أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جريمة مروعة تهزّ عاصمة الجنوب.. والاستنكارات تلف المدينة

الأربعاء 29 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,935 زائر

جريمة مروعة تهزّ عاصمة الجنوب.. والاستنكارات تلف المدينة

جريمة مروعة هزًت صيدا فجر أمس راح، ضحيتها التاجر ورجل الأعمال محمد الناتوت «ابو مازن» (66 عاماً)، وهو صاحب أكثر من متجر في المدينة للاتصالات الهاتفية والصيرفة، وبيع مستلزمات الهواتف الخلوية، حيث أقدم لص على طعن الناتوت في أحد متاجره عند تقاطع الإشارات الضوئية في آخر بوليفار الدكتور نزيه البزري، وسرق منه مبلغا من المال، وتركه ينازع وينزف مضرجاً بدمه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. ولم تتأخر مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب في إماطة اللثام عن القضية، من خلال عملية أمنية بالتنسيق مع بيروت وجبل لبنان، أسفرت عن اعتقال القاتل في منطقة الكحالة، وهو سوري الجنسية، يدعى ن. ف. (20 عاماً)، وذلك نحو الساعة الرابعة فجراً، وتم اقتياده إلى صيدا للتحقيق معه. 

وأدت الجريمة إلى موجه من الغضب العارم اجتاحت صيدا، التي أعلنت الحداد خلال تشييع المغدور. وتخلل يوم الغضب قطع الطرق بالعوائق، وإحراق الإطارات المطاطية، إضافة إلى الدعوة إلى تجمعات غاضبة، طالبت بإحضار القاتل فوراً، وإعدامه شنقاً قرب محل الناتوت. وأدت موجة الغضب بالجيش اللبناني وبالنيابة العامة الاستئنافية وقوى الأمن إلى إرجاء إحضار القاتل إلى مكان الجريمة لتمثيل جريمته، بعدما سرت دعوات عبر «الفيسبوك» للصيداويين للتجمع أمام متجر الناتوت للاقتصاص منه، عندها اتخذ الجيش اللبناني وبالتنسيق مع فعاليات صيدا ومرجعياتها ومع النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب قراراً بإرجاء تمثيل الجريمة، تحسباً لكل الاحتمالات وخشية من أن يلفت الوضع ويخرج عن السيطرة. 

وأشارت مصادر أمنية إلى أن «القاتل فارس دخل متجر الناتوت نحو الساعة الأولى فجراً، طالباً منه إنجاز عملية تحويل أموال إلى عائلته في سوريا. وأنه عندما هم الناتوت بإتمام العملية عاجله اللص بطعنة من سكين حاد غدراً، وأصابه في يده. وعندما هم الناتوت للدفاع عن نفسه، حصل عراك بينهما تمكن خلاله القاتل من توجيه أكثر من طعنة إلى جسد المغدور، كانت كافية لسقوطه أرضاً. عندها تمكن القاتل من سلب الأموال التي قدرت بما بين خمسة وستة آلاف دولار أميركي. وتركه ينزف حتى الرمق الأخير وغادر المتجر». 

وفور اكتشاف الجريمة حضرت القوى الأمنية والعسكرية إلى المكان، بمتابعة ميدانية من مدير فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور، ومسؤول مخابرات الجيش في منطقة صيدا العقيد ممدوح صعب. وراجعت القوى الأمنية تسجيلات كاميرات المراقبة، حيث تم التعرف على وجه القاتل. وعلى الأثر تحركت مخابرات الجيش اللبناني في صيدا، لتكشف على خيوط الجريمة. وأفادت المعلومات أن شخصاً كان ماراً فجراً، أبلغ عنصر المخابرات بأنه شاهد شخصاً يعتقد أنه القاتل يصعد في سيارة أجرة من ساحة النجمة، إلى بيروت وأن السائق معروف لديه. وتضيف المعلومات أن مخابرات الجيش تمكنت من معرفة كامل هوية السائق، ورقم هاتفه الخلوي. وأبلغه عناصرها بأن يتابع السير. وأن يحدد لهم مكان وجوده في أي منطقة. وتم التنسيق بين مخابرات الجيش في صيدا وبيروت وجبل لبنان، وتعقب السيارة حتى الكحالة. وهناك صعد أكثر من عنصر من مخابرات الجيش، شهروا أسلحتهم على ن. ف. واقتادوه إلى بيروت، ومن ثم إلى صيدا. وبوشرت التحقيقات معه حيث اعترف بالجريمة وبأن الدوافع هي السرقة. 

غضب واستنكارات 

وعصر أمس شيع المغدور في موكب شعبي كبير، اخترق شوراع المدينة، حيث أطلقت مجموعة من المشيعين الغاضبين صيحات التكبير والمطالبة بإعدام القاتل فوراً. وشارك فيها فعاليات صيدا وحارة صيدا وجوارهما والقوى والفعاليات السياسية والاقتصادية التجارية وعائلة المغدور. 

