أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بحر صيدا بعد العاصفة: قمحة ولّا شعيرة؟

الأربعاء 22 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,470 زائر

بحر صيدا بعد العاصفة: قمحة ولّا شعيرة؟

 وقد حمل الصياد محمود القرص «غزلان» (نوع من السمك) اصطادها في بحر المدينة، وتوجه بها إلى «الميرة»، منادياً على «مزادها»، ليحصل من جراء بيعها على «قرشين نظيفين»، كما قال، لكن غلّة القرص لم تنسحب على آخرين، حملت شباكهم نتائج غير سارة، فبدل السمك علقت أكوام نفايات في تلك الشباك فخربتها، كما هي حال بشير علي البوجي (82 عاماً). خبرة الرجل لم تحل دون وقوعه في كمين نفايات في عُرض البحر.

حرّر بوجي، حافي القدمين، شباكه ممّا علق بها، معلقاً بتهكم «يا مبدّل غزلانك بقرود»، مردفاً: «البحر صار مزبلة». بدورهم، علّق صيادون آخرون «بحر صيدا بستان فيه نفايات وأسماك». هكذا، «زرّك» بعض الذين رزقوا أسماكاً مثل القريدس، و«الكراب» (الصلدعون) والعقيس على من حصدوا نفايات بالقول «الشاطر اللي بيطلّع سمك مش زبالة».
ومع ذلك، لم يدفع انحسار العاصفة الصيادين إلى مخر عباب البحر على نطاق واسع، إذ حاذر بعضهم، مفضلاً الانتظار يوماً إضافياً، أي حتى ليل الاثنين ـــــ الثلاثاء كي «يكسحوا»، على حد تعبيرهم. وقد برر هؤلاء ذلك بالقول إنّ صياد السمك الماهر يكسح عادة في فترة الليل، فيما بقي الطقس حتى ليل الأحد غير مستقر. وكان أحدهم قد ردّ على اتهام رفاقه له بأنّه «فزّيع»، بالقول إنّ المجازفة لا تنفع في مثل هذه المواقف. على قاعدة «ما متت بس ما شفت مين مات».
يعلو صوت بابار (محرك) «الريس» أبي اسماعيل من بعيد. ينادي عليه أترابه في حوض الميناء «شو قمحة ولا شعيرة؟». يترك الصياد الجواب موارباً لمزيد من التشويق، ليتبين حين رسا على الميناء أنّ غلته من الأسماك كانت وفيرة جداً. وبينما يقول أبو اسماعيل «البحر ضحكلي»، يلعن الصياد رشيد أبو محمد «حظه العاثر». يعلّق: «بعد عشرة أيام من عدم الكسح لم نرتزق ولا فلس».
المتضررون منّوا أنفسهم بالقول: «غداً يوم آخر»، إذ يدرك هؤلاء أن هدوء ما بعد العاصفة يجلب معه كميات من الأسماك تحملها أمواج العاصفة من أعماق البحر إلى عرضه، وتتيح للصيادين صيداً وفيراً، وليس بالضرورة من خانه حظه اليوم أن يخونه غداً.


Script executed in 0.19306302070618