أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«مهرجان البيال» الذكرى اليتيمة

الأربعاء 15 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,303 زائر

«مهرجان البيال» الذكرى اليتيمة

بعد سبع سنوات، يستعيد سعد الحريري «الخطاب الجنين». يعود إلى المربع الأول: «إنه نظام بشار الأسد». ولكن ليس من باب «نبش» المضبطة الاتهامية، وإنما لأن «الشيخ» اختار أن يكون في طليعة «الجبهة العربية ـ الدولية» التي تريد إسقاط النظام السوري. الأولوية صارت لتغيير حتمي في «بلاد الشام»، كما بدا من خلال كل حروف وسطور «نجل الشهيد»، أما سلاح «حزب الله» فصار بنداً ثانياً، وربما مؤجلا الى ما بعد «الربيع السوري»، أو بالأحرى تصبح المقاومة وسلاحها «لزوم ما لا يلزم» بعد قطع الأوكسجين الإقليمي عنها. 

بعد سبع سنوات، تضع قوى الرابع عشر من آذار، النظام السوري، أمام جمهورها مكبّلاً بقيود «الثورة الدموية» التي تشهدها «بلاد الأمويين». بالأمس كانت سوريا هي «حدث البيال»، وصار مطلب تحقيق العدالة مرتبطاً بسقوط نظامها أولا. قرر «الشيخ» إحراق كل مراكب تواصله مع القيادة السورية، لا مجال للعودة إلى الوراء. وإلى معركة دمشق، من بيروت... درّ. 

الذكرى السابعة لاستشهاد «أبو بهاء» بدت يتيمة من «عائلتها الضيقّة»: لا نازك ولا سعد ولا بهاء ولا أشقاؤه أو شقيقاته حاضرون. لا في القاعة ولا أمام الضريح. الصديق ـ الخصم وليد جنبلاط غاب أيضاً عن المهرجان الخطابي، وإن حضرت ملائكته، أبقى على المسافة الجغرافية بينه وبين «أهل البيال»، ولم يتخط عتبة الضريح الذي أوفد إليه نجليه تيمور وأصلان على رأس وفد حزبي. نازك كعادتها انكفأت عن الأضواء واكتفت ببعض اللمسات الوجدانية من خلف الجدران ولو أن في قلبها غصة. غصة الدار المحترق وغصة الأخطاء التي كادت تطيح بالقضية. 

حتى «رفيق الدرب» فؤاد السنيورة لم يجد له المنظمون فسحة في المنبر الخطابي، فاستبق خطابات «النجوم» ببعض الكلمات التي وزعها مكتبه الاعلامي وتوجّه بها إلى «أبي بهاء» مباشرة. الخطيب الشيعي الآذاري عبد الحميد بيضون غاب أيضاً، وصفّق لرفاقه من مقعده، كما فعل مروان حمادة الذي كان يفترض أن يمثل الصوت الدرزي في الموسم الآذاري. 

هي الوجوه ذاتها التي تجلس في كل عام في الصفوف الأمامية. لا تعديل استثنائيا ولا إضافات قيّمة تزيد من حجمها المعنوي. هو الإبهار النظري نفسه... ولكن بمضمون جديد، حمل عنوان 14 شباط، وراح في متنه إلى أقصى «الربيع العربي»، وعنوانه «لولا شباط ما في آذار ولولا آذار ما في ربيع». 

أمين الجميل جال وصال في كلمته، بين الداخل والخارج. بين رمال المنطقة المتحركة ومستنقع وحول الحكومة، محاولاً إجراء بعض التوازن بينهما. اختار كلماته بعناية، ودبلوماسية ميزته عن باقي «رجالات المنبر». وحرص على تنبيه «رفاقه» على أن «تأثيرَ تدخّلِنا في شؤونِ الآخرين لن يؤثّـرَ على مجرى الصراعِ بين الأنظمةِ والثورات، بينما يُؤثِّـر تَدخّلُ الآخرين في شؤوننا على أمنِ واستقرارِ لبنان، وتجاربنا مرّة من هذا القبيل». 

