذا العمل، لكن هذا ليس عائقاً أمام المطالبة ومتابعة هذا الملف مع الجهات المختصة».
وتطرّق بزّون إلى إيجابية التوافق الذي حصل خلال هذه الانتخابات قائلاً: «كل شيء يحصل الآن على المكشوف فلم يعد للأسرار وجود. لكني غير متفائل بتحسين الآداء في السنوات اللاحقة».
حسن بزّون
بدوره المحامي حسن بزّون تحدث إلى «البناء» عن دور البلدية الأساسي وتحولاته قائلاً: «من الطبيعي والمفترض أن يكون دور البلدية انمائياً عكس ما يحصل في الواقع، حيث أنها اصبحت مكتباً سياسياً للحزب الذي تتبع إليه، وباتت مقيّدة بقراراته، ولا يمكنها فعل اي شيء خارج التوجه الحزبي».
دور البلدية والأهالي
واستكمل بزّون حديثه عن طبيعة العمل البلدي الذي يعتبره مشاركة بين البلدية وأهل البلدة، «اذ أن الأهالي يمكنهم المشاركة من خلال اللجان فتزداد أهمية العمل، لكنهم تخلوا عن هذا الدور، وفي الوقت نفسه تتحمل البلدية مسؤولية عدم وعي الناس للعمل البلدي. البلدية كسلطة حكم محلي، وُجدت من أجل تخفيف جزء من الأعباء عن كاهل الإدارة المركزية، صحيح أن دورها محدود، انما فاعل ضمن نطاق البلدية الضيق، من إنماء وتحسين كل البلدة، وتقديم الخدمات في كل ما له علاقة بالشأن الاجتماعي والعام. أما القدرة على تنفيذ هذه المهام فهي مرتبطة بعاملين اثنين: وجود كادر بشري، والأموال، لذلك يجب ان يكون هناك توازن بين الإمكانية والكادر البشري الموجود في البلدية، مع الأفضلية للأخير، لأنه اذا كان مُلماً ونشيطاً، يجلب الامكانيات، واذا لم يكن كذلك، يعتبر مُقصّراً، وما يسبب العجز البلدي حالياً، هو فقدان هذين العاملين».
ويلفت إلى أن الامكانيات المالية لبلدية عيتيت تعتمد بشكل كبير على التبرعات من قبل أهالي البلدة الميسورين مادياً وهذا ما يميّز البلدة.
المشاعات
دخل بزّون في أولويات البلدية، وفي الموضوع الأكثر حساسية وفقاً لاعتباراته، «ألا وهو تمليك المشاعات، حيث لا توجد في عيتيت مشاعات للدولة، إنما ثمة مشاعات للبلدية، وبإمكانها أن تديرها ضمن الأصول القانونية، من الممكن ان تتصرف بشكل مباشر، ومن الممكن ان تعود الى القائمقام أو المحافظ أو وزير الداخلية، أو مجلس الوزراء، لكن ما يمنع البلدية من إدارة هذه المشاعات، والاستفادة منها، وتأمين إيرادات من خلالها وحل مشكلة اجتماعية، هو .. «القرار السياسي»».
ومن الأولويات أيضاً، مقر البلدية، لأن وجوده يوفر على خزينة الدولة وعلى المواطن قيمة الإيجار الشهري، و«أشهد لرئيس البلدية الحالي، كان رئيساً للبلدية خلال السنوات الثلاث الأخيرة في العهد الماضي، أنه وضع حجر الأساس للقصر البلدي، (قبل إنجازه نهائياً) بعد الانتخابات، كي لا يُقال أنه استثمره انتخابياً.
«اليونيفيل»
أما في ما يتعلق بموضوع «اليونيفل»، فيُحمّلها بزّون المسؤولية كونهم دخلوا الى بلادنا بعد حرب تموز 2006 «بروح عدائية، ما يعني أنهم هم من يتحمّلون مسؤولية توتر العلاقة مع البلدية والأهالي وليس العكس، اذ أن «اليونيفل» لم يقرأوا بشكل صحيح واقع المنطقة والسكان، ولم يفهموهم لذلك كان أداؤهم خاطئاً، وحصلت جراء ذلك حوادث كثيرة من بداية دخولهم. واذا حددنا طبيعة العلاقة بينهما، نرى أنها تتراوح بين صدام يؤدي الى قطيعة، ووفاق، وحالياً يوجد توافق وتعامل بينهما».
