أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

علي حرب قاوم الفرنسيين وحُرم وأحفاده الجنسية

الأربعاء 28 كانون الأول , 2011 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,731 زائر

علي حرب قاوم الفرنسيين وحُرم وأحفاده الجنسية

تولين | يفاجأ زائر منطقة «دير أبو سعيد» في محافظة إربد في المملكة الأردنية الهاشمية، بوجود مئات اللبنانيين المقيمين هناك، منذ عشرات السنين، المحرومين الجنسية اللبنانية. وتكبر المفاجأة عندما يعرف الزائر أن هؤلاء اللبنانيين، هم أحفاد وأقارب المقاوم الراحل علي حرب، ابن بلدة تولين ( قضاء مرجعيون)، الذي قاوم الاحتلالين التركي والفرنسي، وفرّ هارباً إلى الأردن، مع شقيقيه محمد وعباس، بعد ملاحقة الجيش الفرنسي إثر إصدار حكم إعدام بحقه عام 1925.

هذا ما حصل مع أستاذ مادة التاريخ في مرجعيون بلال ياسين (مجدل سلم)، الذي زار «دير أبو سعيد» في الأردن لملاقاة أبناء خالته من آل حرب. يروي ياسين أنه فوجئ هناك بوجود نحو 500 لبناني من آل حرب، مع مئات اللبنانيين الآخرين، «الذين حرموا جنسيتهم اللبنانية، وحصلوا على الجنسية الأردنية، وتوّلى بعضهم مناصب رفيعة في الدولة، ولا سيما في الجيش الأردني». على الرغم من ذلك «تراهم يتصرفون كلبنانيين، يعلّقون الأعلام اللبنانية في منازلهم وسياراتهم الخاصة، ويتابعون وسائل الإعلام اللبنانية». وقد حاول هؤلاء استعادة جنسيتهم، إذ يوضح ياسين أن «وفداً منهم كان قد زار الرئيس نبيه بري للمطالبة باسترداد الجنسية، في التسعينيات، وحصلوا على وعد بذلك، بعد توكيل المحامي والنائب السابق حسن علوية».

كذلك يروي عباس حرب، الذي يتواصل على نحو مستمرّ مع أقربائه في الأردن، أنهم «يأتون باستمرار إلى البلدة، ويطالبون السلطات اللبنانية دائماً باستعادة الجنسية اللبنانية التي حرموا إيّاها، وينتظرون تحقيق حلمهم هذا ليعودوا إلى وطن جدهم المقاوم المعروف». ويؤكد أن «عدداً كبيراً من هؤلاء تقدّم بدعوى استرداد للجنسية عام 1998، لكنهم لم يحصلوا عليها حتى اليوم وينتظرون حلاً سياسياً قد يشملهم». ويشير إلى أن «مئات اللبنانيين الجنوبيين المحرومين الجنسية يقيمون في مدينة إربد، في منطقة تدعى دار أبو سعيد، وهي منطقة على الحدود السورية قريبة جداً من جنوب لبنان، وتحتاج إلى ساعتين على الأكثر سيراً على الأقدام للوصول منها الى بنت جبيل، لولا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وهذا دليل على أنهم نزحوا سيراً على الأقدام هرباً من الجيش الفرنسي الذي كان يلاحقهم، ومن بينهم عدد كبير من آل شرارة من بنت جبيل، ومن آل طباجة من النبطية».

وخلال زيارة ياسين الأخيرة إلى الأردن «طلبت مني أسرة حرب إثارة قضيتهم مجدّداً، إذ يعزّ عليهم أن يكونوا من نسل أحد أبطال المقاومة اللبنانية الذي قاتل الاحتلالين التركي والفرنسي، فكانت مكافأته حرمانه وأحفاده الجنسية والهوية اللبنانيتين، كما يعزّ عليهم معاملتهم كأجانب عند كل زيارة يقومون بها إلى لبنان، رغم أن لهم أبناء عم لبنانيين، ويملكون الأراضي في تولين وغيرها». ويعيد ياسين سبب هذه المشكلة، من خلال متابعته، إلى «أن الفرنسيين شطبوا أسماء علي حرب وشقيقيه من دوائر النفوس اللبنانية، حتى إن علي حرب لم يحز بطاقة الهوية بسبب ذلك».

في هذا الإطار، يذكر مختار تولين السابق، محمد إبراهيم عوالة أن تسجيلاً لقيود الأهالي جرى في الخمسينيات من القرن الماضي، منحت خلاله الجنسية للبعض «لكن لم يجر قيد المقاوم علي حرب، الذي أمضى معظم شبابه وهو يقاتل الاحتلال الفرنسي إلى جانب صديقيه المعروفين أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور، ويشهد على ذلك وادي الحجير، الذي شهد العديد من أعماله البطولية ضد الجيش الفرنسي المحتل». ويكشف أن حرب ليس الوحيد الذي حُرم الجنسية اللبنانية آنذاك، بل «هناك عدد كبير من أبناء حرب وأقربائه، رغم أنهم دافعوا عن هذا الوطن، ودفعوا ثمن ذلك الهجرة والعيش خارج الوطن، بعدما لاحقهم الجيش الفرنسي وأتباعه».

وفي عودة إلى التاريخ، يروي ياسين أنه «بعدما شنّ الجيش الفرنسي حملة «النيجر» واجتاح جنوده جبل عامل بذريعة حرق كنيسة عين إبل في بنت جبيل، كان شعارهم القضاء على رجال العصابات، مستفيدين من السموم التي تنشرها إحدى الصحف اللبنانية، التي كانت تسمى جريدة البشير، وهي تابعة لليمين الموالي للانتداب الفرنسي». ويتابع «وقتها جرى تدمير بنت جبيل، بهدف اعتقال رجال المقاومة، ولا سيما أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور وعلي حرب، بعدما أطلق خنجر النار على الجنرال غورو وأصابه، عندها استطاع كل من خنجر والفاعور الفرار إلى سوريا، إلى أن وصل الزحف الفرنسي إلى سوريا، واعتقل أدهم خنجر من منزل السلطان باشا الأطرش، زعيم جبل الدروز، وكانت الثورة السورية الكبرى عام 1925، وقد أعدم خنجر في بيروت ودفن هناك، والتحق حرب بالفاعور وفرّا معاً الى الأردن، وقيل إن أحد العملاء اللبنانيين استطاع اغتيال الفاعور هناك، بينما لجأ علي حرب الى الملك فيصل، الذي وهبه أرضاً سكن فيها، وبقي حياً هناك مع أقاربه إلى أن توفي في التسعينيات».

علي حرب حاضر في ذاكرة أبناء تولين، كما يجمع كبار السن في البلدة. فبحسب المؤرّخ المرحوم الدكتور علي مرتضى الأمين، في كتابه «ثائر من بلادي»، أن «علي حرب كان أحد قادة رجال المقاومة في جبل عامل ضد الاحتلالين التركي والفرنسي، ومن المشاركين في مؤتمر الحجير عام 1920 الى جانب المقاومين أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور، وقد قاد كلّ منهم مجموعة عسكرية لمقاومة الاحتلال الفرنسي، في كلّ من تبنين والشقيف وصور».

ويحكي عباس حرب عن «دور علي حرب البطولي في مقاومة الفرنسيين». ويقول إن علي حرب، هو أخ جد محمد حسين حرب، الذي بقي متخفياً في تولين، وقد انتخب مختاراً للبلدة فيما بعد، متسائلاً: «كيف لمواطن أصبح أخوه مختاراً أن يحرم الجنسية اللبنانية؟».


Script executed in 0.18069195747375