أما سمير جعجع الذي استخدم القارئ الآلي، فاستعجل «الطحشة» بإلقاء بيت شعر، وهو في الحقيقة نص للحجاج: «إني أرى رؤوساً قد أينعت...». بدا ثورياً أكثر من «الثوار» السوريين، وكأنها ذكرى اندلاع «الثورة السورية» وليس «ثورة الأرز». 

«أبو بهاء» كان ضيفاً خجولاً في الخطاب القواتي، كما سلاح «حزب الله» الذي «تدلل» بين أسطر جعجع النادرة التي تناولته، لدرجة دعوة أهله لحوار غير مباشر «أنتم شركاء أعزّاء، فلماذا تصرّون على إقصاء أنفسكم بأنفسكم عن بقية اللبنانيين؟». 

فارس سعيد، ثالث فرسان «البيال»، تلا رسالة «المجلس الوطني السوري» المعارض، الذي بدا كمن يشتري سمكا في البحر بوضعه خارطة طريق لعلاقاته المستقبلية مع لبنان، فيما لو قدّر له أن يكون «الوريث الشرعي» للنظام القائم، واعدا ليس بـ«البرازق» السورية وحسب بل واعدا «بأفضل العلاقات بين سوريا ولبنان على قاعدة الاحترام والاخوة والمستقبل المشترك لشعبين في دولتين وليس لشعب واحد في دولتين، كما سنعيد النظر في الاتفاقات الموقعة في زمن الوصاية، ونرسم الحدود بدءا من مزارع شبعا، وسنلغي المجلس الاعلى اللبناني - السوري، وسنحقق بملف المفقودين»... 

«وليّ الدم» تولى رسم الصورة المستقبلية من وراء الشاشة: سوريا أولاً، العلاقة مع النظام البديل، المحكمة الدولية، ثم مخاوف بعض اللبنانيين، والعلاقة مع «حزب الله» وسلاحه «غير الشرعي» ثانياً... زاوج بين تحمّله «مسؤولية التضامن مع الشعب السوري وتأييد حقه في إقامة نظام ديمقراطي، واستعداده لتحمل كامل المسؤولية في منع الفتنة بين اللبنانيين عموماً ومنع الفتنة السنية الشيعية تحديداً. حاول تقديم كل التطمينات لنتائج الحراك السوري وأبعاده وتداعياته اللبنانية في إحداث انقلاب في التوازن السياسي، لا سيما على المسيحيين والشيعة. وترك لنفسه تقديم مقاربة «هادئة» نسبياً لمسألة السلاح، بشكل لا يشبه أبداً مشهد العام الماضي: نجدد دعوة «حزب الله» لان يبدأ بتنظيم سلاحه في تصرف الدولة لكي يجنب الدولة ولبنان خطر الانهيار وليضمن قيام الدولة، وندعو الحزب الى اجراء مقاربة جديدة لملف المحكمة لأن التشبث بالمتهمين لن يلغي القرار الاتهامي! 

يذكر أنه اضافة الى قيادات الرابع عشر من آذار حضر المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني بشارة الراعي والكاردينال نصرالله صفير، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ امين الكردي، ممثل شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ سامي عبد الخالق، سفيرا السعودية علي عواض العسيري والولايات المتحدة مورا كونيللي، ممثل قائد الجيش العميد الركن جوزف الاسمر، ممثل المدير العام للامن العام العميد منير عقيقي، نقيب الصحافة محمد البعلبكي، وفد يمثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما لفت غياب رئيس الكتلة الوطنية كارلوس اده وأي تمثيل في الصف الأول لحركة التجدد الديموقراطي التي كان وفد منها قد زار ضريح الحريري ظهرا. 

 

الجميل 

وأشار الرئيس امين الجميل إلى أنه «مع هذه الثوراتِ المـتـنقِّلة من مجتمعٍ عربي إلى آخر، بدأنا نعرِفُ جيداً لماذا حاولوا عبثاً إجهاضَ ثورةِ الأرز، ولماذا اغتالوا قادتَها ويواصلون تهديدَ قادة جدد. اليوم بدأنا نعرف جيداً لماذا عمَلوا على ضربِ الاستقرارِ وإسقاطِ الحكومات وتعطيلِ بناء الدولة. أضاف: كانوا يخافون من أن تصِلَ عَدوى ثورةِ الأرز إلى أنظمتِهم ومجتمعاتِهم». 

