أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بعض المجلس الشرعي يتمرد على المفتي اليوم

الثلاثاء 28 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,328 زائر

بعض المجلس الشرعي يتمرد على المفتي اليوم

يوم السبت الماضي، التقى عدد من أعضاء المجلس الشرعي، مضافاً إليهم عدد من المقربين من الرئيس فؤاد السنيورة. الموضوع الرئيسي على جدول أعمال هذا الاجتماع هو دعوة مفتي الجمهوريّة اللبنانيّة الشيخ محمد رشيد قباني إلى انتخاب مجلس شرعي جديد في 22 نيسان المقبل. من الأفكار التي طُرحت في هذا الاجتماع أن دعوة المفتي غير قانونيّة، وبدأ البحث بإمكان إيجاد فتوى قانونيّة تُلغي هذه الدعوى.

 

كذلك أُبلغ هؤلاء بنيّة بعض الأوساط في تيّار المستقبل رفع دعوى قضائية على المفتي، على خلفية ملف الهدر المالي في دار الفتوى، وهو ما كان بعض المستقبليين يعدون العدة له منذ أن بدأت تصلهم إشارات إلى نيّة المفتي دعوة الهيئات الناخبة إلى الانتخابات. وكان بعض مسؤولي المستقبل قد علموا من موظفين في بعض الإدارات بأن دار الفتوى طلبت لوائح بأسماء من يحق لهم انتخاب أعضاء المجلس الشرعي.

الأنباء عن نيّة المستقبل رفع الدعوى وصلت إلى عدد من القوى السياسيّة والأجهزة الأمنيّة، لكن أحداً من هؤلاء لم يُبلّغ المفتي مباشرةً. لكن هذه المعلومات وصلت إلى دار الفتوى منذ أيّام قليلة، بعد استدعاء أحد الأجهزة الأمنيّة موظفاً في الدار للتحقيق معه على خلفيّة الموضوع، لأنه كان من المفترض أن تُرفع الدعوى باسم هذا الموظف.

 

ما هي قصّة هذه الدعوى؟

 

تشير مصادر أمنية مطلعة على هذا الملف إلى أن تيّار المستقبل، وتحديداً النائب السابق سليم دياب والمنسق السابق للتيار في بيروت خالد شهاب، بدأ البحث عن أسماء الأشخاص الذين يمكن استخدامهم لرفع دعوى على المفتي. كان بحث هؤلاء محصوراً بموظفي دار الفتوى، تحت عنوان أن المدعي يجب أن يكون صاحب مصلحة. وبالفعل، تمكّن شهاب، على ذمة الرواية الأمنية ذاتها، من التفاهم مع أحد الموظفين. أخذ شهاب الموظف إلى دياب حيث حصلت جلسة طويلة. سمع الموظف من دياب وشهاب نعوتاً سيئة للمفتي وحديثاً عن أنه «ماشٍ مع حزب الله ويُريد أن يبيع دار الفتوى للحزب». وأبلغاه بأن تيّار المستقبل في صدد رفع دعوى على المفتي وأن هذه الدعوى ستكون جزائيّة، أي إن هناك مجالاً للسجن إذا أُدين المفتي. وأغري الموظف بالمناصب داخل دار الفتوى، ومنها عضوية المجلس الشرعي، وأنه سينال راتباً شهرياً إضافياً قيمته ثلاثة آلاف دولار.

تضيف الرواية الأمنية المستندة إلى إفادة الموظف أنه بدأ إعداد الدعوى القضائيّة مع محام يُدعى ح.ح. في مكتب دياب. حضر المحامي إلى مكتب دياب مراراً حيث عمل على الدعوى انطلاقاً من ملف غير رسمي، وبنيت الدعوى على هذا الأساس. كذلك، نال هذا المحامي عدداً من الوكالات عن بعض الشركات المملوكة لمقربين من تيّار المستقبل، بعدما كانت هذه الوكالات بعهدة محام قريب لأحد المسؤولين الأمنيين السابقين.

