وهم كانوا قد عرفوه وسمعوه كثيراً خلال سنوات طويلة سبقت التحرير وأعقبته، فتبعوه من منزل إلى منزل، ومن سيارة إلى أخرى، حتى بحثوا عنه ببصمات الصوت عبر الأثير، فيما لم يسجل عليه مرة أنه هرب من مواجهة أو معركة. وكان آخرها معركة 2006، عندما رفض الخروج من بنت جبيل لقيادة المعركة من منطقة أكثر أمناً، حتى أن مجرد رؤية طيف سيارته أو تلاميح وجهه على الحدود كانت كفيلة بتحريك الجبهة الحدودية المقابلة بدباباتها وجنودها ودورياتها.
خالد بزي، أو الحاج قاسم الأسم الأحب على قلبه، والأقرب إلى قلوب من عرفوه وأحبوه، أو «الخال» الاسم الأحبّ إلى قلبي، عندما كانت ترتسم تلك البسمة الهادئة على شفتيه كلما كان يسمعها. ربما يملك من عايشوه من شباب المقاومة عشرات الروايات والحكايا عن «الحاج». يمكن أن نجمع ونسمع ونكتب عشرات القصص عن عمليات التسلل إلى الشريط المحتل، والكمائن والعبوات...، وربما يكفي أن من رثاه هو قائد المقاومة عندما وصفه بأحد القادة الميدانيين، الذين خسرتهم المقاومة في معارك بنت جبيل، ربما ما ذكر يكفي لنعرف من هو هذا الرجل العسكري الذي نتحدّث عنه، لكن ما لا يمكن أن تحكيه الكلمات هو الكلام عن الإنسان الذي كان يعيش وراء البذلة المرقطة لهذا القائد. هي الشخصية التي عرفها الناس تمويهاً تاجراً للسيارات أحياناً، وملتزم إنشاءات أحيانا اخرى... رغم أن أحداً لم يشاهده مرة واحدة ممارساً لأي من تلك المهن.
خالي في ذكرى استشهادك، لازلت حياً فينا نترقب مساءات عودتك وقد تلخطت ثيابك ببقايا الوحول، نرفض أن نبدأ مباراة كرة القدم قبل أن تصل. لا زلنا ننظر، فيما بارت شبكة كرة اليد المعلقة على ناصية الأيام التي طالت. وقد فرغت الكرة من هوائها. وركنت في زاوية الملعب كمومياء نسيها الزمان. لا زالت بنت جبيل تفتقد لوناً من تلاوين صورتها التي ارتسمت بعد 25 أيار 2000.
خالي، لقد كنت واحداً من أجمل تلاوين تلك الصورة، وقد اشتقانا لك، بيننا، وحولنا، وفينا. لا زالت عيوننا تنظر إلى مفترق الطريق عند موعد اللقاء لعلها تلمح طيف سيارتك. خالي اليوم وبعد كل تلك السنوات نفتقد الناصح والمرشد والمعين عند كل ملمة او مشكلة وكذا بنت جبيل. بالأمس في عرس وردتك زينب بكينا، حتى ابتلت المآقي. بكينا من دون إرادة منا. ولم نستطع أن نحبس الدمع. وفي كل يوم لا زلنا نبكيك، لا لأنك استشهدت. ولا لأننا اشتقنا إليك كل ذلك الشوق، نبكيك لأننا نعرف أنك حيّ في مكان ما من حولنا ترانا، ولكننا لا نستطيع أن نراك.
خالد بزي، أو الحاج قاسم الأسم الأحب على قلبه، والأقرب إلى قلوب من عرفوه وأحبوه، أو «الخال» الاسم الأحبّ إلى قلبي، عندما كانت ترتسم تلك البسمة الهادئة على شفتيه كلما كان يسمعها. ربما يملك من عايشوه من شباب المقاومة عشرات الروايات والحكايا عن «الحاج». يمكن أن نجمع ونسمع ونكتب عشرات القصص عن عمليات التسلل إلى الشريط المحتل، والكمائن والعبوات...، وربما يكفي أن من رثاه هو قائد المقاومة عندما وصفه بأحد القادة الميدانيين، الذين خسرتهم المقاومة في معارك بنت جبيل، ربما ما ذكر يكفي لنعرف من هو هذا الرجل العسكري الذي نتحدّث عنه، لكن ما لا يمكن أن تحكيه الكلمات هو الكلام عن الإنسان الذي كان يعيش وراء البذلة المرقطة لهذا القائد. هي الشخصية التي عرفها الناس تمويهاً تاجراً للسيارات أحياناً، وملتزم إنشاءات أحيانا اخرى... رغم أن أحداً لم يشاهده مرة واحدة ممارساً لأي من تلك المهن.
خالي في ذكرى استشهادك، لازلت حياً فينا نترقب مساءات عودتك وقد تلخطت ثيابك ببقايا الوحول، نرفض أن نبدأ مباراة كرة القدم قبل أن تصل. لا زلنا ننظر، فيما بارت شبكة كرة اليد المعلقة على ناصية الأيام التي طالت. وقد فرغت الكرة من هوائها. وركنت في زاوية الملعب كمومياء نسيها الزمان. لا زالت بنت جبيل تفتقد لوناً من تلاوين صورتها التي ارتسمت بعد 25 أيار 2000.
خالي، لقد كنت واحداً من أجمل تلاوين تلك الصورة، وقد اشتقانا لك، بيننا، وحولنا، وفينا. لا زالت عيوننا تنظر إلى مفترق الطريق عند موعد اللقاء لعلها تلمح طيف سيارتك. خالي اليوم وبعد كل تلك السنوات نفتقد الناصح والمرشد والمعين عند كل ملمة او مشكلة وكذا بنت جبيل. بالأمس في عرس وردتك زينب بكينا، حتى ابتلت المآقي. بكينا من دون إرادة منا. ولم نستطع أن نحبس الدمع. وفي كل يوم لا زلنا نبكيك، لا لأنك استشهدت. ولا لأننا اشتقنا إليك كل ذلك الشوق، نبكيك لأننا نعرف أنك حيّ في مكان ما من حولنا ترانا، ولكننا لا نستطيع أن نراك.