أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عساف أبو رحال: «المراسل الفلاح» لم يخن شرفاء بلاده

السبت 06 آب , 2011 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,484 زائر

عساف أبو رحال: «المراسل الفلاح» لم يخن شرفاء بلاده
عفيف دياب

لم يكن عساف أبو رحال شخصاً عابراً. لقد ترك أثراً كبيراً في يوميات أسرته ورفاقه ومعارفه الكثر على امتداد مساحة البلاد. كان يفاخر بتاريخه النضالي من زمن جورج حبش في راشيا الفخار والعرقوب، إلى زمن جبهة المقاومة الوطنية وأذرعتها السياسية والتنظيمية والتعبوية واللوجستية، وصولاً إلى العمل الإعلامي منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي في صحافة الحزب الشيوعي اللبناني، ثم عبوره لاحقاً بعد أفول صحافة الحزب في وسائل إعلامية لبنانية وعربية من دون أن يحقق الاستقرار المهني والاقتصادي الذي كان ينشده ويطمح اليه، إلى أن استقر في «الأخبار» حتى لحظة استشهاده. كيف أصبح عساف أبو رحال مراسلاً صحافياً؟ يقول الزميل طوني فرنسيس الذي واكب أبو رحال منذ بداياته في «النداء» وصولاً إلى «المستقبل»، إن عساف نموذج مميّز للمراسل المناطقي.

كان يسميه تودّداً «المراسل الفلاح»، لأن «ارتباطه بالأرض أهم خبر سياسي عنده، بمعنى أن خبراً مثل الموسم كان أهم بالنسبة إليه من خبر حرب كونية». اما عن علاقة عساف بالنداء، فيقول فرنسيس إنها بدأت بوصفه مناضلاً في الحزب الشيوعي، «كان يرى أن من واجبه أن يوصل لجريدة الحزب أخبار منطقته».
مع توقف «النداء» عن الصدور، غاب عساف عن المراسلة لفترة قصيرة قبل أن يستعيد نشاطه مراسلاً لجريدة المستقبل في البقاع الغربي وراشيا. ويقول فرنسيس إنه حين تولى الإشراف على الإعداد لإطلاق الجريدة وتولي مهمة المراسلين: «فكرت فوراً بعساف». وقد برز الأخير فيها وكان مميزاً بين زملائه.
في هذه المرحلة شهدت المنطقة التي يغطيها عساف أحداثاً مهمة، أبرزها تحرير الجنوب عام 2000. وقد نشط عساف في التغطية.. حتى كان يعتبر أن قمة عمله الإعلامي مراسلاً مناطقياً قد تحققت خلال مواكبته عملية التحرير، إذ نفذ تغطية ميدانية على مدار الساعة لعدة وسائل إعلامية لبنانية وبعض محطات التلفزة التي كانت تنهل من معلوماته مجاناً. ويقول فرنسيس إن عساف كان «أبا المراسلين المواكبين لعملية تحرير الجنوب والمعتقلين من سجن الخيام، والتحرير أعطى عساف حقه المهني بعد تعب طويل».
بروز عساف أبو رحال مراسلاً في منطقتي حاصبيا ومرجعيون بعد التحرير، حوّله الى مرجع لعدد من الزملاء في بيروت الذين كانوا يعدّون منزله في الكفير ممرّهم الإلزامي وقاعدة انطلاق لهم نحو إجراء تحقيقات صحافية في المناطق المتاخمة لمزارع شبعا والخط الأزرق، موفراً لهم سبل الراحة والمواد الاخبارية الأساسية لإنجاز تحقيقاتهم وفتح خزانة أرشيفه لهم بكل رحابة صدر، لا سيما أن عمله مراسلاً «أصبح نوعاً من الالتزام المهني بعدما كان مهمة نضالية سياسية».
لم يضع عساف أبو رحال خطوطاً حمراء لعمله. كان ينقل الخبر بأمانة وبوقائعه المطلقة. كان يقول: «أنا رح أبعت الخبر كما هو. هيك صار، ليش بدنا نخبي عن الناس؟». كان وفياً لمبادئه، ولم يخن يوماً طبقته الاجتماعية وفقراء بلاده النائية. أرهقته أشكال تعاطي الأجهزة الأمنية وأنواعها معه خلال عمله في منطقة البقاع الغربي وراشيا. لم يكن يفقه ما يسمى «الرقابة الذاتية» وقد تسبّب له الأمر في بعض المتاعب مع أمنيين وسياسيين كان ينتقدهم من دون حرج أو خجل. وهنا لم يعد جائزاً إخفاء السر حين ضغطت شخصية أمنية على مرجعية سياسية لإزاحة عساف ابو رحال من وسيلة إعلامية لصالح آخر كان مخبراً «شاطراً» عند الأمني غير الوطني. لم يكترث «أبو مازن» لهذا الضغط ولم يعطه قيمة تذكر. تابع عمله مراسلاً في منطقة نائية ووجد في جنوبه المحرّر لاحقاً ما يعطيه الأمان في مهنة وقعت أسرارها بين يديه صدفة. صدفة غيّرت مجرى حياته وحياة عائلته التي تحولت إلى خلية نحل من أجل نصر إعلامي لرجل متعدّد المهن والمواهب قبل أن يسقط بصمت تحت فيء شجرة.

Script executed in 0.18947410583496