لموْلُودهما الرَائد أرتعشتْ أوراقنا ، وأشرأبتْ أعناقُنا ، وأجهشتْ فرحاً وكبراً أقلامنا بالمداد .
فكيف والمولود متحددٌ نسباً ، متجٌذرٌ إنتماءً ، إبن أرضٍ أنبتتْ شعراً وأدباً وحراباً ، مولودٌ من صلب بنت جبيل وله في مهدها فنذُ حرفً وصوتً ..مولودٌ يحْتضنُ بين دفَتيةْ صوراً لأشخاص ٍ ولحكايا ولأماكن من بنت جبيل ، فيه تقع الأخيرةُ حديقةً من السماء ، خضراء كعتمِ الجنَةِ ، شجرها لا يثمرُ غير النجوم .
من منازلها خرج منذُ زمنٍ ، منْ في قلبه قضية ومن في يدهِ بندقيةٌ ، ومن على لسانه قصيدةٌ طفر يفرش لها مساحة من البوح أنىَ حلَ وأرتحل..
المولودُ كي تبقى بنت جبيل في داخلنا ، لكي تبقى الأحْياء العتيقةُ والأماكنُ والأشخاص بعد أن هبَت عليها رياح الزمان والمكان الطَارىء...
كيْ تبقى أمهاتُ وجوهِ الحياة .. عينُ البلدةِ .. المنشر .. السوق .. الناطور ..فالديارُ بقاعُ المثوى وتربةُ الصَبا فهي التي تحتضنُ الأذواق والأنساب فضلاً عن التاريخ المحليَ الذي يحفظُ في مجرى ساقية أكثر مما يُصانُ في جوف كتاب ..
صحيحٌ أن الأمكنة التي تبْرزها صور الكتاب عفويةٌ ومباشرةٌ ومتواضعةٌ لكن قضياها والعبِر منها كبيرةً وزمانها لا يسعهُ زمان ...
الموضوع جميل وشجيٌ ورحبٌ ومثلي في هذه العجالة لا يستطيعُ أن ينال منهُ إلا طرف الثوْبِ ...
فمرحباً بالشابينِ المؤَلفينِ والموثقينِ " حسن ووضاح " واللذين كانت بدايتهما مرسومةً بقدريهما والتحول الأول أخذهُم إلى "الإنترنيت "إثر قناعتهما الذاتية بأن فيهما ميلاً جامحاً إليه وإرتباطاً وثيقاً به ، فمن خلاله يشبعان رغبةً غنيةً عاليةً في الإعلام وفي التواصل وفي التوثيق ويحقَقانِ هوىً بالإكتشاف وبالتبادُل وبالمغامرة ، فهما مهمومان بالصورة وبالنبأ وبالحدث وبالمثالياتِ البصرية التي تغْني المتابِع والمُراقب والمهتمَ ...
هما مُتقدمانِ بوعيهما الإنسانيَ ومتميَزانِ بفُضَولهما المعرفيَ ...
" حسن ووضاح " تفيا ظلال الهيامِ ، لبسا طوق الفرح ، إعتليا بأمانيهما وآمالهما عالمهما الخاص فحققا "موقع بنت جبيل على الإنترنت " وحلَقا الفراشات بين جفون اللَحظات السعيدة هما الآتيان اليوم من أول الطريق إلى قصيدة الصورة يأكلانها بملعقةٍ من الإرادة والمثابرة والأمل .
منهما ومن موقعهما الإلكتروني صاحب – القضية المبادرة – يزرعان هاماتنا في بلاد الإنتشار منارات حضاريةٍ تحت كُل سماء ، يٌُصوَبان على فم الهواء ، يرْتقان حواشي الريح ، يقبلان شفاه الغيم ، يخلعان سن القمر ، يحرقان خيمة الثلج ، يُمسكانِ بأعقاب الأماكن البعيدة ، يصدَران بنت جبيل ثقافةً وعلماً ، حضارةً وتراثاً ، مُقاومةً ومجداً.
إلى كُلَ صقعٍ من أصقاع الأرض وإلى كُلَ جهة من جهات العالم ...
" حسن ووضاح " أنتما لمْ تفتحا مكاناً على الإنترنت وحسب بلْ أسَسْتما لزمان جديد !!
فيه تذهب بنت جبيل بعيدةً في الآفاق ، مهاجرةً إلى المدى الأرحب هاتكة ً أصفاد الزمان ، مُنتزعة الحواجز ، شاقةً الدروب إلى أعلى النجمات إلى الكوْنَية التي هي البدايات في كل خُلودٍ .
أنتما موهوبان أسستما لمرحلة نجومية وضوءٍ وشهر مُؤلفكما بُنية ذاكرة متدرجة ينفتحُ لها القلب وتتلقفها الروح ...
عُشتُما ، وعاشت بنت جبيل خالدةٌ ما خُلد حر وزأر مقاومٌ ، وولد كتاب ...
الاديب عماد حسن شرارة