وقال الجميل: «لا سلاحَ لدينا نُصدِّرُه، ولا مرتزقةَ لدينا نُرسلُهم إلى هنا وهناك. وأساساً ليس هذا هو دورُ لبنان في محيطه. ولا يجوزُ أن نقعَ في ما اتَهمْنا نحن غيرَنا بالقيامِ به ضِدَّنا، فعانينا من التدخّلِ في شؤونِنا، من استباحةِ حدودنا، من تهريبِ السلاحِ والمسلحين، ومن تأليبِ فريقٍ لبنانيٍّ على فريقٍ لبنانيٍّ آخر، وحتى على دولتِه. 

وأضاف: لا مصلحةَ للبنانَ بأن يتورّطَ بأيِّ عنفٍ سياسيٍّ أو اقتتال داخلي. إن تأثيرَ تدخّلِنا في شؤونِ الآخرين لن يؤثّـرَ على مجرى الصراعِ بين الأنظمةِ والثورات، بينما يُؤثِّـر تَدخّلُ الآخرين في شؤوننا على أمنِ واستقرارِ لبنان، وتجاربنا مرّة من هذا القبيل. 

وعلى المستوى اللبناني الداخلي طالب الجميل «بلقاء يُعيدُ تكوينَ الأكثريةِ النيابيةِ إلى الحُكمِ لأنها هي المؤتمنةُ على مشروعِ الدولة سائلا: هل يُعقل أن نؤيدَ الشعوبَ العربيةَ للخروجِ من سلطةِ سلاحِ الأنظمة، ونُبقيَ شعبَ لبنانَ تحت سلطةِ السلاح؟ 

جعجع 

ووصف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المقاومة بـ«أنّها الاحتلال بحد ذاته لإرادتنا، وأمانينا، وتطلّعاتنا وأحلامنا». ودعا «العالم بأجمعه، خصوصاً دول المنطقة، الى بذل كلّ الجهود وفعل كلّ ما يلزم لوقف القصف والقتل وإراقة الدماء في سوريا، وترك شعبها يقرر مصيره بنفسه، بكلّ حريّة وكرامة. إنّه أبسط ما يمكن أن نطالب به للإنسان في القرن الحادي والعشرين في سوريا أو في غير سوريا». 

وتوجّه جعجع الى «حزب الله» بالقول: «كفانا قمصاناً سوداء. دقّت ساعة الحرية والديمقراطية والدولة السويّة في المنطقة، فلا تخطئوا الحساب. أنتم شركاء فلماذا تصرّون على إقصاء أنفسكم بأنفسكم عن بقية اللبنانيين. لا مستقبل لأي سلاحٍ غير شرعي. لا مستقبل لأي دويلة. لا مستقبل إلاّ للدولة. لا مستقبل إلاّ للبنان سيّد حرّ مستقل، لا لولاية من هنا ولا لمحور من هناك». 

وشدد جعجع على ان « الحكومة اللبنانية الحالية هي حكومة غريبة الأطوار، تسير عكس المسار الديمقراطي الطبيعي للمنطقة، وعكس المسار التاريخي للبنان. إنّها حكومة مسخ تشبه أيّ شيء إلاّ سلطة تنفيذيّة حقيقية مؤتمنة على مصالحكم ولقمة عيشكم. 

«الوطني السوري» 

وتلا المنسق العام للامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد رسالةَ المجلسِ الوطني السوري الذي اعتبر أنّ «نجاحَكُم في ربيعِ 2005 في إخراجِ جيشِ نظامِ الأسد من لبنان وإسقاطِ نظامِ الوصايةِ الذي أقامَهُ في بلادِكم، شكّلَ بالفعل أوّلَ صفعةٍ قاسيةٍ له». وأكد أن «الديموقراطيّةُ في سوريا هي الدعامة لاستقلال لبنان وديموقراطيّتِه. والدولتان السيّدتان الديموقراطيّتان في سوريّة ولبنان هما دعامةُ دولةِ الإستقلالِ الوطني في فلسطين».

