أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

سوق الكندرجيي يشهد إقبالاً والأضاحي تقفز 20% : لا عيد بلا بسطات وباعة متجولين

السبت 05 تشرين الثاني , 2011 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,133 زائر

سوق الكندرجيي يشهد إقبالاً والأضاحي تقفز 20% : لا عيد بلا بسطات وباعة متجولين

يحلّ «العيد الكبير» هذا العام بصحبة المطر. صحبة لم تكن ميمونة في الفترة الأخيرة، إذ أغرق المطر المفاجئ الطرقات، متسبباً في زحمة سيرٍ غير اعتيادية. مع ذلك، لم يختبئ «المحتفلون» من زخات المطر خلف جدران منازلهم، بل نزلوا رغم «الهيجان» إلى الأسواق التجارية لشراء لوازمهم. لكن، زحمة المتسوقين التي بدت جلية في شوارع بيروت، وغيرها من المناطق، لم تنعكس زحمة في الشراء، فغلاء الأسعار وفقر الحال لم يسعفا إلا القليل من العائلات التي تشتري إرضاء لأطفالها.

هكذا، بدت واجهات المحال يتيمة، لا تصلح إلا «للفرجة». أما بيع ما فيها فرهن بـ«الزبون الشرّا». وكل هذا ينعكس سوءاً على أصحاب المحال الذين يقضون نهاراتهم منتظرين «مرّاقي الطريق». لكن، ليست الملابس وحدها التي تشهد ارتفاعاً بالأسعار، فالأضاحي أيضاً «نطّ» سعرها إلى نسبة تتخطى 20%، ما جعل الناس يتوجهون نحو شراء اللحم «بالكيلو».

بالعودة إلى ثياب العيد، لم ينفع استنفار تجار القرى في بنت جبيل ومرجعيون في جذب الزبائن. سقطت كل رهاناتهم على الأيام التي يعدّونها الأوفر حظاً لهم لكسب الرزق، فرغم «الانتظار، لم يرتد الزبائن، كعادتهم قبل العيد، محلاتنا»، يقول تيسير محمود، صاحب أحد المحال التجارية في بنت جبيل. وقد دفع هذا الأمر بعض أصحاب المحال إلى «نقل بضاعتهم وبسطها في الأسواق الشعبية، لكن دون جدوى»، يتابع محمود، ثم يكمل بغضب وحسرة قائلاً «الأسعار هي السبب، لقد ارتفعت أسعار المأكولات واللحوم والخضرة، فلم يعد لدى الأهالي الفقراء المقيمين هنا ما يكفي لشراء ثياب العيد لأولادهم». يتذكر الرجل أنه «قبل سنوات، كانت الأسواق الشعبية ملجأ هؤلاء الفقراء، لكنهم اليوم امتنعوا نهائياً عن شراء كسوة العيد». محمد جزيني واحد من هؤلاء التجار الذين قرّروا بسط بضائعهم من الألبسة في الأسواق الشعبية. يعوّل الرجل على الأمل. لا شيء أكثر من ذلك «فليس باليد حيلة، وما يحصل اليوم هو من أسوأ أيامي التجارية: أسعار الألبسة الشعبية ارتفعت والوضع في سوريا جعلنا نتريث كثيراً في الدخول إلى أراضيها لشراء الألبسة المتدنية أسعارها».

لا يختلف الوضع عند أم محمد سرحان، ابنة بلدة الدوير في قضاء النبطية، فالسيدة التي كانت تبيع الثياب في الأسواق الشعبية، كسوق الطيبة مثلاً، كانت تجني ما يزيد على «500 دولار أميركي قبل بيومين من العيد». أما اليوم، فالبكاد استطاعت «جمع 100 ألف ليرة لبنانية من بضاعتنا». وترد السبب إلى أن «معظم الناس فضلوا البقاء في منازلهم لكون مداخيلهم لا تكفي لسدّ حاجاتهم من الطعام والشراب، كما أن أسعار الثياب التي نبيعها تضاعفت في الأسبوعين الأخيرين من دون أي مراقبة أو محاسبة لتجار الجملة الذين يتحكمون بهذه الأسعار». زين دقماق، من بلدة الشهابية، الحائز على شهادة ماجستير في الأدب العربي، والذي كان قد قرّر العمل في تجارة الألبسة، يندم على تركه التعليم من «أجل البيع بـ100 ألف ليرة». يأسف الشاب «لوصولنا إلى هذه الحال، فوضعي بات أكثر سوءاً من عملي السابق مدرساً»، ويقارن بين «إيام كانت تدر علينا الكثير من المال، وإيام بالكاد تأتينا بمبيع 50 ألف ليرة بالنهار».