وبعد أن جرى الاجتماع الأخير بين الرئيس فؤاد السنيورة والمفتي منذ نحو شهر، وتيقّن السنيورة أن لا مجال لأن يقبل المفتي بطروحاته وتيّار المستقبل، أرسل دياب وشهاب وراء الموظف في دار الفتوى، وأبلغاه أنهما نالا الضوء الأخضر، وبات يُمكن رفع الدعوى. أرسلوه إلى مكتب المحامي ح.ح. الذي استقبله وأبلغه بأن السنيورة ودياب يعتمدان عليه. ثم ناقش معه ملف الدعوى. هنا، اقترح الموظّف أن تكون الدعوى شرعيّة لا جزائيّة؛ لأنه تخوّف من التدخلات السياسيّة. فردّ المحامي بأن مرجعاً قضائياً رفيع المستوى سيهتم بالموضوع، مضيفاً أن ملف الدعوى سيُعرض في الأصل على المرجع المذكور قبل تقديم الدعوى ليصححه، كذلك فإنه سيُتابعه في المحكمة.

واتصلت «الأخبار» بالمحامي ح.ح. الذي نفى علمه بدياب في البداية، ثم ارتبك عندما سمع بمسألة الوكالات، نافياً إياها، لكن مطالباً بمعرفة من وراء كشف وكالاته. وهو أكّد أنه لا يعرف أي رجل دين، ولا حتى المفتي.

 

ترهيب للمفتي

 

في الوقت الذي لا تزال فيه الدعوى على نار المستقبل، وصل بالأمس إلى مسامع المقربين من مفتي الجمهوريّة كلام غير مباشر من مقربين من الرئيس فؤاد السنيورة عن نيّة هؤلاء توزيع ملف عن الفساد في دار الفتوى في الاجتماع التشاوري الذي يُعقد اليوم، والذي دعا إليه نائب رئيس المجلس الشرعي عمر مسقاوي. واشترط هؤلاء تراجع المفتي عن خطوة الدعوة إلى الانتخابات إن أراد عدم توزيع هذا الملف.

وفي ما يخصّ الاجتماع التشاوري، قال مسقاوي لـ«الأخبار» إن الاجتماع سيجري في منزل المحامي محمد أمين الداعوق، لا في دار الفتوى؛ «لأن المفتي اشترط حضوره ليحصل الاجتماع، وهو رفض السماح بحصوله في دار الفتوى إن لم يحضر، ونحن لم نرد حصول إشكال، فنقلنا مكان الاجتماع».

وأضاف مسقاوي أن السبب الذي دفع أعضاء المجلس الشرعي الذين سيشاركون في اللقاء التشاوري إلى استبعاد المفتي عن الاجتماع هو «أننا نريد أن نتحدّث عن شيء قام به المفتي، ونحن غير موافقين عليه». ولدى سؤاله عن نيّة البعض توزيع ملف عن الفساد المالي، قال مسقاوي إنه لا يعلم تفاصيل هذا الأمر، وهذا منوط باقتراحات أعضاء المجلس الشرعي، لكنّه أضاف أنه غير مقتنع بوجود فساد في دار الفتوى، فـ«مبدئياً، لا فساد في دار الفتوى، قد يكون هناك أخطاء، لكنها قائمة عن حسن نيّة، لا عن سوء نية».

وقال مسقاوي إن هناك جدلاً قانونياً في أحقيّة المفتي في الدعوة إلى انتخابات المجلس الشرعي. وأضاف أن هناك بحثاً قانونياً في هذا الأمر، وستُعرض نتيجته قريباً، وربما غداً. ولفت إلى أن من يقرأ المرسوم 18 يجد أن المفتي له الحق في الدعوة إلى انتخاب المفتين، لا المجلس الشرعي؛ لأن هناك نوعاً من الاستقلاليّة للمجلس.

ومساء أمس، حصل لقاء في دار الفتوى بدعوة من المفتي لمشايخ بيروت بحضور مدير الأوقاف الشيخ هشام خليفة، وشارك فيه نحو مئة رجل دين. ووضع المفتي الحاضرين في الأسباب التي دفعته إلى الدعوة لانتخاب مجلس شرعي جديد. كذلك شرح ماهية التعديلات التي طُرحت عليه ورفضها وتأثيرها على المفتي لجهة تجريده من صلاحياته. وبحسب عدد من الحاضرين، استاء المشايخ من هذه التعديلات وأيدوا موقفه منها.

ثم عرض المفتي لما يثار حول الملف المالي، وأوضح ملابسات الموضوع. كذلك تحدّث عن توجهاته الرامية إلى «تطوير وتحديث دار الفتوى ومؤسساتها». وبحسب بعض الحاضرين، كان المناخ إيجابياً.


Script executed in 0.19769287109375