أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

السينما في الجنوب من بوابة صيدا

الأحد 15 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,726 زائر

السينما في الجنوب من بوابة صيدا

حالة من اليتم الثقافي شهدتها المناطق الجنوبية مع إطلالة الألفية الثالثة، إذ تسبّبت الظروف الأمنية من جهة، والظروف الاقتصادية في إقفال مختلف دور عرض السينما، من صيدا إلى النبطية، مروراً بمدينة صور. وكانت قد سبقتها إلى هذا «اليتم» جزين ومرجعيون والخيام، في الربع الأخير من القرن العشرين. وخلال السنوات العشرين الأخيرة، لم يكن الجنوبيون يجدون ملاذاً سينمائياً لهم غير العاصمة بيروت.

يهبّون إليها كلما ذاع صيت فيلم جديد. علماً أن السينما في الجنوب لم تكن وليدة استثنائية، بل تسلّلت إلى المدن الرئيسية منذ مطلع الثلاثينيات، ثم تعزّزت مع ولادة الأحزاب السياسية والعلمانية، خصوصاً في الفترة الممتدة بين الستينيات والثمانينيات. لكن الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة، وصولاً إلى اجتياح العام 1982، كانت توجّه ضربة تلو ضربة لهذه الدور، التي أخذت تقفل الواحدة تلو الأخرى، إلى أن توقفت تماماً.
اليوم، اختلف الوضع، إذ أضحت صيدا قبلة الجنوبيين السينمائية، يقصدونها كلّ مساء. بعدما أعلنت شركة سليم رميا وأولاده مطلع العام 2011 افتتاح سينما «Grand Cinemas» في المجمّع التجاري «صيدا مول»، في مركز التسوّق والترفيه الأحدث في المدينة. وقد أعلن رميا عشية الافتتاح أن سبب اختيار مدينة صيدا يعود إلى أنها «ثالث أكبر مدينة في لبنان وبرهنت انها موقع ترفيهي مزدهر يضمّ سكاناً يهوون السينما».
يضمّ «صيدا مول» خمس صالات سينما مزوّدة بأفضل تقنيات العرض وتكنولوجيات الصوت DTS، وتحتوي على أكثر من 720 مقعداً فاخراً، كما يقول المشرف المسؤول مصطفى دندشلي موضحاً أن «فريقاً مؤلّفاً من مهنيّين مدرّبين يعمل على تقديم أفضل تجربة سينمائية. وفي هذا الإطار، بنيت شاشات مصمّمة خصيصاً لعرض مشاهد 3D شديدة الوضوح، تسمح لهواة السينما بالوصول إلى مجموعة فريدة من أفلام الـ3D الخاطفة للأنفاس».
وقد وضعت إدارة السينما تسهيلات أمام المشاهدين أو الراغبين في المشاهدة، تمثّلت بإمكانية الحجز عبر الانترنت «يمكن لمتصفّحي موقع grandcinemas.com أن يجدوا آخر وأحدث أخبار الأفلام وأن يطلعوا على ترويجات الأفلام ويحجزوا بطاقاتهم بشكلٍ آمن. وإلى جانب E/TICKET وE/KIOSK و E/NEWSLETTER الأسبوعية، يحصل محبّو الأفلام على دليل أفلام Grand Cinemas وهو عبارة عن مجلّة تصدر مرّتين كل شهر وتُوَزَّع في كل فروع Grand Cinemas».
ربما لا تمتلئ جميع المقاعد في الصالات الخمس دفعة واحدة، إذ إن هناك أربعة عروض متتالية في ساعات المساء والليل، ولكلّ وقت روّاده لأن «بين صيدا والسينما حكاية ودّ قديمة، كانت تمكن جميع دور العرض في المدينة من استقطاب أهلها والمشاهدين الفلسطينيين الذي دخلوا في النسيج الاجتماعي والثقافي» يقول نبيل مكاوي، «أبو حبيب». الاخير يتذكر أن دور العرض في صالات صيدا مثل «غرانادا» و«هيلتون» و«كابيتول» و«إشبيليا» و«ريفولي» و«الحمراء» و«روكسي» و«أمبير» كانت «تمتلئ جميعها، وكان لكلّ دار روّادها، أو أن المشاهدين كانوا يختارون ما يناسبهم». يتذكر أن «أيام الأعياد والعطل كنا ننتظر في صفوف طويلة، بغية الوصول إلى شباك التذاكر، لأجل ذلك هناك شوق بالغ إلى عودة السينما إلى صيدا، التي كانت تخلق جواً من التواصل الاجتماعي والثقافي بين أبناء المدينة والجوار، وصولاً إلى معظم المناطق الجنوبية».
واللافت أن صالات العرض في صيدا كانت تقدّم عروضاً «شرعية»، إذ يمنع الاختلاط بين الجنسين: «في البداية كانت هناك عروض للرجال وأخرى للنساء، إلى أن بدأ المدّ الناصري يتغلغل في الجنوب وخصوصاً في صيدا، ما أتاح لهذه الصالات أن تستقبل العائلات، ثم صارت في بعض الأوقات ملاذاً للعاشقين لتبادل النظرات وكلمات قليلة كانت تفضي لاحقاً إلى ارتباط وزواج» يقول مكاوي.
عودة السينما إلى صيدا قد تعني عودتها إلى الجنوب الذي تجري فيه محاولات يتيمة لتفعيل السينما. وإذا كانت سينما «2000KA» في محلة «جلّ البحر» عند المدخل الشمالي لمدينة صور، والتي تتسع لنحو 500 كرسي، تفتح صالاتها في أوقات معينة أو في الأعياد، فإن بعض الجمعيات والأندية الثقافية في الجنوب حاولت تفعيل «هذا الفن الثقافي وأن تؤسس أندية للسينما الموجهة» كما يقول مسؤول فرع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية، المحامي سمير فياض. الأخير يؤكد أن المجلس «من خلال إطلاقه نادي السينما منذ ثلاث سنوات، جدّد العلاقة الثقافية بين المهتمين والعديد من الوجوه السينمائية، من مخرجين وممثلين، فنادي السينما في المجلس وبالتنسيق مع «نادي لكلّ الناس»، استضاف المخرج السوري محمد ملص خلال عرض فيلمه «حلب مقامات المسرة» وكذلك المخرجة نبيهة لطفي والمخرج برهان علوية والمخرج جان شمعون مع العديد من أفلامه وأبطالها، إلى أفلام شبابية وجامعية، لكن هذا لا يغني عن صالة حقيقية للسينما تقدم المؤثرات الصوتية والصورة المثلى»، يقول.
كذلك قدّمت «شبكة مجموعات شبابية» العديد من الأفلام التوثيقية والسينمائية في عدد من المراكز والأندية في النبطية ومنطقتها، وقام «مركز معروف سعد الثقافي» في صيدا بتقديم العديد من العروض السينمائية في زمن توقف دور العرض، واستضاف العديد من المخرجين والممثلين «لكن ذلك لا يغني عن صالة عرض تمكن العائلات، من مختلف الأعمار، من أن تيمم وجوهها شطر السينما ساعة تشاء، ولذلك نعتبر عودة السينما إلى صيدا عودة مباركة، يقول مكاوي. على أمل أن تشمل الدور مختلف المدن الجنوبية.


Script executed in 0.18689513206482