أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أزمة الملحقين الاغترابيّين تنتظر «مجـلس الشورى»

الإثنين 23 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,726 زائر

أزمة الملحقين الاغترابيّين تنتظر «مجـلس الشورى»

لم تنفرج أزمة التشكيلات الدبلوماسية بعد. اللقاء الأخير الذي جمع وزير الخارجية عدنان منصور برئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية كان «إيجابياً جداً»، على حد وصف معنيين به. لكنه، أي الاجتماع، لم يمكّن المعنيين من وضع اللمسات الأخيرة على ملف التشكيلات، رغم تأكيدهم جميعاً أن الأمور باتت في مراحلها النهائية.

وغير بعيد عن ملف التشكيلات والترقيات، تستمر عقدة الترفيع من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية في وزارة الخارجية على حالها، وهي المعروفة بعقدة الملحقين الاغترابيين. مشكلة هؤلاء تعود إلى أكثر من 17 عاماً. فمنتصف تسعينيات القرن الماضي، دخلوا ملاك وزارة المغتربين. وعندما ألغيت الوزارة المذكورة وصارت مديرية تابعة لوزارة الخارجية، أصدر مجلس النواب عام 1999 قانوناً يمنحهم صفة «دبلوماسيين»، بناءً على اقتراح تقدم به النائب بطرس حرب. أمام القانون، صاروا كزملائهم الدبلوماسيين الذين دخلوا وزارة الخارجية عبر مجلس الخدمة المدنية، أو عبر معهد الإدارة. لهم ما لهم من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات. لكن دبلوماسيي لبنان، أو بعضهم، اعترضوا على هذا الواقع. استنفروا، وبحثوا عن 10 نواب ليطعنوا بالقانون أمام المجلس الدستوري. تأمّن النواب العشرة، لكن الدستوري رفض الطعن، وبقي القانون سارياً.
بعد سنوات قليلة، لجأ الملحقون/ الدبلوماسيون إلى مجلس شورى الدولة، لضمان حقهم بالترقية، باعتبارهم موجودين في السلك منذ عام 1996، لا منذ عام 1999. ببساطة، أرادوا أن تُحتَسَب لهم فترة عملهم في وزارة المغتربين ضمن السنوات اللازمة لترقيتهم. زملاؤهم الذين دخلوا السلك الدبلوماسي بين عامي 1996 و1999، تدخلوا في الدعوى، معترضين على طلب الملحقين. وبعد سنوات من المحاكمة، صدر قرار مجلس شورى الدولة، لغير مصلحة المدّعين. قال المجلس إن السنوات اللازمة لترقيتهم تُحتَسَب منذ لحظة دخولهم وزارة الخارجية، لا منذ بدء عملهم في وزارة المغتربين. بناءً على ذلك، على وزارة الخارجية أن تُعد لوائح الترقية من الفئة الثالثة إلى الفئة الثانية، مدرجة أسماء دبلوماسيي الأعوام 1996 ــ 1999 قبل أسماء زملائهم الآتين من المغتربين.
من جديد، اعترض الملحقون، طالبين إعادة فتح المحاكمة. وحتى اليوم، لم يبت مجلس الشورى طلبهم، وسط تأكيد مصادر معنية أن المجلس سيصدر قراره قريباً، ليعيد القضية إلى النقطة الصفر.
وبانتظار أن يبتّ الشورى الملف، يتبادل زملاء بسترس الحجج التي تؤيد رأي كل فريق منهم. الدبلوماسيون يحملون رأي مجلس الشورى، ويؤكدون أن مجلس الخدمة المدنية، برئاسة القاضي خالد قباني، سيكون في صفهم، وسيعطي رأياً مؤيداً لهم. أما الملحقون، فيؤكدون أنه لا مبرر لمجلس الخدمة لأن يقف ضدهم، وخاصة أنه يوقّع سنوياً جداول العاملين في السلك الدبلوماسي، وترد فيها أسماؤهم بالترتيب، قبل زملائهم الذين دخلوا الخارجية بعد عام 1996. في المقابل، يردّ هؤلاء قائلين إن هذه الجداول معنية حصراً بالدرجة المالية، لا بالرتبة. فيستدل المحلقون بسوابق تؤيد نظرتهم، أبرزها سابقة السفير بطرس عساكر الذي دخل السلك الدبلوماسي، آتياً من التعليم. ولما رُقّي إلى رتبة سفير، احتُسِبَت له سنوات الخدمة، منذ دخوله الوظيفة العامة في التعليم، لا من تاريخ انتقاله إلى الخارجية.
هذه الحجة، ينفيها دبلوماسيّو 96 – 99، قائلين إن عساكر انتقل إلى الخارجية عبر معهد الإدارة، «أي وفقاً للأصول» وحالته «استثناء يؤكد القاعدة». فيرد الملحقون مؤكدين أن القانون أقوى من مرسوم يصدر بناءً على قرار من مجلس الخدمة المدنية أو معهد الإدارة، ووضع عساكر دليل على مبدأ ضم الخدمات الذي يحتسب للموظف رتبته وراتبه منذ تعيينه في الوظيفة العامة، لافتين إلى أن الدبلوماسيين خاضعون لأحكام قوانين الوظيفة العامة.
المشكلة ليست خلافاً في الرأي القانوني وحسب، بل لها جانب سياسي معقد أيضاً. فبين الملحقين، توجد ابنة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فرح. وعلى هذا الأساس، سعت قوى 14 آذار سابقاً إلى عرقلة ترفيعها هي وزملائها. أما بين الدبلوماسيين، فهناك صهر السفير السابق زهير حمدان، مستشار الرئيس نجيب ميقاتي، والمكلف من قبله بمتابعة شؤون وزارة الخارجية. وفي الفئة الأولى أيضاً، ملحقون/ دبلوماسيون ممن لا يرضى عنهم النائب وليد جنبلاط، ما يجعل البيك معارضاً لترقيتهم جميعاً.
وبحسب مصادر معنية، فإن بري رفض أخيراً مسودة للترقيات وضعها حمدان (مستشار ميقاتي) بمساعدة الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء القاضي سهيل بوجي، وكانت «ملغومة» بترقية فرح بري والملحقين المنتمين إلى الطائفة الشيعية، دون غيرهم من زملائهم. وأصرّ رئيس المجلس على أن تكون الترقية «وفقاً للقانون. إما أن يكون الجميع مع فرح، أو أن تكون هي معهم».
وفيما يتحدث سياسيون معنيون بالملف الدبلوماسي عن وجود مسعى لحل مشكلة الملحقين قريباً، ينفي آخرون ذلك، مؤكدين أن حل القضية مرهون بقرار من مجلس شورى الدولة. وبما أن الانتظار قد يطول، فإن أحد الدبلوماسيين المهتمين بألا يسبقهم الملحقون في الترقية، يقترح حلاً آخر: فلتصدر الترفيعات في مرسومين منفصلين، على أن يتم خلط الأسماء في كل منهما. وأي المرسومين يصدر قبل الآخر؟ يجيب الدبلوماسي: لا يهمّ.
لكن هذا الحل يواجه معضلة أخرى، بحسب دبلوماسيين آخرين: ماذا لو وجد دبلوماسي وزميل له آت من المغتربين، معاً في سفارة واحدة؟ من سيتقدم على الآخر؟ لا جواب، وبالتالي، على الحل أن يكون واضحاً.


Script executed in 0.19521689414978