تراخيص البناء
وفي ما خص قانونية العمل البلدي قال بزّون: «التعاطي في البلدية يجري ضمن الأطر القانونية فمن محاسن القوى السياسية انها تقوم بتدريب الأعضاء من خلال دورات لفهم آلية العمل البلدي قبل دخولهم».
وفي موضوع الساعة المتعلق بالبناء قال: «عيتيت من القرى التي لم تشهد فوضى في البناء، كما حصل في بلدات أخرى، إنما قامت البلدية بتقديم 120 طلب ترخيص بناء لدى المحافظ، لم يعارضها من حيث المبدأ، وأحالها الى الجهات المختصة».
المكتبة العامة
وللثقافة أهمية في القرى والبلدات، متمثلة بوجود مكتبة عامة، وما تقيمه من نشاطات، وفي عيتيت مكتبة عامة تابعة للبلدية، تموّلها وزارة الثقافة وتمدّها بالكتب والإصدارات الجديدة، وورش التدريب.
«البناء» التقت فاطمة محسن، المسؤولة عن المكتبة سابقاً، وتحدثت عن تعاطي البلدية مع هذا المجال وقالت: «التعاطي مع المكتبة من قبل البلدية كان بجهل، واعتراضهم عليها كان بحجة أنها غير منتجة (مجانية)، فهم يُفضّلون المشاريع المنتجة التي تدّر الأموال، ويحاربون المشاريع التي تدرّ المعرفة والثقافة، وأكثر من ذلك، لم يكن لديهم القدرة على فهم عمل المكتبة والهدف منها».
وأضافت محسن: «يمكن للمكتبة العامة أن تقوم بأي نشاط، وتركز على الاهتمام بالأطفال من ناحية تعريفهم بقيمة الكتاب، والقيام بنشاطات مسلية لهم، وهي تحتوي على مجموعة كبيرة من الكتب والكمبيوترات، عدا عن أنها تفيد الطلاب وتساعدهم في الأبحاث، وتزيد الثقافة، وتصبح هناك حركة ثقافية في البلد، يكفي أنها تحفز على المطالعة».
وعن الخلاف مع البلدية قالت محسن: «وقع الخلاف بعد أن زاد دوامي من 4 ساعات الى 6 ساعات، فطالبت بزيادة راتبي جراء ذلك، لكنهم رفضوا بحجة عدم وجود ميزانية في البلدية، فكان راتبي 250.000 ل.ل. بينما في مكتبات في مناطق أخرى كان لا يقل عن 800.000 ل.ل. وأنا لم أطلب الوصول الى هذا الحد وانما طالبت أن يصبح راتبي 500.000 ل.ل.
لاحظت أن ثمة أولويات أخرى، وأن الاهتمام بالشأن الثقافي أقل من أي شيء آخر، فهم يُفضلون بدل من زيادة راتبي جلب أي شيء آخر للبلدية.
والغريب أن الأعضاء المتعلمين لم يكونوا مهتمين بالأمر ولديهم الحجة نفسها».
بعد أن تركت المكتبة لهذا السبب تقول محسن: «من الصعب إيجاد بديل من وظيفتي في الوقت الحالي، لأن استلام المكتبة يحتاج الى تدريب تقوم به وزارة الثقافة من خلال القيام بدورة تعرّفنا إلى نظام المكتبات وكيفية الاهتمام بالأطفال».
وهي الآن تتمنى على البلدية الاهتمام أكثر بهذا الموضوع واعتباره أولوية والتفكير في مصلحة الناس و في المستقبل خصوصاً أن نتائجه تنعكس إيجاباً على المجتمع.
عباس عطوي
من جهته يرى عباس عطوي أن التقصير في العمل البلدي قديم، «لأن البلدية منذ عام 1998 هي نفسها، والتغيير يقتصر على بعض الأعضاء. ونجحت اللائحة من دون أن تقدم مشروعاً انتخابياً تحاسب عليه، لذلك لا نرى أي عمل على الأرض».
وانتقد عطوي البلدية في كل المجالات، وحمّلها المسؤولية، واعتبرها مقصّرة، «هم رفضوا التعامل مع «اليونيفل» بعد حرب تموز، فلم تنفذ القوات الدولية أي مشروع في عيتيت، ومنذ سنتين تقريباً بدأ التعامل معهم، وتبيّن التأخر عن القرى الأخرى، هذا الخوف في التعاطي من قبل البلدية أعتبره غير مبرر وأحمّلهم المسؤولية».