واضاف المجلس: نستندُ في ثورتنا إلى دعمِ العددِ الأكبر من إخوتِنا العرب دولاً وشعوباً، وإلى دعمِ الأصدقاءِ الدوليين، موكداً «في وجه إدعاءاتِ نظامِ الأسد والتابعينَ له، وأبطالِ الشاشاتِ الكبرى في بلادكم، أنّ ثورتَنا التي تقاتلُ باللحمِ الحيّ لشبابنا وشيوخِنا ونسائِنا وأطفالِنا على مدى الأرضِ السوريّة، ليست بحاجةٍ إلى استخدامِ أرضِكُم اللبنانيّة في معركتِها ضدّ النظام الديكتاتوري القاتل وهي لا تستخدِمُها بالفعل. كلُّ ما في الأمر أنَّ في لبنان نازحين هاربينَ من آلةِ القتلِ الأسديّ، وجَرحى يأمَلونَ في تلقّي الإسعافاتِ والعلاجات». 

واشار المجلس إلى أن في سوريّا تعدّدا طائفيٌّا وتنوّعٌا إثنيا. وهذان التعدّدُ والتنوّع هما تاريخُنا وحاضرُنا ومستقبلُنا. لا مكانَ في سوريّة لأيّ استئثارٍ أو تفرّدٍ أو أحاديّة، معتبرا أن نظام الأسدِ على الدوام هو من اخترعَ «مسألة أقليّات». أمّا نحن فموحّدونَ سنّةً ومسيحيين وعلويين ودروزاً». 

ورأى أن العلاقة «ستكونُ علاقاتٍ بين شعبين شقيقين في دولتين مستقلتين لا علاقاتٍ تحت مُسمّى شعبٌ واحد في دولتين، مُسمّى استُخدمَ سابقاً للوصايةِ على لبنان واستتباعِه. لن تكونَ علاقاتِ تدخّلٍ في شؤونِ أيٍّ منّا بالآخر. سنُعيد معاً النظرَ في الاتفاقات والمواثيقِ الموقّعةِ في زمنِ الوصايةِ البغيضةِ على لبنان، وسنقيمُ علاقاتٍ ديبلوماسيّةً سويّة ونرسّمُ الحدودَ إبتداءً من مزارعِ شبعا، وسنلغي المجلس الأعلى اللبناني السوري (لوحظ أن هذه العبارة التي أوردها سعيد خلال تلاوته للرسالة، لم تكن موجودة في النص الذي وزع على الاعلام) وسنحقّقُ في ملفِ المعتقلين والمفقودين اللبنانيين كي نطوِيه.» 

الحريري 

وأعلن الحريري في كلمته المنقولة عبر الشاشة، أنه «يتحمل كامل المسؤولية عن المرحلة السابقة بحُلوها ومرها، مسؤولية التنازل في مكان ورفض التنازل في مكان آخر. مسؤولية قبول رئاسة مجلس الوزراء ومسؤولية الخروج منها. واليوم أنا سعد رفيق الحريري أتحمل أمامكم مسؤولية التضامن مع الشعب السوري وتأييد حقه في إقامة نظام ديموقراطي. كما أعلن أمامكم استعدادي لتحمل كامل المسؤولية في منع الفتنة بين اللبنانيين عموماً ومنع الفتنة السنية الشيعية في لبنان خصوصاً». 

وقال الحريري إن دم «الرئيس الحريري ينتصر اليوم بينما ينتقل لبنان إلى منعطف سياسي جديد، على وقع حدثين كبيرين: حدث الربيع العربي، وبدء العد التنازلي لحكم الحزب الواحد في سوريا، وحدث ربيع العدالة في لبنان والاعلان عن صدور القرار الاتهامي في جريمة الاغتيال والمحاكمة الغيابية للمتهمين. وبين هاتين المحطتين، واجه لبنان موجات من الحروب الكبيرة والصغيرة، وعمليات تسلل وسيطرة على مراكز القرار السياسي والأمني في الدولة، ومحاولات تعطيل المحكمة الدولية ومسار العدالة، وبدا من خلال ذلك، أن لبنان سيقع من جديد، ضحية فخ إقليمي وسياسات داخلية متهورة، تريد العودة به الى زمن الهيمنة والتسلط، وتعمل على محاصرة المكتسبات التي تحققت بعد 14 آذار.» 

