أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بلديّة صور: معالجات بالجملة

الخميس 19 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,666 زائر

بلديّة صور: معالجات بالجملة

لم تصدم حادثة انهيار المبنى السكني في الأشرفية مدينة صور، بل منحتها فرصة ذهبية لكي تعاين بأمّ العين المشهد الذي قد يتكرر فيها في أي لحظة. فالمراجع العلمية تذكّر باستمرار احتمال تعرض صور لزلزال أرضي، تضاف إلى قوته ارتفاع أبنيتها الحالية على طبقات عدة من الحضارات المتعاقبة منذ آلاف السنين، في حين أن بعض واجهاتها هو عبارة عن بحر تمّ ردمه.
لكن الزلزال ليس السبب الأساسي لانهيار بعض أبنية المدينة. فالهزة الأرضية التي ضربتها قبل أربع سنوات استهدفت المباني التي عانت سابقاً من تصدعات إما بسبب سوء شروط تشييدها، أو توالي القصف الإسرائيلي العنيف عليها. أما حقبة الحرب الأهلية في صور، فيصفها المراقبون بزمن الفوضى، لا بسبب تشييد عشرات الأبنية المخالفة لمعايير التنظيم المدني، ولا سيما لجهة الارتفاع ونسبة ابتعاد بعضها عن بعض. وقد شهدت تلك المرحلة انهيار مبنى قيد الإنشاء ذهب ضحيته قتلى وجرحى كانوا موجودين في داخله والأبنية الملاصقة له.
بعد الهزة الأخيرة، أنذرت البلدية السابقة سكان مبنيين، شيّدا في زمن الفوضى، بضرورة الإخلاء الفوري تحت طائلة المسؤولية. حتى اليوم، لم ينفذ الإنذار بسبب عدم توافر المسكن البديل في المدينة التي تعاني من ارتفاع أسعار العقارات وصعود بدلات إيجارات الشقق السكنية. كل ما حصل هو مبادرة فردية قام بها سكان أحد المبنيين وتتمثل بـ«ترقيع» بعض التصدعات على نفقتهم الخاصة. وإذا كانت الإمكانات المادية متوافرة لدى البعض، فإنّ ذلك ليس حال عدنان نزال مثلاً الذي يسكن في منزل قديم متداعٍ يقع عند أحد مداخل الحارة القديمة ولم يشهد ورشة ترميم شاملة منذ تاريخ تشييده قبل أكثر من 70 عاماً.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ خطر الانهيار لا يطال عائلة نزال المؤلفة من زوجته واثني عشر ولداً فحسب، بل يلحق بمئات الأشخاص الذين يمرون بمحاذاة المنزل يومياً دخولاً وخروجاً إلى الحارة، وكذلك المصلّين الذين يقصدون المسجد الملاصق.
وفيما قررت بلدية صور معالجة قضية المنازل المتصدعة بالجملة، لفت عضو البلدية المهندس شريف بيطار إلى أنه اقترح تأليف لجنة خاصة تتألف من أعضاء من المجلس البلدي وممثلين عن التنظيم المدني، تتولى الكشف على الأبنية المتصدعة، بناءً على إخبار من أصحابها، كاشفاً أن باب تقديم الشكاوى وطلبات الترميم قد فتح على مصراعيه مع تقديم تسهيلات توافق على الأشغال وفق القانون وتعاميم وزارة الداخلية. وفي هذه الأثناء، يضع المجلس البلدي آلية لإطلاق مسح ميداني شامل، نظراً إلى غياب جداول إحصائية شاملة عن عدد كبير من تلك الأبنية.
في الأيام الثلاثة الماضية، توافد عشرات المواطنين إلى بلديات وفصائل قوى الأمن الداخلي في منطقتي صور والزهراني، بهدف طلب الموافقة على ترميم منازلهم التي شيّدوها قبل أشهر قليلة خلال أزمة التعدي على المشاعات والأملاك العامة. وجاء في الطلب أنّ «الأسقف والجدران، التي بنوها بسرعة قياسية استباقاً لتوقيف ورشهم، قد شهدت تفسخات وتصدعات واسعة أدت إلى تسرب مياه الأمطار». لكن الطلب لم يرفض فحسب، بل كاد يعرض أصحابه للملاحقة والتوقيف اللذين أفلتا منهما سابقاً.
على صعيد آخر، استقدم الكثير من المواطنين مهندسين على نفقتهم الخاصة للاطمئنان إلى أحوال أبنيتهم المشيدة في فترات سابقة، سواء ظهرت فيها تصدعات أو لم تظهر. وتبيّن، بحسب أحد المهندسين، أن جميع أبنية صور ليست مهددة بالانهيار، بل «بالبلع»، على غرار مبنى قشور الذي سقط بكامله إلى ما دون مستوى سطح الأرض بعدما تبين أن أساساته قامت على عقار قائم بدوره على موقع أثري.
لكن يبدو أن موافقة البلدية لن تكون الحل النهائي، فالمطلوب توفير المال لضمان تنفيذ ورشة سليمة بإشراف مهندس متخصص. فهل تؤدي البلدية دوراً في تمويل الترميم؟ يجزم بيطار بأن «قانون البلديات لا يلزمنا بترميم الأبنية ذات الملك الخاص، لكنه يعطينا صلاحية إجبار المالك على إنجاز الترميم إذا شكل المبنى خطراً على السلامة العامة. وإذا امتنع، يمكن البلدية أن ترفع شكوى قضائية ضده». ماذا لو كان صاحب المبنى غير قادر مادياً؟ يجيب بيطار: «يستطيع في هذه الحالة أن يحوّل طلبه إلى لجنة المساعدات الاجتماعية في البلدية».


مباني جبيل محميّة

«في جبيل مبانٍ تراثية وقديمة، لكن ليس هناك مبانٍ مهترئة»، يوضح مهندس بلديّة المدينة زاهر أبي غصن، مشيراً إلى أن مباني المنطقة الأثريّة محميّة ضمن الإمكانات المتوافرة للبلديّة.
وإذا كانت أكثرية مباني جبيل جديدة ولا تواجه مشاكل أو تهديدات بالانهيار، ما عدا الهدر في بعض المباني الخاصة، فإنّ بعض المباني المنتشرة في أرجاء المدينة قديم لكنه لا يواجه مشاكل كبيرة، بدليل أن بلديّة جبيل لم تتلقّ منذ سنوات شكاوى بشأن تهديدات تواجه مباني قديمة في المدينة.
ويقول أبي غصن إنّ البلدية جاهزة لاستقبال شكاوى المواطنين والاستماع إلى هواجسهم، قبل أن ترسل لجنة تضمّ فريقاً من المتخصصين للكشف على الأبنية التي تواجه مشاكل أو تهديدات معيّنة. وستستبق البلديّة، بحسب مهندسها، الحوادث وتجنب المدينة أيّ انهيارات.

توزيع المباني في أقضية لبنان بحسب حالة المبنى


إدارة الإحصاء المركزي دراسة تيويم مبطقتي المباني والمؤسسات 2004 (انقر للصورة المكبرة...)

 

 

أنجزت إدارة الإحصاء المركزي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء هذه الدراسة عام 2004، ونشرتها على موقعها الإلكتروني، من دون أن تسلّمها لأيّ جهة. لكن نشرها كان مصحوباً بحملة إعلانية واسعة يصعب تجاهلها. رغم ذلك، أكدت كل الأطراف التي تواصلنا معها أنها لم تطّلع عليها!

Script executed in 0.18557000160217