لكن، هذه الحال المزرية ـ الطبيعية ـ في مثل هذه الأيام التي يتسبب فيها الغلاء في مناطق كثيرة كبيروت وبنت جبيل ومرجعيون، لم تنعكس على طرابلس، حيث نشطت الحركة التجارية بنحو لافت بعد الانتشار «المكثف» للبسطات والباعة المتجولين في ساحة التل الرئيسية، الذين بسطوا بضاعتهم أمام الزبائن بأسعارٍ تشجيعية. فقبل أيامٍ من إعلان العيد، احتلت البسطات الساحة، وحولتها إلى مكانٍ أشبه بـ«سوق الأحد». لكن، مع كل هذه «الرهجة»، لم تفرح البلدية بمشهد الفوضى، متخذة القرار بتحويلها إلى «فوضى منظمة». القرار ليس جديداً، فقد سبق أن نفذ في عيد الفطر وهو «بمثابة معالجة شكلية وسطحية للأزمة، حيث يعمل على توزيع خيم على أصحاب البسطات والباعة من أجل تنظيم عملهم، في مسعى لاحتواء المنظر البشع الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مدخل مبنى البلدية. وقد برّر رئيس البلدية نادر غزال لـ«الأخبار» هذا التصرف، بأنه «إجراء نقوم به في طرابلس أسوة بباقي المناطق اللبنانية التي تقوم البلديات فيها بتنظيم نشاط اقتصادي موسمي في الساحات العامة خلال الأعياد والمناسبات، ولذلك قمنا اشترينا الخيم من أجل نصبها بنحو منسق على أن تكون البسطات داخلها، تفادياً للفوضى التي تعمّ المكان». ويشمل التنظيم أيضاً رصف البسطات في 3 صفوف، تعرض كل شيء تقريباً، لدرجة أن المرء يشعر حيال ما يراه بأنه أمام نسخة أخرى من سوق الأحد. وهنا، يجد الزبائن بضاعة بأرخص الأثمان من الألبسة إلى الأحذية (أغلبها من البالة) ومواد التجميل والأدوات والخرضوات والمكسرات والخضر والفواكه وغيرها من البضائع. وهنا أيضاً، ثمة مشاهد تلفت المارين، أبرزها مشهد الزبائن وهم يجربون الألبسة لأطفالهم في الهواء الطلق، ومشهد أصحاب البسطات الصباحي وهم ممدون على «فرشهم» قرب بسطاتهم، خشية تعرضها للسرقة.

لكن، كما كل عام، يثير انتشار البسطات بهذا الشكل الفوضوي استياء التجار وأصحاب المحال، إذ إن البسطات تُضارب عليهم، من غير أن يدفع أصحابها إيجارات أو رسوماً أو رواتب موظفين، ما دفع بعض أصحاب المحال إلى وضع بسطات أمام محالهم، كي لا يأتي صاحب بسطة ويُضارب عليهم.


«ما بيدوم إلا القديم»


في صيدا (خالد الغربي)، بدت حركة «أسواق العيد» خجولة، وغاب إلى حد ما صخب الأسواق على غير عادتها عشية أعياد الفطر والأضحى. إلا أن البائعين أبقوا على آمالهم في تحسّن حركة البيع في «يوم الوقفة». وحده سوق الكندرجية كان منتعشاً، إذ انهمك عشرات الاسكافيين في المدينة بـ«درز» الأحذية المستعملة، ولسان حالهم يقول «الحركة قوية». حتى أن الاسكافي ابو حسن جزم بأنه سجّل أمس رقماً قياسياً في تركيب «نص نعل» لعشرات الأحذية ولا سيما أحذية الاطفال. وراح يردّد محاولاً استقطاب المزيد من الزبائن «جدّدوا احذيتكم مابدوم لكم الا قديمكم، وماتستحوا من شي».

Script executed in 0.19183206558228