والده الشيخ محمد قاسم شرارة ، والدته خديجة بنت الحاج محمود مروة من الزرارية ، ولادته كانت في الخامس عشر من شهر شعبان سنة 1288 هجري .
سنة 1309 هـ ، توجه إلى إيران لأول مرة ، لزيارة الإمام الرضا (ع) ، وذلك عن طريق إسطنبول، وفي الباخرة التي أقلته إلتقى بأحد المشايخ ، فساعده في طريقه وهداه إلى ما يبتغيه ، ذهب إلى العراق طلباً للعلم ، وبقى هناك مدة ، فمرض . يحدَث عنه الشيخ محمد حسين شرارة فيقول :" ذهب لعيادة الطبيب في العراق ، حافي القدمين ، بسبب توَرم فيهما ، والدم يسيل من أنفه، مرَ أمام بوابة مقام الأمام موسى الكاظم (ع)فتوجه إليه بقلب مكسور قائلاً : " أتيتك يا مولاي إلى هذا المكان ، ولم أتمكن من الدخول إلى حضرتك ( بسبب الدم) ، ثم غفا وهو جالس أمام الباب ، وبعد أن إستيقظ وجد أن الدم قد توقف " .
من أساتذته الميرزا الشيرازي ، الذي طالبه ، وبإصرار ، بالعودة فوراً من العراق إلى جبل عامل، فأعاده السيد حسن يوسف مكي ، وبعد العودة أقام في قرية مارون الراس ، وقضى فيها واحداً وخمسين عاماً ، وتوفي سنة 1360 هجري ( آب سنة 1941 م).
يجمع كبار علماء جبل عامل ، على أنه ، أي الشيخ عبد الكريم شرارة ، من حيث التقي والورع ، فإنه كان " عظيم الشأن ، لا يدانيه فيها أحد ، ولا يجاريه مجار ، وكان في الإيمان بالله عزَ وجلَ، والثقة به ، والتوكل عليه ، والتسليم لأمره ، والنصح له ، ولكتبه ورسوله ولأئمة أهل البيت ، من آل الرسول وعامتهم ، والورع عن محارمه ، والإجتهاد في عبادته تعالى وإلتقي والورع ، في غاية لا ترام ، وشأو لا يدرك ".
المقدس الشيخ عبد الكريم مغنية ، خاطبه في رسالة إليه بقوله :" بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد له ، مولاي أبا ذر زمانه ، شيخنا الأبر الشيخ شيخ عبد الكريم شرارة ، دامت بركاته ، بعد لثم الأنامل الطاهرة ، وإلتماس الشمول بقيوض أدعيتك البارة ، والإبتهال إليه سبحانه ، بأن يمتع المؤمنين بشريف وجودك ..."
ويصفه المقدس الشيخ حسين مغنية ب " إلتقي النقي ، المهذب النجيب "
وقد سئل الشيخ عبد الكريم مغنية عن سبب وصفه للشيخ بأي ذر ، فأجاب :" لقد وزنته بميزان الله تعالى ، وبالآية الكريمة القائلة :"أن أكرمكم عند الله أتقاتكم " فوجدته أنه من حيث إلتقى لا يباريه أحد ...".
وكان وطنياً مخلصاً ، منزله في مارون الراس كان ملتقى العلماء والزعماء وأهل الرأي .
يتحدث أهالي بنت جبيل ومارون الراس عن كراماته أثناء حياته ، وكيف أن النيران أشتعلت بحصيد أهالي مارون الراس ، فقام هؤلاء يدعون الشيخ الإبتهال لله تعالى ، فقام بالناس داعياً الله لأخمادها ، ويقول كل من شهد هذا الحدث ، أن النيران خمدت ، وتوقف لهيبها قبل أن تصل إلى أراضٍ يملكها الشيخ عبد الكريم .
ويتحدث الأهالي ، كيف أنه قام ليتوضأ فجراً ، فخرج ليملأ أبريقاً من البئر ، فوقع فيه، وكان نحيف الجسم ، فراح يستغيث الباري عز وجل قائلاً :" يا إلهي ، أبهذه الطريقة تريد أن تأخذني " فلم يشعر إلا وأصبح خارج البئر ، فدخل المنزل ، دون أن يوقظ زوجته وابنته ، إلى أن أن شعرت به الأخيرة ، ففوجئت بما حصل ، وطلب منها ألا تتحدث عما حدث بسبب تواضعه .
كان كما يقال عنه يعمل دائماً على إصلاح ذات البين بين أهالي المنطقة . وكان يراسل علماء النجف بإستمرار ، ليسألهم عن بعض القضايا التي تهم أبناء المنطقة ، وبين أيدينا رسائل منه موجهة إلى الشيخ المحقق الورع شيخ علي القمي ، والتحرير البدل الشيخ الشيخ باقر القاموس مؤرخه في 29 شعبان 1339 هـ .
بعد وفاته قال فيه السيد عبد اللطيف فضل الله :
هل أنت للأطهار ثالث عشرها أم سادس قد ضُم تحت كساء
مفتاح رحمة ربه وقوامها وملاك كــل فضيلة وعلاء
وكأن ألسنة العباد بذكره أقلام حقَ أودعت بثناء
وقال فيه الشاعر السيد محمد نجيب فضل الله :
عن أفق عاثرة الجدود ســـرَ تغيب فـــي اللحود
كنز به ظفر الثرى تقواه نادرة الوجود
وقال فيه الشاعر السيد مصطفى مرتضى :
بكت المكارم فقده وبكى الهدى وأقيم للتقــوى عليــه مآثــم
يا راحلاً ولنا غداة رحيله قلب يذوب أسى وطرف وأجم
أبعدت فالتقوى عليك حزينة والفضل بعد نواك ساهٍ ساهم .
السيد عبد الحسين شرف الدين قال فيه :
" عزاؤك ثمال الخلق ، وجمالك مثال السلف ... فقيد الهدى والإيمان ، وحليف التقى والرضوان ، مضى أعلى الله مكانه ..." .
السيد محسن الأمين قال فيه :
" كان من أركان التقوى والإصلاح ... "
الشيخ حبيب آل إبراهيم قال فيه :
" كان لنبأ فقد الشيخ الجليل في أنفسنا رنَة أسى وأسف وزفرة حرقة وحسرة " .
هذا غيض من فيض المقدس الشيخ عبد الكريم شرارة ، الذي يقسم أهالي مارون الراس برأسه ويقولون " وحياة راس الشيخ ".