تساعدها جراءتها ان تتسلل الى قرب القبر حيث يتواجد اهالي العزاء، تحاول ان تروي على مسامعهم بعض القصص المحزنة عن عائلتها و تمد يدها باستعطاف ذليل .. تلقى الجواب من احد الشبان " يا حاجة الله يبعتلك" في محاولة منه لجعلها تتراجع من بين الرجال، لكنها تكرر ما فعلته و تصر عبر الالحاح الشديد و المحرج على استعطافهم و كأنها تريد ذلك بالقوة.
هذا المشهد بات يتكرر يومياً في سوق الخميس واثناء تشييع الجنائز و قرب المساجد، ومن هؤلاء المتسولين الذين يأتون من خارج المدينة من بات يقصد المنازل و المحال بشكل مستمر و كانه اعتقد ان معاشاً قد خصص له. والمقلق في هذه الظاهرة ان النساء فيها اكثر بروزا من الرجال، اذ ان منهن من باتت تستتغل طفلها الرضيع لتحمله على يدها، وفي يدها الاخرى بعض التقارير الطبية راشيتة" لتستغل طيبوبة الناس و تجني به مالا بدون أي مجهود كبير. وقد تجد منهم من يدعي المرض أو يدعي العطب في جسمه لكي يشفق عليه الناس ويقدموا له المال.
إنها ظاهرة التسول التي باتت تنتشر بشكل مقلق بين المواطنين. بعض هؤلاء المتسولين يلجأ إلى استخدام الحيل والقصص الإنسانية المفبركة والعاهات المصطنعة والخدع.
يقول احد المواطنين من مدينة بنت جبيل يفضل عدم ذكر اسمه، ان احدى المتسولات باتت تقصد متجره عصر كل يوم خميس بحجة ان طفلها بحاجة الى جلسات علاج فيزيائية و تريد له المساعدة. و يقول انها هذه المتسولة تقصد عشرات المنازل ولم تعد ترضى بالمال القليل، ورأى ان هذه الظاهرة تتكاثر يوماً بعد يوماً بحجج عديدة و بطرق مختلفة، و ارجع هذا المواطن سبب التكاثر الى غياب الاجراءات الرادعة.
ويعقب مواطن آخر من مدينة بنت جبيل على ما اعتبره "تسول من نوع آخر" تحت اسماء مؤسسات اسلامية قد تكون وهمية، تتمثل بانتشار مجموعة من الشبان على مفارق الطرقات و مداخل البلدات عند وسط الطرقات لبيع الاشرطة و صور اسلامية " بالقوة " و من دون اي خجل، لتوقف السيارات بشكل مفاجئ ما يعرض حياتهم و حياته السائقين للخطر. و دعا هذا المواطن البلدية الى منع هؤلاء من الوقوف عند مفارق الطرقات و اتخاذ الاجراءات بحقهم بعد ان باتوا يسترزقون بالقوة ما يعكس استياء المواطنين تجاههم.
المتسولون في تزايد مستمر، و هذه الظاهرة غير الحضارية تعطي انطباعاً و تصوراً غير محمود من المجتمع الذي تظهر فيه، و على ما يبدو ان الجمعيات و المؤسسات الانسانية لم تقصر يوماً في تقديم المساعدات للمحتاجين و الفقراء و خصوصاً في مناطق الجنوب. وتبقى الشكوك حول هؤلاء المتسولين تدور، هل هم اعتادوا التسول واصبحت عادة من عادات الادمان او مهنة يعتاشون منها؟ ام هم بحاجة فعلاً الى الاموال؟ و اذا كانوا بحاجة للمال، اليس مردود العمل افضل من مردود التسول اذا توفرت البنية الجسدية للرجل و للمرأة التي تساعد على العمل في اي مكان...؟