وأضاف عطوي: ««وخير دليل على التقصير، طرق عيتيت سيئة الحال، حيث أن البلدية لم تقم بتقديم أي ملف لوزارة الأشغال من أجل تحسينها، هذه أبسط الأمور والأدوار التي على البلدية لعبها، كون أساس دورها انمائي، وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد أي مشروع على مستوى البلدة، حتى مشروع أقنية المياه أُنجز بعد حصول هدر مالي، اذ أنه بعد مخالفة المتعهد الأول الشروط، سلّموا المشروع إلى متعهد آخر، فزادت التكلفة، وبدل ان يدفعوا مرة دفعوا مرتين».
وبما ان عباس كان مرشحاً في اللائحة المقابلة للائحة التي فازت، ولم يُحالفه الحظ، تحدث عن مشاريعه، أي مشاريع لائحته، ومنها «تمليك المشاعات، دعم المدرسة الرسمية، تعبيد الطرق، تنظيم اشتراك الكهرباء، حل أزمة المياه في الصيف».
دلال جباعي
دلال جباعي كانت مشروع نائب رئيس ومن ثم رئيساً للبلدية، لكن الحظ لم يُحالفها في الانتخابات.
«البناء» التقت جباعي، التي تحدثت عن أهمية وجود المرأة في البلدية ونظرتها للعمل البلدي، «خصوصاً أن أهمية دخول المرأة في العمل البلدي تكمن في اختلاف رؤيتها عن رؤية الرجل، فما تراه المرأة من الصعب أن يراه الرجل، خصوصاً في العمل الانمائي حيث تعمل على تُجميل البلدة أكثر، وتعطيها طابعاً حضارياً، وتُضيف اللمسة الجمالية الأنثوية إلى الأعمال».
وتعتبر جباعي أن «دخول المرأة المعترك التنموي يُغيّر كل القواعد، كما يغيّر النظرة اليها، ويرفعها ويؤكد قدرتها على التوفيق بين كل ما تقوم به في حياتها، وأكثر من ذلك ان كل بلدية في لبنان وفي الجنوب تحديداً لا يوجد فيها امرأة مقصرة، هدفي من ترشحي تغيير النظرة إلى المرأة، وكنت أريد أن أثبت أنها اذا دخلت الشأن العام، ستكون لديها القدرة على أن تقوم بأشياء كثيرة لم يكن يراها الرجل».
خوض غمار هذه الخطوة يتطلب فكراً وقدرة، وامكانيات تجتمع لأخذها «وأنا لديّ قدرة على إدارة البلدة، وأكثر من ذلك كان هدفي من خوض هذه التجربة، تجهيز نفسي لخوض الانتخابات النيابية، كنت أريد أن أثبت على الصعيد البلدي أن لدي قدرة على العمل وخدمة البلدة، فيعرف الأهالي من خلال ذلك أنني اذا أصبحت نائبة سأخدم، لم يُحالفني الحظ ، لكني مُصرّة على خوض الانتخابات النيابية عام 2013 ضمن الكوتا النسائية المقررة بنسبة 40 %، وسأضع نفسي بتصرف لائحة حزب الله وحركة أمل، اذا كان لديهما الاستعداد، أنا مستعدة للمشاركة وللخدمة في الموقع النيابي».
ثقتها بالقدرة على العطاء نابعة من معرفتها بما تتطلبه عضوية البلدية، أو الرئاسة، فتقول:«لدي القدرة على جلب الامكانيات المادية التي تنمّي البلدة عن طريق علاقاتي الخارجية التي بنيتها من خلال عملي الخاص، هذه العلاقات كانت ستخدم البلدية كثيراً، ولا يمكن الحصول على خدمات من خلالها إلا اذا كنت في موقع رسمي».
تهرّب البلدية
من الطبيعي بعد كل ما سُمِع، أن يُلحَظَ ردّ من قبل البلدية، لكن رئيس البلدية يوسف محسن، يؤجل موعد اللقاء مع «البناء» في كل مرة يتفق عليه، حتى أنه لم يعد يجيب على المكالمات الهاتفية، تهرّب واضح، ومجهول الأسباب، وبذلك تبقى اتهامات أهل البلدة وملاحظاتهم على أداء البلدية، قائمة حتى يثبت محسن العكس. 

Script executed in 0.19328594207764