وأثارت الجريمة ردود فعل صيداوية شاجبة، نظراً لهول ما حصل إضافة الى المكانة التي يتمتع بها المغدور، وعلاقته الوطيدة مع أهالي المدينة ومحيطها، حيث أجرى الرئيس سعد الحريري اتصالاً هاتفياً بعائلة الناتوت معزياً ومستنكراً الجريمة التي تعرض لها، ومطالباً السلطات المختصة بإنزال اشد العقوبات بالجاني ليكون عبرة لغيره. وأعربت النائبة بهية الحريري عن استنكارها الشديد للجريمة النكراء، وقالت: «صيدا اليوم حزينة حزينة، أم مفجوعة بفقد ابنها المحب للجميع والمحبوب من الجميع. إنها جريمة مزدوجة ليس لكونها جمعت بين القتل والسرقة، بل كونها استهدفت حياة مواطن شريف يسعى وراء رزقه، وحياة مدينة تسعى لأن تحافظ على مساحات الأمان والاستقرار فيها بإرادة اهلها وبالتعاون مع القوى الأمنية والعسكرية». 

بدوره عبّر رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد عن بالغ الحزن والأسى. وتقدم سعد بخالص التعازي القلبية الصادقة من عائلة الفقيد، ومن أصدقائه ومحبيه وسكان مدينة صيدا عموماً الذين عرفوه إنساناً خلوقاً وطيب المعشر. وقال سعد: إن الجريمة البشعة تستحق من الجميع كل الشجب والاستنكار. كما طالب سعد القضاء بالإسراع في محاكمة المجرم. 

من جهته شجب الدكتور عبد الرحمن البزري الجريمة البشعة «التي ما كانت لتقع لولا التسيب والفوضى اللذين يعمان البلاد، واللذين انعكسا سلباً على مدينة صيدا وأسواقها نتيجة لغياب التيار الكهربائي عن معظم مناطق صيدا، وشوارعها وأحيائها وتحول المدينة الى مدينة حالكة ومظلمة ليلاً. كما أدان المسؤول السياسي لـ«الجماعة الاسلامية» في الجنوب بسام حمود الجريمة، مثنياً على الجهود السريعة للقوى الأمنية التي مكنتها من معرفة القاتل. وإلقاء القبض عليه. كما أدانت بلدية صيدا الجريمة. وطالبت بالاقتصاص من المجرم وإنزال الحكم العادل بحقه وكل متورط يكشفه التحقيق. وأصدرت الهيئات الاقتصادية في صيدا والجنوب بياناً استنكر الجريمة. كما استنكر منسق «تيار المستقبل» في صيدا والجنوب، ومجلس محافظة الجنوب في «حركة المرابطون» الجريمة. 

كما عقد اجتماع طارئ لفاعليات صيدا في «دار الإفتاء» في المدينة، بدعوة من مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، لتدارس الوضع الأمني عقب مقتل الناتوت. وقرر المجتمعون تشكيل لجنة من عدد من محامي صيدا لمتابعة القضية، متوجهين بالشكر والتقدير للقوى الأمنية والعسكرية على الجهود التي تم بذلها وسرعة الإمساك بالجاني، مطالبين وزير الداخلية بتعزيز عديد القوى الأمنية في المدينة. وشارك في الاجتماع الرئيس فؤاد السنيورة، وممثل النائبة الحريري شقيقها شفيق الحريري، ومفتي صيدا الجعفري الشيخ محمد عسيران، وممثل المطران الياس نصار المونسنيور الياس اسمر، وممثل المطران ايلي حداد الأب جهاد فرنسيس، وممثل المطران الياس كفوري الأرشمندريت يعقوب خليل، وأمين عام «تيار المستقبل» أحمد الحريري، ومحافظ الجنوب نقولا بوضاهر، والنائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج، وقائد منطقة الجنوب الاقليمية لقوى الامن الداخلي العميد ديب طبيلي، ورئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور، ورئيس مكتب مخابرات الجيش في صيدا العقيد ممدوح صعب، وممثل رئيس بلدية صيدا نائبه ابراهيم البساط، ورئيس «غرفة التجارة» في الجنوب محمد حسن صالح، ورئيس «جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف»، وممثلو أحزاب، ورجال دين، ورؤساء هيئات المدينة وقطاعاتها وهيئاتها الاقتصادية والتجارية والحقوقية، والتربوية والأهلية والاجتماعية، ومخاتير المدينة وأعضاء المجلس البلدي. 

وتلا المفتي سوسان بيان باسم المجتمعين دعا فيه إلى الإقفال العام في المدينة خلال فترة تشييع المغدور حداداً واستنكاراً لهذه الجريمة النكراء»، لافتاً إلى توجه المجتمعين «إلى الدولة اللبنانية بكل أجهزتها الأمنية وألقضائية بأن تضرب بيد من حديد على أيدي المجرمين وتنزل بهم أشد العقوبات ليكونوا عبرة لأمثالهم، ويستتب الأمن في المدينة». ووجه المجتمعون الشكر الى الأجهزة الامنية والعسكرية والقضائية لسرعة إلقاء القبض على الجاني، مطالبين وزير الداخلية مروان شربل بـ«تعزيز عناصر قوى الأمن الداخلي في صيدا بالعديد للحفاظ على أمن المدينة». وتوجه المجتمعون إلى جميع الصيداويين وإلى عائلة المغدور الناتوت بالتعزية. 


Script executed in 0.22820210456848