ورأى أن «هذا الامر، توقف عند حدود الربيع العربي، وتحديداً عند حدود الانتفاضة الاستثنائية للشعب السوري، معتبرا أن كل أشكال السياسات المتهورة، لن تتمكن من العودة بلبنان الى زمن التبعية والهيمنة. وأن المشهد العظيم الذي يرسمه الشعب السوري البطل، سيشكل عاجلاً ام آجلاً، النهاية الحقيقية لهذا الزمن ورموزه». 

وشدد الحريري على «إن قيام نظام ديموقراطي تعددي في سوريا، سيشكل حصانة كبرى للتجربة الديموقراطية اللبنانية. واللبنانيون بمختلف اطيافهم، معنيون بفهم الأبعاد العميقة لهذا الانتقال، وللتقاطع التاريخي بين الديموقراطية اللبنانية والديموقراطية السورية». 

وقال إن انتصار الشعب السوري، في معركة الديموقراطية والكرامة الوطنية، يرسم خطاً مستقيماً ومتوازناً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويرتقي بهذه العلاقات، فعلاً وممارسةً، الى مستوى العلاقات المميزة الحقيقية بين بلدين شقيقين وجارين، يتعاونان في إطار التوأمة الديموقراطية، وليس بفعل استقواء القوي على الضعيف او الكبير على الصغير». 

واعلن «أن أيدينا ممدودة للتعاون مع المجلس الوطني السوري، الذي نرى فيه أمل سوريا في بناء نظام ديموقراطي جديد». 

وخاطب الحريري المسيحيين في لبنان الذين يقال لهم إن إخوانهم السنة سيشعرون بفائض قوة آت من سوريا وسوف يستحكمون ويتجهون نحو التطرف بالقول: «نحن تيار الإعتدال والعيش الواحد والمشاركة والتعددية. نحن أهل الطائف والمناصفة التامة بين المسلمين والمسيحيين في لبنان مهما كانت سوريا». 

وتابع: «أما للشيعة في لبنان فيقولون إن انتصار الثورة في سوريا سيتحول في لبنان هجوماً سنيّاً عليكم للثأر لدم الحريري ولتجريدكم من سلاحكم. ونحن نقول بوضوح: نحن لا نحمّل إخوتنا الشيعة في لبنان أي مسؤولية في دماء رفيق الحريري، بل إننا نعتبر دماءه هي دماؤهم كما هي دماؤنا ودماء جميع اللبنانيين، وغني عن القول إننا اخترنا طريق العدالة لا الثأر وها هي العدالة تسلك طريقها بتحديد المسؤولين ومحاسبة المسؤولين وحدهم دون سواهم ودون تعميم المسؤولية لا على فريق ولا على طائفة ولا على مجموعة. 

وأكمل: «نحن لا نعتبر أن للسلاح هوية مذهبية أو طائفية، والواقع الحقيقي القائم في لبنان، أن هناك سلاحاً حزبياً، محدد الهوية السياسية، يتخذ من جغرافيا الانتشار المسلح، غلافاً واقياً لمذهبة السلاح، وهو ما نرفضه ونعترض عليه بالكامل، ونجد في استمراره خطراً كبيراً على المشاركة بين اللبنانيين». 

وتابع: «نحن نعرف أن الشيعة اللبنانيين هم كما جميع اللبنانيين، مع السيادة والاستقلال والحرية والكرامة في لبنان، كما في سوريا، هم مع الديموقراطية في لبنان، كما في سوريا. الشيعة اللبنانيون طائفة أساسية تتساوى بالأهمية مع كل الطوائف في النسيج اللبناني والنظام اللبناني. ومصير لبنان، نصنعه معاً: بالاتفاق لا المجابهة، بالحوار لا الفتنة». 

