«الكلمنتين» أو اليوسفي، فاكهة موسمية شتوية، سُميت هذا الاسم نسبة إلى الأب «كليمنت» الذي ميز شجر اليوسفي عن أشجار المندرين، بحسب روايات متداولة. وقد زرعت أشجار «الكلمنتين» منذ عقود طويلة في منطقة صيدا، وأَولاها «بستانجية» المدينة اهتماما خاصاً. لكن شهرة صيدا بحمضياتها تكاد تتبدد مع جرف عشرات آلاف أشجار «الكلمنتين» والبرتقال لمصلحة التوسع العمراني في المدينة.
ومع ذلك، فمحمود عواضة ـــ مثلاً ـــ استبدل شجرة «كلمنتين» شاخت في بستانه بأخرى فتية بدأت بالإنتاج، رغم الكلفة العالية لزراعتها، محاولة منه لاستعادة «مجد الكلمنتين الصيداوي» كما يقول، مستذكراً كيف كنا «نسقي بساتيننا على ضو القناديل».
كان «كلمنتين» المدينة يصدّر بشاحنات إلى أسواق خارجية، ويبتاعه لبنانيون، وخصوصاً أنّ الحبة تقطف من الشجرة مباشرة. أما اليوم، فبالكاد يصرف الموسم. لكن أحمد ضاهر يروي كيف أن أستاذه في فرنسا لا يزال يتزود من «الكلمنتين الصيداوي»، بعدما أهدى إليه صندوقة في الثمانينيات. «فالرجل لم يذق ألذّ منها في حياته»، وفق تعبير ضاهر.
يذكر أنّ غصون أشجار «الكلمنتين» ليست بصلابة أشجار الآكي دنيا والحمضيات، فأوراقها خضراء داكنة، تتدلى منها حبات على شكل عناقيد، وثمرتها خالية من البذور، لذلك تلتهم بشغف من دون الخوف من ابتلاع البذور كما في برتقاليات أخرى.
تدل «تحويشات» أولى لحبات «الكلمنتين» الرجعي والأخضر التي تسبق عادة الولوج الفعلي لقطاف الموسم في «الكانونين»، إلى «موسم واعد»، كما يخبرنا أبو العبد «البستنجي»، قائلاً: «ما سقط من أمطار بحلي الحجر، فكيف بحبة الكلمنتين». أما الأمراض، فهي «غير موجودة، على الأقل حتى الآن».
أما المشكلة القديمة الجديدة بالنسبة إلى المزارعين، فتبقى في تصريف الإنتاج. هنا يسأل أبو العبد عن سبب عدم وجود معامل عصير تأخذ الليمون وتصنعه، ليستدرك قائلاً: «عندما كان الأفندي و«الكلمنتين» بعزهما ما انفتح معامل عصير».
تقلصت بساتين «الكلمنتين» في صيدا، لكنها لم تجيّر مذاق ثمارها لبساتين أخرى، «ما بدها تنان يحكوا، كلمنتيناتنا غير عن كل العالم»، يقول عواضة. إضافة إلى مذاقه اللذيذ، فإن تناول «الكلمنتين» باعتدال يعتد فاكهة مفيدة لجسم الإنسان، وهناك معتقدات تشير إلى أنّ قشرتها مفيدة في علاج سرطان الكبد.