أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مياه كفرشوبا: رزق الله على أيام الاحتلال

السبت 27 آب , 2011 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 4,493 زائر

مياه كفرشوبا: رزق الله على أيام الاحتلال

العرقوب | لم تعرف المياه طريقها إلى «حنفيات» المنازل في كفرشوبا العرقوبية منذ زمن طويل. فأهالي البلدة المتاخمة للأراضي الفلسطينية والسورية المحتلتين كانوا ولا يزالون يستحدثون آباراً لجمع المياه «الشتوية» حتى تكفيهم في الصيف، وإن كان البعض اختزلوا فكرة آبار «الجمع»، ظناً منهم أنّ الدولة لن تقصّر في واجباتها في توفير الكهرباء والماء. اللافت أنّ هذه الأخيرة كانت موجودة إبان الاحتلال الإسرائيلي للبلدة حتى تحرير الجنوب في عام 2000، حيث بدأت رحلة الأهالي مع أزمة انقطاع المياه والكهرباء، والوعود المتكررة لمعالجتها.
وإذا كان أهالي كفرشوبا يتفهّمون أن تكون بلدتهم عرضة للتقنين القاسي للتيار الكهربائي أسوة بباقي المناطق النائية والبعيدة عن مركز القرار، فإنهم لا يستطيعون أن يستوعبوا غياب المياه منذ جلاء آخر جندي محتل عن أراضيها، ما جعل البعض يترحم على أيام الاحتلال. يومها، لم يكونوا يدفعون أربع فواتير للكهرباء والمياه. فالتقنين القاسي للكهرباء وتدنّي ساعات التغذية إلى ما دون 4 ساعات في الـ24 ساعة، خلّفا انقطاعاً تاماً للمياه، بعدما فشلت كل خطوات البلدية ومراجعاتها لوزارة الطاقة في هذا الخصوص، وما نالت منها سوى الوعود في مدّ خط مباشر للمضخات الواقعة في مزرعة حلتا.
ويرى الأهالي أنّ أزمة انقطاع المياه عن البلدة هي ضريبة يدفعونها ثمناً لصمودهم في منطقة تفتقد أبسط مقومات الحياة والبقاء، ولا سيما لجهة غياب فرص العمل التي كانت سبباً لتهجير عنصر الشباب من البلدة إلى المدينة أو إلى الخارج.
هكذا، لا يعرف هؤلاء من أين ينطلقون في تحركاتهم الاحتجاجية، وأين يمكن أن تكون محطتهم لقطع الطريق والاعتصام على غرار غيرهم من أبناء البلدات الأخرى، لكون بلدتهم تبعد عن طريق مرجعيون الرئيسية نحو 10 كلم، «ونحتاج إلى وقت طويل ليسمع المسؤولون معاناتنا».
يفنّد أحمد دياب، ابن كفرشوبا، أكلاف شراء المياه في فصل الصيف التي تفوق ضعفي كلفة المازوت والحطب للتدفئة في فصل الشتاء. «نحتاج في الشهر الواحد إلى أربعة خرانات مياه للاستخدام المنزلي، وثمن الخزان الواحد (10 براميل) 50 ألف ليرة!!، إضافة إلى الحاجة إلى3 أو4 آلاف ليرة يومياً ثمناً لمياه الشرب».
لا تجد أم حسني قصب مهرباً من شراء خزان واحد كل أربعة أيام، مشيرة إلى استغلال أصحاب الصهاريج. «يتذرعون بأن البلدة مرتفعة وبعيدة عن مصدر المياه، فمنهم من يبيع الخزان بـ50 ألف ليرة وآخرون يبيعونه بـ60 ألفاً، خلافاً لسعره في باقي القرى المجاورة.
يبدو أهالي البلدة مقتنعين بأنّ «الوعود المخدرة التي يغدقها عليهم المسؤولون لم تجد ضالتها منذ التحرير لحل مشكلة انقطاع المياه»، بل إنّ الأزمة تفاقمت بعد حرب تموز، كما تقول إسعاف الخطيب، وذلك بسبب التدمير شبه الكامل الذي تعرضت له البلدة، ما خرّب شبكة المياه الداخلية فيها. تحمل على الدولة التي تتقاضى الاشتراكات السنوية للمياه، «الجباة يأتون ويتقاضون 230 ألف ليرة ثمناً للاشتراك، والمياه لا نراها إلّا في المنام».
يبدو أن المشكلة المزمنة لمياه الشفة في بلدة كفرشوبا تحل وفق اتجاهين؛ إما أن تمدّ وزارة الطاقة خطاً كهربائياً مباشراً، موصولاً بمحطة الدحيرجات ــــ الوزارني، وغير خاضع للتقنين، إلى مضخات المياه في حلتا وشانوح، التي تغذي البلدة، وإما بحفر بئر في جرود هذه البلدة المرتفعة، واستخراج المياه، كما يشدد مختار البلدة محمد قصب، من دون أن ينفي أن يكون أحد أسباب تفاقم أزمة انقطاع المياه التعديات على أعيرة المياه، وعدم الرقابة، إضافة إلى التردّي الذي يصيب الشبكة.
هذا ما يؤكده أيضاً رئيس البلدية قاسم القادري، لافتاً إلى أنّ آلية مرور المياه المستخرجة من البئر، في منطقة حلتا التابعة عقارياً للبلدة، تنقسم إلى أربع مراحل، من أربع مضخات إلى ثلاثة خزانات موزعة بين منطقتي حلتا وشانوح حتى تصل إلى الخزان الأساسي، باعتبار أن البلدة ترتفع عن سطح البحر 1350 متراً. ولعدم وجود بئر فيها، يجب ضخّ المياه من بئر حلتا، التي يصل عمقها إلى 350 متراً، إلى الخزان الثاني. وبسبب التقنين القاسي، تتأخر في الوصول إلى الخزان الرئيسي، وهذا كله قبل ضخّها إلى الشبكة الداخلية المهترئة التي تحتاج إلى تغيير. هكذا، يصبح انقطاع الماء طبيعياً ومفهوماً.

Script executed in 0.19357109069824