وأشار إلى «إن الطوائف في لبنان، هي تعبير إنساني وروحي عن جوهر الرسالة التي يمثلها بلدنا. وهي ليست ملكيات سياسية لهذا الحزب او ذلك. فلا الشيعة هم أملاك سياسية لـ«حزب الله» و«حركة أمل»، ولا السنة هم أملاك سياسية لتيار المستقبل، ولا المسيحيون، هم ايضاً أملاك سياسية لهذه الجهة او تلك. نحن جميعاً، وفي كل لبنان لا يمكن أن يجمعنا سوى مشروع واحد هو مشروع الدولة، ويحمينا حام واحد هو الدولة ويرعانا راع واحد هو الدولة. مشروعنا ومصيرنا وقدرنا جميعاً هو: الدولة». 

ورأى «أن وجود السلاح، سواء كان فرديا أو متوسطاً او ثقيلاً، في أيدي فئات حزبية وسياسية، هو أمر ثبت بالتجربة أنه يتناقض كلّياً مع ألف باء قيام الدولة، وهو المصدر الدائم لانتاج الفتن والصراعات الاهلية. لقد اكتشف اللبنانيون، أن كل سلاح غير شرعي هو مشروع مباشر او مقنّع، لاحتلال جزء من مسؤوليات الدولة. والأخطر من ذلك، إنه نموذج مرفوض يمكن أن يستدرج الآخرين إلى الاقتداء به». 

واعتبر الحريري «إسرائيل عدونا جميعاً، وخطراً علينا نواجهه دفاعاً عن الوطن، وننتصر جميعاً في كنف الدولة اللبنانية الواحدة. أما أن يكون السلاح، بذريعة مواجهة إسرائيل سلاحاً لقتال أنفسنا والقضاء على دولتنا، فهذه خدمة لإسرائيل ولا لأحد سوى إسرائيل». 

وقال: «لتكون الدولة دولة، عليها أن تملك حصرية السلاح التي هي بالنهاية حصرية السلطة». ودعا «حزب الله» إلى أن يبدأ تنظيم وضع سلاحه في تصرف الدولة ليجنب لبنان وجميع اللبنانيين خطر العنف ويجنب الدولة في لبنان خطر الانهيار وليضمن معنا ومع جميع اللبنانيين قيام الدولة وانتصار مشروع الدولة وبقاء لبنان رائداً بين العرب في ربيع العرب». 

وأشار إلى «أن محاولات التهرب من مجْريات العدالة الدولية، لن تجدي نفعاً. هذا ما يجب أن يكون مفهوماً للحكومة اللبنانية، وللجهات الرسمية المعنية بالتعاون والتنسيق مع المحكمة الدولية. وطالب قيادة «حزب الله»، بإجراء مقاربة جديدة لتعاملها مع المحكمة الدولية، لأن التشبث بحماية المتهمين لن يلغي قرار الاتهام، مضيفاً: «إن إصرار الحزب على رفض تسليم المتهمين، أمر من شأنه تعميم الإتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو ما لا يجوز لقيادة «حزب الله» أن تقع فيه، وأن تحوّل المحاكمة المرتقبة خلال الشهور المقبلة، إلى مضبطة اتهام سياسية وأخلاقية ووطنية من الدرجة الأولى». 

وقال: أنا واثق كل الثقة أنني سأكون قريباً بينكم في بيروت وأن العدالة ستنتصر وأن الربيع سيزهر وأن لبنان سيبقى عربياً حراً سيداً مستقلاً رائداً في رسالته بين الأمم». 

لقطات 

÷ دخل الرئيس أمين الجميل إلى صالة «البيال» من جهة، فيما دخل سمير جعجع في الوقت نفسه، من الجهة المقابلة وسط عاصفة من التصفيق والهتافات «حكيم حكيم». 

÷ بدا التصفيق حاداً لحظة وصول الرئيس فؤاد السنيورة. 

÷ علت الهتافات أثناء إلقاء جعجع لكلمته، لا سيما حين أتى على ذكر المدن السورية، و«حزب الله»، فلجمها حيناً وترك لها العنان أحياناً أخرى. 

÷ سلطت كاميرا «المستقبل» على وجه الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، لدى ذكر الشيعة من قبل سعد الحريري. كما التقطت الكاميرا النائبة بهية الحريري وهي تتثاءب أثناء إلقاء الحريري كلمته. 

÷ تخلل الاحتفال وثائقي عن تاريخ «ثورة الارز» وصولا الى «الثورات العربية».


Script executed in 0.21179294586182